الأزمة السورية تعيد شبح الحرب الأهلية إلى لبنان

بيروت/رويترز –
صعدت عمليات الخطف المتبادلة بين نشطاء المعارضة السورية ومسلحين في لبنان التوترات وعززت المخاوف من امتداد الصراع في سوريا إلى جارتها الصغيرة التي تروعها ذكرى الحرب الأهلية.
وعلى الرغم من جهود الحكومة اللبنانية لابعاد البلاد عن الاضطرابات في سوريا التي كان لها نفوذ قوي على الساحة السياسية والامنية اللبنانية منذ عقود شهد لبنان اشتباكات مسلحة في أكبر مدينتين لبنانيتين ومنذ أيام اعلنت الحكومة عن خطة سورية لزعزعة استقرار البلاد.
كان منظر الرجال المسلحين الملثمين في العاصمة بيروت وهم يعلنون عن خطف 20 سوريا وخطف رجل أعمال تركي في وضح النهار قرب المطار علامة فارقة أخرى على أن الصراع في سوريا يمتد إلى لبنان.
وأعلنت عائلة المقداد التي خطفت أكثر من 20 شخصا وقف أعمال الخطف التي تقوم بها قائلة أن لديها ما يكفي من الرهائن للضغط من أجل الإفراج عن قريب لهم يحتجزه معارضون في دمشق.
وتقول عائلة المقداد أنها تسعى للضغط على المسلحين السوريين من أجل الإفراج عن حسن المقداد عن طريق استهداف سوريين تقول أنهم جزء من قوات المعارضة المسلحة ومواطنين من تركيا وهي إحدى الدول الداعمة للانتفاضة السورية في المنطقة.
وعلى الرغم من أن تلك الحوادث لا تنذر بانزلاق لبنان الوشيك إلى الصراع الا انها تبرز ضعف مؤسسات الدولة وتشير إلى مستقبل غير مستقر للدولة التي يعيش فيها أربعة ملايين.
وقال ايهم كمال من مجموعة اوراسيا الاستشارية “هذا سيكون له تأثير سلبي على سلطة الدولة وعلى الجيش وعلى مناخ الأعمال في لبنان. إمكانية نشوب حرب أهلية مازالت متدنية الآن لكن الوصول إلى هذه المرحلة تطور مثير للقلق جدا.”
وكان خطف الأجانب من السمات الرئيسية للحرب الأهلية في لبنان كما أعاد الظهور الجريء العلني لرجال مسلحين ملثمين دون أي تحرك من جانب قوات الأمن إلى الأذهان الفوضى التي عمت لبنان خلال الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975م إلى عام 1990م.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الذي تعرضت سياسته لابعاد لبنان عما يدور في سوريا لضغوط شديدة أن هذا يعيد اللبنانيين إلى أيام الحرب المؤلمة وهي صفحة يحاول المواطنون اللبنانيون طيها.
ويرأس ميقاتي حكومة يشغل فيها حزب الله وحلفاؤه وجميعهم مؤيدون للرئيس السوري بشار الأسد نصف الحقائب الوزارية.
وحزب الله هو الفصيل اللبناني الوحيد المسلح الذي لم ينزع سلاحه بعد الحرب الأهلية وهو أكبر قوة قتالية في لبنان. ودعا خصومه دون جدوى إلى وضع ترسانته العسكرية تحت سيطرة الدولة.
وأدت التوترات بسبب سوريا إلى اشتباكات سقط خلالها قتلى في مدينة طرابلس الشمالية منذ ثلاثة أشهر.
وفجر خطف 11 لبنانيا شيعيا في شمال سوريا في مايو احتجاجات في شوارع بيروت.
ومنذ خمسة أيام وجهت السلطات اللبنانية الاتهام لمسؤول أمني سوري رفيع ووزير لبناني سابق بتشكيل “عصابة مسلحة” كانت تخطط لتفجير قنابل لإشعال معارك طائفية في لبنان.
وجرأت المتاعب التي تواجهها سوريا بعض معارضيها في لبنان يسعون إلى الضغط من أجل تحقيق مكاسب سياسية ضد حزب الله الذي سيضعف في حالة سقوط النظام السوري.
لكن المحللين يرون أن كل الاطراف في صراع لبناني محتمل تعرف انها ستخسر الكثير من وقوع مواجهة شاملة وهو ما مكن هذه الأطراف من التراجع عن حافة الهاوية خلال مواجهات سياسية عدة في السنوات القليلة الماضية.
وكان من أبرز هذه الازمات اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري عام 2005م وعواقبها. وحامت الشبهات في عملية اغتيال الملياردير اللبناني السني – وكان له علاقات وثيقة مع السعودية وهو ملف لم يغلق رسميا بعد – حول حزب الله وسوريا.
ومن المرجح أن أي تصعيد للعنف الآن سيورط دولا خليجية تؤيد بشدة اللبنانيين «السنة» في مواجهة حزب الله. كما يمكن لإسرائيل التي خاضت حربا مع حزب الله عام 2006م أن تجد نفسها متورطة في هذا الصراع.
وفي مواجهة هذه الاحتمالات يسعى فيما يبدو الزعماء السياسيون المنقسمون في لبنان إلى تفادي تصعيد التوترات.
وقال رامي خوري المعلق السياسي المقيم في بيروت أن كل الشواهد خلال السبعة أو الثمانية أعوام تشير إلى أن كل الأطراف في لبنان ستبذل قصارى جهدها لمنع انزلاق البلاد إلى حرب أهلية شاملة.
لكن عمليات الخطف التي جرت الأسبوع المنصرم التي نفذتها جماعة هي خارج سيطرة الدولة بل خارج سيطرة الزعماء السياسيين الذين ينتمون إلى نفس الطائفة هي تحذير من أن أعمال العنف في الشوارع قد تكتسب زخما من تلقاء نفسها.
وقال خوري أن الدولة اللبنانية ليست دولة قوية مركزية فهناك أناس خارج سيطرة الدولة سواء كان حزب الله أو جماعات صغيرة مثل تلك الميليشيات التي تنتمي إلى أسر بعينها وتعمل في المجتمع.
وأضاف أن الخوف هو أن تتصاعد مثل هذه الحوادث وتخرج عن نطاق السيطرة وحينها يحدث صراع مسلح في الشوارع.

قد يعجبك ايضا