قراء نقدية لكتاب (الصراع السياسي في مجرى الثورة اليمنية)

الوحدة اليمنية أفق إنساني تقدمي، والتشظي سقوط بلا قاع وتحيزات المثقف مصادرة للإستقراء

محمد ناجي احمد
تداول الكتاب الماركسيون بشكل خاص تعبير “في التحليل الأخير ” كلازمة مصاحبة لكل تحليل يريدون منه الوصول إلى استنتاج وحيد، لا يتسع لتعددية الاستنتاجات. وهي لازمة تعكس أحادية الاستنباط، التي لا ترى للظاهرة المدروسة إلاَّ نتيجة مغلقة على فهم أحادي ووحيد؛ أي أنه تعبير شمولي النزعة نتوارثه كتاب اليسار دون أن يراجعوا دلالاته الرافضة لحكم معرفي مغاير .
وعلى هذا التعبير المتداول سار الباحث قادري أحمد حيدر في العديد من استنتاجاته في كتابه (الصراع السياسي في مجرى الثورة اليمنية وقضية بناء الدولة 1962م-1963م إلى 1990م )
لكن ما يحسب لهذا الباحث هو مثابرته في الكتابة البحثية، وإن اختلفنا معه حول العديد من أحكامه ومنحى استقراءاته وتحليلاته، التي تتراوح بين الأيديولوجي ورغبة الخروج عنه، وبين الإصلاحي والثوري .
إن تخصيص الإمامة بالتوصيفات التي تجعل منها حالة غرائبية خارج التاريخ هو من وجهة نظري عمل لا تاريخي، فالإمامة جزء من الأنظمة الإقطاعية وشبه الإقطاعية، ينطبق عليها ما ينطبق على كل السلطنات والممالك والإمارات التي عكست ذلك النسق التاريخي من الحكم .
إن قول الباحث بأن الإمام الهادي يحيى بن الحسين استخدم سياسة “(فرق تسد )بين القبائل لتسهيل انقيادها وترويضها ،وتطويعها بغية تنفيذ وتكريس مشروع الإمامة في السلطة والحكم “ص15- قول فيه إسقاط لسياسات امبراطورية انتهجها الاستعمار البريطاني في مستعمراته العديدة ،منذ القرن التاسع عشر ،فالحكم على سياسة الإمام يحيى بن الحسين بهذا التوصيف حكم يفتقد إلى الحيثيات والاستدلالات التي يفترض بالكاتب أن يحيل القارئ إليها ، وهو ما لم يفعله مكتفيا بالحكم الجاهز من خلال المقولة التي تواترت عن سياسة الاستعمار البريطاني في الهند وجنوب اليمن والخليج العربي إلخ.

باعتقادي إنه في هذه المرحلة المبكرة للإمامة في اليمن فإن القبائل هي التي استخدمت الأئمة في صراعاتها الداخلية، وكانت تنطوي ضمن سلطة هذا الإمام أو ذاك وفقا لتلبية الأئمة لاحتياجات ومتطلبات الصراعات والتنافسات القبلية وليس العكس، وعلى ذلك يمكننا أن نفهم سبب التزام القبائل لبيعتهم أو انشقاقهم وتمردهم على ما بايعوا عليه .
لقد كانت دولة الإمام محمد بن أحمد بن الحسن ،المعروف بـ(صاحب المواهب ) نسبة إلى مكان حكمه ،قرية (المواهب) في ذمار– متماثلة مع مفهوم الدولة السلطانية ،بمعنى أنها كانت ملكا في مظاهرها بشكل مطلق ،وبالتالي فإن ما ذهب إليه الباحث في نفيه لمفهوم الدولة المتعارف عليها في العصور الإسلامية ،هذا القول غير صحيح، يقول الباحث ” لا وجود للدولة بمضمونها وبمعناها السياسي والقانوني ،التقليدي (دولة سلطانية ) كما يقدمها (الماوردي)في كتبه ،وحتى شكل ومضمون الدولة الذي عرفته الحضارة العربية الإسلامية …وصولا لشكل وهيئات الدولة في صورة الدولة الزيادية ، والصليحية ،والأيوبية ،والرسولية ،والطاهرية ،التي عرفتها بلاد اليمن “ص29. كذلك حكم المملكة المتوكلية في عهدي يحيى وأحمد كان الحكم فيها في مقتضياته السياسية ملكيا ،تنطبق عليه صفات وخصائص الحكم الملكي في الجزيرة العربية ،مع خصوصية طبيعة الإنتاج والثروة والتركيبة الاجتماعية التي تنعكس على طبيعة وتقاليد الحكم في اليمن.
يصف الباحث قادري انتماء (عبدالله جزيلان ) بأنه “من أبناء الفلاحين والرعية “والصحيح أنه من أبناء طبقة المشيخ الضاربة في جذورها المشيخية في (برط) لأربعة قرون على الأقل ،حيث نجد لبيت جزيلان حضورا في أحداث القرن السابع عشر وما يليه، وربما أن هذا المنشأ هو أحد الأسباب الدفينة التي شكلت التنافر بين المقدم عبدالله جزيلان والملازم علي عبدالمغني ،منذ أن كان الأخير طالبا في الكلية الحربية ،إلى أن تخرج وشكل تنظيم الضباط الأحرار، فقد استبعد جزيلان الملازم علي عبد المغني من توزيعه على سلاح المشاة ،أو المدفعية بحسب تخصصه ،وأصر علي عبدالمغني على عدم ضم جزيلان إلى تنظيم الضباط الأحرار ،لأسباب منها قرب جزيلان من ولي العهد (محمد البدر ) الذي عمل على ترقية جزيلان وقفز به رتبتين ،وفي ظني إن الصراع الخفي بين المنشأ الفلاحي الرعوي لعلي عبدالمغني ،والانتماء المشيخي لجزيلان كان عاملا رئيسيا في عدم تقبل كل منهما لشخصية الآخر .خاصة وأن علي عبدالمغني تميز منذ كان طالبا في الصف الأول الثانوي بالقدرة على التأثير والاستقطاب بين زملائه الطلاب، وبالمقابل كان جزيلان معتداً بنفسه ولديه نزوع للقيادة بسماتها المشيخية ،وإن تأثر بالتوجه القومي خلال فترة الإعداد لثورة سبتمبر وسنوات الدفاع عنها ، وتأثر بالتوجه الماركسي أثناء إقامته في مصر بعد لجوئه إليها عام 1967م .
يتخذ الباحث مصطلح (مشايخ أرض) في توصيف مشايخ جنوب الشمال، بدلالة مميزة عن مشايخ القبائل الشمالية كون الأخيرين مشايخ سلاح وسلطة .. ولو استخدم الباحث مصطلح (مشايخ الزراعة) لكان أكثر دقة، فمشايخ تعز وإب يطلقون على أنفسهم (مزارعين)(مزارع) عند التعريف بأنفسهم.
لم يكن ضعف تنظيم الضباط الأحرار عائدا إلى المثالية الرومانسية لقيادة التنظيم، وانخراطهم في جبهات الدفاع عن الثورة الوليدة فحسب-كما يذهب الباحث، وإنما كان للقيادة السياسية ممثلة بعبدالله السلال وكبار الضباط دور في إضعاف التنظيم ،وسلبه أي دور قيادي بعد الثورة ،تخوفا من طموحات الضباط الشباب في أن يكرروا تجربة ثورة 23يوليو في مصر ،وقد صدرت مواقف عن السلال والجائفي وعبدالله جزيلان ما يعزز قولنا هذا .
يتحدث الباحث عن ضرورة القطع مع الصراعات السابقة، التي تتنازع السلطة وتغلفها بمصطلحات (اليمين واليسار ) و(اليسار الانتهازي ) و(اليسار المغامر) و(اليسار المتطرف) داخل إطار (صراعات الجبهة القومية في قمة السلطة بعد الاستقلال ) وبالتالي فهو يدعو إلى الاستفادة من التاريخ ،وعدم تكرار مآسيه ،والصراعات التي يصفها بـ”العبثية / الاعتباطية ” فهو يرى هذه التسميات والمصطلحات التي استخدمتها مكونات الصراع نتيجة “لغياب الديمقراطية وعدم القبول بالآخر والقفز فوق قوانين المرحلة الوطنية التاريخية ” ص38.. وبالتالي فهو يطالب “بالابتعاد عن وهم أيديولوجية احتكار الحقيقة (ثقافة الكل في واحد )” فبناء الدولة الوطنية الحديثة في اليمن شماله وجنوبه لم يستوعب بحسب الباحث واقع التعدد “وفرضَ أنموذجه الأيديولوجي والسياسي بقوة السلطة والغلبة والعصبية ،وتلك مشكلتنا مع بناء الدولة الوطنية الحديثة ،وبالنتيجة عدم استقرار النظام السياسي في واقع الممارسة “ص37.
يصف الباحث في تحليله وحكمه على تجربة الجبهة القومية والحزب الاشتراكي في جنوب اليمن-بالحكم الشمولي والعبثي والاعتباطي في صراعاته على السلطة ،لكنه في آن ينطلق من مصطلح إنجاز مرحلة (التحولات الوطنية الديمقراطية ) وما سماه الباحث بـ”قوانين المرحلة الوطنية التاريخية ” وهي مقولات وتوصيفات تنطلق من مسلمة التحالفات الجبهوية كتحالفات تكتيكية مرحلية للوصول إلى حكم الطبقة الواحدة ،بعد إنجاز مهام مرحلة “التحولات الديمقراطية الثورية ” وهنا يكمن الاضطراب التحليلي والموقف المعرفي لدى الباحث، الذي تتنازعه لغة الباحث (الإصلاحي )ويقينيات السياسي (الأيديولوجي الثوري)، فالخيار الديمقراطي بحسب هذا النهج هو خيار انتقالي تدرجي “لمرحلة انتقالية (تدرجية /تاريخية ) تستفيد مما كان وتستوعبه للانتقال إلى ما يجب أن يكون ” ص40.. بالتأكيد هو يتجه في تحليله إلى أهمية وضرورة إدارة أزمة التحول ونستوعبها بعقل مفتوح تعددي على الآخر “ص40.. من أجل “التغيير ” وليس “الثبات”، فالنظامان السياسيان في شمال الوطن وجنوبه كانا معا بـ”اشتباكهما أو اصطراعهما مع نفسيهما، ومع أطراف المجتمع ،حيث كانا معا ،بذلك السلوك السياسي يغلبان الاستمرار على التغيير ،ويمنعان التطور السياسي التدريجي والطبيعي للنظام السياسي وللمجتمع ” ص41.
هل هناك (تطور طبيعي) دون صراع اجتماعي؟ وكأن التطور هنا تطور حتمي ميكانيكي تعيقه الصراعات! هنا يصبح (التطور الطبيعي) موسوماً بالغيبية!
يصف الباحث الحوار الذي جرى بين الرئيس إبراهيم الحمدي مع الحزب الديمقراطي الثوري، مع “أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الثوري الذي وصل من عدن بناء على طلب الحمدي، والذي حدد بالأستاذ عبدالحميد حنيبر بدرجة أساسية إلى جانب عبدالحفيظ بهرإن ” ص42-بأنه مناورة من الحمدي بغرض امتصاص النقمة الشعبية ! وباعتقادي أن وجود علاقة تنظيمية بين الحمدي والحزب الديمقراطي الثوري ،من خلال علاقة تواصل تنظيمي خيطي بينه وبين عبدالحميد حنيبر منذ تأسس الحزب في يونيو 1968م كان هو المعزز والمشجع لفتح الحوار ،وليس “المناورة” و”امتصاص النقمة الشعبية “فحضور الحمدي شعبيا تكرس من خلال العديد من المشاريع التنموية وبناء البنية التحتية ،واستكمال أسس الدولة في الإدارة والشرطة والجيش ،وصولا إلى إعداد أدبيات وأوراق تنظيم “المؤتمر الشعبي العام “الذي حدد لها موعداً في شهر ديسمبر 1977م فجاء اغتيال الحمدي ليؤجل الموعد ،وليكون هناك مؤتمر شعبي تأسس في أغسطس 1982م بأدبيات ومحتوى إخواني.
لقد كانت التحولات الفعلية ممثلة في الخطة الخمسية لتأسيس البنية التحتية للدولة المركزية، في المجال التنموي والأمني والجيش، والتعليم والحركة التعاونية ،ولجان التصحيح ،هو الذي خلق قاعدة شعبية للحمدي وليس الحوار مع الحزب الديمقراطي الثوري ،ومن هنا فإن حوار الحمدي وتواصله مع عبدالحميد حنيبر يحتاج إلى تفسير آخر في سياق سعي الحمدي للتواصل مع مختلف القوى الوطنية ومن بينها الإخوان المسلمين .
أما بالنسبة للناصريين الذين يطلق عليهم الباحث تعبير “الجماعة السياسية الناصرية (التنظيم الناصري) ” في دلالة لا تخفى على القارئ حين يتوقف مع وصفهم بـ(الجماعة السياسية الناصرية )بما يشي به هذا التوصيف من تحجيم، جماعة غير واضحة الملامح السياسية-فهم قد حسموا خيارهم في تبني أهداف حركة 13يوينو 1974م ،منذ الإعلان عنها مباشرة من طرف واحد ،بناء على تواصل وتوافق بينهم وبين الحمدي من قبل قيام الحركة ،والبعض من قيادات الناصريين يعيد ذلك التواصل إلى عام 1973م، لذلك اندمجوا مع خيارات الحمدي في بناء الدولة اندماجا كليا،وصولا إلى انتخابه في المؤتمر العام الخامس الذي عقد في الحديدة عام 1977م –عضوا في اللجنة المركزية ،وعضوا في اللجنة التنفيذية.
يرى الباحث أن الدافع لقيام المؤتمر الشعبي العام في 23أغسطس 1982م كان مصادرة الحياة الحزبية والتعددية الحزبية “بفرضه نفسه مظلة باسم جميع المكونات “ص50،وانه “محاكاة لتجربة الجنوب ،ولأن اتفاقية الوحدة وبيان الكويت يشيران إلى قضية التنظيم ،ومن جانب آخر لترويج أنه مظلة سياسية ووطنية لجميع القوى السياسية في البلاد “ص50.. وبرغم صحة هذا التأويل إلاَّ أنه يظل جزئيا ،فالحاجة إلى وجود تنظيم شعبي في الشمال بدأ مع “الاتحاد الشعبي الثوري ” في عام 1966م ،في أواخر عهد السلال ،لكنه كان هشا ولم يستمر لأكثر من عام ،لأنه نشأ بقرار فوقي ،وليس انعكاسا لتنظيم شعبي يعبر عن حراك القوى الشعبية ،وكذلك فإن (قوى مؤتمرخمر1965م) ذكرت في قرارات ذلك المؤتمر تشكيل (حزب الله) ولوجود اعتراض عبر عنه يومئذ محسن العيني الذي كان مشاركا في المؤتمر ،وعبدالكريم الإرياني ،الذي كان يدرس في الولايات المتحدة الأمريكية ،وكان حاضرا بمشورته وآرائه -تمت تسميته بـ(المؤتمر الشعبي ) تكيفا مع حساسية الغرب وأمريكا تحديدا تجاه التسمية الأولى ،فكان التوفيق أن تكون تسمية (حزب الله )للتداول الداخلي ،وتسمية (المؤتمر الشعبي ) للتداول العلني! وظل الصراع حول محتوى (المؤتمر الشعبي) هو الذي يميز طرفي النظام الجمهوري في شمال اليمن ،بين رؤية السلال وجناحه الثوري الجمهوري ،وجناح قوى مؤتمر خمر.
إن الحاجة إلى تشكيل إطار تنظيمي شعبي ظل مطروحا منذ بداية الستينيات، وان الصراع كان حول القوى الشعبية التي يجب أن يمثلها وتمثله ، هل هي التكتل الثوري الذي مثله السلال والقوى صاحبة المصلحة في التغيير ،أم قوى مؤتمر خمر كتحالف بين قوى المشيخ والقضاة ورموز حزب الأحرار وكبار التجار وكبار الضباط وحزب البعث، لذلك جاء تأسيس المؤتمر الشعبي في أغسطس 1982م انتصارا لنهج مؤتمر خمر ورؤيته ومقرراته.
إن القول بأن بقايا حزب الأحرار كانوا مع مؤتمر خمر وجناح (الجمهورية القبيلية) ليس دقيقا فالصحيح أن قادة ورموز حزب الأحرار كلهم تقريبا كانوا جزءا أصيلا لتكتل مؤتمر خمر، إضافة إلى حزب البعث ،الذي اتخذت قيادته في المؤتمر الذي عقد بعدن في نوفمبر 1963م وحضره عن القيادة القومية في دمشق مسعود الشابي – واتخذ المؤتمر آنذاك” قرارا بتدعيم التحالف مع القبائل والانخراط في المؤتمرات السياسية القبلية، وهو أخطر قرار سياسي في تاريخ حزب البعث ،بدا معه وكأن “الحزب البعث” يستدعي الانقسامات العمودية التقليدية إلى المجال السياسي في صراعه العقائدي السياسي مع القيادة المصرية والسلال ،والتي تجسدت في اصطفاف البعث مع القبيلة وزعماء القبائل “ص52.
بدلا من ثنائية اليسار في تقسيمه للصراع إلى (تناقضات رئيسية وتناقضات ثانوية) يستخدم الباحث مرادفا لها بقوله (تناقض صراعي وتعارضات ثانوية) وهذا من وجهة نظري تفسير وتبسيط للمصطلح الأول.
يرى الباحث أن الدور المصري انقسم بين ثلاثة اتجاهات متنافرة في إدارة الصراع في مجرى ثورة 26 سبتمبر، وهي” القيادة العسكرية بقيادة عبدالحكيم عامر الذي اصطف مع رموز القبيلة، والسادات الذي اصطف مع كبار التجار والكمبرادور، والدبلوماسية المصرية ممثلة بالسفارة والسفير أحمد شكري المنحازة كليا للمشايخ ولرجال “الأحرار” .. والحقيقة أن هذه القوى التي يعددها الباحث على أنها ثلاثة اتجاهات هي تعبير عن قوى خمر، أي أنها القوى التي أنجزت بعد ذلك انقلاب (جمهورية 5نوفمبر )، فهي قوى متحالفة ومتكتلة بحكم مصالحها ،وليست قوى متنافرة ومتصارعة، ولو قال الباحث بأن الدور المصري كان موزعا بين هذه القوى وبين التكتل الناصري بقيادة السلال لكان مقاربا للواقع .
لم يتخرج النعمان من الأزهر الشريف عام 1939م ،فما ذهب إليه الباحث في هامشه التوضيحي ص57 ليس صحيحا ،وإنما حضر النعمان دروسا ومحاضرات في الأزهر كمستمع ،بواسطة من شكيب أرسلان ،الذي عمل معه النعمان لفترة في كتابة رسائل الأمير شكيب أرسلان ،وكذلك كان شأن الزبيري الذي يذهب البعض إلى انه تخرج من دار العلوم ،فكلاهما الزبيري والنعمان ،سمح لهما بالحضور ،النعمان في الأزهر ،والزبيري في دار العلوم مستمعين لا طلابا رسميين ،نظرا لعدم امتلاكهما شهادات من المدارس، فتعليمهما كان تقليديا بإجازات من العلماء وليس تعليما حديثا، كذلك فإن سحب الجنسية عن النعمان سببه تصريحاته أثناء حصار السبعين يوما ،وقوله بأن العيد الذي سيأتي لن يستطيع الرئيس الإرياني الصلاة في الجبانة في صنعاء، وسحب الجنسية كان بشكل رئيسي استجابة لضغوطات قادة الوحدات والمدارس العسكرية ،التي صمدت في حصار السبعين يوما ،ورأت في تصريحات النعمان خيانة وطنية ،وطالبوا بسحب الجنسية عنه، وقد استجاب القاضي الإرياني لهم مكرها.
يرى الباحث أن طرح عبدالرحمن البيضاني ومطالبته بـ”التوازن الطائفي” مهم من الناحية السياسية الواقعية، إلاَّ أن طرح البيضاني ومطالبته بالتوازن الطائفي العيب فيه من وجهة نظر الباحث أنها طرحت لأهداف سياسية ذاتية ،بدون رؤية سياسية وطنية، ص72، لا أدري كيف يمكن بناء دولة مواطنة بناء على مفهوم “التوازن الطائفي” الذي يصفه الباحث بـ”المهم من الناحية السياسية الواقعية “!
يدرج الباحث اسم عبده محمد المخلافي ،مؤسس تنظيم الطليعة العربية الإسلامية ،والذي اشتهر عند بعض الباحثين بأنه المراقب العام لحركة الإخوان في اليمن –يدرجه ضمن الجناح الجمهوري القبلي ، والحقيقة أن إسهام المخلافي في المقاومة الشعبية بتعز ثم مقتله بحادث غامض بنقيل سمارة ،عام 1969م يشي بأن الحادث كان مدبرا من قبل أقطاب جمهورية 5 نوفمبر ،كي يتم الاستفراد بقيادة حركة الإخوان المسلمين في اليمن ،ومصادرة توجهها لصالح السعودية وممثليها :الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والاستاذ عبدالمجيد الزنداني ،أي لصالح وهبنة تنظيم الاخوان بما يخدم النظام والأهداف السعودية الغربية في المنطقة، ولهذا فبرأيي إن موضوع عبده محمد المخلافي يحتاج إلى بحث وحيثيات تزيل الغموض عن مساره ومقتله.
يصف الباحث قرارات الرئيس عبد الله السلال بعد عودته من مصرعام 1966م ،والتي وصلت إلى حد إقامة محكمة الشعب ،والحكم بالإعدام على البعض كالرعيني وعيسى هادي بتهمة التخابر مع إسرائيل ،وفرار رموز الجناح الجمهوري القبلي إلى خَمِرْ والسعودية ولبنان –يصفها بأنها ” قرارات وإجراءات قاسية وغير مبررة ولا مفهومة ضد معارضيه في الجناح الآخر “وأنها قرارات فوقية ،بدلا من القيام بتحولات اجتماعية اقتصادية قانونية تحدث تحولات في بنية المجتمع المادية والاقتصادية .. والحقيقة أن التحولات المطلوبة التي يتحدث عنها الباحث قادري أحمد حيدر لن يكتب لها النجاح ما لم يتم إزاحة القوى الاجتماعية المناهضة لهذه التحولات، وقد سبق أن عارض هذا الجناح كل مبادرة أو توجه نحو الإصلاح الزراعي وبناء قطاع تعاوني وقطاع عام صناعي قوي، فالمطالبة بهذه التحولات مع بقاء القوى الاجتماعية المعيقة والرافضة لها يصبح موقفا مثاليا، ينطلق من قناعة مثالية بإمكانية التغيير دون الصدام مع هذه القوى المعيقة لأي تحولات تسلبها عوامل الهيمنة والثروة. يراجع ما قاله الباحث في ص86-87.
لم يذكر لنا الباحث أن السَّلال في هذا الصراع كان قد ظل في الإقامة الجبرية بالقاهرة لمدة تسعة أشهر – من أكتوبر 1965م إلى أغسطس 1966م- وأن هذه القوى قد خططت لقتله عند عودته وهو في طريقه إلى القصر الجمهوري بصنعاء ، بحسب ما يذكره الشيخ سنان أبو لحوم في مذكراته ، ودوَّنه الرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني في مذكراته ،معبِّرا عن رفضه لهذا الكمين .. والحقيقة أن إجراءات وقرارات السلال كانت متأخرة ، سواء في مواجهته لقوى خمر ،أو تأسيسه المؤتمر الثوري عام 1966 برئاسته ،وأمينه العام يحيى بهران .
يستدرك الباحث بعد حكمه السابق بقوله: هذه الإجراءات العنيفة لم ترتبط بإجراءات جذرية تمس المصالح الحقيقية للقوى السياسية التقليدية ،وشبه القطاع وكبار المشايخ والكمبرادور .ص88.وفي اعتقادي أن المشكلة تكمن في أن الصحوة الثورية كانت متأخرة ،فمنذ عودة السلال من إقامته الجبرية في مصر إلى أن تم الانقلاب عليه في 5نوفمبر1967م ،وقد كان بحدسه يعلم أن هناك ترتيبا للانقلاب عليه ، وأن الظروف الإقليمية والمحلية أصبحت في صف قوى خَمِر، لذلك غادر اليمن إلى مصر في 2نوفمبر بحجة السفر إلى العراق وموسكو ،وقد أصر نائبه عبد الله جزيلان على مرافقته إلى مصر ،ورفض البقاء في اليمن ،وكأنه على علم بأن الانقلاب أصبح في خطواته الأخيرة ،ولا يريد أن يتحمل الخطوات الانتقامية التي يمكن أن يتعرض لها، فقد عاد القاضي الإرياني من إقامته الجبرية في مصر ،والتي استمرت 13شهرا –بتاريخ 26أكتوبر 1967م- إلى الحديدة على رأس أربعين شخصية من رجاله، أي أن إجراءات السلال ضدهم كان سقفها الزمني سنة تقريبا .وسرعان ما تم إسقاط الجناح الجمهوري الثوري ،إما بالنفي أو السجن أو الإخفاء ، أو فرار من استطاع منهم .
يبدو أن الباحث عجز في أكثر من موضع للتحليل ،سواء في موقف حزب البعث المنحاز مع قوى خَمِر ،أو المشارك في أحداث أغسطس منحازا للقوى القبلية ضد الجناح الثوري ،أو في موقف الحزب من انقلاب 5 نوفمبر –لم يستطع التحرر من تحيزاته مع حزب البعث ،فتارة يفصل بين موقف كوادر حزب البعث وموقف قياداته ، أو في تبريره لمواقف حزب البعث في تلك المواقف ،وصولا إلى وصفه لانقلاب 5 نوفمبر بأنه “ما يزال يدور حول انقلاب 5نوفمبر 1967م جدل وسجال حول طبيعته وهويته ،والقوى المنفذة له 0المشاركون في صناعة الحدث) وبهذا المعنى ما يزال 5 نوفمبر 1967م قضية سياسية ووطنية مفتوحة للبحث والنقاش من زوايا وجوانب عديدة لم تبحث ” ص91.
لا أدري ما المقصود من تعبير الباحث ” خط التطور السياسي الطبيعي ” الذي يستخدمه المؤلف ،ويضيف له وصف “السلمي”،حين يتحدث عن (محسن العيني) والرئيس القاضي (عبد الرحمن الإرياني ) بأنهما مع “خط التطور السياسي الطبيعي السلمي ” علما بأن الرئيس الإرياني والعيني فيما يخص الموقف الاجتماعي والسياسي والاقتصادي هم من تحالف قوى خمر الأساسيين والمساهمين بفاعلية في قراراته وأدبياته ودستوره! هل يقصد المؤلف بهذا التعبير :تشكيل دولة المؤسسات ،المعبرة عن توجه قوى خمر سياسيا واقتصاديا؟هنا تصبح الفروقات في الدرجة وليست نوعية بين أي صراع سياسي داخل البنية التحالفية لقوى خمر ،صراع حول من يرث الإمامة قوى المشيخ أو قوى القضاة والتكنوقراط ،ليس خلافا في جوهر القضية الاجتماعية والموقف منها . كان الصراع داخل هذه القوى حول احتكار أدوات العنف والقرار السيادي والثروة ،هل يكون بيد رئيس المجلس الجمهوري والحكومة ،أم يكون بيد رئيس مجلس الشورى وقوى المشيخ ،ولم يكن هناك خلاف حول رؤيتهم الاجتماعية والاقتصادية ،أي لم يكن تباينا حول الفلسفة الاجتماعية للنظام !
يجزم الباحث بوجود هوية جغرافية حضرمية جامعة في كل الدويلات التي نشأت في حضرموت ،وهو جزم يعوزه المسوغ والمنطق في مثل هذا الاستثناء ،فما وجد من دويلات في حضرموت ،ونزوع للتوسع والرغبة في السيطرة عليها تحت حكم واحد سنجده يماثل جغرافيات أخرى في اليمن ، وبالتالي فإن قول الباحث “في البداية يجب الإقرار بالقول إن ” الحضرمية ” كانت هي الإطار الجامع (كهوية جغرافية مكانية )لكل الدول ،والسلطات والمشيخات التي ظهرت في حضرموت ،من مملكة “كندة ” إلى دولة “طالب الحق ” (عبد الله بن يحيى الكندي ) إلى دولة آل يماني إلى الدولة “الكثيرية ” والدولة القعيطية “ص157.من وجهة نظري هذا “الإقرار”ليس له من مسوِّغ سوى تخليق “الهويات السياسية” في الأذهان التي يمكن أن يبنى على أوهام (الهويات الجغرافية المكانية ) الضيقة ،فهذا “الإقرار” يمكن تعميمه على أكثر من جغرافية داخل اليمن! فليست حضرموت في سياقها التاريخي حالة خاصة ،حتى نقر لها بذلك ! يمكن التأسيس لهذه الأوهام الهوياتية ،فيما يتعلق بسلطنة لحج وعدن ،وفيما أطلق عليه اسم (اليمن الأسفل ) وتحديدا (تعز وزبيد) الخ!
في هذا السياق يتحدث الباحث عن طلب سلطنة لحج في 18فبراير 1948م الانضمام إلى عضوية الجامعة العربية، أو تمثيلها في اللجنة الثقافية –بقوله: “مجرد إقدام السلطنة على ذلك الطلب هو خطوة سياسية متقدمة، تتناسب مع بعض التوجه العروبي في إدارة السلطنة وقيادتها، وهي خطوة تعكس حالة سياسية وطنية وقومية متقدمة لم تجرؤ أي سلطنة على الإقدام على مثلها، وهي تعبير عن صعود فكر سياسي جديد في كل المنطقة اليمنية ” ص174.
كيف يمكن فهم إقدام سلطان لحج على طلب الانضمام إلى الجامعة العربية عام 1948م بهذا الإطناب الاحتفائي، وإلباس هذا التصرف لباس (الوطنية والقومية المتقدمة)، وهي مرتبطة ومكبلة باتفاقيات حماية واستشارة تمنعها من الإقدام على أي تصرف أو معاهدات أو اتفاقيات داخلية أو خارجية دون موافقة الحاكم البريطاني بعدن؟ ولاستحالة ذلك قانونا وواقعا وسيادة فإن تصرف سلطان لحج لا يخرج عن توجيهات الاستعمار البريطاني في تعزيز انفصال الجنوب عن الهوية اليمنية الجامعة!
ويصف الباحث رد عبد الله بن علوي بن حسن الجفري على اعتراض مندوب “المملكة المتوكلية اليمنية ” في الجامعة العربية بقوله: “وقد رد عبد الله بن علوي بن حسن الجفري على الاعتراض اليمني .. والمقصود بقول الباحث “الاعتراض اليمني ” إعطاء مصطلح “اليمني ” سمة جهوية شمالية، أي أن سلطنة لحج مختلفة في هويتها عن الهوية (اليمنية ) التي تصبح في أحسن الأحوال لدى المؤلف مجرد هوية (ثقافية ) مع العلم بأن الاعتراض حين يكون موجها ضد الهوية السياسية فهو يتأسس على هويات ثقافية متمايزة عن بعضها !
وفي هذا انسياق وتسليم للمفاهيم الهوياتية التي كانت بريطانيا تفرضها بقوة الغلبة الاستعمارية، تارة باسم (الجنوب ) وأخرى باسم (الجنوب العربي )وكلها كانت تستخدم من أجل نفي الهوية الجامعة (اليمن).
يتناقض الباحث مع منطقه (الإقراري) والاحتفائي بالهويات الجغرافية الحضرمية واللحجية حين يصف المشيخات الصغيرة، بأن عموم المشيخات والإمارات باستثناء سلطنة لحج والقعيطي والكثيري –بأنها لا تملك مقومات الإمارة ،وإنما تعكس واقع حالة التخلف الاقتصادي والشقاق الاجتماعي ،والتفكك السياسي ،والتجزئة الوطنية …ص175. مع أن توصيف الباحث هنا للمشيخات والسلطنات التي يصفها بالصغيرة، ينطبق على كل المحميات الغربية والشرقية وعلى مستعمرة عدن من حيث الدافع والوظيفة!
ما وصفه الباحث بقوله ” كما شرعن وجودها واقع التخلف الاقتصادي التاريخي :العزلة والتجزئة تحت الحماية البريطانية المباشرة بعد احتلال عدن ” ص176.بل وفي مسارها التاريخي الذي نشأت فيه كانعكاس لواقع التخلف والضعف الذي عانى منه المركز .هذا التوصيف يشمل كل حالات التفكك ،ولا يمكن إطلاقه على بعض المشيخات ،واستثناء أخرى ،فكلها مشيخات (مجهرية ) وظيفية ،بما يحقق مصالح الاستعمار البريطاني في المنطقة .
ليس صحيحا ما ذهب إليه الباحث من أن دولة علي بن الفضل امتدت من يافع لتسيطر على كل اليمن ،فما سيطرت عليه قد لا يتجاوز ثلث اليمن ،صحيح أنه انطلق من يافع ،لكن عاصمة حكمه كانت (مذيخرة) في العدين ،لكن الباحث مولع بتوجيه تاريخ الدويلات في اليمن بما يعزز ويعطي لمشيخة يافع عمقا تاريخيا يعزز من أوهام الهويات الوهمية !
لقد ظل علي بن الفضل في تنازع مع رفيقه (داعي اليمن )(بن حوشب)الذي انطلق من حجة ،وكذلك مع الأئمة أولاد الهادي يحيى بن الحسين ،ومع اليعفريين ،والزياديين ،فإذاً القول بأن علي بن الفضل وحَّد اليمن تحت حكمه مجافٍ لحقائق التاريخ .
لقد كان تمرد علي بن الفضل عن مركز الحكة الاسماعيلية في (سلمية ) متزامنا مع تمرد آل الجنابي في البحرين ،وتمرد حمدان قرمط وعبدان في الشام ،والسبب يعود إلى ظهور الإمام عبيد الله بن الحسين المهدي ،بعد أن كانت الحركة تؤمن بإمامة محمد بن إسماعيل ،كإمام مخفي ،وجاء انتقال الإمام عبيد الله المهدي إلى المغرب بدلا عن اليمن كما كان مقررا ،من ضمن عوامل التمردات العديدة ،أضف إلى ذلك قتل الإمام لداعيته في المغرب (أبو عبد الله الشيعي )وأخيه (أبو العباس ) بعد أن تمكن في المغرب. فإذاً تمرد علي بن الفضل على الحركة الإسماعيلية والإمام عبيد الله بن الحسين المهدي، لم يكن لأسباب النزوع (الوطني) أو المحلي، وإنما لذات الأسباب التي جعلت قرامطة الشام وإسماعيلية البحرين يتمردون .
يبدو لي أن ثنائية الباحث/الأيديولوجي ظلت حاضرة في مجمل المسار التحليلي داخل الكتاب، سواء في اختيار الباحث المصطلحات مثل: (التطور الطبيعي) ولا نراه سوى رديف لمصطلح (الحتمية التاريخية) إن لم يكن تعبير المؤلف أكثر حتمية ،لما فيه من ربط التطور بالطبيعة لا بالإنسان ،أو بالزمن باستقلالية عن الإنسان !
يسير المؤلف على نمطية ازدراء الريف وجوهرانية المدينة عدن . يصف الباحث الجماهير “الريفية ” التي دخلت عدن بعد الاستقلال بقوله ” وهذه هي المجاميع الجماهيرية “الريفية ” التي دخلت و(غزت ) المدينة عدن بعد الاستقلال وأثَّرت بصورة مباشرة وغير مباشر على الطابع المديني للمدينة الكوزمبوليتية (عدن)ص316.والحقيقة هي أن طابع المدن العربية كلها باستثناء القاهرة وبدرجة تالية دمشق تأخذ الطابع الريفي في تفكير قاطنيها ، كذلك فإن مدينة عدن تأسست بفعل نزوح الريفيين إليها بحثا عن العمل، إما من أبناء المخا وتهامة بعد أن عمل الاستعمار البريطاني على تعطيل ميناء المخا، وإما من أبناء الحجرية والمحميات وإب ،وهؤلاء هم الذين حافظوا على الهوية اليمنية لمدينة عدن ،وكانوا عمق الحركة العمالية وحركة التحرر ضد الاستعمار البريطاني .
هناك خلط في الفهم بين القيم الريفية الفلاحية والقيم البدوية، والذين يتحدثون عن القيم الريفية بازدراء واستعلاء، ويرونها قيما متخلفة يخلطون بينها وبين القيم البدوية التي تقوم على المغالبة ، وفي كلا الأمرين هم مخطئون ،فالقيم الاجتماعية تحتاج إلى من يدرسها متخففا من الهجاء والاستعلاء ،وإنما يدرسها ليفهم طبيعة المجتمعات ،وأنساقهم وظروفهم ،وتطورهم التاريخي ،لا ليدينها.
إن المجتمعات العربية في أغلبها مجتمعات فلاحية، والاستقرار بالنسبة للفلاح هو أساس الحياة، لهذا فهو يطالب بالقوانين والدولة كي تشكل له سياجا يحميه من مغالبة البدو والفوضى.
يمكن العودة إلى كتاب (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ) للدكتور علي الوردي ،للتوسع في معرفة ودراسة البداوة والحضارة ، وكذلك دراسته عن ابن خلدون . وإذا عدنا إلى التكوين الطبقي لقيادات وكوادر الجبهة القومية ثم الحزب الاشتراكي فسنجدها من البرجوازية الصغيرة ذات المنشأ الفلاحي ،ومن الفلاحين والعمال ،فإذا السمات الفلاحية الريفية هي التي ستتغلب عليهم وليس السمات البدوية .مع الأخذ في الاعتبار أن القيم البدوية لها تأثيرها وحضورها لدى أهل الريف وأهل المدن “فكل فئة من هذه الفئات الثلاث في بلادنا تعيش في وضع اجتماعي خاص بها ، إنها جميعا قد تأثرت بالقيم البدوية لكنها تختلف فيما بينها حسب اختلاف هذا التأثر ومبلغ تفاعله مع القيم الحضرية ” ص97.دراسة في طبيعة المجتمع العراقي – الدكتور علي الوردي- دار الوراق –الطبعة الرابعة 2017م.

*كتاب (الصراع السياسي في مجرى الثورة اليمنية وقضية بناء الدولة 1962م-1963م إلى 1990م ) للباحث والكاتب قادري أحمد حيدر ، والصادر بطبعته الأولى عام 2018م .ويقع الكتاب في 344ص من القطع الكبير .

قد يعجبك ايضا