الأديب عبدالرحمن مراد رئيس الهيئة العامة للكتاب: عملنا على ترميم العلاقة بين المشهد الثقافي بكل طيفه وتعدده وبين المؤسسة الثقافية الرسمية

 

أعددنا مشروع متحف البردوني وهو أمام مجلس الوزراء، وخصصنا له جزء من مكتبة البردوني بذمار، ولدينا مشروع جاهز لطباعة الأعمال الكاملة للبردوني
نخوض صراعا مع السلطة المحلية في بعض المحافظات من أجل الحفاظ على مقدرات الهيئة، ونأمل أن نصل إلى حلول تخدم الثقافة الوطنية والمشهد الثقافي

أوضح الأديب عبدالرحمن مراد رئيس الهيئة العامة للكتاب أن أهم انجازات الهيئة خلال الفترة القليلة الماضية هو ترميم العلاقة بين المشهد الثقافي بكل طيفه وتعدده وبين المؤسسة الثقافية الرسمية التي تصدعت بفعل الصراعات والانقسامات والتحيزات الفكرية والسياسية، مدركين لوظائفها الوطنية وأهمية التوحد في هذه المرحلة، حيث يواجه الوطن قوى الشر العالمي، مشيراً إلى أنها تعمل وفق خطة التعافي والبناء والتغيير التي أعلنها قائد الثورة وقائد المسيرة القرآنية، وبموجبها تم تشكيل حكومة التغيير والبناء.
وأشار في حوار أجريناه معه إلى مجمل الأنشطة والمشاريع الثقافية التي أعدتها الهيئة ومنها مشروع إنشاء متحف البردوني الموجود حالياً أمام مجلس الوزراء لإقراره، ومشروع طباعة الأعمال الكاملة له، وقيامها بطباعة ديواني البردوني الأخيرين إضافة إلى طباعة سبع مجموعات شعرية للشاعر الراحل حسن الشرفي وفق الإمكانيات المتاحة.
وتطرق مراد إلى أن الهيئة تخوض صراعا مع السلطة المحلية في بعض المحافظات من أجل الحفاظ على مقدراتها ومبانيها، مؤملاً الوصول إلى حلول، وأكد أن موازنة التشغيل للفروع هي مبالغ زهيدة جداً لا تتجاوز سبعة آلاف لكل فرع وهو أمر غير مرض ومعيق.. فإلى تفاصيل الحوار:

حوار / خليل المعلمي

ما تقييمكم لوضع الهيئة بعد عقد من الأوضاع والظروف التي تمر بها البلاد؟
الحقيقة في ظل واقع الحال الذي يعيشه الوطن من انقسامات، ومن ثم عدوان، وبعد ذلك حرب كونية، وحصار مطبق، وعزلة كلية عن العالم، تفرضها قوى الشر العالمي مما عكس كل تلك الظروف على الدولة وإمكاناتها وقدراتها المادية إلا أننا حاولنا أن نشعل شمعة للأمل ونقول للناس ماتزال الحياة مستمرة ونحن بذلك الإصرار على الإنجاز والعطاء نعزز من قيم الصمود في وجدان المجتمع.
يحسب للهيئة أنها طبعت ديواني البردوني اللذين عجزت عن طباعتهما في زمن الرخاء والاعتمادات وهي تواصل عطاءها وتشعر بمسؤوليتها الوظيفية والأخلاقية تجاه رموز اليمن وتقوم بإصدار أعمالهم التي لم تصدر في حياتهم، حيث طبعت للشاعر حسن الشرفي سبع مجموعات شعرية، وتحاول أن تتفاعل مع الحاضر وتطبع وفق سياستها وبجهود ذاتية وبدعم من الرئاسة التي تساند العمل الثقافي.
ولعل أهم انجازات الهيئة من وجهة نظري هو ترميم العلاقة بين المشهد الثقافي بكل طيفه وتعدده وبين المؤسسة الثقافية الرسمية التي تصدعت بفعل الصراعات والانقسامات والتحيزات الفكرية والسياسية واعتقد أن الهيئة نجحت الى حد ما في ترميم المتصدع وهذا أمر مهم في اعتقادي، فهي تدرك وظائفها الوطنية وتدرك أهمية التوحد في هذه المرحلة التي يواجه الوطن قوى الشر العالمي.
الملاحظ أن هذا العام شهد عدداً من الفعاليات والأنشطة وكذا إشهار بعض الإصدارات ومنها كتاب البردوني “ثوار في رحاب الله” هل أنتم راضون عن هذا الإنجاز؟
تعمل الهيئة وفق خطة التعافي والبناء والتغيير التي أعلنها قائد الثورة قائد المسيرة القرآنية وبموجبها تم تشكيل حكومة التغيير والبناء ونحن ماضون في هذا التوجه وفق ما يتوفر من إمكانات وكانت التباشير باعثة على أمل التعافي وتقديم الخدمة الثقافية للناس.
وبالنسبة لكتاب البردوني “ثوار في رحاب الله” جاء إصداره من باب الاهتمام بالمنجز الثقافي للبردوني باعتباره أحد رموز اليمن الكبار في العصر الحديث، وقد حاولنا من خلال الكتاب أن نثبت فكرة التغيير وفكرة البناء، فالمعتاد الذي كان عليه الناس أنه يتم إحياء ذكرى الرموز بكلمات عابرة نحن اليوم نحيي الذكرى بعمل ملموس كطباعة المنجز الثقافي الذي لم يطبع وهو إما مخطوط أو تتوزعه وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة كما أن الكتاب يبعث رسائله للذين يقولون أن سلطة صنعاء إمامية وضد الرموز الثقافية وضد الجمهورية.. أظن أن الكتاب يحمل رداً عملياً قاطعاً وشافياً للذين يشككون ويشتغلون على هذا التوجه من قوى الارتزاق.
نحن لا نوظف البردوني كما يدعون ولكننا نخدم منجزه ونحترم رؤيته ونقدمه للناس كرمز ثقافي كبير ومثل ذلك من الوظائف الأساسية للدولة ومؤسساتها الثقافية تجاه الرموز الكبار ونحن نقوم بهذا الواجب بدون تحيز أو توظيف بل بتجرد وصدق وموضوعية.
وماذا عن متحف البردوني الذي أعلنتم عنه في فعالية الذكرى السادسة والعشرين لوفاته هذا العام؟
فكرة المتحف فكرة قديمة كنا قد اشتغلنا عليها قبل سنوات لكنها بسبب توتر في العلاقة بيني وبين الوزير السابق عبدالله الكبسي توقفت، وقد تفاعل معها رئيس الوزراء السابق الدكتور عبدالعزيز بن حبتور ووجه بدعمها، وفي ظل الحكومة الحالية احيينا الفكرة واتخذنا مجموعة من الإجراءات من ضمنها إعداد مشروع المتحف ونظامه الأساسي وقد رفعنا المشروع للوزارة التي بدورها رفعته لمجلس الوزراء، وقد اتخذنا تدابير بتخصيص جزء من مكتبة البردوني بذمار لهذا الغرض وبعد استكمال الخطوات الإجرائية والتنظيمية سوف نباشر بالخطوات العملية وقد تم رصد موازنة لهذا المشروع بتمويل من صندوق التراث والفكرة تحظى باهتمام كبير من القائم بإعمال وزير الثقافة والسياحة الأستاذ عبدالله الوشلي ونحن نعمل على إنجازها وسوف تنجح فالبردوني أحد رموز اليمن الكبار، وقائد الثورة السيد العلم عبدالملك الحوثي هو من وجه بطباعة أعماله الشعرية التي ظلت حبيسة الأدراج لأكثر من عشرين عاماً والقيادة السياسية تحرص كل الحرص على رمزيته الأدبية والثقافية وكان لها أدوار محمودة في دعمنا للإنجاز واعتقد من الإنصاف نسبة الفضل لأهله، كما أن المتحف سيكون حدثاً ثقافياً متميزاً بما يحمله من مضامين ومحتوى حديث يعتمد التقنية الحديثة وسيكون عوناً لكل الباحثين في الأدب وفي شعر البردوني فالتصور تجاوز الأطر التقليدية وقد حاول الاستفادة من كل التطورات التقنية الحديثة.
ما الذي تستطيع الهيئة تقديمه للمكتبات العامة في المحافظات؟
الحقيقة في الوضع الحالي لا تستطيع أن تقدم الهيئة شيئاً للمكتبات العامة في المحافظات سوى الحفاظ على مقدراتها حيث نخوض صراعاً مع السلطة المحلية في المحافظات للحفاظ على مقدرات الهيئة في بعض المحافظات.
لدينا مشاكل كثيرة ومعقدة في بعض المحافظات لكن نأمل أن نصل إلى حلول، فضلاً أن موازنة التشغيل للفروع مبالغ زهيدة جداً لا تتجاوز سبعة آلاف لكل فرع وهو أمر غير مرض ومعيق.
هل لديكم استراتيجية لاستمرار النشاط الثقافي من فعاليات وإصدارات خلال هذا العام؟
نعم، لدى الهيئة خطة لعام 1447هجرية وهي تتضمن أنشطة متعددة وفعاليات ومن ضمنها كتاب قافية الآباء سوف يصدر قريباً بمناسبة ذكرى ثورة ال21سبتمبر وفي الخطة كتب مترجمة نأمل أن ترى النور قريباً وكتب للأطفال وإصدارات متنوعة، كما أن الهيئة تعمل على جمع بعض النوتات الموسيقية التي تم تدوينها في القرن الماضي وهي مدونات تحاول أن تعيد الحق لأهله حيث مجمل المدونات الموسيقية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين استفادت كثيراً من تراث اليمن اللامادي ثم نسبتها إلى غير أهلها وأقصد هنا الدولة العثمانية التي كانت تحتل اليمن، وهذا جزء من جهود الهيئة في حفظ الهوية الثقافية الوطنية.
كما عملت الهيئة مع نائب وزير الثقافة الأستاذ عبدالله الوشلي وبإشرافه على وضع استراتيجية ثقافية تساهم في الأمن القومي الثقافي وبما حفظ لنا هويتنا التاريخية خوف الذوبان في تيار العولمة وهي خطة قابلة للتحقق إذا توفرت الإمكانات اللازمة لها.
ما هي دعوتكم للحكومة في دعم الهيئة وصرف ميزانيتها التشغيلية؟
الحقيقة أن المعركة الثقافية لا تقل شأناً عن المعركة العسكرية والسياسية والاقتصادية بل أكاد أجزم أن المعركة الثقافية هي الأخطر ولابد من التنبه لهذا الأمر والقيادة السياسية والتنفيذية تدرك طبيعة المعركة وهم يعرفون أننا نواجه عدواً يتعدد في وسائل استهدافه لليمن وتعزيز دور المؤسسة الثقافية برفدها بالإمكانات حتى تكون قادرة على مواجهة التحديات وتعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم الجماهيري مع القيادة في حربها الوجودية مع العدو الصهيوني وقوى الشر العالمية.
تحدثتم في عدد من المناسبات أنكم ستقومون بإصدار الاعمال الكاملة للشاعر الكبير عبدالله البردوني بما فيها الديوانيين الأخيرين.. متى سيرى هذا المشروع النور؟
هذا المشروع أصبح جاهزاً وقد بذلنا فيه جهداً كبيراً ومضاعفاً حيث قمنا بصفه استناداً إلى المجموعات الشعرية الصادرة في حياة البردوني إذ لاحظ الكثير من الأدباء أن هناك أخطاء كبيرة صاحبت طباعة الأعمال الكاملة واستمرت معها، نحن حاولنا التدقيق والتحري والمراجعة والمقارنة وبحيث نتحاشى الأخطاء وقد أنجزنا المشروع في أربعة مجلدات ونريد طباعتها طباعة فاخرة تليق بمكانة البردوني وهذا أمر يتطلب مبلغاً كبيراً يصل إلى عشرين مليون ريال.
وقد شكلنا لجنة لهذا المشروع من كبار الأدباء في اليمن وهم الأديب عبدالإله القدسي رحمه الله، والشاعر جميل مفرح، والشاعر حسن المرتضى، وتم ذلك بإشرافي وكلي أمل أن نتمكن من الطباعة في القريب العاجل.
تعلمون أن آخر معرض محلي تم إقامته قبل عدة سنوات تقريباً، فهل بالإمكان تنظيم معرض للكتاب في القريب العاجل؟
نحن نحرص على المعرض ونحاول إقامته لكن الحقيقة نواجه عدة صعوبات منها عدم توفر الإمكانات اللازمة وفي المقابل ضعف القدرة الشرائية عند الناس بسبب الظروف التي يمر بها الوطن فضلاً عن الكتاب الإلكتروني الذي كان له دور في ركود سوق الكتاب الورقي، وهذا العام كان ضمن خطة الهيئة لعام 1447هجرية ونأمل أن نتمكن من إقامته خاصة والقائم بأعمال وزير الثقافة والسياحة الأستاذ عبدالله الوشلي يدعم الفكرة وبقوة ويحثنا على إقامته لأهميته في تنشيط المشهد الثقافي وسوف تصحبه عدد من الأنشطة الثقافية ونحن بدورنا نحرص على المعرض فهو يؤكد استمرار الحياة وتدفقها في كل المجالات رغم قوة الاستهداف الذي تتعرض له اليمن وقد بدأنا بخطوات إجرائية تضمن نجاح المعرض منها رفع فكرة المعرض إلى مجلس الوزراء حتى تكون المشاركة واسعة وبحيث تتفاعل الدولة كلها مع المعرض وبالتالي نضمن نجاحه ويحقق أهدافه.
هناك عدد من المباني التابعة للهيئة تحتاج إلى ترميم وإعادة تأهيل.. ماذا قدمت الهيئة حيال ذلك؟
الحقيقة لدينا دار الكتب تحتاج إلى ترميم بسبب القدم ولدينا بيت الثقافة الذي حاولنا ترميمه في السنوات الماضية إلا أنه تعرض للرصاص الراجع الذي يطلق في المناسبات مما تسبب في إحداث فجوات في زنك السقف وعند هطول الأمطار يتسرب الماء إلى داخل المبنى ويحدث دماراً كبيراً في السقف الوهمي وفي الديكور والأثاث.. ونأمل أن نجد حلاً ولو مؤقتاً حتى يستطيع بيت الثقافة مواصلة تقديم خدماته الثقافية للمشهد، في المرة السابقة تفاعلت معنا رئاسة الجمهورية ونأمل اليوم أن يتفاعلوا كون بيت الثقافة واجهة ثقافية مهمة للوطن.
لقد أصبحت الثقافة في آخر سلم اهتمامات الحكومة.. ما الأسباب من وجهة نظرك؟
الثقافة أولوية في هذه المرحلة وربما نلمس تفاعلاً واهتماماُ أكثر من ذي قبل لكن هناك ضعف إمكانات وضعف موارد بسبب الحصار والوضع الاقتصادي القائم، لكن السياسة العامة للحكومة تولي الثقافة اهتماماً كبيراً في سياستها فهي تدرك أهميتها في هذه المرحلة التي نخوض فيها حرب وجود مع الكيان الصهيوني وقوى الشر العالمي.
في أحاديثكم السابقة تؤكدون دائما على أهمية الأمن القومي الثقافي هل لديكم مشروع في هذا الجانب؟ والى أين وصلتم؟
الحقيقة الأمن القومي الثقافي أصبح ضرورة تفرضها تطورات العصر وشيوع العولمة وذوبان الثقافة وتحول العالم إلى قرية صغيرة وقد سارعت الكثير من الدول إلى تبني استراتيجيات وأنشأت مؤسسات تعمل في هذا الاتجاه مثل روسيا والصين وغيرهما، نحن كعرب وكمسلمين نحتاج استراتيجية واضحة وفق منهج علمي وقد طرحنا مصفوفة من الأفكار وهي حتى الآن قيد الدراسة وثمة أنشطة تصب في مسار الأمن القومي الثقافي لكنها تعتبر جهوداً فردية سواء كانت للأفراد أو المؤسسات ونأمل أن تتبلور الفكرة لتصبح رؤية استراتيجية واضحة للمؤسسة الثقافية الرسمية وغير الرسمية في اليمن.
ما تقييمكم لمدى التعاون مع عدد من الجهات التي تقوم بدعم الثقافة ومن ضمنها القطاع الخاص؟
الحقيقة في ظل الوضع الحالي الظروف قاهرة للكل والكل يبحث حلول وعن مصادر تمويل ولدينا صندوق التراث والتنمية الثقافية الذي يحاول أن يشعل شمعة خاصة في السنة الماضية والقطاع الخاص وصل إلى مرحلة فقدان القدرة على التفاعل مع النشاط الثقافي رغم أن قانون الشركات يلزم القطاع الخاص بدعم النشاط الثقافي والاجتماعي إلا أن الكثير من الشركات أصبحت تعتذر عن دعم الأنشطة الثقافية بسبب ضعف الموارد لكن لا نجحد دور شركة يمن موبايل التي تساهم معنا كل عام في دعم نشاطنا الثقافي وكذلك شركة الجيل الجديد وماعدا أولئك نقول أن تفاعلهم لا يتجاوز الاعتذار.

قد يعجبك ايضا