خمسة أعوام من الصمود .. ومعادلة النصر الاستراتيجي
فريق ركن/ د. قاسم لبوزة
بمناسبة “مرور خمسة أعوام من الصمود في وجه العدوان.. ورغم المآسي التي خلفها الا أن نوافذ الضوء التي تكسر قتامة الصورة كثيرة.. كيف لا.. وما يتحقق يدفعنا للتعبير عن الاعتزاز بما تكوّن خلال الخمسة الأعوام من قدرات عسكرية سواء على مستوى التحشيد والتجنيد أو التدريب أو على مستوى التصنيع والتحصين وبالوصول إلى حالة الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بمتطلبات المعركة العسكرية من الطلقة والسلاح الشخصي إلى الصاروخ والطائرة”.
نعم لقد مرت خمس سنوات عجاف لكنها كانت شاهداً حياً على صدق اليمنيين وعلى نضالاتهم وتضحياتهم ، وبرهانا ساطعاً على صبرهم وعزمهم وصلابة إرادتهم ، مثلما كانت أيضاً شاهداً حقاً وعدلاً، على بشاعة عدوهم وعلى تنكره لأواصر القربى وروابط الدين والدم والعروبة، وانفصاله التام عن كل معاني الإخاء وحسن الجوار، وذلك بفعل توجهاته العدائية التي اختطها، وجرائم الحرب التي ارتكبها، وبمطامعه ومساعيه نحو الهيمنة على بلدنا وخيرات أرضنا، وبتحالفاته المشبوهة التي نسجها ضد أمننا واستقرارنا، وضد حق اليمنيين الأحرار في بناء يمنهم القوي والغني والمستقل والموحد .
ومع كل ذلك بقى العدوان يمارس عنجهيته ضاربا بصمود اليمنيين عرض الحائط ظنا منه ان صمودهم سينكسر فيما كانت القيادة السياسية ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى ترمي له قارب النجاة عندما دعا الرئيس المشاط في ذكرى الصمود الرابعة دول العدوان إلى أن تجعل من العام الخامس عاما للسلام واستئناف العملية السياسية مؤكداً استعداد اليمن الدائم للتعاطي الإيجابي مع كل جهود السلام، والاستمرار في التعاون مع الأمم المتحدة ممثلة في أمينها العام ومبعوثه الخاص إلى اليمن..
غير أن لغة الاستعلاء والغطرسة التي قابلت بها دول العدوان تلك الدعوة والدعوات المماثلة جنت تبعاتها في العام الخامس الذي كان حافلا بالأعمال العظيمة التي تحققت على صعيد تغيير معادلة الحرب التي تحول معها الجيش واللجان الشعبية من خانة الدفاع الى خانة الهجوم بداء من ضربات ارامكو المسددة مرورا بعملية “نصر من الله” في محور نجران التي كانت نتيجةً مشرّفةً وبارزةً للصمود اليمني في وجه العدوان، ودلالةً على تعاظم القدرات العسكرية اليمنية، وتجسيداً واضحاً للسُنَنِ الإنسانية في حتميةِ انتصار المظلومين، كما أنها مثّلت أيضاً، برهاناً واضحاً على فشل تحالف العدوان وهزيمته المحقّقة في اليمن.
ثم ما حققته عملية البنيان المرصوص بعد عدة أيام من العمليات القتالية الممنهجة والمدروسة التي أدت الى تحرير مساحة قُدِّرَت بحوالي 2500 كلم مربع في المثلث الحدودي المشترك للمحافظات اليمنية الاستراتيجية (مأرب ـ صنعاء ـ الجوف)، بين مديريات نهم ومجزر والمصلوب وصرواح، بالتحديد في فرضة نهم ومفرق (الجوف – مأرب – نهم)، وهذه المساحة الضخمة لوحدها، من دون الأهمية الاستراتيجية لما تمثله من أهداف، تعتبر إنجازا مهما على طريق تحرير كافة المناطق اليمنية..
أيضا عملية “فأمكن منهم “، التي تكللت بتحرير محافظة الجوف بالكامل التي استطاع الجيش واللجان الشعبية فيها على فرض معادلات جديدة في واقع جغرافي مختلف وفي أكثر من جبهة وخلال فترة قياسية..
وتزامنت تلك الإنجازات بدخول قوة الردع الجوية اليمنية قلب المعادلة العسكرية والاستراتيجية التي اخرجت نقطة التفوق الجوي للعدو خارج الخدمة بصواريخ الدفاع الجوي المصنعة محليا.. والتي بدت معها ملامح النصر الاستراتيجي.
وما يجعل القوة اليمنية متعاظمة هو التمهيد لحسم معركة مارب نقطة القوة المركزية التي تبيض ذهبا سواء لدول العدوان أو مرتزقة الداخل ..كل ذلك جعل العام الخامس عاماً حافلاً بالأعمال التي تثلج الصدر ..
لقد ارتكب تحالف العدوان أبشع جرائم الحرب وأبشع الجرائم ضد الإنسانية يساعدهم في ذلك حفنة من اللصوص والخونة
الذين فقدوا قيمهم الوطنية وباعوا أبناء جلدتهم بدراهم معدودة وهم – وبكل أسف – محسوبون على يمننا الميمون .
نعم لقد ظهروا في المشهد وكتبهم قلم التاريخ في أسوأ صفحاته أنهم تنكروا ليمنيتهم بعد أن مهدوا الطريق امام الغزاة الأجانب لتدمير بلدهم الذي لطالما نهبوا خيراته، وعلى حصار شعبهم الذي لطالما صبر على فجورهم وظلمهم، وعلى قتل من يفترض أنهم أهلهم وأبناء وطنهم.
وفوق ذلك يسوقون خطابا طافحا بالأكاذيب والشائعات، وطافحا بالعنصرية والتحريض على العنف والكراهية ضد أبناء شعبهم.
لقد حاول العدو أن يوظف كل ما يمكن أن نتصوره وما لا نتصوره من الأساليب والرهانات، ومن شراء الذمم وكل أشكال السياسات الإجرامية والانتهاكات الوحشية، ومضاعفة معاناتنا بغية الوصول الى ضرب بيئة صمودنا وتحويلها إلى بيئة رخوة قابلة للاختراق وللتجنيد المضاد، وداعمة لكسر إرادة هذا الشعب وكل ذلك بهدف الوصول السريع إلى تركيع شعبنا وتحويل يمن التاريخ والحضارة إلى مجرد حديقة خلفية لهم ،،
لكن ها نحن اليوم بفضل الله وتوفيقه ندشن العام السادس من الصمود ونحن بالله أقوى شكيمة وأمضى عزيمة، وأكثر عتادا وعدة، في دلالة على أن العدو قد خاب في ظنه، وأخطأ في حسابه، وما كان لهذا العدو أن يخطئ الحساب لولا حكمة الله وتسديده وتأييده لهذا الشعب الأبيّ.
ولولا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وشمروا عن سواعدهم في كل مجال وعلى كل صعيد فواصلوا الليل بالنهار حتى وصلوا إلى بعض ما أودعه الله في هذا الشعب العظيم من أسرار وقدرات وطاقات كامنة، وما حباهم به من إرادة صلبة وخصائص إيمانية كانت ومازالت وستبقى بعون الله قادرة على ترويض الصعاب وقهر المستحيل.
لقد صمدتم أيها اليمنيون الشرفاء فكسبتم المجد والشرف وماتزال الأيام تثبت بأن المكاسب كلها في الصمود والمخاطر كلها في التراجع ولكم اليوم أن تتأملوا في حال المرتزقة وماهم عليه من ذل وخزي، وانظروا أيضاً إلى تحالف العدو لكي تعلموا كيف ارتدت عليه هذه الحرب وكيف جرجره المرجفون والمنتفعون إلى هذه الورطة الكبيرة وما يعانيه اليوم من استنزاف ومن ابتزاز ومن إملاءات سلكت به إلى مسالك القمع الداخلي والتفكك والتشظي واتساع دوائر التذمر على المستوى الداخلي وما تشهده السعودية من حالة انهيار اقتصادي وصراعات داخل بيت الحكم التي اشتهرت خلال العقود الماضية بأنها قلعة عصية على التفك الى جانب تهتك سمعتها الحقوقية على الصعيد الأخلاقي والإنساني مما يضعها في مهب رياح الانتقادات المستمرة التي حتما ستقودها الى قفص الجرم المشهود عاجلا أم آجلا.
أمّا “ما تشهده المناطق المحتلة من فوضى وانفلات فما هو الا نتيجة من نتائج التفريط المبكر في مواجهة المحتل” وأنا هنا أدعو “الشرفاء والمناضلين في عموم الجنوب إلى العمل على تحرير الأرض وطرد المحتل” وليثقوا أن الشعب اليمني كله سيقف إلى جانبهم والنصر سيكون حليفهم لأن أبناءففق المحافظات الجنوبية قد طردوا المحتل البريطاني وقد بدأوا بالتحرك شعبيا ببلورة موقف رافض للمحتل الجديد بعد أن استشعروا خطورة مشروعه وأجندته التفتيتية والطامعة في الثروة والموقع الجغرافي و التي قوبلت في الكثير من الأحيان بالرفض من قبل الشرفاء من أبناء المحافظات الجنوبية.