نحن وحقوق الإنسان
عبدالله السالمي
حين يتعلق الأمر بحق الإنسان في الحياة والحرية وحقه في أن يعامل بالعدل والمساواة وحقه في أن يعيش كريما وفاعلا فاعلية إيجابية – وما هو مöن صميم هذه الحقوق على نحو ما نصت عليه الكثير مöن المواثيق والأعراف الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – فإن تيارا ثقافيا عالميا عابرا للحدود الجغرافية والسياسية والثقافية لا يتردد عن إدانة كل ما يشكل انتهاكا لهذا النوع مöن الحقوق واعتداء عليها سواء مورستú الانتهاكات تحت مسمى ديني أو أيديولوجي أو سياسي أو مهما كان.
وإدانة الممارسات التي تنتهك حقوق الإنسان هي بالضرورة إدانة للثقافة التي تشرعن لها وتدافع عنها وتسوúق لها المبرöرات الأخلاقية والميتافيزيقية بهدف تزيينها وتجميلها. وهي في الوقت نفسه إدانة لأية ثقافة تتعايش مع وضع سياسي وقانوني لا يحفظ حقوق الإنسان الأساسية.
تلعب سلطة التراث الديني في كثير مöن امتداداته النظرية والعملية المعاصöرة دورا في القطيعة السياسية والقانونية التي تتسم بها العلاقة القائمة بين بعض الدول والمجتمعات العربية والإسلامية مöن جهة وبين ما هو مöن جهة أخرى بمثابة القانون الدولي لحقوق الإنسان المبثوث في ثنايا الإعلانات العالمية والمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية ذات الصلة أو ما يندرج بصورة أكثر تحديدا ضöمúن ما يسمى «الشöرúعة الدولية لحقوق الإنسان».
على أن ما تلعبه سلطة التراث الديني ليس الدور الحاسم وراء إمعان غالبية حكومات الدول العربية والإسلامية سياسيا وقانونيا في الطريق المعاكس لـ«الشöرúعة الدولية» فالواقع أن التراث الديني ملعوب به مع أدوات أخرى تقليدية وغير تقليدية لحساب لاعب أكبر هو الذي يضع قواعد اللعبة السلطوية ويمسك بخيوطها وغالبا ما يكون الحاكم الفرد أو الأسرة الحاكمة أو العائلة المالكة أو ما هو بهذا المعنى مöن تمظهرات السلطة المطلقة.
وفي المجمل فإن لثقافة «التسلط» هيمنة عظمى على طيف واسع مöن أنماط السلوك الفردية والجمúعية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ابتداء مöن أصغر وحدة اجتماعية وهي العائلة مرورا بالعشيرة والقبيلة والمذهب والطائفة وكذلك الوحدات التي يتوزع عليها أفراد المجتمع وظيفيا ومهنيا في أدائهم لأنشطتهم اليومية وصولا إلى التكوينات الحزبية والنقابية وانتهاء بالدولة التي هي «الخلاصة الرسمية للمجتمع» كما يرى إنجلز.
فعلى امتداد الخط مöن الوحدة المتناهية في الصöغر إلى الأخرى البالغة الكبر هناك وفرة وافرة مöن الدكتاتوريين والتسلطيين والقمعيين مöن الآباء وكبار الأخوúة والمشايخ القبليين ومشايخ الدين ومديري ومعلمي المدارس وأساتذة وعمداء الكليات ورؤساء المعاهد والجامعات وقيادات الأحزاب والنقابات والاتحادات ومديري الإدارات العامة والمحافظين والقادة العسكريين والوزراء…
على هذا النحو مöن الثقافة القمعية التسلطية وبهذا الكم الهائل مöن المهووسين بمصادرة الحقوق والحريات قطعا لن يدوم بين مستويات السلطة السياسية والقانونية في هذه المجتمعات وبين «الشöرúعة الدولية لحقوق الإنسان» إلا الطلاق.
Assalmi2007@hotmail.com