34عاما من عمر الوحدة اليمنية، هذا الحدث الهام في تاريخ اليمن، ففي صبيحة الثلاثاء 22مايو 1990م رفع علم الجمهورية اليمنية في مدينة عدن عاصمة اليمن الاقتصادية، ليسدل الستار على ماضي الانفصال الذي فرض على اليمنيين لسنوات طويلة، شكلت خلالها براميل التشطير والتشظي عائقا أمام اليمنيين في الشمال والجنوب لزيارة بعضهم بعضا، والاطمئنان على بعضهم البعض، فكان التشطير أشبه بالكابوس المزعج للكثير من اليمنيين في شمال الوطن وجنوبه، وكان الخلاص منه حلم السواد الأعظم منهم، لذا كانت الفرحة بإعلان الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية هستيرية وغير مسبوقة من قبل اليمنيين في شمال الوطن وجنوبه، الذين خرجوا للشوارع في مختلف المحافظات للتعبير عن فرحتهم الكبيرة وسعادتهم الغامرة بتحقيق حلمهم الكبير الذي طال انتظارهم له .
نعم في 22مايو 1990م أزيلت براميل التشطير، ورفع العلم اليمني الموحد في كل بقاع اليمن من المهرة حتى صعدة، ولم تعد هنالك جمهورية عربية يمنية ولا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ولم يعد هنالك مواطن شمالي ومواطن جنوبي، توحد اليمن الأرض والإنسان، وصار الجميع تحت عباءة الجمهورية اليمنية، تجمعهم الهوية اليمنية، قلوبهم تنبض بحب اليمن، وألسنتهم تتغنى بنشيده الوطني، وتردده بكل شموخ وإباء وعنفوان، ليسمع العالم قاطبة، بأن اليمنيين في زمن تفكك الدول العظمى، استعادوا وحدتهم، ولموا شملهم، وعززوا لحمتهم، حيث أثبتوا أنهم أقوى من الصعوبات والعراقيل والعقبات التي ظل أعداء الوحدة اليمنية يضعونها للحيلولة دون تحقيق هذا الحلم، فشاءت إرادة الله أن تتحقق الوحدة اليمنية، ليتنفس اليمنيون الصعداء بعد سنوات من الانفصال والتشطير والقطيعة .
نعم لقد انتصر اليمنيون على أعداء الوحدة الذين عملوا على وأد هذا المشروع باغتيالهم الشهيد الرئيس إبراهيم محمد الحمدي – رضوان الله عليه – قبل ساعات من موعد سفره إلى مدينة قعطبة للتوقيع على اتفاقية الوحدة، وعلى الرغم من الانحراف الخطير الذي شهدته دولة الوحدة والذي كان نتاجا لتحركات ومؤامرات أعداء الوحدة والأخطاء التي وقع فيها النظام السابق في سياق تعاطيه الأرعن مع تظلمات قيادة الحزب الاشتراكي اليمني الشريك الرئيسي في الوحدة، والتي نجم عنها حرب صيف 94وما أعقب ذلك من استباحة للمحافظات الجنوبية وإقصاء للشريك الرئيسي في الوحدة، وسياسة النهب والفيد التي مورست ضد إخواننا في المحافظات الجنوبية، وفتاوى التكفير والتفسيق والتبديع التي وجهت ضدهم، وغير ذلك من الممارسات والسلوكيات الرعناء، التي أثرت سلبا على نفسية المواطنين ودفعت بالكثير منهم إلى تحميل الوحدة وزر كل هذه الأخطاء والتجاوزات والانتهاكات والخروقات، والذهاب للمطالبة بالانفصال أو ما أسموه بفك الارتباط، بعد أن داخلهم اليأس والإحباط، من إحداث أي تغيير أو معالجة أي أخطاء وتجاوزات من شأنها ترميم جسد الوحدة اليمنية المثخن بالجراح .
34عاما من عمر الوحدة المغدور بها سابقا ولاحقا، والمتآمر عليها اليوم من قبل تحالف الشر والإجرام والتوحش بشقيه السعودي والإماراتي، حيث يراد لليمن واليمنيين العودة إلى ما قبل 22مايو 1990م، لتمرير مشاريعهم الخاصة، والتي لن تتحقق إلا في ظل الانقسام والتشظي والانفصال، لا يريدون الخير لليمن واليمنيين، لذا دائما نراهم في الجبهة والجهة المضادة لليمن واليمنيين، شنوا عدوانهم الغادر وفرضوا على اليمنيين حصارهم الجائر، وسعوا بكل وقاحة وقلة حياء لفرض خيار الانفصال بقوة السلاح من خلال تمكين أدواتهم العميلة من إعلان الانفصال من طرف واحد، بإعلان قيام ما تسمى بدولة الجنوب العربي، نزولا عند رغبة السعودية والإمارات .
الوحدة اليمنية قدر كل اليمنيين، ولا يمكن المساس أو التفريط بها، الوحدة لم تذنب، ولم ترتكب أي خطأ، نحن مع معالجة أي أخطاء أو تجاوزات أساءت إلى جوهرها، نحن مع ترميم جسدها المهترئ، نحن مع معالجة القضية الجنوبية بكل جزئياتها وتفاصيلها، كخطوة أراها هامة وضرورية جدا لاستعادة الوحدة اليمنية لألقها وبريقها، ومن أجل تحقيق ذلك، فإن علينا جميعا العمل على التصدي للمحتل السعودي والإماراتي، رعاة مشاريع الانقسام والانفصال والتشظي في اليمن، ومن دار في فلكهم، ليتسنى لنا الحفاظ على هذا المنجز التاريخي الهام، علينا أن نعي وندرك خطورة الموقف، وأن نقف بالمرصاد لدعاة الانقسام والتشظي والانفصال .