لا خَطَرَ عَلَى المِلاحَةِ الدُوليّةِ مِن اليَمَنِ.. وأمرِيكَا تَسعَى إلى تَشكِيل تَحَالُفٍ لحِمَايَة «إسرَائِيل»

افتتاحية الثورة

 

لم تعلن اليمن إغلاق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ولم تهدد حركة الشحن الملاحية الدولية، ولا وجود لأي مخاطر عليها في البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي، قرار اليمن واضح ومهدف في التنفيذ، يتركز على فرض حصار انتقائي محدد على العدو الصهيوني، بمنع سفنه من العبور في البحر الأحمر وباب المندب واستهدافها حتى يوقف عدوانه على غزة، ومنع مرور كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الصهيونية ومن أي جنسية كانت حتى يرفع العدو الصهيوني حصاره عن غزة.
قرار اليمن في البحر الأحمر ينطلق من المسؤولية الأخلاقية والدينية والوطنية والعربية، وهو قرار حكيم ومدروس ولا يمثل خرقا للقوانين الدولية، بقدر ما ينتصر للحق الفلسطيني، وقد ذهبت القوات المسلحة اليمنية إلى إغلاق البحر الأحمر وباب المندب أمام السفن الإسرائيلية ووضعتها في دائرة الاستهداف المشروع نصرة لغزة التي تتعرض لحرب إبادة همجية وغير مسبوقة حتى يتوقف العدوان الصهيوني على غزة، وذهبت إلى منع كافة السفن المتجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني من المرور في البحر الأحمر وباب المندب حتى يسمح العدو الصهيوني بدخول الغذاء والدواء الذي تحتاجه غزة المحاصرة التي تعاني الجوع والحصار، حيث هناك أكثر من 500 ألف فلسطيني يتضورون جوعا وعطشا بسبب الحصار الإسرائيلي.
وقد أكدت القوات المسلحة مرارا أن عمليات البحرية اليمنية لا تستهدف إلا السفن الإسرائيلية فقط، وأنها تمنع مرور السفن المتجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني فقط، ولا خطر على السفن المتجهة إلى موانئ أخرى، وأكدت وكررت مرارا تأكيداتها أن الملاحة البحرية وحركة الشحن الدولية آمنة ولا خطر عليها، وكل ما قامت به القوات البحرية اليمنية من عمليات استهدفت وبدقة السفن الإسرائيلية، والسفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني.
وفي المقابل.. لا تقوم القوات البحرية اليمنية في تنفيذها لقرار منع مرور السفن المتجهة إلى الكيان بالاستهداف العسكري إلا بعد توجيه النداءات التحذيرية من خلال الاتصال المباشر بطواقم تلك السفن، ثم تقوم بتوجيه رسائل عسكرية بعمليات تحذيرية لا تستهدف السفن مباشرة، وحين ترفض السفن الاستجابة لكل ذلك وتصر على التوجه إلى الكيان الصهيوني يتم استهدافها بشكل مباشر وبقدر كبير من التناسب الذي يؤدي إلى إرغام السفن على العودة إلى خارج البحر الأحمر وباب المندب، ولا تقوم بإغراقها، وحتى اليوم لم تنفذ القوات البحرية اليمنية أي عمليات استهدفت سفنا غير إسرائيلية، أو لا تتجه إلى الكيان الصهيوني.
قبل ذلك، أعلنت القوات المسلحة في بيانات متلفزة إلى العالم، أنها ذاهبة إلى استهداف السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي وفي باب المندب، حتى يتوقف العدو الصهيوني عن جرائمه ومذابحه ضد الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة، وأعلنت لكافة شركات الشحن بل وللعالم أنها ستمنع مرور سفنها المتجهة إلى الكيان الصهيوني حتى يرفع حصاره الإجرامي على غزة، ووجهت رسائل التحذير وكررتها مرارا، وأكدت كذلك أن عملياتها لا تستهدف الملاحة الدولية، بل الملاحة الصهيونية وبشكل محدد وهادف ومركز.
يوم أمس صرّح رئيس هيئة قناة السويس، عن انتظام حركة الملاحة في القناة، وأشار إلى تحويل 55 سفينة مسارها عبر الرجاء الصالح مقارنة بمرور 2128 سفينة منذ 19 نوفمبر، والسفن التي حوّلت مسارها كانت تتجه إلى الكيان الصهيوني، ويوم أمس صرحت شركة الشحن OOCL، هونغ كونغ، أنها أوقفت شحن البضائع من وإلى «إسرائيل»، وهذان دليلان يقدمان شهادة دامغة على حرص القوات المسلحة اليمنية على سلامة حركة الملاحة عبر البحر الأحمر ونجاحها في محاصرة تداعيات الحظر البحري في نطاق السفن الإسرائيلية وتلك التي تنقل بضائع للكيان المحتل، ومن دون المس بسلامة حركة الملاحة الأخرى، وهو الأمر الذي يكشف ويعري الادعاءات الأمريكية والغربية – والتي تتساوق معها بعض الأنظمة العربية – بوجود تهديدات تمس الملاحة البحرية وحركة الشحن الدولي في البحر الأحمر.
ثم إن الجمهورية اليمنية تطرح معادلة واضحة ومعلنة وهادفة، وهي إما أن يرفع الكيان ورعاته أمريكا والغرب الحصار عن غزة التي تتعرض لحرب إبادة همجية وحصار ظالم، أو لا مرور للسفن إلى موانئه من باب المندب والبحر الأحمر، فلتسمح أمريكا القلقة على حركة الشحن الدولي وربيبتها إسرائيل، بفتح الأبواب لوصول الغذاء والدواء، والمساعدات الغذائية والصحية والمحروقات إلى أهلنا الذين يتضورون جوعا في غزة، والذين يموتون بالحرب العسكرية وبالحصار، ولتحافظ أمريكا على الشحن الدولي والملاحة الدولية بإلزام ربيبتها «إسرائيل» برفع الحصار فورا.

ما تطلبه اليمن ليس إعلان أمريكا انهيار حلف الناتو مثلا، بل تطلب طلبا قانونيا وشرعيا وهو رفع الحصار عن غزة، وهو طلب مهم من الناحية الأخلاقية الإنسانية، وبمقدور أمريكا إلزام ربيبتها «إسرائيل» برفع الحصار عن غزة فورا دون تلكؤ، فلماذا لا تعمل ذلك، ولماذا تذهب إلى التهويل على العالم، وتسعى إلى تشكيل ما تسميه تحالفاً بحرياً للحرب؟
هدف أمريكا واضح جدا، التحالف الذي تسعى لتشكيله هو تحالف لحماية الملاحة الإسرائيلية فقط، أما الملاحة الدولية فلا تهديدات عليها من اليمن، بل من القطع العسكرية الأمريكية التي تتغطرس في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب وغيرها، وأمريكا تسعى لتشكيل هذا التحالف في سياق دعمها ومساندتها ومساعدتها لحرب الإبادة الصهيونية على غزة، وفي سياق دعمها للكيان المجرم على الاستمرار في جرائم ضد أهلنا في فلسطين وغزة، بمواجهة أي تحركات عربية أو إسلامية تضغط عسكريا واقتصاديا على الكيان الصهيوني لوقف حرب الإبادة التي يشنها على غزة، ورفع الحصار عنها.
وبالتالي فإن أي فصائل أو أطراف أو دولة تقبل مشاركة أمريكا في تشكيل تحالف حماية الملاحة الصهيونية، فهي إنما تعلن عن نفسها بأنها شريك رسمي للعدو الصهيوني والأمريكي في الحرب الإجرامية على غزة، وأنها تتجند رسميا لحماية كيان العدو الصهيوني، ولا نعتقد أن دولة عربية ستتورط في هذه الخطيئة الماحقة، وتقبل المشاركة في تحالف العار الأمريكي لحماية الملاحة الصهيونية، ومن يقبل فإنما ينسلخ من دينه ووطنيته وعروبته وإنسانيته.
لا تحالفات أمريكا البحرية والجوية والبرية ستوقف اليمن عن نصرة غزة، ولا تهديداتها ولا غطرستها سيمنع الشعب اليمني وقيادته من القيام بالمسؤولية، وما يمكن لها أن تفعله هو أن تعلن الحرب على اليمن، وهي معلنة منذ تسعة أعوام.. ومن المؤكد أن أي عمل عدائي ضد اليمن سيواجه برد في البر والبحر وفي كل مكان، وسيضع قواعد أمريكا وسفنها وبوارجها في دائرة الاستهداف المباشر…والله من ورائهم محيط.

قد يعجبك ايضا