بعد عام ونصف.. ماذا حلّ بقضية »معتقلي حماس« في السعودية؟

نفّذت السلطات السعودية قبل نحو عام ونصف حملة اعتقالات طالت مقيمين أردنيين وفلسطينيين، على خلفية اتهامهم بالارتباط بحركة «حماس».
الحملة التي شنّتها السلطات السعودية على أربع فترات في 2019 (فبراير، أبريل، يوليو، أغسطس)، طالت نحو 70 شخصا، جلّهم من الفلسطينيين والأردنيين، إضافة إلى مواطنين سعوديين.
بحسب «عربي21»، فإن تعامل السلطات السعودية مع ما يعرف بـ«معتقلي حماس»، كان متباينا، إذ تواردت شهادات من بعض الأهالي عن تعرض أبنائهم لسوء معاملة خلال فترة التحقيق، فيما كان التحقيق صوريّا وشكليا، ولدقائق معدودة فقط مع مجموعة أخرى منهم.

المحاكمة ودور الأردن
في الثامن من مارس الماضي، مثل جل المعتقلين باستثناء خمسة، أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، والمسؤولة عن ملف قضايا الإرهاب في المملكة.
الجلسة التي منع الأهالي من حضورها؛ بداعي اكتظاظ العدد داخل القاعة، قال ذوو المعتقلين إن القاضي واجه غالبية أبنائهم فيها بتهم تدور جلها حول «الانضمام إلى كيان إرهابي، وتقديم الدعم المالي له، وجمع التبرعات لصالحه»، فيما أضيف لعدد منهم تهمة «شغل منصب قيادي في هذا الكيان»، موضحين في حديث لـ«عربي21» أن الجهة المقصودة هي حركة «حماس»، التي كان التحقيق مع ذويهم يدور حولها خلال الشهور الماضية.
ومنذ تاريخ تلك الجلسة، أبقت السلطات السعودية ملف المعتقلين الأردنيين والفلسطينيين طي النسيان، ولم يحدث أي تطوّر حوله، باستثناء تحويل معتقل آخر في القضية ذاتها إلى المحكمة قبل أيام، دون تحديد موعد للجلسة.
ويتهم أهالي المعتقلين الحكومة الأردنية بالتقصير في هذا الملف، وعدم التكفل بتوكيل محامي لأبنائهم، رغم وعود شفوية سابقة بذلك، بحسب قولهم.
ويقول الأهالي إن السفارة في الرياض والقنصلية في جدّة لم تزر المعتقلين على الإطلاق، ولم تقف بنفسها على ظروف اعتقالهم.
وكان وزير الخارجية، أيمن الصفدي، قال سابقا إن عمّان تتابع موضوع معتقليها في السعودية، وتضعهم على رأس أولوياتها، بيد أنه تحدث عن احترام القوانين السعودية، التي تسمح بالتحقيق مع الموقوفين لعدة شهور.

مرسوم ملكي
في التاسع عشر من يونيو الماضي، أصدرت السعودية مرسوما ملكيا يسمح بتعديل إحدى مواد نظام مكافحة الإرهاب، لتمكين النيابة العامة من الإفراج عن معتقلي القضايا الأمنية بشكل مؤقت.
القرار الذي جاء بالتزامن مع تحذيرات من تفشي فيروس «كورونا» في السجون، لم يشمل الأردنيين والفلسطينيين، على رغم تقديم محاميهم عدة طلبات بالإفراج المؤقت عنهم.
وذكر أهالي معتقلين أن موانع تطبيق هذا القرار نصّت على «خشية الهرب أو الاختفاء، وخشية الإضرار بمصلحة التحقيقات»، وهي لا تنطبق على أبنائهم.
وأضاف شقيق أحد المعتقلين الأردنيين، أن شقيقه والآخرين لم يتم التحقيق معهم منذ شهور طويلة، وبإمكان السلطات وضعهم على لائحة الممنوعين من السفر إلى حين انتهاء محاكمتهم، وبالتالي لا يوجد ما يبرر تجاهل المحكمة لتكفيلهم.
وقال إن شقيقه «لم يتم التحقيق معه سوى أربع مرات على فترات متباعدة، وصلت إلى 6 شهور، وفي كل مرة لم تتجاوز مدة الجلسة ربع ساعة، وهو ما يعني عدم وجود تحقيق جدّي»، بحسب وصفه.

بوادر
في السادس من يوليو الجاري، أعلنت لجنة شؤون المعتقلين الأردنيين في السعودية عن وقفة أمام مبنى رئاسة الوزراء؛ للتعبير عن استيائهم من التفاعل الرسمي تجاه الملف.
وبعد يوم واحد فقط، أعلنت اللجنة تأجيل الفعالية إلى أجل غير مسمى، أملا منهم في تحرك إيجابي بالقضية.
وذكرت لجنة شؤون المعتقلين في بيانها «إننا ما زلنا نمد يد الأمل بأن تقوم حكومتنا بواجبها تجاه أبنائها، كما نأمل من خادم الحرمين الشريفين أن يقر أعيننا بالإفراج عن أبنائنا قبل عيد الأضحى، ليتسنى لهم رؤية أطفالهم الذين حرموا منهم، وعهدنا بخادم الحرمين أن نلمس مكارمه وسماحته في كل المناسبات».
مصادر من أهالي المعتقلين، ذكرت لـ«عربي21» أن جهات رسمية أردنية أخبرتهم بوجود بوادر انفراج قريب في هذا الملف خلال الفترة المقبلة، وهو ما دفعهم لتأجيل الوقفة.
وقال أهالي إنهم وبرغم عدم تفاؤلهم الكبير بسبب وعود سابقة لم تحقق، إلا أنهم يأملون هذه المرة باستجابة السلطات السعودية لمناشداتهم المستمرة، وإغلاق هذا الملف بشكل نهائي.
وكانت السلطات السعودية أفرجت منذ بدء حملة الاعتقالات عن أربعة أشخاص (2 من فلسطين، و2من الأردن)، وذلك في الفترة بين أواخر العام 2019 إلى الشهر الثاني من العام الحالي.
والمعتقلون الأربعة المفرج عنهم هم (عبد الله عودة، أسامة محمد، عبد الحافظ أبو حميدة، بشار أنيس).
ومنتصف الشهر الماضي، قررت السلطات السعودية الإفراج عن المعتقل الفلسطيني بكر الخضري، بعد نحو عام من اعتقاله.
إلا أن الخضري لا يزال منذ نحو شهر في سجن الترحيلات بالرياض، المعروف بسمعته السيئة من حيث الاكتظاظ، وانعدام النظافة.
وتأمل أسرة الخضري، الذي تقرر ترحيله إلى الأردن، بتعجيل السلطات السعودية في إجراءات سفره، إذ تشترط الأخيرة أن تكون الرحلة على متن طائرة تابعة للخطوط السعودية.

ظروف التواصل
منذ تفشي فيروس كورونا في السعودية في مارس الماضي، أوقفت سلطات السجون الزيارات بشكل قطعي عن جميع مراكز التوقيف والاحتجاز.
واللافت أن السلطات لم تعوّض المعتقلين والأهالي بطرق تواصل أخرى عبر الفيديو، بل ذهبت إلى الحد من مدة المكالمات الأسبوعية، بتقليلها عن مجموعة من المعتقلين الأردنيين والفلسطينيين إلى 10 دقائق فما دون.
نجل أحد المعتقلين ذكر في حديث لـ«عربي21» أن والده يتواصل هاتفيا بشكل لمدة 10 دقائق موزعة على 3 مكالمات؛ نظرا لتواجد بعض أفراد الأسرة في السعودية وآخرين في الخارج.
بحسب أهالي المعتقلين، فإن ذويهم لا يمكنهم التحدث بشكل مفصل عن وضعهم في السجن، ومسار التحقيقات معهم؛ نظرا لوجود أحد أفراد الأمن بجانبهم عند إجراء المكالمة، علما أن المكالمة يتم تسجيلها من قبل إدارة السجن.
وأوضحت والدة أحد المعتقلين أن ظروف الزيارة في الفترة ما قبل «كورونا» كانت أصعب من السابق، إذ تضمنت وجود أحد أفراد الأمن داخل غرفة اللقاء، وهو ما لم يكن يحدث مسبقا.
وتختلف أنظمة الزيارة والاتصال بشكل متفاوت من سجن إلى آخر، علما أن المعتقلين الأردنيين والسعوديين موزّعون على أربعة سجون هي: الحائر بالرياض، ذهبان في جدة، شعار في أبها، إضافة إلى سجن المباحث في الدمام».

قد يعجبك ايضا