حين نرى مستوى السقوط الأخلاقي والديني الذي بلغه المرتزقة وانكشاف ما يحملونه من صهيونية وتعاطف مع اليهود، وحقدهم وتشفيهم فيمن استشهدوا جراء القصف الإسرائيلي، نحمد الله على انكشافهم،
فلطالما تستروا خلف أقنعة زائفة وادعاءات وطنية وإسلامية، ولطالما ضللوا المجتمع اليمني ولعبوا بإعداداته، وهاهم يعترفون اليوم صراحة بميولهم للصهاينة، ويظهرون اعتناقهم لأفكار ومبادئ وأحقاد تتناقض مع أساسيات الإسلام، ولا تخدم إلا أعداء الدين والأمة.
هذه التصريحات ليست مجرد مواقف سياسية عابرة، بل تعبير عن أزمة هوية عميقة، وعن انحراف ديني كبير، وعن قطيعة معرفية وأخلاقية وروحية مع أبسط مبادئ الإسلام ومع الجذور التي تمتد في تربة هذه الأرض، قطيعة مع إنسانية الإنسان وفطرته!
إنها تكشف عن عقلية المرتزقة الذين باعوا ضمائرهم في سوق النخاسة الصهيونية، ولا يرون في الأوطان إلا ساحات للمقايضة والمساومة، ولا يعترفون بالدين إذا وقف أمام أحقادهم ونزعتهم التسلطية!
هذه الاعترافات لا تفضح نفسياتهم الخبيثة فحسب، بل تكشف عن سوءة فكرهم وانحراف عقائدهم..
إنهم يقفون اليوم عراة أمام ضمير الأمة، أمام ثوابت الإسلام وأهم مبادئه، وقد تلطخت أياديهم وأقلامهم بمداد الخيانة، وأصبحت كلماتهم صدى باهتا لدعاية أعداء الله والأمة، وخادمة لأطماعهم وجرائمهم.
الجميع يعترف أننا نعيش معركة فارقة في تاريخ الصراع بين الأمة وأعدائهـا، لكن هذا الصراع يأتي في زمن اختلطت فيه المفاهيم وتداخلت الرايات، داخل الصف الإسلامي واشتبه الناس بين الحق والباطل بشكل كبير جدا، فتأتي هذه الانشكافات لنحمد الله عليها، نحمد الله على وضوح الرؤية أمام الشرائح التي كان ينطلي عليها زيف المزيفين وخداعهم،
ففي هذه الظروف يصبح انكشاف الزيف نعمة كبرى، لأنه يبين الأصيل من الدخيل، يعيد ترسيم الحدود بين الحق والباطل، بين الإسلام الحق والمزيف، بين من يحملون هم أمتهم ومن يحملون هم نزعاتهم التسلطية ومبادئ أسيادهم،
فكل قناع يسقط هو بمثابة حجر يرفع عن صدر الحق، أما حين تسقط أقنعة حزب بأجمعه، وتيار بأكمله، فتلك أبنية كبيرة من الباطل والانحراف تتعرى وتفتضح هشاشة أساساتها، ويعرف المجتمع خطورة بقائها ووجودها.
إنها لحظة التمايز، ولذلك لا بد أن تكون هذه اللحظة فرصة تاريخية لإعادة بناء الوعي على أسس من الصلابة واليقين، لدى من كانوا متأثرين بهذا الفكر وأدركوا انحرافه.
فرصة لهدم الأوهام التي بثها هؤلاء لسنوات، فرصة لتحطيم العقائد المختلة والأفكار الهدامة التي يحملونها، وهذه مهمة ومسؤولية يجب أن يهتم بها حماة الدين وأحرار الأمة كما يهتمون بمواجهة العدو الأول، لأن هذا الفكر المنحرف وحملته أصبحوا أهم أدواته..