استطاع طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، وما لحق ذلك في اليوم من عدوان صهيوني على قطاع غزة، استطاع توحيد الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه، فخرجت العديد من المسيرات المناهضة للعدوان الصهيوني على غزة في مختلف المحافظات اليمنية، حتى المحافظات المحتلة كمحافظة مارب وتعز وحضرموت والمهرة وشبوة، غير أن عدن ولحج يحكم ما يسمى بالمجلس الانتقالي قبضته عليها ولم يستطع المواطنون فيها من الخروج في مسيرات مناهضة للعدوان الصهيوني على غزة .
وفي صنعاء وغيرها من المحافظات الحرة يستمر الشعب اليمني في الخروج أسبوعيا في مسيرات مليونية دعما ومساندة للشعب الفلسطيني الشقيق الذي يواجه حرب إبادة جماعية على يد قوات جيش الاحتلال في قطاع غزة.
الشعب اليمني على لسان المبعوث الأممي إلى اليمن كان إلى ديسمبر الماضي قد قطع شوطا لا بأس به لإحلال السلام في البلد، وإنهاء السنوات التسع العجاف من العدوان على اليمن.
حيث أكد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة لمجلس الأمن حول الوضع الراهن في اليمن في جلسة مفتوحة يوم الاثنين 13 مايو 2024، أكد أن الجهود الدبلوماسية والتفاوضية بين مختلف الأطراف المتعلقة بالسلام في اليمن اتخذت في ديسمبر من العام الماضي خطوة شجاعة نحو الحل السلمي في اليمن، وذلك من خلال الاتفاق على مجموعة من الالتزامات التي سيتم تفعيلها من خلال خارطة الطريق الأممية.
قائلا: بأن هذه الالتزامات من شأنها تحقيق وقف إطلاق نار على مستوى البلاد، وضمان الإغاثة المطلوبة بشدة لليمنيين، وبدء عملية سياسية جامعة لإنهاء النزاع بشكل مستدام.
غير أن استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة حتم على الشعب اليمني وقيادته التدخل بشكل مباشر على خط المعركة الداعمة والمساندة للأشقاء في غزة، من خلال تعزيز الحصار اليمني على الكيان الصهيوني في البحر، والذي بدأت تنفيذه القوات المسلحة اليمنية في الـ19 من نوفمبر من العام الماضي، لمنع سفن الكيان الصهيوني أو المرتبطة به من العبور في البحرين الأحمر والعربي، وتوسع هذا الحصار ليشمل المحيط الهندي، ومؤخرا بدأ اليمن مرحلة التصعيد الرابعة ليشمل منع السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بالكيان الصهيوني من المرور في البحر الأبيض المتوسط.
فبالتوازي مع المشهد المأساوي في قطاع غزة والذي يزداد سوءًا يومًا بعد آخر وفشل كل الجهود الدولية في وقف العدوان الإسرائيلي الهمجي غير المسبوق على القطاع المحاصر منذ سنوات، بدأت فرص السلام في اليمن في التراجع، وذلك بضغوط مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية على السعودية تحديدا لإشعال الجبهات الداخلية في اليمن، وذلك لإشغال القوات اليمنية والشعب اليمني بشكل عام عن دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة والذي يتعرض لحملة إبادة جماعية ممنهجة، وسط تخاذل عربي وإسلامي ودولي غير مسبوق، وبالتالي بدأت تتلاشى فرص السلام في اليمن، بل وبدأ الحديث صراحة من قبل الولايات المتحدة بعودة الحرب في اليمن.
في إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن لمجلس الأمن أكد أن التحديات لا زالت قائمة، وأنها تعرقل التقدم في مسار خارطة الطريق الأممي للسلام في اليمن، وأبرز هذه التحديات هي الحرب في غزة، التي يجب وقفها نهائيا وبالتالي وقف هجمات اليمن في البحار.
غير أن التصعيد الصهيوني في رفح بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية رفع مستوى التحديات، وبالتالي ليس أمام صنعاء إلا تنفيذ المرحلة الرابعة والخامسة والسادسة كذلك من التصعيد ضد الكيان الصهيوني حتى يستجيب لوقف العدوان على القطاع، الأمر الذي يفاقم إشكاليات الوصول للحل السلمي في اليمن.
ففي ظل هذا المشهد المعقد يرى اليمنيون أن هناك أياماً صعبة تنتظرهم، وستزيد من معاناتهم الإنسانية، وسط مخاوف من اندلاع مواجهات عسكرية في مختلف الجبهات وانهيار الهدنة الهشة التي كان من المفترض أن تمهّد لاتفاق وقف إطلاق نار شامل برعاية أممية يعقبه صرف مرتبات الموظفين الحكوميين، وفتح الطرقات وتسهيل مرور وتنقل اليمنيين بين مدنهم التي تباعدت وتعقد الوصول إليها بفعل الحرب الممتدة منذ نحو عشر سنوات.
غير أنهم في نفس الوقت أي الشعب اليمني مصر على الاستمرار في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني خاصة مع التخاذل العربي والإسلامي، وذلك كواجب ديني لا مفر منه مهما كان ثمن فاتورة التضحيات التي يجب على الشعب اليمني دفعها.