بزخم وعنفوان الاحتفاء به.. رسول الله في واقع الأمة

منير الشامي

 

 

بعيدا عن المبالغة في وصف المشهد اليمني يوم الخميس الماضي في الفعالية المركزية للمولد النبوي الذي ظهر بزخم غير مسبوق في ساحات الاحتفال المركزية بالعاصمة صنعاء وبقية المحافظات بمشاهد يعجز العقل عن وصفها وصف قريب من الحقيقة كما ظهر ذلك الحدث التاريخي في كل ساحة بلا مونتاج ولا دوبلاج، فظهوره بذلك الزخم والعنفوان يغني عن أي وصف للواصفين ويعجز ألسنة البارعين في اللغة وفطاحلتها عن التعليق عليه بتعليق دقيق يفيه حقا لأنه باختصار حدث أقل ما يمكن القول عنه أنه أعظم حدث شعبي في العالم، صنعه شعب يعيش ظروفاً اقتصادية قاسية ومعاناة شديدة منذ أكثر من عقد من الزمان، ولا غرابه في ذلك لأن دوافع اليمنيين ومحركهم فيه هو حبهم وارتباطهم برسول الله وعظمة ولائهم له.
لقد توجه اليمنيون صغارا وكبارا ذكورا وإناثا إلى الساحات وقد تزينوا بحلة المناسبة وكأنما هو من دعاهم لملاقاته وليس لإحياء ذكرى مولده الشريف فتزينوا ليستقبلوه صلى الله عليه وعلى آله بزينة ظاهرية تعكس مشاعرهم الداخلية من فرحة نفوسهم بلقائه وإشراقة وجوههم بنوره وقلوب عاشقة لجماله وأفئدة مفعمة بحبه وكماله وألسنة ملبية لاهجة بحمد الله على أعظم نعمه وأجل مننه عليهم ومصلية عليه، وكأن لسان حالهم يقول لكل العرب والمسلمين، إن رسول الله لم يرحل ولم يغب بل حاضر بشخصه وصفته وبنوره ومقامه.
وكل من يتأمل مشاهد اقبال حشودهم وتسابقهم إلى الساحات وازدحامهم على أبوابها يعتقد أن كل واحد منهم يريد أن يكون أقرب الحاضرين منه في تنافس عجيب وتدافع رهيب لا يفهمه إلا محب ودود لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله ولا يعرف سببه إلا مؤمن لبيب يدرك أهمية تولي الله ورسوله والمؤمنين في حياته الدنيا وحياة الآخرة.
لقد أثبتوا حقا بتلك المشاهد عظمة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله في نفوسهم وأكدوا أنه أولى بهم من أنفسهم وأموالهم وأولادهم وجسدوا بموقفهم أعظم حدث على الأرض في زخمه وهيبته وفي حضوره وعدده وفي زينته وروعته.
لأنهم في الحقيقة لم يخرجوا رياء أمام سلطان ولا استعراضا ليقال عنهم ولا طمعا في جاه ولا أملا في غاية بل إن خروجهم واستعراضهم وطمعهم وأملهم هو حبا وتعظيما وتوقيرا وإجلالا لرسول الله. ودافعهم هو تجديد بيعتهم له وتأكيد على طاعتهم وتوليهم له ودليل على اتباعهم لدينه ورجاء لربهم أن يحظوا منه سبحانه وتعالى بهدايته وأن يشملهم برضوانه لا أكثر من ذلك ولا أقل.
وما يلفت انتباه المتابع لإحياء اليمنيون لهذه المناسبة هو الزخم المتصاعد لاحياء هذه المناسبة كل عام والتزايد المتنامي للمشاركة فيها سنويا فعلى الرغم من توسيع ساحات المناسبة وزيادة مساحاتها كل عام إلا أن معظمها هذا العام كادت أن لا تستوعب الحشود المقبلة عليها سواء تلك المخصصة للرجال أو تلك المخصصة للنساء رغم الحملات الشعواء التي تسبق هذا اليوم وتشنها أبواق المنافقين ومنابر الشياطين كل عام في تشويه المناسبة وتبديع أقامتها.
وإذا كان اليمنيون يحيون هذه المناسبة سنويا طيلة أيام وأسابيع ثم يتوجونها بفعالية مركزية بهذا الشكل والحجم والزخم بصورة تلقائية وبدوافع المحبة والارتباط والتولي لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وليس لهم غاية أخرى غيرها فإنهم بهذه المواقف هم وكل من يحتفل بهذه المناسبة من العرب والمسلمين يحققون أهداف عظيمة ليست في حساباتهم ويرسلون منها رسائل قوية للعالم ليست من أولوياتهم لكنها من حيث الأهمية تحقق نتائج عظيمة في أوساط الأمة وفي أوساط شعوب العالم منها على سبيل المثال ما يلي:
١- تحفيز الأمة على العودة إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وإلى الكتاب العظيم الذي جاء به.
٢-إحياء للإسلام في القلوب وإعادة الهدي النبوي الشريف إلى واقع الحياة في نفوس أبناء الأمة وهو ما يمثل تصدياً لمؤامرات أعداء الأمة في استهداف الإسلام والعرب والمسلمين
٣- الاحتفاء بهذه المناسبة يمثل نشاطاً عملياً لتبليغ دعوته لغير المسلمين من خلال تأثيرها في جذبهم لمعرفة مقام رسول الله ورسالته وعظمته وهديه.
٤- إحياء هذه المناسبة العظيمة بهذا العنفوان في الوقت الذي تعيش فيه الأمة الوهن والضعف واستباحة أعدائها من اليهود والنصارى لدماء أبناء الأمة وأعراضهم وانتهاكاتهم واساءاتهم المستمرة للمقدسات، يعد دفاعا عن الأمة ومقدساتها ورسائل قوية للأعداء تغيظهم وتؤكد أن مشاريعهم ستسقط وأهدافهم لن تتحقق وأن أنظمة العمالة والتطبيع لن تبلغهم غاياتهم وأن الإسلام ورسول الإسلام وقرآن الإسلام باقون في الأمة وسيوقظونها من غفلتها طال الوقت أم قصر .
٥- يعد إحياء هذه المناسبة خصوصا وكل المناسبات الدينية عموما، وسيلة قوية جدا لمواجهة استهداف أعداء الأمة للإسلام ولرسول الله وللقرآن وإفشالا لسعيهم في فصل الأمة عن دينها وكتابها ونبيها وهويتها بمؤامرة الاتفاقات الإبراهيمية ومؤامراتهم الأخرى .
وهناك غيرها من النتائج الكثيرة التي تثمر عن احياء هذه المناسبة، لكني أعجز عن ذكرها في هذا المقام فهي كثيرة وتتحقق بفضل الله وببركة صاحب المناسبة صلوات الله عليه وعلى آله وستؤتي أكلها عزا ومجدا وكرامة للأمة بإذن الله تعالى.

قد يعجبك ايضا