ودّعت العاصمة اليمنية صنعاء في يوم الأربعاء الموافق 4/ يوليو / 2024م روح المجاهد وشيخ الوحدويين اليمانيين الطاهرة / المناضل خالد أبو بكر باراس الحضرمي اليماني الوحدوي الكبير ، ودعته صنعاء حاضنة اليمن كل اليمن بحزن عميق، ودموع منهمرة، وصيحات أنين مكبوتة نابعة من الروح الإنسانية العميقة، لكنها مؤمنة إيماناً مطلقاً بقضاء الله وقدره وسنة الله في عباده الأزلي .
والحمد لله والشكر له أنه أمدَّ في طول عمر مناضلنا ومجاهدنا الفقيد الكبير / باراس الذي ترك الدنيا الفانية ليلتحق بركب الشهداء والصديقين الأحرار من رجالات اليمن العظماء الأفذاذ من الذين حجزوا لهم مكاناً في الصدارة الوطنية الحقَّة في عاصمة اليمن المقاوم، العاصمة اليمنية الحرة التي ذادت وقادت برجال الرجال عن كرامة الأمة اليمانية، وتاريخها المجيد ووقفت في صدارة الأمة العربية والإسلامية لتدافع عن محور المقاومة الأبطال لإفشال مخططات المشاريع الصهيونية الإسرائيلية والأمريكية والأطلسية في فلسطين الحرة وأمتنا العربية الإسلامية برمتها.
لقد اختار المجاهد / خالد باراس الإقامة في العاصمة صنعاء بمحض إرادته، منطلقاً من بصيرته الثورية التحررية، ومستلهماً من فكره وعقله العروبي اليماني الوحدوي الأصيل بأن يمضي ما تبقى من عمر حياته النضالية في هذه البقعة الطاهرة في مدينة صنعاء، كي يؤكد لجميع رفاقه القدماء والجُدد أو من تبقى منهم على قيد الحياة بأن البوصلة الصحيحة للمسار الثوري اليماني الوحدوي، تبدأ من هنا في مدينة سام بن نوح عليه السلام، ومن مدينة آزال التاريخية، حيث ولد التاريخ اليماني العريق وترعرع في ربوع رُبى صنعاء الأبية، باعتبارها البيئة والمناخ الصحي لانتشار الأفكار الإنسانية الإسلامية المقاومة الحقة.
نعم هذا هو القرار التاريخي الصحيح الذي اتخذه المجاهد / باراس في مسيرته الكفاحية الجهادية الطويلة التي بدأت في سفوح روابي حضرموت الشامخة وصولاً إلى الروابي الشمّاء لصنعاء الأبية، والذي تفاخر واعتز بها كثيراً مجاهدنا الكبير / خالد باراس رحمة الله عليه، وكان يكرر تلك القناعات لمن زاره في منزله المتواضع في حي ……. بصنعاء العاصمة.
وعودة لقراءة خلفيته النضالية الكفاحية :
تقول سيرته العطرة التي وثقها في كتابه الشهير حول رحلته في الحياة وبعنوان (أيها الماضي … وداعاً) أنه التحق في جيش البادية الحضرمية في العام 1956م، ومنذ التحاقه وهو يتطلع إلى المزيد من الخدمات في هذا القطاع الأمني الهام، وتخرج من مدرسة الإشارة في العام 1959م، وعُيِّن رئيساً لأركان الأمن العام في م/ حضرموت عام 1968م، وعُيِّن بعد عامٍ مديراً عاماً في محافظة شبوة (المحافظة الرابعة) كما كانت تسميتها بعد الاستقلال الوطني لجنوب الوطن، وفي العام م1970 عُيِّن قائداً لسلاح المدفعية في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقاً)، وأُرسل للتأهيل العسكري العالي في إحدى الأكاديميات العسكرية في جمهورية الاتحاد السوفيتي الاشتراكية وتخرج منها في العام 1975م .
في العام 1981م عُيِّن ملحقاً عسكرياً في سفارة اليمن الجنوبية (سابقاً) في موسكو واستمر حتى العام 1987 م ليعود لجنوب الوطن, كما عُيِّن نائباً لرئيس مجلس السلم والتضامن مع الشعوب.
في العام 2002م رُقيَّ آخر ترقياته العسكرية إلى رتبة لواء وعُيِّن مستشاراً عسكرياً لوزير الدفاع لجيش الجمهورية اليمنية.
عُيِّن في أول مجلس نواب للشعب بعد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، ومُنح العديد من الأوسمة الرفيعة، كوسام الشجاعة، 22 مايو وغيرها من التكريمات في مسيرة حياته السياسية والعسكرية والمهنية.
في العام 2013 شارك في مؤتمر الحوار الوطني في الجمهورية اليمنية عن مؤتمر شعب الجنوب هو و المناضل / محمد علي أحمد ورفاقه .
ومع اندلاع العدوان الهمجي القذر على الجمهورية اليمنية في 26/ مارس / 2015 م، قرر المجاهد / خالد باراس أن يتجه صوب العاصمة صنعاء، رافضاً أن يكون مطيّة أو عميلاً لدولتي العدوان السعودي / الإماراتي، أو أن يكون جزءاً من فرقة وجوقة الخيانة من المرتزقة اليمنيين لليمن العظيم، وفضّل العيش حراً كريماً في صنعاء الحرة رغم معاناة الحصار والتجويع والحرمان من متع الحياة الصحية والمادية .
وبالعودة للتاريخ قليلاً فقد لمع اسم المناضل التحرري / خالد باراس منذ مطلع الستينات من القرن العشرين، حينما التحق بصفوف طلائع المحاربين في فصيل الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل، وكان مقاتلاً صلباً مع ثوار الجبهة القومية في سلطنات حضرموت وهي:- (سلطنة الواحدي، وسلطنة القعيطي، وسلطنة الكثيري)، ومنذ ذلك التاريخ واسم / باراس يتردد صداه بقوة كواحد من قادة فصائل العمل الفدائي للجبهة القومية .
أتذكر أنه زارني ذات يوم لمكتبي في رئاسة جامعة عدن، وحينها كنت أشغل منصب رئيسٍ لجامعة عدن وأهداني كتابه (أيها الماضي … وداعاً) للذكرى ، وطلبت منه عدداً من النسخ لأهمية الكتاب ولتوثيقها في المكتبة المركزية للجامعة , وعدداً من النسخ في مكتبات قسم التاريخ بكليات التربية والآداب بالجامعة، ولكن لازدحام العمل يوم ذاك لم أعد أتذكر هل أنجزنا معاً ذلك الاتفاق أم لا، لذا أتمنى من ذويه توفير النسخ المطلوبة لطلاب قسم التاريخ الحديث في مكتبات الجامعات اليمنية للتعلم من محتويات سير المناضلين والمجاهدين في ربوع الوطن اليمني.
تجربة المناضل / خالد باراس واحدة من أبرز المدارس الكفاحية الجهادية التي تجب قراءتها والاستفادة من خبراتها ودروسها وتجربتها العملية النضالية.
ولدى زياراتي المتعددة له في منزله – هنا بصنعاء – تبادلنا العديد من الأفكار والآراء ووجهات النظر حول الأوضاع العامة في اليمن ومنها الوضع السياسي والعسكري في صنعاء على وجه الخصوص، ومن زاره حتى بعد عودته من جمهورية إيران الإسلامية التي تلقى فيها العلاج هناك، وجده ذلك المجاهد الصابر البطل الذي يكرر موقفه من المجلس السياسي الأعلى في الجمهورية اليمنية، مثمناً موقف فخامة الرئيس / مهدي محمد المشاط الذي سهل زيارته للخارج للعلاج، وكذلك أثنى على دور قائد الثورة الحبيب / عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي تابع مسيرة علاجه في الداخل والخارج، ونحن بدورنا إذ نثمن تثميناً عالياً ذلك الدور الإنساني الكبير لقائد الثورة وفخامة الرئيس في الاهتمام بفقيد الوطن المجاهد / خالد باراس رحمة الله عليه، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه ورفاقه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.
بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) صدق الله العظيم.
وفوق كل ذي علم عليم
رئيس مجلس وزراء تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية / صنعاء