بأي منطق تبقى جرائم العدوان المستمر موضوعاً للتفاوض؟!

عبد العزيز البغدادي

 

إلى متى تستمر دول العدوان وأدواتها وشركاؤها وحلفاؤها المحليون والدوليون في استخدام الجرائم الموصوفة وغير الموصوفة ويستمر حصار وطن بأكمله كأوراق بيد ما يسمى الشرعية في مسمى الحوار أو التفاوض بين قوى موجودة على الأرض وأخرى محتجزة في فنادق منفذ العدوان يستخدمها استخداما مهيناً ، إلى متى تستمر هذه المهزلة الكبرى التي تسببت بأكبر كارثة إنسانية عرفها العالم بحجة أن هناك انقلابا اقتضت شهامة ونخوة النظام السعودي الإماراتي القضاء عليه ، والمعلوم وفق كل القوانين والأديان والقيم والمبادئ أن لكل شعب الحق في صنع نظامه وفي تغييره وفق مصلحته وتحقيق أهدافه سواءً عن طريق الشرعية الدستورية: الانتخابات النزيهة أو من خلال الشرعية الثورية : – ثورة -انقلاب -أو حركة تصحيح ، وكلها شأن وطني داخلي لا يحق لأحد التدخل فيها بما في ذلك الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية والإقليمية ، هذا مبدأ يؤكده القانون الدولي الذي يعد ميثاق الأمم المتحدة مرتكزه وأساسه ، وما وجدت هيئات الأمم المتحدة إلا لتطبيقه ، ومجلس الأمن هيئة أنشئت لحفظ الأمن والاستقرار وتحقيق السلام ، ما يعني أن قراراته في القضية اليمنية التي فسرت على أنها شرعنت للعدوان تعتبر قرارات منعدمة إذا تضمنت أي انتقاص من سيادة اليمن ، وهذا بالتأكيد لا يعني التأييد المطلق لموقف سياسي معين ضد آخر ولكني أتحدث هنا عن مبادئ مستمدة من ديباجة ( ميثاق الأمم المتحدة ) المتضمنة عدم جواز تدخل أي دولة في شؤون دولة أخرى ، صحيح أن المعايير المزدوجة والنفاق السياسي ولغة المصالح المتوحشة كانت وما زالت المعادلة الحاكمة والمتحكمة في النظام الدولي واقعياً تنفذها من يطلق على نفسه تعسفاً ( المجتمع الدولي ) ويضم (أمريكا وبريطانيا وفرنسا ) ومن لف لفها ، لكن السعي لتحقيق المبادئ الدولية يبقى حقا لكل من يحلم بتغيير المعادلة الظالمة.
إن سيادة الدول وحريتها واستقلالها أهم مرتكزات العلاقات بين الدول ، وعماد أي دولة هو شعبها وهو مالك بقية أركانها : الإقليم ، السلطة ، والسلطة هي الركن القابل للتغيير وفقاً لإرادة الشعب ، وأي سعي محلي أو إقليمي أو دولي لقلب المعادلة بما يجعل إرادة السلطة فوق إرادة الشعب ليس فقط عملا غير مشروع بل جريمة كبرى المجرم فيها السلطة ومن يستخدمها أو يدعمها ، وطبقاً لهذا فإن ما حصل ويحصل على اليمن منذ 26/ 3/ 2015 جريمة عدوان تضم جرائم دولية متنوعة يتحمل مسؤوليتها كل من شارك فيها ومولها ما يسمى بالتحالف العربي ومن عقد معهم صفقات الأسلحة المستخدمة في العدوان واستعمل نفوذه لتوفير الغطاء الدولي المضلل بإصدار قرارات عن ما يسمى مجلس الأمن وجامعة الدول العربية، ومن سخريات القدر أن من يديرون العدوان وينفذونه يصرحون بين فترة وأخرى بأن اليمن يعيش أسوأ كارثة إنسانية في التأريخ, فهل يوجد أكثر بجاحة من هذا التضليل ؟!، ومن شر البلية أن الممولين الأعراب منذ اللحظات الأولى لبدء الغارات التي نتج عنها مئات الآلاف من الشهداء وكلفتهم مئات المليارات من الدولارات يرددون إعلامياً ما يملي عليهم أسيادهم البريطانيون والأمريكان والصهاينة بأن ما يقومون به مهم لإعادة الشرعية المبجلة ، ولتعزيز أمنهم والأمن القومي العربي ، مع تركيزهم عملياً على احتلال موانئ اليمن ومواقعه ذات الأهمية الاستراتيجية باب المندب وغيره وتغيير الواقع على الأرض وبناء قواعد عسكرية في سقطرى أهم وأكبر جزيرة في الوطن العربي المطلة على المحيط الهندي وبحر العرب ومضيق باب المندب وأكثرها تنوعاً ، وجزيرة ميون أهم جزيرة استراتيجية على مضيق باب المندب و في المهرة وحضرموت و سواحل اليمن الممتدة على طول حوالي ألفي كيلومتر والهدف سلب موقع اليمن الاستراتيجي ومناطق الثروة ليبقى أمنه مستلباً وسيادته مهددة مع استمرار تغذية النزعات المناطقية والمذهبية والحزبية لتكون وقوداً لتأجيج الصراعات اليمنية البينية التي أفقدت اليمنيين الوئام الاجتماعي والاستقرار الضروريين للتنمية ، وكل هذا بتمويل سعودي إماراتي والنتيجة ضرب الأمن القومي العربي في مقتل وانعدام أمن الجوار وفي المقدمة الدول الممولة ، ومن الغريب أن دولا مهمة كمصر والسودان تدعم العدوان وكأن أنظمتها تجهل أن الأمن القومي العربي لم يسبق أن أصيب بمثل ما أصيب به من خلال محاولة شرعنة العدوان على اليمن !! ، وتعتقد الدول الاستعمارية أنها تستفيد من استمرار هذا الوضع في تثبيت بقائها لأن تعاظم المأساة يلهي اليمنيين بالمعاناة ، وتستمر ما يسمى المفاوضات في استخدام القضايا الإنسانية التي لم يسبق أن كانت موضع تفاوض في أي قضية في العالم ويتملص من يدير الحوار المهزلة عن مناقشة القضية السياسية والأمنية المتعلقة بالحل الشامل لقضية اليمن التي صنعها العدوان بكل هذا الخبث والمكر السيئ ، مع أن الحل بسيط وبيد اليمنيين لو استعادوا قسطاً من حكمتهم وبصيرتهم ولم يسمحوا لأي طرف بالتدخل في شؤونهم ليثبتوا أنهم شعب يستحق هذا الوطن الجميل وجدير بالحياة الحرة الكريمة وما ذلك على الله وعلى أحرار اليمن ببعيد !.
(اَلْمَالُ لَا يَشْرِيْ سِوَى جِيَفِ الزِّبَالَةِ وَالْقُشُوْرِ * اَلْمَالُ لَا يَشْرِيْ سِوَى الْمُتَعَفِّنِيْنَ مِنَ الْجُذُوْرِ)
فقيد الوطن: يوسف محمد الشحاري

قد يعجبك ايضا