علي محمد العزي –
كان الديزل يباع بأربعة أسعار مختلفة لفئات أصحاب المصانع والشركات الأجنبية البترولية من جهة ومؤسسة الكهرباء والمزارعين والمستهلك العادي من جهة أخرى مما خلق حالة من الفوضى السعرية في البلد أدت إلى نشوء وازدهار عمليات التهريب الداخلي ناهيكم عن الأحداث التي مرت بها البلد خلال عام 2011 م والتي ساعدت على ظهور سوق سوداء بشعة لبيع المواد البترولية والتي تراوحت أسعار دبة الديزل من 10000 إلى 20000 ريال مما يؤكد وبلاشك أن هناك فئة مستفيدة من المتاجرة في مادة الديزل لتحقيق حلم الثراء السريع على حساب الفئات المستهدفة من عملية دعم مادة الديزل ولقد كان لقرار حكومة الوفاق الوطني النظرة الثاقبة والقرار الصائب لمعالجة هذا الوضع من خلال توحيد سعر بيع مادة الديزل مما ساعد هذا القرار على توفير مادة الديزل في السوق المحلية وقلص من عمليات التهريب بدليل الانخفاض الملحوظ لاستهلاك مادة الديزل خلال الأشهر الماضية مما أجد من المستغرب من قبل مجلس النواب الموقر بأن يطالب بخفض سعر الديزل بذريعة تضرر النشاط الزراعي والسمكي وقطاع النقل في البلد وأحب ان أوضح أنني لست ضد الدعم الحكومي للمشتقات البترولية ولا أرى بأن المشكلة تكمن في عملية الدعم بل في إدارتنا بتوجيه الدعم بشكل صائب حتى تستفيد الشرائح المستهدفة من هذا الدعم وكذا الاقتصاد اليمني حيث ان الدول عندما تقدم مواد بترولية مدعومة لمختلف القطاعات السمكية والزراعية والكهربائية والصناعية يفترض بالمقابل ان تقدم للمواطن أسعاراٍ للسلع والخدمات بسعر أقل وليس كما هو حاصل لدينا في اليمن لذا أتوجه إلى مجلس النواب الموقر بأن يقرأ مقالي بعناية ومقترحات يستوجب دراستها .
إجمالي مبيعات مادة الديزل في اليمن يبلغ نحو 3.5 مليار لتر سنوياٍ يشكل نحو 50 % من إجمالي مبيعات المشتقات البترولية والبالغة نحو 7.2 مليار لتر تذهب منها لمحطات الكهرباء ومصانع الإسمنت ومصانع القطاع الخاص والمؤسسات الخاصة وشركات الطيران والشركات البترولية الأجنبية حوالي 900 مليون لتر أي مايشكل نحو 30 % من إجمالي استهلاك الديزل سنوياٍ في الجمهورية اليمنية وهي جهات واضحة وقنوات تموينها تتم عبر شركة النفط اليمنية في حين أن نسبة السبعين في المائة الباقية والبالغة نحو 2.6 مليار لتر سنوياٍ من الديزل تباع عبر محطات القطاع الخاص ومحطات الشركة المنتشرة في مختلف محافظات الجمهورية والتي يتمون منها الصيادون والمزارعون والمواطنون وسائقو المركبات والقاطرات وأصحاب الأفران وغيرهم من فئات اجتماعية ومهنية وبالسعر الرسمي المقر من قبل الحكومة بواقع 100 ريال للتر من الديزل وفي حال إصرار مجلس النواب على عودة أسعار مادة الديزل إلى الوضع السابق بنحو 50 ريالاٍ للتر فخزانة الدولة لا محالة ستخسر نحو مليار وثلاثمائة مليون ريال وأتمنى من مجلسنا الموقر بأن يفكر بوضع آلية يبتغي من خلالها إيصال دعم الديزل للفئات المستهدفة من الدعم كالمنتجين الزراعيين والصيادين وسائقي الأجرة والمركبات والمخابز والأفران عن طريق ابتداع نظام الكوبونات الشهرية والبيع بسعر 50 ريالاٍ للتر الواحد من الديزل وفي حالة تحقق ذلك يتوجب خفض الأسعار للمنتجات والسلع والخدمات المستفيدة من هذا الديزل المدعوم .
ومن الجدير الإشارة إلى أن الديزل يستخدم كذلك في محطات الكهرباء ومصانع الإسمنت ومصانع القطاع الخاص والتي أشرنا إليها سابقاٍ حيث يستهلك قطاعا الطاقة والصناعة في البلد إلى جانب مادة الديزل مادة المازوت والتي وصل استهلاكها السنوي لنحو 1.3 مليار لتر ويمثل الاستهلاك السنوي لمادتي الديزل والمازوت في هذا القطاع نحو 30 % من إجمالي الاستهلاك العام للمشتقات البترولية في اليمن وهذا يتطلب ضرورة إيجاد الحل كذلك لتقليص استهلاك هذه المواد من خلال الاعتماد على استخدام الغاز لتوليد الطاقة الكهربائية وهذا المقترح تطرق إليه الأخ / المهندس بسام البرق عبر مقابلة معه عبر صفحة تحقيقات بصحيفة “الثورة” والذي أوضح فيها أن رؤيته في الحل تتمثل بشقين قصيري المدى ( إسعافي ) وبعيد المدى ( استراتيجي ) فعلى مستوى قصير المدى تستطيع الدولة أن توفر طاقة عاجلة بنحو 900 ميجاوات خلال مدة لا تزيد عن سبعة أشهر وذلك عن طريق التعاقد مع شركات عالمية بطريقة الاستئجار لمدة 3-5 سنوات لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الغاز المسال المنقول بالسفن من مشروع بلحاف وذلك في عدن والحديدة والمخا والمكلا وستكون تكلفة التأجير مع تكلفة الغاز المسال وتكلفة نقله أقل بـ70 % من تكلفة التوليد الحالية لمحطات الكهرباء باستخدام الديزل والمازوت والتي تصل تكلفة إنتاج الكيلووات الواحد نحو 30 سنتاٍ وتبيعه مؤسسة الكهرباء بنحو 8 سنتات في حين تكلفة الطاقة المتولدة من هذه المحطات المستأجرة ستصل لنحو 9 سنتات للكيلووات وستستفيد الحكومة من نحو 600 مليون دولار سنوياٍ كانت تذهب لصالح دعم مادتي الديزل والمازوت وهذا المبلغ الموفر سيذهب لتمويل الشق الثاني (الإستراتيجي) لبناء محطات جديدة وتوسيع شبكة النقل في عدن والمخا والحديدة والمكلا وخلال خمس سنوات يتم الاستغناء عن المحطات المستأجرة .
في الأخير أحب أن يصل مقالي هذا إلى مسامع مجلسنا الموقر إن أردنا إيجاد الحلول المبنية على العلم و المعرفة وليس العواطف .
Alezzi_ali@yahoo.com