حروب أمريكا وأدواتها البغيضة

 

عبدالرحمن الأهنومي – رئيس التحرير
لم يكن مصادفةً أن يتعمَّد مرتزقة العدوان وعملاؤه المنحطون في عدن اتخاذ قرار يفضي إلى حدوث مجاعات حقيقية في اليمن إمعاناً في إفقار المواطنين وفي زيادة ثرائهم على حساب أقوات اليمنيين ومآكلهم ومعائشهم ، بعدما فشل تحالف العدوان بقيادة أمريكا في تحقيق الهدف نفسه من خلال ما سبق من فصول الحرب الاقتصادية ، بادئا بمحاصرة اليمن براً وبحراً وجواً ، ثم قرصنة عمليات البنك المركزي ونقل النظام الآلي إلى عدن وما صاحب ذلك من سيطرة على الاحتياطات النقدية في حسابات البنك بالخارج تقدر بأكثر من 10 مليارات دولار سهلت أمريكا لمرتزقتها وأدواتها نهبها ، علاوة على النهب المستمر لموارد الدولة النفطية والغازية والجمارك والضرائب وغيرها ، وليس انتهاء بطباعة الكتل النقدية الضخمة من العملة اليمنية بشكل يعد سابقة في تاريخ العملات المطبوعة ، وصولا إلى القرار الأخير برفع سعر الدولار الجمركي على الواردات ، بل كانت كل تلك الخطوات والإجراءات ممنهجة ومخططاً لها ضمن سياق الحرب الاقتصادية التي تشرف عليها أمريكا مباشرة وينفذها العملاء والأدوات الحقيرة.
الحرب العدوانية التي شُنَّت على الشعب اليمني منذ مارس 2015 م ، لم تكن لأجل سواد عيون المرتزقة والعملاء المقيمين في فنادق العواصم الخليجية وبعض الفنادق العربية والتركية ، ولم تكن كذلك لأجل شرعية يدعيها الوضيع هادي لنفسه، ولا لحماية أطراف سياسية حزبية تتوهم أن السعوديين أو الإماراتيين أو الأمريكيين جاءوا لأجلها ، وهي كذلك ليست لتحقيق مصالح سعودية أو إماراتية، ولا لحماية أمن قومي عربي في مواجهة اجتياح فارسي ، ولم تكن حربا فيها مصلحة لليمنيين، ولا لأي يمني كان في الشمال أو في الجنوب أو في الوسط أو في سقطرى أو في غيرها.. كل العناوين والذرائع التي رُفعت وأُشهرت منذ البداية وحتى اليوم كانت أكاذيب محضةً وتضليلاً وقلباً للحقائق.. روجته منظومة الإرهاب والعدوان وتآمرت معها الأمم المتحدة والمنظمات والمجتمع الدولي ومؤسسات صناعة الرأي العام والوكالات والصحف وغيرها.
هل كانت مصلحة الشعب اليمني في قتل مائة ألف شخص بأفتك الصواريخ والقنابل الأمريكية والأوروبية والصينية وغيرها ، ثم ما هي المصلحة التي ستتحقق بتدمير اليمن وتقتيل اليمنيين بتلك البشاعة التي شهدناها خلال أعوام الحرب ، وما هي المصلحة التي ستتحقق لأي يمني كان في أي مكان من العالم من وراء محاصرة اليمن جواً وبراً وبحراً ومن وراء تجويع الأطفال والنساء والرجال والكبار والصغار وإماتة مئات الآلاف بالجوع والأمراض والأوبئة ، وما هي المصلحة التي ستُبتغى في معاناة اليمنيين شمالاً وجنوباً وانقطاع مرتباتهم ورفع أسعار أقواتهم ومآكلهم ومشاربهم ، وفي ضرب عُملتهم الوطنية..؟ هذه الأسئلة يجب أن تُطرح اليوم بعد ما انكشفت الأهداف وتعرت الشعارات والعناوين.
أليست أمريكا هي المستفيدة أولاً من وراء مبيعات السلاح لمملكة العدوان السعودية وللنظام الإماراتي المارق، ما أُعلن منها يزيد عن عشرة تريليونات دولار، وما لم يُعلن أعظم وأكثر ، أليست فرنسا وبريطانيا وأوروبا وشركات السلاح التي مُوِّلت من المذابح والمجازر في اليمن مليارات الدولارات؟
ثم ما هي المصلحة التي حققتها مملكة العدوان السعودية من وراء الخسائر والأثمان الباهظة التي تحملتها في هذه الحرب ، وهل حرصها على بقاء شرعية الوضيع هادي يصل بها إلى تحمل هذه الخسائر! والسؤال نفسه بحال الإمارات المارقة.
مَنْ مِنَ اليمنيين له مصلحة في محاصرة اليمن براً وبحراً وجواً ، ومَنْ مِنَ اليمنيين له مصلحة في طباعة 5 تريليونات ريال من العملة اليمنية ستوصل الريال إلى الحضيض وتجعله بلا قيمة ، ومن كان له مصلحة في قرصنة البنك المركزي ونقل عملياته إلى عدن.. هل حصل الموظفون على مرتباتهم ، وهل استقرت الأوضاع المعيشية للمواطنين في عدن وفي حضرموت وفي مختلف المناطق والمحافظات المحتلة.. بالعكس يعاني المواطنون هناك بشكل أشد من معاناة المواطنين في المحافظات الحرة.
حين فشلت أمريكا في تحقيق أهدافها من خلال الحرب العسكرية وتحشيد الجيوش من كل الأصقاع للقتال في اليمن ،..

سعت إلى تحقيقها عبر حرب التجويع البغيضة التي تنافي الأخلاق والقيم وتكشف عن بشاعتها وهمجيتها وبداوتها ، وأمعنت في تدمير الاقتصاد وفي فرض الحصار وفي طباعة العملات وفي نهب الموارد عبر أدواتها الذين تستخدمهم في حرب الإبادة على الشعب اليمني.
قُتل أكثر من 50 ألف مواطن يمني بالقنابل والصواريخ الأمريكية والبريطانية ، مات أكثر من 300 ألف مواطن يمني بالمرض والوباء وبالجوع بسبب الحصار الشامل المفروض على اليمن براً وبحراً وجواً ، ملايين المواطنين اليمنيين بالكاد يحصلون على قوتهم اليومي ، الموظفون فقدوا مرتباتهم ، العمال فقدوا أعمالهم ، المواليد يموتون بالآلاف بسبب الأمراض التي تفشت جراء القنابل والصواريخ والمعاناة المعيشية ، الصغار لا يذهبون في أغلب صباحاتهم إلى المدارس ، اليمن دُمِّرَت من أقصاها إلى أقصاها ، لا ملاعب رياضية ولا مراكز ثقافية ولا أندية ولا منتزهات ، وتدمير كل شيء بما في ذلك البيئة البحرية هل كان في ذلك مصلحة ليمني واحد مثلاً ، وقالت أمريكا إن ما تفعله وما فعلته في اليمن هدفه إعادة الأمل للمدنيين ، وتحرير اليمنيين ودرء الأخطار عنهم ، وأن ما ارتكبته من جرائم بشعة وما تمارسه من حصار وتجويع وما تفعله من طبع للعملات ومن قرصنة للسفن ومن رفع لأسعار الجمركة ، هدفه كذلك تحسين الوضع المعيشي!
حرّكت أمريكا داعش والقاعدة وادّعت أنها تواجهها في الوقت نفسه ، سياسة النفاق وقلب الحقائق التي تمارسها أمريكا حيال رفع سعر الجمركة وتروجها أبواق العدوان ومرتزقته هي نفسها التي تمارسها أمريكا في مسائل داعش والقاعدة وفي مسائل الحرب العدوانية نفسها ، حيث تردد أمريكا عناوين برّاقة وتلوّح بها عبر الإعلام ، في الوقت الذي تمارس فيه أبشع الجرائم والقتل والمذابح الهمجية ، وتقوم بمحاصرة الشعب اليمني عبر إغلاق الموانئ والمطارات وتمارس حرب التجويع بكل بجاحة وبمجاهرة لا سابق لها.
الأهداف الأمريكية التي تسعى لتحقيقها من وراء رفع سعر الجمركة نعرفها جيداً، فكما حاولت من طباعة العملات ومن قرصنة السفن وإغلاق موانئ الحديدة ومطار صنعاء ومن ومن ومن، لتجويع الشعب اليمني بهدف إخضاعه وكسره، تعمل اليوم تحت عناوين وقحة ومكشوفة على تحقيق المزيد من المعاناة، من أجل فرض سياساتها علينا كشعب يمني وإخضاعنا وكسرنا واستسلامنا.
هذا التصعيد في مفاعيل الحرب الاقتصادية وحرب التجويع لن يغير في ميزان القوى على الأرض، ولن يثني الشعب اليمني عن مواجهة هذه المؤامرات وكسر هذا العدوان وفي الدفاع عن حقه وأرضه وسيادته، ولن يؤثر على انتصارات أبطالنا في الجبهات ، والموقف الرافض لهذا القرار الذي اتخذه رجال الأعمال والتجار وعامة الشعب ومن الاتحادات العمالية والنقابية والمنظمات في صنعاء وفي عدن وفي مختلف اليمن، يُبنى عليه في كسر هذا العدوان وإسقاط مؤامراته.. أما المرتزقة والعملاء ومن يتجندون في صفوف أعداء هذا الشعب لن يحققوا إلا خيبات وانتكاسات وذلاً أبدياً.. لأنهم يسيرون في طريق الوهم والخيانة .. فهم غير مقبولين من الشعب اليمني ، لأنهم مجرد أدوات حقيرة ومنحطة لا يعير تحالف العدوان لهم وزناً، بل يستخدمهم كبيادق لتمرير مخططاته وأجنداته ثم يرمي بهم كأحذية مهترئة.
سينتصر الشعب اليمني، وسيُهزم الجمع ويولُّون الدُّبُر، وسيندم المرتزقة والعملاء والخونة.. ولات ساعة مندم.

قد يعجبك ايضا