في يوم من الأيام وفي زمن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، حل النبي الكريم ضيفاً على رجل من الأعراب فلم يصدق الأعرابي نفسه أن ضيفه هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأكرم الأعرابي نبينا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم، وعند وداع نبينا محمد للأعرابي قال له ائتنا أي “قم بزيارتنا”، ومرت الأيام وتذكر هذا الأعرابي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان قد طلب منه أن يأتي إليه ليجزيه، فذهب الأعرابي إلى النبي عليه الصلاة والسلام واستأذن بالدخول عليه، أذن له رسول الله وكان معه بعض الصحابة، أخذ الأعرابي يشتكي حاله، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “سل حاجتك” وكان النبي عليه الصلاة والسلام يظن أنه يسأل أن يدعو له بمغفرة ذنوبه أو بدخوله الجنة.
لكن هذا الأعرابي قال: يا رسول الله نريد ناقة نركبها وأعنز يحلبها أهلي، فقال النبي الكريم: “أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل؟” فقال الصحابة: يا رسول الله وما عجوز بني إسرائيل؟
تبدأ القصة من أيام نبي الله يوسف -عليه السلام- لما أصبح يوسف عزيز مصر وأحس بعد ذلك بقرب أجله قال: “رب قد أعطيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين”…
وهنا أخذ نبي الله يوسف -عليه السلام- العهد والميثاق على بني إسرائيل عند موته أنهم إذا خرجوا من مصر يأخذوا جسده معهم ليدفنوه في الأرض المقدسة فلسطين ومات يوسف عليه السلام ولم يستطع بنو إسرائيل أن يأخذوا جسده من مصر ولما بعث نبي الله موسى -عليه السلام- وذهب إلى فرعون ليدعوه إلى عبادة الله فأبى فرعون وخرج بجيشه وراء موسى ومن آمن معه.
وبينما موسى -عليه السلام- في الطريق هو وقومه، ضلوا الطريق فسأل موسى عن سبب ذلك فقالوا له: إن يوسف عليه السلام كان قد أخذ العهد أن يأخذوه إلى الأرض المقدسة فقال موسى: وهل هناك أحد يعرف مكانه؟ قالوا لا يعرف مكانه إلا امرأة عجوز من بني إسرائيل فجاءوا بها إلى نبي الله موسى وقال لها دليني على قبر يوسف عليه السلام. فقالت عجوز بني إسرائيل: لن أدلك عليه إلا إذا حققت لي طلبي، قال وما طلبك؟ فقالت: أريد أن أكون معك في الجنة فتعجب من طلبها…
كره نبي الله موسى أن يحقق لها طلبها لأنه رأى أن هذا العمل لا يساوي أن تكون معه في الجنة، لكن الله أوحى له بأن يعطيها حكمها وأن يخبرها بأن الله حقق أمنيتها، فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقع ماء، فقالت انضبوا هذا المكان، فأنضبوه، فقالت احتفروا واستخرجوا عظام يوسف، فلما أقلوها إلى الأرض، فعثروا عليه فأضاء لهم الطريق مثل ضوء النهار.
هذه عجوز بني إسرائيل التي قصدها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لهذا تعجب النبي من طلب الأعرابي الذي لو طلب الجنة أو جوار رسول الله لكانت دعوته مستجابة …