مواهب يمنية.. تكسر أسوار التهميش


رغم افتقار اليمن للبيئة المشجعة والمهيئة للإبداع والابتكار, إلا أن ابناءها تمردوا على واقع الاحباط وخلقوا من محيط اليأس قاعدة انطلاق أبهرت العالم وحازت على مراكز متقدمة وجوائز عربية وعالمية في مختلف المجالات العلمية والعملية, إلا أن واقع الإهمال لتلك الجواهر التي أبدعت وزينت سماء الإبداع وبسبب الصراعات المختلفة والانشغال بالمهاترات السياسية ومنظومة الفساد المستشري دمرت تلك الآمال والبيئة المشجعة لها ولإبداعها.. إليكم الحصيلة:

بداية التحقيق نبذة عن أبرز المبدعين الذين حققوا انتصارات عالمية شرفت اليمن في مختلف المحافل الدولية, ومنها فوز اليمني أحمد عبود زيد القاسمي بجائزة أول رحالة يقطع 30 ألف كيلومتر على ظهر الجمال, وحقق اللاعب اليمني تميم القباطي لقب بطولة بريطانيا المفتوحة للمدن للعبة التايكواندو وفي القاهرة فاز شاعر اليمن الدكتور عبد العزيز المقالح بجائزة ملتقى القاهرة الثالث للشعر العربي في مصر, وحصل الملاكم ناصر علي إبراهيم الشمساني الميدالية الذهبية في البطولة الدولية للملاكمة بالأردن , وحقق من جهته الحقوقي اليمني ووزير حقوق الإنسان حاليا عز الدين الأصبحي فوزا متميزا في المؤتمر الدولي للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان بنجاحه في انتخابات الفيدرالية بمنصب نائب الرئيس , وفاز العالم الجيولوجي اليمني الدكتور المهندس محمد درسي عبد الرحمن نظام (من محافظة عدن) بالمركز الأول على مستوى العالم في نهائي جائزة النفط العالمية ( World Oil AWARD),ومنح اللقب العالمي كمفكر مبتكر للعام الثاني على التوالي.
وللأسف فإن كل تلك الانجازات اليمنية تطرح أسئلة ملؤها الحسرة عن غياب الدعم الحكومي لهذه العقول النيرة التي افتقرت إلى التشجيع والمساندة والدعم والتمويل فهجرت عشها باحثة عن وطن يقدر تألقها وعطاءها, التحقيق الصحفي التالي ناقش القضية:-
يقول عبده عبد الله الحذيفي -مدير عام حماية الملكية الفكرية بوزارة الصناعة والتجارة : إن الاهتمام بإقامة المعارض الخاصة بالمبدعين والمخترعين والمبتكرين يعد دافعا قويا وبيئة خصبة لتشجيع الاستثمار في مختلف المجالات وتحفيز العقول المبدعة والنيرة على مواصلة الإبداع والترويج والتسويق لمشاريعها البناءة وفق استراتيجية وطنية تحمي حقوق الملكية الفكرية وتتبناها على المستوى المحلي والدولي, موضحا أن الوزارة منحت أكثر من 130 براءة اختراع منذ عام 2012م وحتى الآن.
إمكانيات معدومة
في حين يرى المخترع ياسر عقلان : إن المشكلة التي تقف عائقاٍ أمام المبدعين وأصحاب المواهب تكمن في غياب البيئة المناسبة والممكنة التي تساعد على صقل المواهب والقدرات, كذلك عدم توفر مراكز للدراسات والبحوث والمعامل وغياب اهتمام الدولة بالإبداع والمواهب .
ومضى يقول : فكل الاكتشافات والاختراعات تبدأ بفكرة تعود للعقل البشري, إلا أن العقل البشري أو صاحب الفكرة يحتاج الى إمكانيات تساعده على تحويل الفكرة العقلية إلى شيء ملموس, فالدول المصنعة الكبرى وصلت بفضل العقول البشرية التي لاقت اهتماماٍ كبيراٍ ورعاية خاصة تليق بهم ووفر لهم الإمكانيات التي ساعدت على إحداث الثورة الصناعية التي أعطت للعقل البشري قيمته الحقيقية, فاليمن تمتلك عقولاٍ ومواهب كثيرة لكن عدم الاهتمام بهم وغياب الرعاية الرسمية جعلتهم غير قادرين على بلورة أفكارهم ومشاريعهم البناءة .
أسباب الجمود
من جهته يرى الدكتور عبد الباسط الحكيمي – جامعة صنعاء : إن معوقات الإبداع تكمن في القيادات الجاهلة وغير المؤهلة التي تقود المؤسسات التربوية والتعليمية واعتماد القيادات على أشخاص أضعف منهم في القدرات والمهارات وتهميش المؤهلين والقادرين على الخلق والإبداع وتنمية قدرات الجيل وعدم التخطيط العلمي السليم الذي يقوم على الأسس العلمية الحديثة و محاولة قوى الفساد وسعيها الى إفراغ اليمن من العقول المبدعة والدفع بهم الى الهجرة, بالإضافة إلى سرقة جهود الشرفاء من قبل قوى الفساد وقوى التجهيل والتخلف وعدم توفير مستلزمات البحث العلمي وعدم تشجيع المبدعين بل السعي الى تدميرهم وغياب الميزانية الكافية للبحث العلمي
وقال الحكيمي : يكفي مقارنة ميزانية شؤون القبائل بميزانية البحث العلمي بل بميزانية الجامعات, وسترون أن اليمن تهرول الى كارثة حقيقية وعدم احترام المدرسين وأعضاء هيئة التدريس في المدارس والجامعات وسعي الحكام الدائم الى تجهيل الشعب لأنهم لا يستطيعون حكم شعب متعلم متنور مثقف, فضلا عن الظروف المعيشية الصعبة التي يعيش فيها المواطن اليمني فإذا علمت أن موظفاٍ جديداٍ في أي بنك يستلم مرتباٍ يزيد بكثير عن مرتب البروفسور في الجامعة والذي قضي اكثر من عشرين سنة في الخدمة وتريدون ابداعاٍ واختراعاٍ واكتشافاٍ .. الخ والأستاذ يلهث وراء توفير لقمة العيش الشريف له ولأسرته.
الحلول هي ..
أما سامح الوظاف – رئيس اتحاد مخترعي أمانة العاصمة وعضو اتحاد المخترعين اليمنيين يقول : تتجلى اليمن وتفتخر بتعدد مبدعيها وتميزهم على في مختلف المجالات الحياتية العلمية والأدبية على مستوى العالم – ولله الحمد – فأي يمني يخوض أية مناسبة دولية علمية أو أدبية إلا وكان في الصدارة أمثال ذلك المخترع محمد العفيف و المخترع هاني باجعالة والمخترع محمد الغابري والمخترع فهد باعشن والعديد من المخترعين في المجال الطبي والتقني والاختراعات, ومن أمثال هؤلاء الدكتور الجراح / عبد الله العصري المقيم في مصر ويعمل بمستشفى القصر العيني والذي يعتبر من أفضل الجراحين على مستوى العالم رغم أن وطنهم وأهلهم في أمس الحاجة لإبداعهم ولكي يشاركوا في نهضة وطنهم وليشاركوا في نهضة الدول الصناعية وبلادهم اليمن يطأها مستنقع الفقر والتخلف والتبعية .
مستعرضا الحلول التي يمكن أن تدفع بعملية الابداع والابتكار والمتمثلة بدعم وتمويل مشاريع المخترعين من قبل الحكومة أو من قبل رجال الأعمال والمستثمرين المحليين وتوفر مراكز الأبحاث العلمية المتخصصة والاهتمام الصادق من قبل جهات الدولة ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة و تسليط الضوء الإعلامي الوطني عليهم والاهتمام بهم وإبراز مشاريعهم كمشاريع وطنية استثمارية, أضف إلى ذلك تثقيف المجتمع اليمني بثقافة الاختراع وأهميته والسعي إلى تشجيع المبدعين وإرساء تصنيع أو تنفيذ أي فكرة على واقع اليمن .
وقال : إن تأخر توظيف المبدعين والمخترعين في الجهات المناسبة بسبب الفساد المستشري والمحسوبية في وزارة الخدمة المدنية ووجود إغراءات مالية ومعنوية يقدمها الخارج لأبنائنا اليمنيين كانت سببا في هجرة العقول النيرة والمبتكرة إلى الخارج.
الأنشطة المدرسية
من جهته أوضح مدير الأنشطة المدرسية بأمانة العاصمة أحمد سعيد : إن تفعيل دور الأنشطة المدرسية في مختلف المجالات الدينية والفنية والعلمية والرياضية والأدبية سيسهم بشكل كبير في توجيه مواهب النشء والشباب وإبرازهم للوسط الابداعي والاستفادة من طاقاتهم وأفكارهم وابتكاراتهم وتوظيفها في الاتجاه الصحيح لما فيه مصلحتهم وخدمة مجتمعهم سيعزز كل ذلك من المسئولية الوطنية تجاه بلدهم وترسيخ ثقافة العطاء والانتماء.

قد يعجبك ايضا