غزة..تواجه العدوان

 

اعداد/محمد القعود
غزة..واجهة ضد العدوان الصهيوني و ابناء
الشعب الفلسطيني ورغم المحاصرة الجائرة ومحاولات جنود الاحتلال الصهيوني لجراهم نحو الشتات والضياع،الا انهم صامدين كالابطال والجبال الرواسي،لايشدهم ولايزحزهم عن ارضهم أي ثقل أومسار.
وهاهم ابناء غزة الاشاوس يرفضون اي محاولة لاخراجهم من ارضهم ،في أرض كانت..وفي اي قارة تكون..!
وفي وسيلة من ضمن وسائل المقاومة والنِّضال ضد الكيان الصهيوني.. ووسيلة مشروعة ضدّ مشاريع التّهويد وتزييف الحقائق التاريخيّة والعبث بالتُّراث والتَّرويج للأكاذيب الصهيونية المروجة للزيف والمروجة لاساطير الوهم.
وعن غزة كتب الشاعر الراحل محمود درويش اجمل ماكتب عن غزة المدينة الباسلة والبطلة وذلك قبل مدة من رحيله..وهي كتحية منه للمدينة المواجهة للعدوان الصيهوني الغاشم..:
خاصرتها بالألغام.. وتنفجر..
لا هو موت.. ولا هو انتحار
إنه أسلوب غـزة في إعلان جدارتها بالحياة
منذ أربع سنوات ولحم غـزة يتطاير شظايا قذائف
لا هو سحر ولا هو أعجوبة، إنه سلاح غـزة في الدفاع عن بقائها وفي استنزاف العدو
ومنذ أربع سنوات والعدو مبتهج بأحلامه.. مفتون بمغازلة الزمن.. إلا في غـزة
‏لأن غـزة بعيدة عن أقاربها ولصيقة بالأعداء.. لأن غـزة جزيرة كلما انفجرت وهي لا تكف‌‏ عن الانفجار خدشت وجه العدو وكسرت أحلامه وصدته عن الرضا بالزمن.
لأن الزمن في غـزة شيء آخر.. لأن الزمن في غـزة ليس عنصراً محايداً‏ إنه لا يدفع الناس إلى برودة التأمل. ولكنه يدفعهم إلى الانفجار والارتطام بالحقيقة. الزمن هناك‌‏ لا يأخذ الأطفال من الطفولة إلى الشيخوخة ولكنه يجعلهم رجالاً في أول لقاء مع العدو.. ليس الزمن‌‏ في غـزة استرخاء‌‏ ولكنه اقتحام الظهيرة المشتعلة.. لأن القيم في غـزة تختلف.. تختلف.. تختلف.. القيمة الوحيدة للإنسان‌‏ المحتل هي مدى مقاومته للاحتلال هذه هي المنافسة الوحيدة هناك.
وغـزة أدمنت معرفة هذه القيمة النبيلة القاسية.. لم تتعلمها من الكتب ولا من الدورات الدراسية العاجلة‌‏ ولا من أبواق الدعاية العالية الصوت ولا من الأناشيد. لقد تعلمتها بالتجربة وحدها وبالعمل الذي لا يكون‌‏ إلا من أجل الإعلان والصورة‌‏.
إن غـزة لا تباهي بأسلحتها وثوريتها وميزانيتها إنها تقدم لحمها المُرّ وتتصرف بإرادتها وتسكب دمها‌‏. وغزة لا تتقن الخطابة.. ليس لغزة حنجرة.. مسام جلدها هي التي تتكلم عرقاً ودماً وحرائق.‌‏
من هنا يكرهها العدو حتى القتل. ويخافها حتى الجريمة. ويسعى إلى إغراقها في البحر أو في الصحراء‌‏ أو في الدم‌‏. من هنا يحبها أقاربها وأصدقاؤها على استحياء يصل إلى الغيرة والخوف أحياناً. لأن غزة هي الدرس الوحشي والنموذج المشرق للأعداء والأصدقاء على السواء.
ليست غزة أجمل المدن..
ليس شاطئها أشد زُرقة
من شواطئ المدن العربية‌‏
وليس برتقالها أجمل برتقال
على حوض البحر الأبيض.
وليست غزة أغنى المدن..
وليست أرقى المدن وليست أكبر المدن. ولكنها تعادل تاريخ أمة. لأنها أشد قبحاً في عيون الأعداء، وفقراً وبؤساً وشراسة. لأنها أشدنا قدرة على تعكير مزاج العدو وراحته، لأنها كابوسه، لأنها برتقال ملغوم، وأطفال بلا طفولة وشيوخ بلا شيخوخة، ونساء بلا رغبات، لأنها كذلك فهي أجملنا وأصفانا وأغنانا وأكثرنا جدارة بالحب.‌‏
نظلمها حين نبحث عن أشعارها فلا نشوهن جمال غزة، أجمل ما فيها أنها خالية من الشعر، في وقت حاولنا أن ننتصر فيه على العدو بالقصائد فصدقنا أنفسنا وابتهجنا حين رأينا العدو يتركنا نغني.. وتركناه ينتصر ثم جفننا القصائد عن شفاهنا، فرأينا العدو وقد أتم بناء المدن والحصون والشوارع.‌‏
ونظلم غزة حين نحوّلها إلى أسطورة لأننا سنكرهها حين نكتشف أنها ليست أكثر من مدينة فقيرة صغيرة تقاوم
وحين نتساءل: ما الذي جعلها أسطورة؟
سنحطم كل مرايانا ونبكي لو كانت فينا كرامة أو نلعنها لو رفضنا أن نثور على أنفسنا‏
ونظلم غزة لو مجّدناها، لأن الافتتان بها سيأخذنا إلى حد الانتظار، وغزة لا تجيء إلينا، غزة لا تحررنا، ليست لغزة خيول ولا طائرات ولا عصي سحرية ولا مكاتب في العواصم، إن غزة تحرر نفسها من صفاتنا ولغتنا ومن غزاتها في وقت واحد وحين نلتقي بها ذات حلم ربما لن تعرفنا، لأن غزة من مواليد النار ونحن من مواليد الانتظار والبكاء على الديار‌‏.
صحيح أن لغزة ظروفاً خاصة وتقاليد ثورية خاصة‌‏، ولكن سرَّها ليس لغزاً: مقاومتها شعبية متلاحمة تعرف ماذا تريد (تريد طرد العدو من ثيابها)‌‏
وعلاقة المقاومة فيها بالجماهير هي علاقة الجلد بالعظم. وليست علاقة المدرس بالطلبة.
لم تتحول المقاومة في غزة إلى وظيفة ولم تتحول المقاومة في غزة إلى مؤسسة‌‏. لم تقبل وصاية أحد ولم تعلق مصيرها على توقيع أحد أو بصمة أحد‌‏. ولا يهمها كثيراً أن نعرف اسمها وصورتها وفصاحتها لم تصدق أنها مادة إعلامية، لم تتأهب لعدسات التصوير ولم تضع معجون الابتسام على وجهها.‌‏
لا هي تريد.. ولا نحن نريد‌‏.
من هنا تكون غزة تجارة خاسرة للسماسرة، ومن هنا تكون كنزا معنوياً وأخلاقيا لا يقدر لكل العرب‌‏.
ومن جمال غزة أن أصواتنا لا تصل إليها، لا شيء يشغلها، لا شيء يدير قبضتها عن وجه العدو، لأشكال الحكم في الدولة الفلسطينية التي سننشئها على الجانب الشرقي من القمر، أو على الجانب الغربي من المريخ حين يتم اكتشافه، إنها منكبّة على الرفض.. الجوع والرفض والعطش والرفض والتشرد والرفض والتعذيب والرفض والحصار والرفض والموت والرفض.‏
قد ينتصر الأعداء على غزة (وقد ينتصر البحر الهائج على جزيرة قد يقطعون كل أشجارها)
قد يكسرون عظامها‌‏
قد يزرعون الدبابات في أحشاء أطفالها ونسائها وقد يرمونها في البحر أو الرمل أو الدم ولكنها
لن تكرر الأكاذيب ولن تقول للغزاة: نعم‌‏
وستستمر في الانفجار‌‏
لا هو موت ولا هو انتحار، ولكنه أسلوب غزة في إعلان جدارتها بالحياة
وستستمر في الانفجار‌‏
لا هو موت ولا هو انتحار، ولكنه أسلوب غزة في إعلان جدارتها بالحياة.
بحر غزة
غزة..كتب عنها الكثير من الادباء في ارجاء العالم الذين كانت قصص غزة ومأسيها تأسرهم..ومنهم الشاعر الفلسطيني المتوكل طه ،وهو صاحب العديد من الاعمال الشعرية والابداعية..وفيما يلي ماكتبه عن غزة:
بَحرُ غزّة..
يمشي ..
عباءته المتجعّدة فضفاضة شفيفة. يندفع نحو البيوت المقصوفه،فيردّ الأكمامَ على كتفيه، ويرفع الركام،ويسحب المخبوزين تحت البنايات المترنّحة.
يحمل ساطوراً هائلاً، ويقف على مداخل المدينة، كأنه حارسها.
هو الذي فخت الجدران الاسمنتية بإصبعه، وحمل المقاتلين،الشهداء مع وقف التنفيذ، ليعيدوا الأرض إلى أصحابها، ويُثخنوا في ضبّاط الموت الموت. وهو الذي قاد بهم المركبات، مع الفجر، ليطوّحوا الأبراج الناريةَ المنصوبة نحو الحدود الخائفة. وهو الذي كَنس بجديلته ما تبقّى من جنود على المداخل، حتى تتحقق المعجزة التي فاجأت المحتلّين المذعورين، الذين انساقوا بهلعٍ وذلّة ، نحو القيود.
يذرع المخيمات والبلدات، ويُلقي السلام على الناس.
يقف على صخرة راسخة، ويقول: إن القتلة يستهدفون الأطفال والنساء والأسواق البريئة! فهل هؤلاء بشرٌ ؟ أم أنّ أسفارهم الملغومة هي مَن يمدّهم بالذرائع لحرق اللحم الطريّ والطيور والرّضّع والزغب اللبنيّ؟ فكيف يقيمون معهم “السلام” ،الذي لا يُفضي إلا إلى الهلاك والعنصرية والجنون والإبادة والفظائع المصوّحة؟ ماذا بقي فيهم ليحبّوا السلام، ونؤمن أنهم من نسل آدم؟
لقد رأوه، لكنّهم لا يعرفون اسمه، على وجه التحديد، لكنّ البسطاء يعرفون، ببداهة البصيرة المضيئة ،أنّ هذا الشيخ يدرك نِفاق الغرب، الذي يبرّر فناءنا وشطبنا من قوائم الحياة!.

قد يعجبك ايضا