رئيس التحرير: شعرت بالغضب والقهر وقررت خوض معركة إعلامية طويلة

صحفيو “الثورة” يكتبون عن اللحظات الأولى للعدوان

أ٫. عبدالرحمن الأهنومي : ألغيت السفر إلى مصر فجر العدوان وحولت بدل العلاج لتجهيز استديو في قناة المسيرة
إبراهيم الحكيم: وثَّقت اللحظات الأولى للعدوان من سطح منزلي وشاركت الزميل عباس السيد في تغطية اليوم الأول حرب
منصور شايع: الفاجعة الكبرى نقلتها قناة المسيرة بعد دقائق من الضربة الأولى وفرق الإنقاذ تنتشل جثث الأطفال والنساء من تحت الأنقاض

اللحظات الأولى للعدوان ستظل محفورة في ذاكرة اليمنيين إلى الأبد كطعنة غادرة في جوف الليل تلقاها اليمن واليمنيون ، حيث كابد اليمنيون أوجاعها وتجاوزوا مرحلة الصدمة والارباك.. ارتقى الكثير من الشهداء وأصيب الآلاف ونزح الملايين فكانت تلك الدماء والأوجاع وقودا للصمود والمواجهة ..الصمود الذي تعاظم بمرور السنوات وانقلب السحر على الساحر لترتد العاصفة على أصحابها وليحيق المكر السيئ بأهله..
اللحظات الأولى للعدوان كانت بين الساعة الواحدة والثانية بعد منتصف الليل، حينها كان العدد اليومي لصحيفة “الثورة” في مرحلة الطباعة، والصحفيون قد غادروا الى منازلهم، لكنهم بالتأكيد لم يخلدوا إلى النوم بعد..
كيف عاشوا تلك اللحظات وما الذي يتذكرونه.. كيف استأنفوا أعمالهم في اليوم التالي.. وكيف كانت ردة فعلهم؟ كيف تصرفوا وكيف استشعروا المسؤولية؟ ماذا كان أول سؤال خطر ببال كل صحفي حر ؟
كل هذه الأسئلة طرحت على طاولة واحدة أمام زملائنا الصحفيين .. فإلى التفاصيل:
الثورة/ مها موسى


البداية كانت مع رئيس التحرير الأستاذ عبدالرحمن الاهنومي الذي تحدث عن تلك اللحظات قائلا :
في ليلة العدوان كان من المقرر أن أغادر صنعاء عبر المطار الساعة السادسة صباحا على متن طيران المصرية.
نهضت الساعة الثانية والنصف صباحا كي أبدأ بتجهيز أغراضي وأتحرك لأصل المطار قبل موعد الإقلاع بساعة.
حين صحوت سمعت أصوات الطلقات المتتالية من المضادات الأرضية .. تحركت مسرعا “للمقيل “ فوجدت أخي يتنقل من قناة إلى قناة وكان يبدو شاحبا..وآثار الخوف والهلع بادية عليه..
بادرته بالسؤال:
– “ما لك أيش الانفجارات هذه”؟
رد بصوت متقطع “السعوديين”!
-كيف “السعوديين”؟
قال: يا أخي السعوديين أعلنوا الحرب على اليمن..لا عاد تسافرش قد المطار مغلق..وقد ضربوه.
لحظتها شاهدت الجبير يردد كلاماً في إحدى قنواتهم..
كنت أستمع إلى ما يقول..كان متباهيا وتبدو عليه ملامح الاطمئنان كأنه واثق من أن فعلتهم ستمر دون حساب..يواصل حديثه ويصور ما قرروا فعله ولكأنه نشاط إنساني وخيري يوفر للمملكة الأجر والثواب.
تنقلت بين كافة القنوات “ الجزيرة “بي بي سي” ، فرانس، الألمانية ، الحرة ، القنوات المصرية ،الخليجية ،السعودية ، كل القنوات التي استحضرت أسماءها في تلك اللحظة..الكل محتشد ضدنا.
وكأنهم يقولون هذه لحظة الانقضاض عليكم يا يمنيين ؛ شعرت بحالة من قال “ ربِّ إني مغلوب فانتصر “.
إحباط مع شعور بالغضب والقهر الذي يمنعك حتى من البكاء.
كنت أبحث عن بصيص من أمل ، أتأمل في ما يقوله المذيع ..أحاول استنطاق الضيف وطوابير المحللين في القنوات ليقول إن عاصفة الحزم مزحة..أو أن السعودية الجارة الحدودية قد قررت التراجع عن فعلتها .
حتى منشور في “الفيس بوك” احصل فيه كلام مطمئن كأن أجد أحداً ما كتب “ الملك سلمان قد قرر يوقف الغارات” !
على أقل حال اقرأ ما كتبه فلان أو فلان.. عشرة أسماء تقريبا من الصحفيين والإعلاميين اليمنيين رأيت البعض منهم باع الجمل بما حمل..وآخرون حسبوا حساب الموقف وثمنه! وأين يضع قدمه..وما هو المقابل؟!
لقد احتشدوا ضدنا وبكل شيء ، “الإعلام، المواقف السياسية ،المحللين ، المذيعين ، اليهود، النصارى ، المرتزقة اليمنيين ،الأغراب”
فتحت حسابات إعلاميين وصحفيين ممن هم معروفون في صنعاء..كلهم لاذوا صمتا..
شعرت بالغضب وحدة القهر تزيد..وقلت في نفسي “المعركة طويلة ومعركتنا نحن كإعلاميين هي الأهم..هؤلاء يشنون حربا على شعب وبلد ، ويصورون للعالم أنهم فقط ذاهبون إلى تأديب مجموعة أشرار ، وعملهم هذا من البر والتقوى!”
أذكر حينها أني قمت بكتابة منشور مقتضب على حسابي في “فيس بوك” وقتها .. كان هذا محتواه :
“ستجنون مغبة ما فعلتم يا حقراء العرب ويا أولاد الحرام…كل رأس وفيه دم..
هذا عدوان على بلد وتعد على سيادة دولة..هذا عدوان وقح وفاجر..ولا وقت لدينا لخوض جدل يتعلق بالبحث عن أسبابه وخلفياته..كل ما في الأمر أن آل سعود جاءوا إلينا بكل غرور..وكل ما يقتضيه الأمر أن نرد أو نموت..
بنادقنا عند الباب..ولغتنا يابسة…يا أولاد الحرام…ستجنون مغبة ما فعلتم “ .
للأمانة ؛ يومها نسيت موعد السفر وهل ما زالت هناك أمكانية أم لا..
كان لا بد أن نخوض المعركة دون نقاش ، لا بد أن نمتشق أسلحتنا ونواجههم في كل ميدان وبكل ما نملك..لم ننتظر بيانا ولا توجيها..هذه فطرتنا ومشروعنا..من اعتدى عليكم .. فاشربوا من دمه..
أجريت اتصالاً بالأخ حميد رزق .. قلت له “ما فيش وقت نناقش حول التفاصيل لكن انا أبكر “اذهب بدري” ولو أن اليوم هو يوم جمعة لكني سأذهب صباحا لترتيب استديو عاجل نطلع ببرنامج ضروري ولو حتى يبث الساعة الثامنة مساء..قال خلينا نفكر ونستشير ، قلت له انا معي 1000دولار أشتري بها قواعد ألمنيوم للخلفية الخاصة بالاستديو ولا بد ما نطلع ببرنامج..سيموت الناس خوفا وهلعا..هؤلاء يشنون حرباً نفسية كبرى واحنا لازم نكون بالمستوى “
وبالفعل بدأت إعداد الاستديو وسجلت الحلقة الساعة الخامسة قبل المغرب وبثت يومها، وشعرت شخصيا أني أطلقت أول صاروخ على الرياض.
تلاحقت الأيام وتتالت سنوات الحرب..عركتنا أيامها وصقلتنا ضروسها..واجهناهم باليقين والحقيقة والحق ..وقاتلونا بالخداع وحشد الأباطيل والسلاح والمرتزقة والجيوش والتحالفات والمليارات والنفط..لكن الغلبة للحق..
اليوم نتذكر اللحظات الأولى وننظر إلى المآلات..ونحمد الله أنَّا كنا هنا وكيف سنكون لو لم نمض في مواجهتهم..كيف لو أننا ترددنا أو انتظرنا إلى أين تتجه الأمور..
أنا أدرك الآن أننا انتصرنا بعزائمنا ، برهاننا على الله.. أدرك الآن أن الدفاع عن الوطن فزعة من اللحظة الأولى لا تحتاج إلى قليل من التفكير حتى.
ثمة لحظات تاريخية فاصلة في حياة الإنسان وفي حياة الشعوب أيضا ، وفي تلك اللحظات يجب أن يقرر الإنسان ويحدد خياراته بعيدا عن أي حسابات..التردد قاتل والخوف عار..والخيانة جريمة ومصير هالك.
والسلام ختام .

رصد ومتابعة وتوقع .. تقرير مفصَّل وأكثر دقة عن تفاصيل تلك الليلة يرويها نائب مدير التحرير – إبراهيم الحكيم:
• أعتز بأني نشرت أول خبر محلي عن الغارات وأسميتها “عدوانا سعوديا على العاصمة صنعاء”.
كانت ليلة مقمرة، ضوء القمر ساطع، تعيد إلى الأذهان أسطورة تحول البشر المصابين بمس شيطاني إلى وحوش مستذئبة أو مصاصي دماء حين اكتمال القمر.. لم أكن فزعا بقدر ما شعرت بالأسى والغبن لإصرار دول الوصاية العشر على إنفاذ تهديداتها وفرض عودة أدواتها وتمكينهم وتمرير أجندتها بالقوة العسكرية.. بعد فشل القوة السياسية لمجلس الأمن الدولي في اعتماد “شرعية الأدوات” و”الوصاية الدولية” لتنفيذ الأجندة.
ولم أكن متفاجئا -حقيقة- فقد كنت فعليا أتوقع التدخل العسكري الخارجي (العدوان) وكتبت عنه قبل أن يبدأ بثلاثة أيام فقط تقريرا رصدت فيه بوادره ومؤشراته، جمعتها عشية يوم الاثنين 23 مارس 2015م، من تصريحات هادي الفار إلى عدن، ووزير خارجيته، ووزير خارجية السعودية، ورئيس استخبارات المملكة، وزيارات لمحمد بن سلمان ذات طابع عسكري، ونشرته الصحيفة في صفحتها الأولى لعدد يوم الثلاثاء 24 مارس 2015م، بعنوان : “هادي يطلب تدخلاً عسكرياً خليجياً والفيصل يُلوح بالاستجابة”.
لهذا لم يتبادر إلى ذهني للحظة أن أصوات أعيرة النيران قد تكون اشتباكات مع تنظيم القاعدة الذي كان قد بدأ تنفيذ هجمات مكثفة ليس أبشعها قبل 5 أيام فقط تفجيرات مسجدي بدر والحشحوش في العاصمة صنعاء ومحاولة تفجير مماثل استهدف مسجد الهادي في صعدة لولا اكتشفت اللجان الشعبية الانتحاري المفخخ بمواد متفجرة غلفت بجبس يستخدم في عمليات تجبير كسور العظام لفت به ساقه بالكامل.
استبعدت هذا الاحتمال تماما، رغم استمرار هجمات تنظيم القاعدة بكثافة، شملت حينها زراعة العبوات الناسفة في الطرقات وجوار المرافق الحكومية والمدنية، بينها مدارس في العاصمة صنعاء وذمار ورداع في البيضاء وتعز، فقد كنت أستطيع تمييز أصوات المضادات الأرضية للطيران عن غيرها من العيارات النارية والقذائف، منذ حرب صيف العام 1994م حين كان عمري 17 عاما، وكنت لا أزال في الصف الثاني ثانوي.
حين بدأت الغارات كنت قد وصلت منزلي للتو عائدا من الصحيفة، فصعدت إلى سطح المنزل وكانت ليلة مقمرة – كما أسلفت- تعيد إلى الأذهان أسطورة تحول البشر المصابين بمس شيطاني إلى وحوش مستذئبة أو مصاصي دماء حين اكتمال القمر، وبدأت أتابع اتجاه قذائف مضادات الدفاعات الجوية، وإذا بها تنطلق من كل اتجاهات العاصمة، شرقا من جبل نقم، وغربا من جبل عيبان، وجنوبا من جبال عطان، وبصورة أكبر من جبال أرحب في الجهة الشمالية.
كنت أسكن في الشمال الشرقي للعاصمة، ويطل منزلي على شمال العاصمة صنعاء، حيث تقع مؤسسة الثورة للصحافة، وحيث مطار صنعاء الدولي وقاعدة الديلمي الجوية، وغيرهما من معسكرات الدفاع الجوي التي استهدفتها الغارات الكثيفة للإجهاز على ما تبقى من قدرات اليمن الدفاعية الجوية، بعد تدمير ممنهج تعرضت له، تابعت شخصيا من مراحله تدمير نحو 25 من طائرات القوات الجوية، إسقاطا وتفجيرا وإحراقا في مرابضها خلال (2011 – 2014م).
المهم، بدأت حينها أوثق بهاتفي مجريات اللحظات الأولى للعدوان .. ألتقط مقاطع فيديو لسماء العاصمة، أصوات الطائرات الحربية المعادية ومطاردة مضادات الدفاعات الجوية لها، فقد كنت حينها إلى جانب عملي في هيئة تحرير صحيفة “الثورة” مساء وحتى تسليم الصحيفة للمطابع أعمل أيضا في الفترة الصباحية نائبا لرئيس دائرة الأخبار في قناة “اليمن اليوم”، وأحتاج الفيديو لكتابة تقرير تبثه القناة، بين مئات التقارير التي كتبتها تباعاً عن العدوان.
بمجرد أن نزلت من سطح المنزل فتحت التلفاز، وبدأت استعرض القنوات الإخبارية، حتى توقفت عند قناة “العربية” تبث على الهواء مباشرة مؤتمرا صحافيا لسفير السعودية في العاصمة الأمريكية واشنطن، عادل الجبير، حينها، وهو يعلن عن بدء ما سماه “تدخلا عسكريا في اليمن وعمليات عسكرية مشتركة” ضد من وصفهم “الانقلابيين الحوثيين”، وأنه “بطلب الرئيس الشرعي بعدما تمكنا من تأمينه ونقله”، قاصدا تهريبه من صنعاء ثم من عدن.
استمعت باستهجان، لحديث الجبير عن أن هذا “التدخل العسكري”، أي العدوان، يأتي “بعد تنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي وتدارس مسبق مع مؤسسات الأمن والدفاع لدى حلفاء السعودية أمريكا وبريطانيا”، وبدعوى “إعادة السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس المنتخب والحكومة المنتخبة” حد زعمه، رغم أن هادي لم يُنتخب في انتخابات رئاسية تنافسية، وحكومة بحاح لم يشكلها حزب فائز في انتخابات برلمانية، وكلاهما نُصِّبا بتوافق سياسي كان قد انتهى، فضلا عن استقالتيهما.
أرسلت على الفور رسالة قصيرة إلى فني التشغيل المناوب في قناة “اليمن اليوم” ليلتها الزميل بلال الموتي، نصها “عاجل: السعودية تشن عدوانا جويا على العاصمة صنعاء” وما هي إلا دقيقة حتى ظهر الخبر بارزا على الشاشة، وطلبت منه تثبيته حتى أوافيه بأي مستجدات، وأعتز أن هذا الخبر كان الأول بين أخبار وسائل الإعلام المحلية، لا في السبق الصحفي فحسب، بل في تسمية ما يحدث “عدوانا” وليس “غارات جوية سعودية” كما سمته باقي وسائل الإعلام.
لم أكمل متابعة المؤتمر الصحافي لسفير السعودية الذي بدا إخراجه مشابها للمؤتمرات الصحافية لوزارة الدفاع الأمريكية، فقد انقطع التيار الكهربائي، لكني بقيت أتابع عبر “الواتس آب” رسائل الزملاء في مختلف أحياء العاصمة صنعاء، وهم يذكرون أولا فأول ما يجري في أحيائهم من غارات وما يعلمون عن طبيعة الأماكن التي استهدفتها بقصفها، وأتواصل مع فني التشغيل المناوب في القناة لبث الأخبار في الشريط العاجل، وهكذا حتى طلع الصباح.
ليلتها، لم أستطع أن أنام، بينما ظل أهل بيتي نائمين، ولم يتعرضوا بحمد الله للفزع الذي سببته الغارات الجوية لغالبية اليمنيين، وفي الصباح أخبرت أطفالي وأمهم بما يجري، وطُرح للنقاش “ماذا نفعل؟”، فصرفت النظر تماما عن مقترحات مغادرة صنعاء والانتقال للسكن في القرية، وحسم النقاش بقرار البقاء في منزلنا واستمرار دوام الأولاد في المدرسة (قبل أن يعلن لاحقا تعليق الدراسة مؤقتا) ودوامي في عملي, وما هو مقدر لنا من الله سيكون ولو كنا في بروج مشيدة، كما يخبرنا الله.
في الصباح الباكر غادرت المنزل بإلحاح رغبة في الاطمئنان وبدافع معرفة الآثار التي خلفتها الغارات الكثيفة على العاصمة صنعاء منذ الساعة الحادية عشرة والنصف بعد منتصف الليل وحتى ما بعد الفجر.. زرت منطقة مطار صنعاء ومديرية بني الحارث، وتحديدا حي بني حوات، حيث كانت أولى مجازر العدوان باستهداف طيران العدوان منازل المدنيين، وقتله وجرحه العشرات.. جمعت المعلومات، وبعد العصر شاركت في المسيرة الرافضة للتدخل والعدوان الخارجي.
عُدت إلى الصحيفة قبل المغرب، وجلست مع رئيس التحرير حينها الزميل الاستاذ عبدالله صبري، وناقشت معه رؤية تغطية الحدث والتداعيات والأصداء، واقترح تناوله في أربعة محاور، الأول عن العدوان وآثاره، والثاني خلفيات العدوان ومقدماته، والثالث الأصداء والمواقف الإقليمية، والرابع عن الموقف الشعبي ومواقف الأحزاب ومنظمات المجتمع، وبعد النقاش أخبرته أني تناولت ذلك في مادتين رئيستين، وسأفصِّل ما كنت قد كتبته ليستوعب كل محور.
كان الزميل الأستاذ عباس عبدالله السيد قد كتب تقريرا نشره في الموقع الالكتروني للصحيفة، كما أبلغني حين جلست معه، وأخبرته أني نزلت ميدانيا إلى مواقع الغارات والمسيرة الجماهيرية، وما دار مع رئيس التحرير.. اتفقنا على أن أكتب تقريرا رئيسا للأولى شاملا المحاور، وتقارير مقصلة لكل محور في الداخل، وأن يتولى هو كتابة تقرير من كلمة ألقاها السيد عبد الملك الحوثي، نشر أعلى ترويسة الصحيفة، وأبرز خلفيات وأبعاد العدوان وتأكيده عدالة قضية اليمن وأن اليمنيين سيدافعون عنها وعن وجودهم وأرضهم وسينكسر التحالف الظالم.
كتبت التقرير الرئيس للصفحة الأولى ونشر في معظم مساحتها تقريبا، عن العدوان وأولى مجازره وآثار غاراته والأصداء والمواقف الإقليمية والدولية وعن المسيرة الشعبية الحاشدة الرافضة للتدخل الخارجي ومواقف الأحزاب والمنظمات المدنية، وأسميته “عدوان أمير صهيو جي”، اختصارا لأمريكي صهيوني سعودي خليجي، وعنونت التقرير الرئيس بـ “غارات العدوان السعودي الأمريكي استهدفت أحياء سكنية وتدمير المطارات والمنشآت الدفاعية .. اليمنيون : لن نخضع .. والبادئ أظلم”.
وأتذكر يومها أني كتبت التقرير الرئيس وتقريرين مفصلين على عجل أمام تصاعد قصف طيران العدوان وإلحاح الزملاء في هيئة التحرير والإدارة الفنية بالاستعجال، كما هو حال الأيام المتتابعة الأخرى التي بقيت فيها أتناوب والزملاء في إدارة الأخبار، كتابة التقرير الرئيس للصحيفة، متضمنا رصدا شاملا لمحصلة غارات العدوان وآثارها التدميرية للمرافق المدنية والأحياء السكنية وضحاياها من المدنيين والتداعيات السياسية الداخلية والخارجية، غير آبهين بخطر تعرض المؤسسة للقصف، رغم تهديد ناطق تحالف العدوان بذلك علنا في أول أو ثاني مؤتمراته الصحفية، ليقيننا بأن العدوان باطل وسينكسر ويندحر والحق سينتصر، واليمن لن يقهر، وحتما سيستقل عن الهيمنة والوصاية الخارجية وأدواتهما.

منصور شايع – سكرتير التحرير- لحظات يشيب لها الولدان ..
اللحظات الأولى للعدوان كانت لحظات مرعبة بالفعل لدى الكبار والصغار والنساء والرجال ، نظرا لهول وشدة الانفجارات التي ضربت مطار صنعاء والاحياء المجاورة .. كنت حينها عائد من العمل في الصحيفة أستعد للنوم ، وإذا بالانفجار الأول يرج البيت حتى استيقظنا جميعنا والكل مرعوب، وكنا نظن أن القصف أو الانفجار حدث داخل الحارة ، لم نكن نتوقع انه في المطار إلا بعد أن فتحت قناة المسيرة في خبرها العاجل أن القصف كان على المطار والمنازل المجاورة له ..
بعدها فتحت قناة الحدث وإذا بالمذيعة نجوى قاسم تتحدث بشكل مستفز وتتفاخر باستهداف طيران العدوان للمطار .. كله يهون وحديثها على الهواء مباشرة مع المرتزق “محمد قباطي “الذي كانت ضحكاته والمذيعة تغلب على حديثهما عن ذلك العدوان الغاشم ، ويتفاخر ذلك الشخص المعتوه بتدمير طيران العدو مقدرات بلاده ، وإنه خلال أيام معدودة سيكون المحتل وأعوانه من المرتزقة قد سيطروا على العاصمة صنعاء وكل اليمن .. الفاجعة الكبرى التي لم نكن نتوقعها نقلتها قناة المسيرة بعد دقائق من الضربة الأولى بشكل مباشر وفرق الإنقاذ تستخرج جثث النساء والأطفال من تحت الأنقاض ؛ وأن طيران العدوان استهدف منازل المواطنين المجاورة للمطار .. كانت لحظات لا يمكن أن تنسى وأشلاء النساء والأطفال متناثرة بين أنقاض منازلهم التي دمرها الطيران على رؤوسهم وهم نائمون ، بعدها ومع كل غارة على صنعاء كنا نتوقع أن القنابل ستدمر منازلنا فكنت مع جميع الأولاد نخرج من المنزل حتى لا يدمر فوق رؤوسنا ، وبالفعل كانت الغارات القريبة من حارتي ومنزلي قد أدت إلى تشقق وتصدع في جدران المنازل وتكسر النوافذ الزجاجية من شدة وقوة الانفجارات التي احدثتها صواريخ وقنابل العدوان .

حمدي دوبلة – مدير الأخبار : رغم ذلك أنجزت مشروعي
مساء ذلك الأربعاء المشؤوم كان يعني لي الكثير على المستوى الشخصي “ فصبيحة اليوم التالي الخميس26مارس كنت على موعد لتنفيذ سقف بيتي المتواضع بعد عناء وانتظار طويل ، ولأن موقع البيت كان بالقرب من مطار صنعاء فوجئت بالمقاول يتصل بي بعد الثانية ليلا يعتذر عن إنجاز المهمة لأن المطار تعرض للقصف “ ، حينها استنفدت كل طاقتي لإقناعه بإتمام العمل لأني كنت قد أعطيت أجور العمال وكل ما يتطلب لإنجاز السقف .. عموما توجهت صباحا إلى المطار وكان الدخان الناجم عن القصف الهمجي في كل نواحي المطار وبالفعل أنجزنا السقف المنتظر وصار هذا الإنجاز الوحيد -الذي لم يشهد أي إضافات إنشائية منذ ذلك اليوم -مرتبطا بهذا الحدث الجلل ، ولعل اكمال هذا المشروع الصغير سيتم عقب انتهاء هذا العدوان الغاشم بالنصر المؤزر لليمن وشعبه العظيم.

ماجد الكحلاني – إدارة المحافظات: اهتز المكان ،فخرجت من المنزل ورأيت ألسنة اللهب تتصاعد
كنت مساء تلك الليلة في منزلي مع زوجتي وطفلينا جمانة ومجد الدين ، وإذا بنا في تمام الساعة الـ ١٢ تقريبا نسمع أصوات انفجارات هزت الارجاء، وعندما هرعت إلى خارج المنزل شاهدت ألسنة اللهب تتعالى من اتجاه المطار شمال العاصمة صنعاء.. ولم نكن نعرف أنها طائرات العدوان التي قصفت، متوقعين أن وراء تلك الانفجارات عناصر ما يسمى بالقاعدة حيث نشطت في تلك الفترة والأيام في التفجيرات والمفخخات.. عدت سريعا للمنزل واذا بزوجتي تشاهد قناة العربية، وكان المدعو عادل الجبير سفير المملكة يعلن من داخل واشنطن عن بدء عاصفة ما أسماها بـ”العملية العسكرية عاصفة الحزم “التي قال إنها لا تقتصر على مدينة أو منطقة بعينها في اليمن.. وأن تحالفا من عشر دول سيشارك فيها بقيادة النظام السعودي.
تلا ذلك مشاهد لتحرك الطائرات الحربية ليلا من داخل إحدى القواعد العسكرية السعودية وتحركات واتصالات حاول المدعو ولي العهد السعودي حاليا ومن قبله محمد بن نايف أن يستعرضوا فيها قوتهم مدشنين عدوانهم على بلادنا؛ زاعمين حسم العملية في غضون أيام محدودة ، ولكن الله افشل مآربهم ، وشعبنا بفضل الله وحكمة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي – يحفظه الله – واصل صموده وثباته وما يزال، وتمكن أبطال جيشنا ولجاننا الشعبية من كسر هيبة هذا التحالف العميل وتمريغ أنوفهم في التراب على مدى خمس سنوات.
كما تمكنا من الصمود في مختلف محاور وجبهات القتال بما فيها جبهات ما وراء الحدود وتفوقت قدراتنا الدفاعية ،وبفضل الله وحكمة القائد ودماء الشهداء وتضحيات الجرحى وصمود شعبنا المظلوم وقيادتنا السياسية تحولنا من خط الدفاع إلى الهجوم، وسيشهد العالم المتخاذل بإذن الله أننا شعب حر، يأبى الظلم والضيم.. وأننا بالله اقوى ومنتصرون.

أحمد المالكي – إدارة الاقتصاد: اقتنعت حينها بحجم المؤامرة على بلدنا وشعبنا
ليلة السادس والعشرين من مارس 2015م تماما قبل خمس سنوات من الآن كانت ليلة ويوما فارقا وغير عادي في تاريخ اليمن وفي حياة كل يمني ، ولا يمكن لشخص أن ينسى تلك الليلة وذلك اليوم المؤلم لشعبنا اليمني العزيز ، حيث بدأ العدوان العسكري الغاشم بالتزامن مع إعلان الحرب العدوانية من واشنطن وتشكيل التحالف الدولي العربي فيما سمي حينها بـ”عاصفة الحزم” برعاية أمريكية وبقيادة السعودية ‘ كنت ليلتها في منزلي بالعاصمة صنعاء مع اسرتي ،حيث استيقظت من النوم فزعا إثر سماع دوي انفجارات هائلة لم اكن أتوقع انه قصف بالطيران في ساعة متأخرة من الليل ما بين الساعة الثانية والثانية والنصف فجرا تقريبا حينها أتذكر أني علمت بخبر العدوان والقصف بالطيران من إذاعة صنعاء كونها الوسيلة الوحيدة التي كانت متوفرة لدي في تلك اللحظة، ثم توالت الأخبار في مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية ؛ وبالتأكيد وقتها شعرت بالقلق من هذه الانفجارات وماذا يجري وعندما تأكدت من انه عدوان خارجي على اليمن استأت كثيرا وهذا بحد ذاته جعلني كما ملايين اليمنيين نقتنع تماما بحجم المؤامرة على بلدنا وشعبنا المؤمن ،وترسخت لدي القناعة بأن أنصار الله والقوى الوطنية الحرة المناهضة للهيمنة السعودية الأمريكية ووصاية السفارات هم على الحق الواضح الجلي فثبتنا على الحق موقفا ومنهجا وعملا وقناعة مطلقة.
النصر لليمن والخذلان والهزيمة والعار لقوى العدوان ومرتزقتهم .. الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى ، والعودة للأسرى والمفقودين .. ولا نامت أعين الجبناء .. موقنون بالنصر المبين الذي نراه قريبا بلا شك يلوح في الأفق.

خالد النواري- إدارة الشباب والرياضة: أفقنا لحظتها على دوي القصف وتحليق طائرات العدوان
في لحظات السكينة والخلود للنوم أفقت وغيري من القاطنين في العاصمة صنعاء على دوي القصف الصاروخي وتحليق طائرات العدوان في سماء العاصمة ..
كنت طوال اليوم الذي سبق العدوان أتابع التصعيد الإعلامي لقنوات دول العدوان وتحليلات مختلفة تحدثت عن تحضيرات للتدخل العسكري في اليمن.
كانت البوادر الأولية تشير إلى عمل عدواني لكن ليس بتلك الحماقة التي طالت المرافق الحيوية والأماكن الآهلة بالسكان والبنى التحتية..
سمعت صوت انفجار كبير غير معهود وأنا استعد للخلود للنوم .. وكان أول ما تبادر إلى ذهني انه عمل إجرامي لخلايا الإرهاب على غرار التفجيرات التي طالت مسجدي بدر والحشحوش..فسارعت نحو النافذة فشاهدت السماء مغطاة بعيارات الدفاعات الجوية ..حينها تسمَّرت وأنا أمام مشهد لم اعهده طوال حياتي .. قلت ما هذا ..ما الذي يحدث يا ترى؟!
فربطت الانفجارات الكبيرة مع منظر الدفاعات الجوية وكذلك خطاب المنابر الاعلامية لدول العدوان فتأكدت ان هناك عدواناً غاشماً تم تدشينه على بلادنا..
سارعت لتشغيل التلفزيون فوجدت الاخبار العاجلة تتصدر القنوات الفضائية تؤكد بدء ما يسمى بعاصفة الحزم التي تقودها السعودية وعدد من الدول العربية..
لم تمر سوى لحظات حتى استيقظ أفراد أسرتي متسائلين عما يجري .. الاتصالات بدأت تنهال عليَّ من أصدقاء واقارب وزملاء .. عملنا على بث الطمأنينة والتأكيد على التماسك وامتصاص الصدمة والتماسك والصمود امام الحملة العسكرية الظالمة..
اقنعنا اطفالنا بأن ما يجري احتفال ومناسبة سعيدة ليعودوا للنوم قريري العين فيما استمررت امام شاشة التلفاز حتى بزوغ شمس أول أيام العدوان..
وفي اليوم التالي توجهت للصحيفة حيث زاولنا العمل بصورة اعتيادية ومع مرور الايام اصبح اصوات القصف وتحليق الطيران امراً اعتيادياً .. حتى انه تم قصف مبانٍ سكنية على بعد امتار من الصحيفة لكن دوي الانفجارات لم ينل من عزيمة المرابطين في مواقعهم لتصبح الجبهة الإعلامية احد أسلحة الصمود ومواجهة العدوان بالكلمة الصادقة ومقارعة أبواق العدوان بمهنية عالية ورباطة جأش..
جمال الظاهري – إدارة التحقيقات : تركت طعامي وأسرعت إلى غرفة البنات أطمئن عليهن
في تلك الليلة وبحكم عملي كنت مهتما بالتطور المتسارع للأحداث، كنت قد وصلت البيت قبل الموجة الأولى من القصف بنصف ساعة تقريبا، قدمت لي ام محمد العشاء وذهبت لمواصلة نومها.
وبدون أي مؤشر يدل على تحليق لطيران اضاء المنزل والحي وأعقبه انفجار كبير مصحوب برقصة للمنزل والأرض تحت قدمي.
تركت طعامي وتوجهت إلى غرفة البنات فتبعني الأولاد وأمهم والذعر والاندهاش يملأ تفاصيل أجسادهم يسألوني ما الذي حدث وأين وقع؟ ووو إلخ اجبتهم فقلت لهم لا تخافوا هذه الطائرات السعودية، تقصف قاعدة الديلمي.
لم يصدقوني وماهي إلا دقائق ويسمع دوي محركات الطائرات وتتوالى الانفجارات.
سبب تحديدي المباشر للأمر هو أني كنت قد توقعت العدوان بحكم متابعتي وعملي كصحفي وأيضا لأن منزلي قريب من القاعدة والمطار.
هدَّأت من روع أسرتي وخرجت إلى جوار منزلي ووجدت بعض الجيران قد سبقوني إلى الشارع ويبحثون عن إجابات لتساؤلاتهم وبمجرد أن رأوني انهالت أسئلتهم فأجبتهم بما أجبت به على أسئلة أسرتي.. اندهش البعض وصدّق البعض وآخرون طرحوا أسئلة أخرى.
من الآخر.. ليلتها سهرت واسرتي وربما جميع سكان صنعاء لم يناموا ولم يستوعبوا الحدث باستثناء من كان مهتماً بتطور وتسارع الأحداث على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وطبعا الأطراف المنخرطة في صنع الأحداث ومن لهم صلة بهم.
كانت ليلة استثنائية دراماتيكية اختلط فيها السؤال بالدهشة الحقيقية بالخيال، الصدق بالكذب.. ليلة قلبت الحال رأسا على عقب، غيرت الأولويات لدى الجميع.

معين حنش -الأخبار المحلية: ذعر وهلع لهول الانفجارات
في الساعة المتأخرة من الليل قام العدوان بارتكاب مجازر ضد الإنسانية حيث شن هجوماً على أحياء آهلة بالسكان جوار المطار بصنعاء مما أدى إلى ازهاق الأرواح البريئة من المواطنين والسكان النائمين الذين لا حول لهم ولا قوة.
_كانت جريمة حرب مكتملة الأركان سقط فيها العشرات وأصيب العشرات أيضا ، ودمرت المنازل وارتعبت الأحياء المجاورة ؛ كانت ليلة مظلمة أفزعت سكان العاصمة صنعاء جميعهم من شدة القصف والصواريخ التي كانت ترج الأرض رجاً.
_حقيقة كنا في تلك الليلة بعد أن غادرنا الصحيفة نشعر بالقلق مثل الأمم المتحدة ومجلسها القلق بشكل واصل يقلق دون ان يعمل شيئاً .. وذلك بعد قراءتنا للأحداث التي حصلت آنذاك في مثل تلك الأيام وهو هروب هادي إلى عدن وبعدها وصول أنباء تؤكد هروبه من عدن إلى الخارج .. كان الوسط الإعلامي مترقباً ومحللاً بأن هذا الرجل الوضيع الذي لا يفقه شيئاً سوف يلجأ ويرتمي في أحضان الدول المجاورة «حبايبنا الذين بيحبوا لنا الخير منذ سنوات بل منذ عقود عديدة « .. فكنا نحلل مع بعض الزملاء بأن هناك شيئاً سيحدث لليمن ؛ وفعلا جاء العدوان اليهودي ودمر البشر والحجر والشجر ودمر البنية التحتية والعسكرية والصناعية وأطبق حصاره منذ بدء عدوانه إلى يومنا هذا، ويوما بعد يوم وهو يزيد من إجرامه وتوحشه واستهدافه كل شيء في اليمن.
_كنت حينها في المنزل وسمعنا أزيز الطيران وارتعشت الشبابيك واهتزت الأبواب ورجفت قلوب النساء والأطفال في المنزل من قوة القصف ومن تخبط الطيران الذي منذ الوهلة الأولى وهو يتخبط ويفتح الصوت لطيرانه ، وللأسف كان يستهدف المدنيين ويطلع المتحدث عسيري يصرح بأنهم استهدفوا مواقع عسكرية.
_رغم ذلك كنا صامدين وكانت السنة الأولى للعدوان أشد سنة حيث كان العدوان يستهدف بشكل عشوائي وكذلك الحال بالنسبة للسنة الثانية أيضا .. والآن أصبحنا في السنة الخامسة ولازلنا صامدين ومواجهين للعدوان رغم الظروف الصعبة التي نعيشها في ظل انقطاع الرواتب وعدم صرفها من حكومة الفنادق إلا لمن يريدون وبالرغم من الظروف المعيشية والحصار الذي حصل للشعب اليمني قاطبة إلا أننا نحمد الله كثيرا أننا في هذا الخندق نصمد ونصبر في موقف حق .
_ لم نتحرك شبرا واحدا من صنعاء، واجهنا القصف وكتبنا عن الاستهداف العشوائي وجاهدنا العدوان بأقلامنا وفضحنا زيف شرعية الفنادق ومرتزقة العدوان وإعلامهم المظلل الذي يكذب ويزيف الحقائق في تقاريره وتصريحاته ، ولكنهم يغردون خارج السرب لأنهم ليست لديهم قضية فهم خارج الوطن.
_أما توقعنا فكان في محله وهو أن العدوان والتآمر على الوطن قد أحيك في ليل أظلم ، بسبب كثرة الاجتماعات التي كانت في مجملها مؤامرة على الوطن.
في اجتماعاتهم المتواصلة قبل العدوان على اليمن خرجوا للتبرير له معلنين حجتهم وذريعتهم أمام المجتمع الدولي المتمثلة بـ «استعادة الشرعية من الانقلابين « حد قولهم ، بالرغم من أن الرئيس الفأر والمنتهية صلاحيته «هادي « صرح لإحدى القنوات بعد العدوان بأنه لا يعلم بعاصفة الحزم وأن الدول قد قصفت اليمن وشعبه لأجله وهذا يؤكد أنه «شاهد مشفش حاجة « مصريا .. وباليمني «مسيّر وليس مخيراً» يعني ليس صاحب قرار.
_وأضاف حنش: لكننا في هذه الأيام نتابع الانتصارات العظيمة ونقول هذه آيات من آيات الله حين نلاحظ رجال الرجال يثأرون للنساء والأطفال الذين دفنوا تحت أنقاض منازلهم بسبب القصف العشوائي .. والقصاص من العملاء المرتزقة والاخونجيين الذين خربوا البلاد وهربوا، وما عمليات تحرير نهم والجوف وغدا مارب إلا شيء عظيم وانتصارات تثلج الصدور .

أسماء البزاز: باغتتني حينها أصوات المضادات وقصف الطائرات
في أول ليلة قصفت العاصمة صنعاء.. «كنت حامل في شهري الخامس بمولودي البكر» .. عدت ليلتها من زيارة عمي من المستشفى والذي أصيب بجلطة دماغية ، مع العلم أن عمي -أخو والدي- يعد أحد الموظفين القدامى في صحيفة الثورة رحمة الله عليه .. كان قلبي موجوعا إزاء حالة عمي الصحية وتدهورها المفاجئ .. لم أكن أعلم ان الأقدار بعد ساعات تخبئ لنا ما هو أكثر إيلاما ووجعا .. قررت الخلود للنوم وباغتتني حينها أصوات كثيفة للمضادات والقصف وتحليق طائرات .. شعرت بالقلق والحيرة مما يجري واعتقدت أنها حرب داخلية كالتي حدثت عام 2011م بين اطراف معينة أو حرب شوارع .. أجريت اتصالات واستقبلت اتصالات للاطمئنان فأخبرتني احدى قريباتي عندما حادثتها بأنها طائرة سعودية حربية اخترقت الاجواء اليمنية ..
« هذا كل ما قالته « توجهنا للراديو لسماع الأخبار وبعد ساعتين أذاعت عدد من المحطات الإذاعية الخبر بأنه تم قصف عدد من المنازل والاحياء واننا أمام عدوان تحالفي شاركت فيه عدد من دول المنطقة .. أول مرة في حياتي أعيش أجواء الحرب واسمع الصواريخ والطائرات الحربية تحلق باستمرار .. وأرى الاحياء شبه فارغة والناس في ترقب ما أن يسمعوا تحليق طائرة هنا وأخرى هناك .. وما إن بثت القنوات المحلية صور ضحايا أول مجزرة حتى خيل لي وكأن هذه المشاهد الدموية في فلسطين وليست في اليمن .

رجاء الخلقي -إدارة التحقيقات: أحمرّت السماء من الانفجارات وتكسّرت نوافذ منزلي
قبل أن تندلع الحرب والعدوان على بلادي الحبيبة كنت قد ودعت اطيب واعظم واحنّ إنسانه على الوجود، إنها امي وصديقتي الغالية وكنت حينئذ ساكنة في ذهبان ، وعندما قصفت الطائرات أول مرة كنت في الجراف فمن شدّة الصوت صحوت أنا وزوجي وعائلته متسائلين ما هذا الصوت؟ وإذا بالأخبار تتداول بان السعودية تقصف مطار صنعاء، لا أخفي عليكم بأني سعدت لملاقاة أمي ولكن لم يحن الوقت بعد ، فما كان يهمني شيء إلا حزني الشديد على والدتي ، ولكن أولادي أقلقوني فكان كلما ضربت الطائرة أحدهم يصرخون من كل جانب وكنت أحاول تهدئتهم بألا يخافوا فهذا عرس ولكن لا جدوى ، هذا بالنسبة للحظات الأولى عندما سمعنا دوي الصواريخ والغارات وتحليق الطيران .
اما حين قصف أول صاروخ في حارتنا ، وقتها كنت قد وضعت مولودي الصغير حديثا، ورأيت السماء كلها حمراء بسبب وقوع الصاروخ وانفجاره حتى انه كسر كل النوافذ وفتح الابواب ، فلم اتمالك نفسي من الخوف والهلع والى اليوم اخاف من كل شيء فلا سامح الله من وقع وشارك وقاتل اليمن.
إبراهيم الوادعي: كانوا على وشك الاتفاق ليلة السادس والعشرين من مارس انتهت بغير ما بدأت به لدي على الاقل ، تبددت مع نهايتها اجواء التفاؤل التي سادت ساعاتها الأولى واليومين الماضيين مع الاقتراب من وضع اللمسات الاخيرة على الاتفاق السياسي لحوار موفمبيك الذي أداره المبعوث الاممي جمال بنعمر -حينها- بين الفرقاء السياسيين على مدى شهرين قبيل الحرب ،وبعد تعثر اتفاق السلم والشراكة.
كنت قبل ساعات من بداية القصف الغادر قد عدت من فندق موفمبيك حيث كانت تعقد جلسات الحوار مساء، في تلك الليلة لم تعقد الجلسة ، كانت فقط اللجنة الفنية وبالتواصل مع ممثلي الاحزاب السياسية تضع اللمسات الاخيرة للاتفاق ولم يتبق سوى تحديد شخصية رئيس للمجلس الرئاسي بديلا للخائن هادي وشخصية توافقية ترأس الحكومة بدلاً عن حكومة بحاح المستقيلة .
التقيت الدكتور ياسر الحوري الذي كان رئيسا للجنة أو مقررا لها عصر ذلك اليوم 25 مارس 2015م ، وابلغني بأن الجلسات المسائية لن تعقد ، بانتظار التوافق على بديل للفار هادي من بين مرشحين وضعتهم الأحزاب ، وهناك تقارب واتفاق خلص الى ان احدهما سيرأس المجلس الرئاسي والآخر سيتم اختياره لرئاسة الحكومة .
في بهو الفندق التقيت نائب المبعوث الأممي- لا يحضرني اسمه الآن واكد لي كما الدكتور الحوري أن الاتفاق يشهد اللمسات الأخيرة ليعلن مجملا صبيحة السادس والعشرين من مارس أو حينما أكد أنه اتفاقاً المغرب على أبعد تقدير .
وبنعمر في افادته الأخيرة أمام مجلس الأمن كان صادقا حينما أكد أن اتفاقا منجزا أعاقه العدوان .
نعم كان بنعمر صادقا ، وعلى مدى شهرين بقيت فيهما لصيقا لجلسات التحاور لم اغب سوى يومين فقط ، وهذه شهادة للتاريخ ، بأن اتفاقا سياسيا جامعا انجز بمشاركة كل الأطراف حيث اشتمل الاتفاق على مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية ، ومجلس تشريعي من غرفتين ، وآلية مزمنة للانتقال السياسي ، اتفاق شاركت في صياغته جميع الأطراف السياسية كبيرها وصغيرها عبر ممثليها على الطاولة ، ودونما ضغط سوى ضغوط المبعوث الأممي للخروج باتفاق ينقذ البلد بعد استقالة هادي وبحاح أثناء انعقاد هذه الجلسات برعاية بنعمر ، لكن هذا الارباك تم تجاوزه بحنكة المبعوث الأممي وسعة صدر انصار الله والقوى الوطنية الشريفة آنذاك ،التي رفضت نقل جلسات التفاوض الى الرياض كما طلب الإصلاح ومن ورائه سفراء الدول العشر هذه شهادة للتاريخ اضعها أيضا.
أعود الى تلك الليلة، ليلة السادس والعشرين من مارس2015م ، خرجت المغرب من فندق موفمبيك بتفاؤل كبير واتصلت بي قناة المسيرة وابلغتهم بأن الأجواء ايجابية وان الإعلان سيتم الإفصاح عنه على ابعد تقدير عصر أو مغرب اليوم التالي 26 مارس كما اكد لي الدكتور الحوري ومساعد المبعوث الأممي «لا يحضرني اسمه الآن»، وبأن الاتفاق اصبح ناجزا ، ولم يعد هناك من نقاط خلافية، لقد جرى الاتفاق على كل شيء ، وغدا ستنعقد طاولة التفاوض الرئيسية للتوقيع وإعلان الاتفاق بحضور الجميع , وهكذا ابلغت الزميل عبدالواسع الحمدي والذي كان نائبا لرئيس تحرير صحيفة الثورة -آنذاك- وكنا على تواصل حول مستجدات جلسات التفاوض وتزويد «صحيفة الثورة» بجديد كل جلسة .
تسنَّت لي الفرصة لمرافقة جلسات الحوار كما لو كنت احد أعضاء الطاولة ، لقد كنت شاهدا، شهدت الصادق منهم ، والمراوغ ، والفاقد للوطنية ، وقفت على الكواليس ، وكيف يجري التلاعب بالأوطان من قبل سفراء الدول العشر ، والأمم المتحدة عندما تفقد المصداقية ، وكيف تيسر وتسهل الاتفاق ان التزمت الحياد والصدق ، عرفت حينها عن قرب الرئيس مهدي المشاط والذي شارك كمفاوض للمرة الاولى على طاولة الأحزاب والمكونات السياسية .
عندما سمعت الانفجارات الاولى وكانت بعيدة عنا ، كنت في منزل قريب لي بالدائري غرب صنعاء لم يتبادر إلى ذهني انها الحرب ، وان السعودية اتت لتقطع الطريق على اعلان الاتفاق السياسي المرتقب بعد ساعات ، بعد ان عجزت عن نقل طاولة التفاوض الى الرياض ، لقد كانت اجابة الشرفاء حينها بأن الخلاف يمني وعاصمة اليمنيين تحتضن الجميع ، واهمية ان تبقى الطاولة قريبة من زعماء الاحزاب والمكونات لتنجز سريعا المواضيع .
سألت قريبي: هل سمعت شيئاً؟ ، فأجاب بالتشكيك ، لكن اصوات الانفجارات توالت فغادرنا الغرفة الى الديوان لنفتح التلفاز على مشهد الجبير وهو يعلن من واشنطن بدء العدوان على اليمن .
صبيحة السادس والعشرين من مارس لم تكن هواتف المفاوضين ترد ، جميعها مغلقة ، احدهم اجاب عليَّ « بأن المبعوث الاممي في الفندق مرتبك ايضا ، وبات حبيس فندقه» ، كل شيء تأجل ، واضحى الاتفاق في مهب الرياح ، وسألته عن مفاوضي الاصلاح وحلفائه فأجابني بأن هواتفهم مغلقة وهو يعتقد انهم فروا ، فبعضهم لم يرد منذ اليوم الاول على اللجنة الفرعية للتفاوض .
الخونة من المفاوضين استغلوا اليومين الأخيرين 24 و 25 مارس للفرار الى السعودية ، حيث غاب أعضاء الطاولة الرئيسية للتفاوض ،وحضر فقط أعضاء اللجنة الفنية لصياغة وتوزيع حقائب الحكومة ، كان المجلس الرئاسي قد حسم في طاولة المفاوضات الأساسية ولم يتبق سوى الاتفاق على شخصية بديلة لهادي من بين مرشحين طرحوا من قبل الأحزاب .
واسمحوا لي ان أعود الى الأيام الماضية ليوم الـ26 من مارس 2015م ، يومها طلب الخونة ممن كانوا على طاولة التفاوض والذين رأيناهم بعد أيام تباعا في الرياض ، ان تفسح طاولة التفاوض الرئيسية 48 ساعة أو اكثر للجنة الفرعية ان تنجز تشكيلة الحكومة بعد الاتفاق على قوام وأعضاء المجلس الرئاسي تمثل فيه الأحزاب والمكونات السياسية الكبيرة ، على ان تمثل كل الأحزاب صغيرها وكبيرها في الحكومة ، لكن غايتهم كان الفرار وبالفعل تمكن جباري وآخرون من الفرار ، محمد قحطان كان تحت الرقابة فلم يستطع الفرار وذلك بسبب انه أوكلت له مهام في تعز، كما علمت حينها ، فغادر صنعاء دون اعلام طاولة التفاوض ، وهو ما آثار الشكوك حوله ، وتم حجزه في إب واعيد الى طاولة الحوار في صنعاء ووضع تحت المراقبة بمنزله في صنعاء ، وكان يحضر عقب ذلك الى فندق موفمبيك بحماية أمنية، اليدومي كان قد غادر قبل ذلك بأسابيع مع الآنسي بعد استبداله على الطاولة ، وغادر عقبه عبدالله نعمان رئيس التنظيم الناصري « تعدد الناصريون وضاع عبدالناصر في ابجدياتهم للأسف على طاولة الحوار والاخلاص للاوطان «.
ثمة شيء لافت قبل أسبوعين من بدء العدوان في مارس 2015م لازلت اذكره بوضوح الخائن عبدالعزيز جباري يتصل وهو في بهو الفندق أثناء الاستراحة بين جلسات التفاوض التي كانت تعقد بين السابعة والثانية عشرة ليلا من كل يوم و6 أيام في الأسبوع منذ نهاية يناير 2015م ، وحتى 25 مارس 2015م ، يتصل بأسرته يبحث عن جوازه ويريد منهم على وجه السرعة ان يجدوه ، وما سمعته لفت اهتمامي لماذا يبحث هذا الرجل عن جوازه؟ ، وبعدها في اليوم التالي سمعت عدداً ممن ثبتت خيانتهم يتحدث كل منهم الى الآخر حول ما إذا كان قد ابلغ بتحضير جوازه ، وادركت بأن أمرا ما يخفونه ، ولكني لم اعتقد أنها الحرب تحُضَّر بتواطئهم ، يومها نقلت شكوكي الى عدد من المفاوضين الوطنيين الذين تفاجأوا بالأمر ، وأثار ريبتهم ايضا.
في موفمبيك وبين جلسات الحوار كنت اتحدت بشكل ودي دوما مع فريق الأمم المتحدة ، عن أجواء الحوار ، وكيف انهم يتغلبون على تعنت حزب الإصلاح خصوصا الذي اضحى مع بداية مارس وتقدم الطاولة في كثير من الملفات عقبه ، بلغ الأمر حد التزام محمد قحطان الصمت ، وقال لي احد المفاوضين ذات يوم بأن محمد قحطان ابلغ الطاولة بالقول : اتفقوا مع السعودية وما توافق عليه نوافق نحن ولو على قطع رؤوسنا ، وهذا المفاوض هو اليوم وزير قدير ولم اذكر اسمه حتى استأذنه .
لازلت أتذكر احد مرافقي محمد قحطان وهو يتحدث بفكاهة عن محمد قحطان وتمسكه بإحراز مجد سياسي وهو –حسب- قوله لم يعد يستطيع ان يأكل سوى كدر ولبن كان يأتي به معه ، أوقف محمد قحطان يومها مع مرافقه هذا ، وبعدها كان يتحدث عن أخلاق انصار الله عندما اوقفوهم في إب وكيف اعيدت اليهم كامل مستلزماتهم وتمت اعادتهم الى صنعاء بكل احترام ، وأقاطعه مازحا : ما نزل بكم : يرد بضحك : «هذا المنتكل حقنا ما احنا درايين ويش يشتي من الدنيا «، ماعد يأكل غير كدر ولبن وزاقم (متمسك) بالدنيا اتعبنا معه» والى هنا انتهى كلام المرافق.
مغادرة قحطان المبكرة لطاولة الحوار وإيقافه هي ما حالت دون انتقاله الى الرياض أو مارب أو تعز كما علمت حينها بأنه كانت لديه تشكيلات مسلحة هناك .
أثناء حوار موفمبيك كانت أخبار نمو معسكري نخلا والسحيل في مأرب وأسقاط لواء للجيش بكامل عتاده بيد القاعدة في نخلا والسحيل كان ينتقل من شبوة إلى صنعاء عبر مارب ، في خطوة غامضة ظهر بعد ذلك انها مدبرة لتسليح عناصر حزب الإصلاح والقاعدة التي شكلت قوام المعسكر ،ينتصل الى طاولة التفاوض التي أدانت ذلك وتسليم معدات الجيش الى القاعدة في خطوة مشبوهة .. إذ كيف يمر لواء وينتقل بعتاده دون استطلاع يؤمن له الطريق؟ .
أعود الى صبيحة الـ 26 من مارس ، والذي بدت شمسه مختلفة عن الأيام السابقة ،فالطيران المعادي اضحى يغطي سماء العاصمة ، وأجواء التفاؤل غابت ، والمبعوث الأممي السابق بنعمر عالق في فندق موفمبيك ، يبحث عن مخرج .
وباعتقادي عندما لم تنجح عملية تهريب هادي أو تفجير المساجد في صنعاء وصعدة في افشال الطاولة ، شرعت السعودية والولايات المتحدة في شن الحرب المباشرة ، واوقفت اتفاقا ناجزا في لحظاته الأخيرة ، فما قاله بنعمر عن الاتفاق ووصفه بالناجز خلال افادته في مجلس الأمن كان دقيقا .
كان اليمن قبل ساعات من بدء العدوان قد اجتاز عمليا عنق الزجاجة وكل المطبات ،من هروب هادي واستقالة بحاح ، وتفجير المساجد، باتفاق شامل مزمن توافقت عليه جميع الأحزاب السياسية وبرعاية أممية .
وجوه الخونة على طاولة مفاوضات موفمبيك -كما سميت إعلاميا- بدت في وسائل الاعلام بعد ساعات من بدء العدوان من العاصمة السعودية الرياض تمجد العدوان وقتل اليمنيين ، ربما كان المشهد صادما لي اكثر من الآخرين بحكم اني عايشتهم لشهرين من التفاوض .
وبعد خمس سنوات لاتزال تلك الوجوه طريدة في الرياض لكنها شاحبة تخشى اليوم على حياتها ممن دفعوا بها لإفشال طاولة موفمبيك الأممية .
وأوجه التحية لأولئك المفاوضين حتى من كانوا حلفاء الإصلاح على طاولة موفمبيك ، لكنهم في لحظة فارقة فضلوا البقاء في وطنهم على الخيانة السافرة ، واللحاق بالرياض ، واذكر منهم عضو الحزب الاشتراكي يحيى منصور ابو اصبع ، وربما لا تحضرني أسماء أخرى مع توالي أحداث 5 سنوات من الحصار والحرب الضروس وجرائم وقفت امامها عن قرب يشيب لهولها الولدان ، وتتفطر القلوب أمام منظر الأشلاء المقطعة ، والأسماع مع سماع أنين الضحايا تحت الركام والأنقاض.

حميد القطواني – إدارة المحافظات: كنت إلى جوار والدي المصاب في التفجير الإرهابي الذي استهدف جامع الحشحوش
– أول لحظة للعدوان أو ليلة كنت حينها بمستشفى آزل الى جانب والدي رحمة الله تغشاه حيث كان يرقد بالعناية المركزة إثر تعرضه لجروح خطيرة جراء التفجير الارهابي الذي استهدف جامع الحشحوش ، في تلك الليلة المشؤومة كنا متجهزين للسفر الى سلطنة عمان لاستكمال العلاج هناك كنا قد جهزنا كل شيء للسفر حيث ابلغنا الأخوة المعنيون بالأمر ان موعد السفر سيكون تمام الساعة السادسة فجرا من صباح ذلك اليوم ، بينما انا جالس خلف بوابة العناية المركزة إذا بنا نسمع أصوات انفجارات اعتقدت في نفس اللحظة ان هناك أعمالا إرهابية لخلايا القاعدة فأسرعت إلى الرسبشن»الاستقبال» لأستطلع الأمر فإذا بوسائل الإعلام تتحدث عن هجوم للطيران السعودي على مطار صنعاء الدولي ، استغربت وسألت نفسي لماذا هذا التدخل؟ لماذا هذا العدوان؟ وقتها لم اجد اجابة على كل تساؤلاتي ، ولكن مع مرور الوقت ادركت أن الآخرين لن يدعوك تنال حريتك بسهولة كما ادركت عظمة ثورة 21 من سبتمبر .

يحيى الربيعي: قصف عشوائي وليل معتم بسبب انقطاع الكهرباء
أصوات انفجارات قوية.. أصوات الطائرات الحربية.. المضادات الأرضية تطلق العيارات بكثافة غير مسبوقة.. طبعا.. الليل معتم في أمانة العاصمة صنعاء بسبب انقطاع التيار الكهربائي.. أفراد الأسرة جميعهم في نوم عميق.
الضجيج الناري والانفجارات وأصوات خرير الصواريخ وصوت الطائرات غير المنقطع ايقظ الجميع وهرع البعض إلى الشارع وبعضهم صعد إلى سطح المنزل ليتعرف على مصدر هذه الأصوات المروعة.
وبالطبع انقطاع التيار الكهربائي لم يسمح لأحد بالاتجاه نحو أي من وسائل الاتصال والتواصل أو التلفاز… وحده راديو العم «علي» مثل النافذة الوحيدة التي كانت متاحة أمام الجميع.
سارع الحاج «علي» من فوره للامساك بالراديو الصغير؛ الذي لا يقبل التعامل مع أي مستخدم غيره.. المهم ؛ فتح المذياع على إذاعة صنعاء البرامج العام على خبر « العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني يشن غارات وحشية على المدن اليمنية بشكل عشوائي « لا يفرق بين موقع عسكري أو مدني أو منشأة حيوية أو طريق عام أو سوق، وحتى الأسواق ودور العبادة؛ كل شيء في اليمن يتعرض الآن للقصف العشوائي والوحشي.. والدفاعات الجوية تتصدى للغارات بالممكن والمتاح.
إلى هنا ونقف على حقيقة ما تعرضت له القوات الجوية والدفاع الجوي اليمني من خيانة مسبقة ومدروسة هيأت الأجواء لمثل هذه الليلة المشؤومة التي تمكنت فيه تلك الغارات المعادية من اختراق الأجواء اليمنية بأمان أخذت صكه مسبقا بخيانة تدميرية شملت صواريخ الدفاع الجوي.. الخيانة التي تم الكشف عنها مؤخرا في مشاهد أشرفت عليها أمريكا خلال الفترة 2007- 2014م، وما قبلها وهي المشاهد التي كشفت حقيقة أن العدوان على اليمن أعد له من وقت سابق من خلال تجريده من قدراته الدفاعية.

أحمد السعيدي: ليلتها كنت سعيداً بتلك الغارات
كنت في تلك الليلة انتظر حفل زفافي الذي لم يتبق عليه سوى عشرين يوماً فقط…ليلتها لم اسمع أصوات الانفجارات كبقية الناس بل استيقظت على هدير إخوتي وامي في سطح المنزل جوار غرفتي الزوجية والوحيدة في السطح …بعدها شاركت إخوتي متابعة هذه الغارات وأصوات الانفجارات واضوائها الساطعة في السماء في الحقيقة أسعدتني هذه الغارات!!!
لا تستغربوا ؟؟
فأنا أعني ما أقول !!
نعم أسعدتني تلك الغارات « لقد عاهدت نفسي ان اكتب ما شعرت به في اللحظات الأولى للعدوان بصدق ولا اخفي شيئاً ولا اركب الموجة بأني كنت حوثياً أو ضد العدوان في لحظاته الأولى».
.. أسعدتني تلك الغارات لأني لم اكن حوثياً بل كنت اعتبرهم انقلابيين على سلطة الرئيس الشرعي هادي الذي انتخبه الشعب وانا منهم …باختصار كنت أحد المخدوعين بهادي ومن تحالف وقصف معه…
فجر تلك الليلة كنت أظنها غارات لتدمير عتاد وتحصينات وأسلحة ولم أتخيل مطلقاً انه سينتج عنها إزهاق أرواح اليمنيين حتى ولو كانوا الحوثيين الذين اختلف معهم سياسياً فقط ويجمعنا دين ووطن … وفي صبيحة اليوم التالي انصدمت وانا أشاهد في التلفاز أشلاء الأبرياء أحد الأحياء ببني حوات أول حي قصفه العدوان …تألمت كثيراً وعندها صارحت نفسي بأن هذا ظلم واعتداء سافر على المدنيين ولم أبح بذلك لمن حولي …وفي أسبوع العدوان الثالث قصفت طائرات الحقد السعودي والإماراتي منزل صديقي «عبدالله» الذي يعد من اشد المعارضين للحوثيين بل كان مطلوباً امنيا للحوثيين لشدة كراهيته لهم …واستشهد عبدالله وأصيبت والدته بجروح وأتذكر يومها أني بكيت بحرقة ودموعي غسلت يدي مستغربا من هذه العدوان لا يفرّق بين مؤيد ومعارض وعدو وصديق، هذا الحادثة غيَّرت قناعات كثير من شباب الحي تجاه العدوان او ما كنا نسميه حينها «التحالف العربي» ومن هؤلاء الشباب كاتب هذه السطور، لكنني ايضاً لم أستطع أن أبوح عن موقفي خوفاً من أن يتهمني البعض بالتقلب والسير على منهج «من تزوج امنا صار عمنا « كما يقولون بالرغم من قناعتي بباطلية العدوان وشرعية الأنصار في الدفاع عن البلاد …
ودارت الأيام وتكررت مجازر الحقد العدوانية على بلادي وعلى المدنيين الأبرياء ومن هذه المجازر ما لامستها معنوياً بحكم عملي الصحفي مثل الصالة الكبرى و»مقاوتة» بيت المراني وطالبات مدارس الراعي ومن هذه المجازر ما لامستها روحياً وعلى رأسها جريمة أطفال ضحيان والتي بها اكتمل مبدأ البراءة والبغظ تجاه العدوان وهادي ومن معهم ، وأعلنتها أمام الله سُبحانه وتعالى في ركعتين بجنح الليل، في الوقت ذاته تأملت في المجاهدين من انصار الله كيف لهم بعددهم القليل وامكانياتهم المتواضعة أن يصمدوا في وجه ترسانة العدوان العسكرية التي استقدموها من كل دول العالم، بل وحققوا الانتصارات الكبيرة التي نشاهدها في الإعلام الحربي… فعلا ولا بد أن هناك تأييداً ومعية إلهية ترافقهم وانهم مظلومون وصادقون ويواجهون باطلاً ومعتدياً ومحتلاً متمثلاً في تحالف العدوان …كل ذلك مع قليل من المقارنة بين حال المحافظات المحتلة وأهلها ووضعها الأمني وحال المحافظات المحررة وخصوصاً العاصمة صنعاء ولذلك قررت أن أكون في مقدمة الصفوف لمواجهة العدوان في الجبهة الإعلامية واكثر من ذلك إن طلب مني…. وبعد أن سخّرت قلمي ضد العدوان لطلب الرزق فقط صرت اليوم بكل فخر افضح جرائم العدوان بقناعة مستشعراً المسؤولية الوطنية ومحتسبا الثواب من الله وغير مبالٍ لأي اتهام أو تشكيك من مرضى النفوس المحسوبين على هذا أو ذاك..

قد يعجبك ايضا