أخطاء علمية وأخرى فنية وتربوية.. والطلبة يتجرعون المرارة


طلاب ومدرسون يشكون أخطاء المنهج.. والوزارة تعد بتلافي القصور

12 ألف تصويب تم استيعابها والعام القادم سيكون المنهج بلا أخطاء

حقيقة تربوية مؤداها أن العملية التعليمية التربوية بجميع أطرافها تتأثر بمستوى المنهج الذي تعتمد عليه والمنهج الدراسي المتكامل والمدروس هو الأسهل وصولا للتلاميذ وكلما بعد المنهج عن الأخطاء والتعقيد والصعوبة كلما كان منهجا مثاليا سهل الاستيعاب.
كثيرة هي الشكاوى التي يطلقها الطلاب والمدرسون وأولياء أمور التلاميذ بخصوص الأخطاء التي تزخر بها المناهج المدرسية ابتداء من مناهج الصفوف الأولى وحتى الثانوية العامة.. حيث تتنوع تلك الأخطاء فمنها الأخطاء العلمية بمعنى تلك الأخطاء التي تدخل في صميم المادة العلمية أيا كانت ومنها الأخطاء اللغوية والطباعية إضافة إلى الأخطاء الفنية.
من خلال التحقيق التالي حاولنا تسليط الضوء على قضية أخطاء المناهج المدرسية ومناقشتها من جميع جوانبها للخروج برؤية تضمن المعالجات وتقديم المنهج خالياٍ من الأخطاء والتعقيد.

حقيقة لا اختلاف حولها هي أن الكتاب المدرسي يعد ركيزة مهمة من ركائز العملية التعليمية والتربوية ولذلك توليه كافة حكومات العالم اهتماماٍ خاصاٍ سعيا منها ليكون خاليا من أي أخطاء أو صعوبات وليكون متناسبا مع مستوى الطلاب مراعيا للفروق الفردية بينهم مما يسهل العملية التعليمية على التلاميذ ويرغبهم بها
إرباك للمدرس والطالب
عند إسقاط تلك المعايير على المنهج المدرسي الذي يدرس في مدارسنا سنجد الكثير من جوانب القصور التي صاحبت إعداد المنهج ومراجعته يقول عبد الواسع الهيم طالب ثانوية في مدرسة المجد: “على مدى السنوات الماضية ونحن نجد الأخطاء في المعلومات التي يقدمها المنهج وذلك يمثل إرباكاٍ لنا وللمدرسين حيث يقوم المدرسون بتوضيح هذه الأخطاء لنا مما يجعلنا نفقد الثقة بالمنهج ونحاول العودة إلى المدرسين في كل صغيرة وكبيرة للتأكد من صحتها وهذا يشكل عبئا إضافيا علينا نحن الطلاب وعلى المدرسين”.
وللتعقيد حيز
لم يقف الأمر عند وجود أخطاء علمية بل هناك أيضا مسألة التعقيد بمعنى عدم تقديم المعلومة بعبارة أسهل يتمكن الطلاب على اختلاف قدراتهم الذهنية من فهمها واستيعابها يضيف الطالب عبد الواسع: “هناك تعقيد في تقديم المعلومة حيث يجد الطالب المتفوق صعوبة في فهمها مما يتطلب من المدرس والطالب بذل جهد مضاعف هذا بالنسبة للطالب المتفوق أما الطالب الضعيف ففي كثير من الأحيان يصيبه ذلك بالإحباط”.
يشير كثير من التربويين إلى أن المنهج متى ما اكتنفته الأخطاء فإنه يمثل خللا في العملية التعليمية يلقي بظلاله على جميع أطرافها حيث يشكل عبئا على المدرس وعائقا أمام اداء دوره وبدلا من أن يكون الكتاب المدرسي وسيلة رئيسية في عملية التعليم يتحول إلى عامل معيق لها يقول عصام مقبل مدرس لغة عربية في مدرسة التعاون: “في هذه الحالة يواجه المعلم صعوبة أولا في كيفية إقناع الطلاب بأن الكتاب المدرسي على خطأ وأن هذه المعلومة التي يقدمها لهم غير صحيحة وأيضا المدرس في هذه الحالة مطالب بالعودة إلى المراجع للحصول على المعلومة الصحيحة وبالتالي البحث عن الطريقة التي يقدمها بها للطلاب بصورة سهلة ومقنعة بحيث يتقبلونها ويستوعبونها وبين كل فترة وأخرى عليه أن يراجعها للطلاب وينبههم إليها خصوصا مع كثرة عدد الطلاب في مدارسنا وبهذا يكون على المدرس أن يبذل جهدا كبيرا”.
الطالب هو الآخر كطرف من أطراف العملية التعليمية لا يملك إلا أن يصطدم بتلك الأخطاء التي تترك أثرا سلبيا عليه يضيف عصام: “الطالب أيضا يصاب بإحباط لأن المنهج يقدم له معلومة والمدرس يقدم له غيرها فيصبح محتارا بين أن يثق بما يقدمه له المعلم أو بما يقدمه له الكتاب فتجده ما بين فترة وأخرى مضطراٍ للرجوع إلى المعلم للتأكد من صحة أي معلومة تواجهه مما يعني أن هناك إرباكاٍ له من جراء تلك الأخطاء”.
ما دام المنهج المدرسي يعاني من أخطاء مختلفة فإنه بأي حال من الأحوال لا يمكن أن يحقق النتيجة المرجوة في العملية التعليمية وهذا ما تعاني منه مناهجنا يوضح الأستاذ عصام مقبل: ” هناك أخطاء في المادة العلمية وهذه تعد الأخطر إذ أنه إذا كان المنهج يقدم معلومة مغلوطة فكيف يمكن أن نحمل المدرس المسئولية سيما وأن من المدرسين من يعتبر المنهج لا يخطئ وبالتالي يقدم المعلومة للطلاب كما هي في الكتاب المدرسي أيضا هناك أخطاء لغوية وإملائية من المعيب أن ترد فليس كل المدرسين متخصصين في اللغة وبالتالي فمن النادر أن يصححها المعلمون ولا سيما في المواد العلمية وهذا مما يؤثر على قدرات الطلاب في اللغة العربية حيث يتلقون الأخطاء اللغوية كما هي ومن هنا تكون هناك صعوبة كبيرة في إقناعهم بأنها أخطاء وهذا مما يضاعف العبء على معلمي اللغة العربية وخاصة في الإملاء والكتابة”.
مع الأخطاء يبقى دور المعلم قاصراٍ
لا يمكن للمعلم القيام بدوره على أكمل وجه ما لم يتوفر المنهج الذي يعينه على ذلك يقول عبد الحميد شعلان مدرس علوم بمدرسة التعاون: “المدرس مهما بذل من جهد يبقى دوره قاصرا إذا لم يتوفر المنهج الذي يساعد على إيصال المعلومة الصحيحة إلى الطالب بأسهل الطرق وأبسطها بمعنى أن المنهج يجب أن يكون خاليا من الأخطاء واضحا في محتواه بعيد عن الغموض والتعقيد وهذا ما لا نجده في مناهجنا وكلما أملنا أن تتنبه الوزارة لذلك وتعمل على معالجته نجد الأخطاء تتكرر من سنة لأخرى” وفي المحصلة فإن محور العملية التعليمية وطرفها الأول (الطالب) هو من يقع عليه ضرر أخطاء المنهج وتعقيداته يبين شعلان: ” كلما وجدت الأخطاء في الكتاب المدرسي شكِل ذلك إعاقة أمام المدرس في أداء دوره وأمام الطالب أيضا في الفهم والاستيعاب ويجب على الوزارة وخصوصا إدارة المناهج أن تجد حلا لهذه المشكلة وإيجاد المعالجات لها وتنفيذها بأسرع وقت فالمتضرر في الدرجة الأساس هو الطالب وفي الدرجة الثانية المدرس والعملية التعليمية بشكل عام فالجميع يعاني من ذلك غير أن الضرر الأكبر يكون على الطالب الذي من حقه أن يجد كتابا خاليا من الأخطاء يقدم له المادة بطريقة سهلة وواضحة بعيدة عن الغموض والتعقيد”.
جهود حثيثة
وزارة التربية والتعليم هي الجهة التي يلقي جميع أطراف العملية التعليمية الكرة في ملعبها مؤملين قيامها بدورها المنوط بها في ما يخص هذا الأمر بحيث تتم مراجعة المناهج المدرسية وتصويب الأخطاء التي تعج بها بالإضافة إلى إعادة النظر في مسألة التعقيد والغموض الذي يشكو منه المدرسون والطلاب وأولياء الأمور أيضا.. فكان لا بد من التوجه إليها حيث التقينا بعدد من القيادات وطرحنا الأمر عليهم أملا في أن نجد لديهم ما يوضح الرؤية ويجيب على تساؤلاتنا..
لم تكن الوزارة بمنأى عن مشكلة أخطاء المنهج المدرسي حيث ثمة جهود متواصلة لتلافي تلك الأخطاء ذلك ما أوضحه لنا الأستاذ فؤاد سالم باربود نائب مدير عام التوجيه التربوي بوزارة التربية والتعليم حيث قال: نحن على اطلاع ومتابعة لهذه المسألة فهناك لجان معتكفة لتطوير المناهج ومراجعتها وتنقيحها وإدخال التصويبات التي تم رصدها في الميدان ورفعت إلى اللجان في السنوات الماضية ونحن في إدارة التوجيه على تواصل مع الإخوة في إدارة المناهج لإدخال تلك التصويبات سواء كانت أخطاء طباعية أو أخطاء علمية حيث قام فريق التوجيه المحلي والمركزي برصد جميع الأخطاء الموجودة في المناهج على مستوى الساحة التربوية بشكل عام ومن ثم رفعها للإخوة في الإدارة العامة للمناهج وهم الآن عبر اللجان – كما أسلفت لك- عاكفون على تصويبها وتنقيحها ومراجعتها.
كان عندنا مشكلة بالنسبة لكتاب اللغة الإنجليزية- والكلام لازال لباربود- وهي أن النسخة الأصل (السوفت كوبي) ما زالت لدى الشركة التي قامت بإعداد المنهج وبالتالي لم يتمكنوا في الوحدة الفنية بمطابع الكتاب المدرسي من إدخال التصويبات لكن الآن بواسطة برنامج معين سيتمكنون من إدخال التعديلات دون الحاجة إلى النسخة الأصل.
ويضيف باربود: الكتاب المدرسي هم مؤرق للوزارة وللمعلم والطالب وولي الأمر وما نأمله ونسعى من أجله هو أن يتمكن الطالب من الحصول على الكتاب المدرسي بصورة مثالية وفي موعده المحدد وقبل بدء العام الدراسي وهذا ما نتمناه من جميع القائمين على الوزارة ابتداء بوزير التربية والتعليم وهي مسؤولية جماعية علينا جميعا في الوزارة ونتمنى أن نصل إلى حل نهائي لها.
طموحات لمنهج مثالي
في الإدارة العامة للمناهج ثمة جهد يبذل من أجل تجاوز هذه المشكلة هذا ما لمسته من خلال حديثي مع مدير عام المناهج الدكتور عبدالله سلطان والذي كان أول ما رد به على سؤالي هو قوله:” أين التقرير بالأخطاء الذي حصلت عليه من الميدان¿ هاته نستفيد منه” فالعمل مستمر كما أوضح سلطان: ” لقد رفعنا شعار “كتب خالية من الأخطاء العلمية والتربوية والفنية” ونعمل الآن على ألا يأتي العام الدراسي القادم 2014/2015 إلا وتكون الكتب خالية تماماٍ من الأخطاء في ضوء تقارير الميدان وملاحظات الموجهين والمعلمين وأولياء الأمور التي تصلنا وقد عقدنا عددا من الورش وحصرنا ما يقارب 12 ألف تصويب على مستوى الكلمة والفقرة في ما يخص الجانب العلمي والتربوي المتفق عليه وقد اتبعنا هذا العام آلية جديدة في العمل تمثلت في البدء بجمع التقارير التي تصلنا من الميدان ومن ثم جمعنا أفضل المختصين وأفضل الموجهين وأفضل المعلمين لمراجعتها على شكل ورشة ثم أخذنا النتائج التي خرجنا بها من هذه الورشة وعرضت على أكاديميين وتربويين من الجامعات ومن مركز البحوث والتطوير التربوي ثم بعد ذلك تم إدخال تلك التصويبات في الكتب وبعد إدخالها استعنا بموجهين ومعلمين ومتخصصين للمراجعة والتأكد إلكترونياٍ من أنها أدخلت بصورة صحيحة ثم تمت مراجعتها ورقياٍ وبهذا ضمنا أن جميع التصويبات قد أدخلت وستطبع الكتب للعام القادم إن شاء الله وهي خالية من الأخطاء تماماٍ سيما وأن هذه المسألة تأخذ وقتا من سنة إلى سنتين.
وأضاف سلطان: وعبركم أنادي كل من لديه ملاحظة أو فكرة أو تصويب إلى التواصل معنا عبر موقعنا على الإنترنت وعبر مكاتبنا وتلفوناتنا وسوف نأخذ تلك الملاحظات بعين الاعتبار من خلال التأكد من صوابيتها بعرضها على فريق العمل وسنقدم له كل الشكر والعرفان على تعاونه معنا خاصة وأن قضية التعليم تهم المجتمع ككل.
وبخصوص عملية تطوير المناهج أوضح الدكتور سلطان أن المناهج فعلا بحاجة إلى عملية تطوير مستمرة واستفادة من كل مستجدات في العلوم الأكاديمية والتربوية فبعض الكتب وضعت قبل 20 إلى 15 عاماٍ وبالتالي فهناك مستجدات وحاجة إلى تطوير هذه الكتب وهذا ما يتم العمل عليه.
قضية ستظل تؤرق جميع أطراف العملية التعليمية ابتداء بالوزارة وانتهاء بالطالب لكننا ومن خلال ما لمسناه من الجهود المبذولة في الوزارة لن نخفي أملنا في أن لا يأتي العام الدراسي الجديد إلا وقد تم التغلب عليها وحصل الطالب على الكتاب المدرسي بصورة مثالية وخاليا من الأخطاء والتعقيد.

قد يعجبك ايضا