سِدرةُ المُنتهى

صلاح محمد الشامي

 

 

إلى سيدي رسول الله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى عترته وآل بيته الطاهرين
يا كِرامَ الأنامِ قلبي خذوهُ
ولديكم يا سادتي خَبِّئوهُ
ولتضنوا بهِ على كلِ غِرِّ
ولتَدُلّوا بهِ لمن ولَّعوهُ
يا دياري، والقلبُ دارٌ لكم، دا
…رَت بأفلاكِهِ الرؤى، فادَّعوهُ
وخذوني به لكم خادِماً.. يا
لَصُواعٍ بـه تَبَدَّى أخوهُ
واجعلوني في رُكنكم أتَملَّى
وَجهَكُم، وامنَعوهُ ما تَمنعوهُ
فهوَ فيكُم مُوَلَّهٌ مُنذُ صَبَّت
فيهِ نوراً عُيونُكُم، فاحمِلوهُ
شَرِبَ التّيمَ خَندَرِيساً فهل يَبـ
ـقى على حالهِ الوَلُوعُ الوَلُوهُ
ولقد قيلَ فيهِ ما قيلَ جَهلاً
فلقد خاضَ ما السوى لم يَعوهُ
صارَ درويشَ عَصرِهِ، وطوى العِشـ
ـقَ جُنوناً مُذ أهلُهُ ودَّعُوهُ
واستوى فوقَ عَرشِهِ يتملّى
خاشِعاً ظِلَّ شَعشَعٍ فَرَّجُوهُ
كلما حَنَّ حَنَّتِ الغابُ والطَيرُ
وأفضى بهِ الغرامُ الوَجيهُ
زادَهُ النَّوءُ في الصبابةِ تَوقاً
فهو كالعُودُ إن هُمو أحرقوهُ
كلُ ذُلٍّ لَدَيهِ عِزٌّ، وقِلٍّ
وَفرَةٌ، كلُ ضِيقَةٍ فيكَ تِيهُ
سيدَ الخلقِ “مُنذُ، حتى”: تدلَّت
بكَ روحي لم يَدنُ منها الشبيهُ
شَبَّبَت، واشتكت، وباحت، وناحت
واستماحَت.. تَضِلُّ عنها الوُجوهُ
صِرتُ كَعباً لظِلِّ (كَعبٍ) وحَرفاً
نازِفاً لم يَكُنهُ مُذ وَجَّهُوهُ
جَنَّحَ الشوقُ بي إليكَ جَمُوحاً
مَن تُرى يَكبَحُ الهوى؟ مَن يَفوهُ !
أنا قلبٌ يا سيدي، أنا نَبضٌ
سَبِّحوا فيهِ سيدي لا يَتوهُ
كلما شَبَّ شَوقُهُ شابَ عُمراً
فَتِّشوا عُمرَهُ ولا تَفتِشوهُ
ثَبِّتُوهُ على مَحطَّةِ بَثٍّ
ليسَ يُخشى بها انطفاءٌ وتِيهُ
بِكَ يا نورُ، يا هُدى كلِ قلبٍ
أمَّني الحَرفُ بالنّدى.. شَنِّفوهُ
ليسَ في الأرضِ والسماءِ مَثيلٌ
لكَ يا مَن يَزِلُّهُ التشبيهُ
أنتَ للناسِ يا حبيبُ مِثالٌ
وامتثالٌ للهِ حاشا يَشوهُ
بكَ نَحيا معنى الحياةِ، ونرقى
سِدرَةَ القُربِ نَزلَةً لا تَتوهُ
سِدرَةُ المُنتهى لكلِ فؤادٍ
ذاقَ معناكَ. من تُرى يَنسِبوهُ !
لا تَرى قَدرَكَ الرُؤى، مَن تَبَنَّى
شَرحَ ذاكَ المَقامِ، مَن أوَّلوهُ
ما ادَّعى راسِخٌ بكَ العِلمَ، كَلَّت
بِكَ يا نورُ كُلُ عَينٍ تَفُوهُ
بكَ آمَنتُ فانهَمَرتُ اشتعالاً
زادَني خُضرَةً فأنَّى أشيهُ
لا تَشيخُ الحُروفُ في رَوضَةِ الحِبِّ
… ولا ينطلي بها التمويهُ
ليسَ في الحُبِّ غيرُ صِدقِ المَواجيدِ
… وهل تَجهَلُ الضياءَ الوُجوهُ
كلُ قلبٍ صَلّى عليكَ تَنَدّى
فتنادَوا: هل نِلتَ ما أمَّلوهُ
ولقد نِلتَ منذُ أمَّلتَ، فانهَلتَ
… غُيوثاً أفضى بها التنويهُ
قُم لمن قامَتِ الحياةُ بهِ في
كلِ عَصرٍ، مُنذُ الهُدى عَرَّفوهُ
وامتَطِ الوَجدَ والبسِ الذُلَّ عِزّاً
واصطحِب مَن بذِكرِهِ صَحِبوهُ
رَبِّ فاجعَل أزكى الصلاةِ على مَن
جاءنا بالهُدى ومَن تابعوهُ
وسلامٌ عليكَ يا مَن تَدلّى
إذ دنى قابَ ما الوَرى لم يَعوهُ

قد يعجبك ايضا