الصورة.. والوعي

بين الصورة والوعي علاقة طردية/عكسية ذلك أن الصورة تنتجها ذائقة حساسة ووعي جمالي من نوع ما وهي في ذات الوقت تعيد تشكيل وعي من يشاهدها او يتلقاها.
الصور البشعة وغير المتقنة والسطحية يسميها الفنانون “تلوثا بصريا” إنه يصيب العين مثلما يصيب التلوث الجسد لكن تلقي الثقافة عبر مشاهدة الصورة (وليس عبر القراءة) يبدو أخطر على الوعي الإنساني والمستوى الذهني للأفراد والجماعات من حيث أنه يغير طرق التفكير ويحول الذهنيات إلى سطحية.
ولقد كان للتصوير الفوتوغرافي ومن ثم التصوير المتحرك وجهاز التلفاز كأداة عرض دوره الكبير في إعادة تشكيل الوعي الإنساني خصوصا حين تحول إلى أداة من أدوات الاتصال والمعرفة مع ظهور وسائل الإعلام والدراما والسينما والأفلام الوثائقية وإن لم تكن قد استطاعت أن تلغي الكتابة والقراءة والكتب والجرائد إلا أنها غيرت من وجه العالم. وطالما لعبت الصورة دورا كبيرا في تغيير موازين القوى والرأي العام والتفكير واستخدمت استخداما أيديولوجيا أبعد من استخدامها للتعبير.
مع الكلمة وأنت تقرأ ثمة مساحة لذهنك ليتجول ويفكر ويربط ما تقرأه بخبراتك وبنصوص قرأتها من قبل أو أفكار خطرت لك أو خبرات تشكلت لديك وهذا يعمق التفكير أما حين تشاهد فإن الصورة تأسرك وتظل تطاردها وقد لا تتركك كما أنها لا تثير لديك كثيرا من الأفكار ولا تنشط ذهنك وهذه هي الفكرة التي يدور الجدل حولها كثيرا حين يتعلق الأمر بـ”ثقافة الكلمة وثقافة الصورة”.
تخلق الصورة مجتمعا استهلاكيا أيضا ولهذا يزداد الاتجاه صوب الإعلانات ومعها تزداد حدة الاستهلاك وشهوة التسوق لدى الأفراد وهذا يتصل جوهريا بالعولمة, حيث لوسائل وتقنيات الاتصال الحديثة دورها الجوهري في تشكيل الوعي العالمي النمطي.

قد يعجبك ايضا