موقف اليمن مع فلسطين مبدأ متجذر وثابت من الثوابت التي لا مساومة فيها

نصرة اليمن لغزة لا توقفها التهديدات الأمريكية وقائد الثورة “لسنا ممن يخضع لإملاءاتكم”

 

 

ما إن بدأت اليمن ضرباتها الموجعة على الكيان الصهيوني، حتى انبرت الإدارة الأمريكية تساوم صنعاء بتنفيذ مطالبها مقابل التوقف عن استهداف الكيان، لتؤكد صنعاء أن الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم واجب إيماني وأخلاقي وإنساني لا يمكن بأي حال الحياد عنه، أما حقوق الشعب اليمني فإنه سيتم استردادها بالسلم أو بالقوة، لتصعّد واشنطن من تعقيدها للسلام وتعرقل أي تحرك لتفاوض جديد، وأحيانا تمارس هوايتها في المناورة والتلميح بالانفراجة في ملف المطالب بقصد إلهاء الجيش عن تنفيذ عملياته، وكسب مزيد من الوقت، ليأتي الرد هذه المرة من الشعب اليمني الذي خرج ولا يزال في مسيرات مليونية تأكيدا على مناصرة الشعب الفلسطيني ومباركة لعمليات القوات المسلحة.

الثورة /إدارة التحقيقات


وحين جاءت عملية الاستيلاء على سفينة الشحن الإسرائيلية، عادت أمريكا تبحث في أوراقها القديمة لتخرج بورقتها المهترئة بتصنيف اليمنيين كشعب إرهابي، من جهة، ومن جهة أخرى متوعدة بقصف صنعاء في تهديد مباشر، لكنه – حسب مراقبين – ينم عن ضعف في الموقف وهشاشة في القدرة على قرار العدوان حقا.
يؤكد نائب وزير خارجية حكومة تصريف الأعمال حسين العزي في تدوينة على (اكس): إن «التهديد بالتصنيف لا يقلقنا أبداً لأنه إذا حدث سيفضح معايير أمريكا وينسف مصداقيتها للأبد».
ويضيف العزي: «وأما في حال أدى للإضرار بمصالح شعبنا فسنعتبره إعلان حرب ووقتها ستكتشف أمريكا كارثية ذهابها للتصعيد مع اليمن، مقبرة الإمبراطوريات وبلد الاستنزاف الأول في التاريخ».
وأكد أن صنعاء «معنية فقط باحترام من يحترمها».
ويذهب مراقبون إلى أن تهديد واشنطن بقصف صنعاء لا يخرج عن سياق الضغط بطريقة الإرهاب كعادتها مع تصور خاطئ بأن ذلك يمكن أن يرهب اليمنيين، سواء المقاتلين أو الجبهة الشعبية الواسعة.
ويؤكد المراقبون أن حال أمريكا كحال الكيان الصهيوني لن يكون بمقدورها اتخاذ قرار أي فعل أحمق لأنها تدرك أنها بذلك ستغامر بأمن المنطقة ومصالحها فضلا عن أن ذلك قد ينعكس سلبا على الكيان الصهيوني وعلى مصادرها من النفط والمال من السعودية والإمارات، وحينها ستتحمل واشنطن كل التبعات فصنعاء في ذلك الحين لن تقف مكتوفة الأيدي بل أنها ستفعّل كل أوراقها لحسم كل المتراكمات مع أعداء البلد عامة.
صنعاء نجحت في تفعيل خط دفاع رادع كانت دول العدوان تتخوف منه، لكنه رغم كل الأعمال العدائية ضد اليمن وحصار شعبه، تسلمت صنعاء زمام التحكم بأمن باب المندب وهو حق قانوني وشرعي وفق ما المواثيق الدولية.
بالأمس كشفت وسائل إعلام بريطانية عن تهديد أمريكا لصنعاء بشن عدوان على اليمن نيابة عن إسرائيل، ردا على استيلائها على السفينة الإسرائيلية في البحر الأحمر.
وقالت صحيفة (الغارديان) إن «أمريكا مستعدة لشن هجوم على العاصمة صنعاء وما حولها بالإضافة إلى غرفة عمليات الموانئ ما لم يتم إطلاق سراح السفينة التي تم الاستيلاء عليها يوم الأحد الماضي، جالاكسي ليدر».
وأكدت الصحيفة أن عملية قوات صنعاء للاستيلاء على السفينة (جالاكسي ليدر) التابعة للملياردير الإسرائيلي أبراهام (رامي) أونغار وأسر طاقمها المكون من 25 شخصاً بينهم 17 فلبينيا، فاجأت الأمريكيين باستخدام طائرة هليوكبتر متطورة.».
وقد أكدت صنعاء أن الحديث عن إطلاق السفينة لا يزال مبكرا، وأن تنفيذ في العملية لا بد من تحققه أولا على أرض غزة.
الخبر حسب المراقبين إن كان صحيحا فإنه يأتي من بريطانيا بإيعاز من واشنطن من باب حفظ ماء الوجه، إذ أن ذلك سيكون محرجا لها أن يجري تجاهل تحذيراتها.
عندما بدأت صنعاء أولى ضرباتها على الكيان الصهيوني، كان الأمر مفاجئا للكثير، إذ لم يكونوا يتوقعون أن هذا البلد الذي ترسخ ضعفه في الذهنية العالمية يمكن أن يتجرأ لمثل هكذا فعل مع كيان تهابه دول المنطقة، فضلا عن أن اليمن لا يزال يعيش أوجاع قصف وحصار تسع سنوات، ما بجعله أضعف.
إلا أن هذا الظهور القوي، يعطي للتحليلات زخما في التوقعات لهذه القوة القادمة، والتي لا يستقيم التعامل معها بعقلية الماضي.
وحين وجهت صنعاء صفعتها المدوية لواشنطن بإسقاط طائرتها المسيرة الحديثة (أم كيو ٩) كانت تؤكد على صدقية هذه الحقيقة.
يؤكد المحلل العسكري الصيني “شاو يونغلينغ” أن القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ تتمتع بقدراتِ بحثٍ وتطويرٍ خَاصَّةٍ بها، ويشير المحلل الصيني إلى أنه “وبعد تمكّن القوات المسلحة اليمنية هذه المرة من ضرب طائرة أمريكية بدون طيار، فَــإنَّ قدراتها الدفاعية الجوية ليست في الواقع على مستوى الجهات الفاعلة غير الحكومية العادية”.
وبحسب مواقعَ إخبارية، دعا المحلِّل العسكري الصيني، إلى عدم الاستهانة بقدرات الدفاع الجوي لقوات الجيش اليمني التابع لحكومة صنعاء، مبينًا أنه منذ اندلاع جولة جديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في 7 أُكتوبر، ظل اليمنيون يدعمون الفلسطينيين وشنوا هجمات متكرّرة على إسرائيل.
وقام المراقب العسكري الصيني بتحليل أنواع الصواريخ التي تستخدمها القوات المسلحة اليمنية في عمليات ضرب الكيان الصهيوني، موضحًا أن القوات المسلحة اليمنية لم تعد “الفريق الشعبي” في الانطباع العام.
وأفَاد بأن ارتفاع طيران الطائرة بدون طيار “ريبر” ليس منخفضًا، ولا يمكن إسقاطُها إلا بصواريخ الدفاع الجوي المتوسطة والقصيرة المدى، ويعتقدُ البعضُ أن القوات المسلحة اليمنية ربما استخدمت هذه المرة صاروخَ دفاع جويا متوسط وقصير المدى متطور».
ومن الحقائق التي تبقى تفرض نفسها، أن العملية البطولية للجيش اليمني باحتجازه سفينة الشحن الإسرائيلية قد ألقت بظلالها على التداول السياسي على المستوى الدولي، فضلا عن دخول الحسابات الاقتصادية الصهيونية في نفق بلا نهاية من الانهيار.
ومنذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها التسريبات تكشف عن العملية ذهبت الوسائل الإعلامية والمحللون على مستوى العالم في قراءة الحدث ودلالاته وأبعاده، هناك من استحسنه على مستوى العالم وهم كثير وهناك من ذهب إلى تهويل تداعياته وهم المطبعون ومرتزقتنا المحليون من ناشطين ومتسلقين على رقاب أبناء شعبهم وآكلي ثمن معاناة أبناء بلدهم.
حتى الدول التي اعتادت دائما الوقوف على الحياد، وجدت في التصنيع اليمني ما يشفي غليلها.
الخلاصة، خرج المارد اليماني وتتابعت عملياته بثقة واقتدار وبلغت حد الفعل الذي لم تجرؤ عليه دولة من قبل، بتهديد الاقتصاد الصهيوني بشكل مباشر وعملي، وأقدمت القوات المسلحة على خطوة تؤكد من خلالها أنها حين تتوعد وتحذر فإنها لا تستعرض العضلات، كما قال السيد قائد الثورة في خطابه قبل أيام، وإنما تقول ما ترى أنه بمقدورها القيام به، وإذا قالت فعلت.
وإثر ذلك ارتفعت أسهم اليمن بهذا العمل في الحضور الدولي وبدأت معادلة مختلفة تتشكل لصالح ترسيخ صورة جديدة عن البلد وان كانت حاضرة من قبل في حسابات القوى الإمبريالية التي سعت لتدميرها خلال عدوان التسع السنوات حتى لا تنهض.
إلا أن اليمن نهض وصار رقما صعبا شاء من شاء وأبى من أبى.
وشهد محللون ومراقبون دوليون بأن الجمهورية اليمنية تتحول لتصير قوة مؤثرة في العالم، وغدا سيتكفل الفعل اليمني في فرض هذه الحقيقة على كل المكابرين.
قال الصحفي والباحث البريطاني المهتم بالصراعات والجغرافيا السياسية والقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «جوناثان فينتون هارفي» في تحليل له نشره موقع «The New Arab»، إن اليمن استحوذ على اهتمام عالمي بعد أن بدأت صنعاء بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار على إسرائيل في أواخر أكتوبر. وأضاف «في تحول ملحوظ في قدراتهم، نفذ الجيش اليمني عملية معقدة في البحر الأحمر حيث نزلوا من طائرة هليكوبتر، ونجحوا، بمساعدة الزوارق السريعة، في اختطاف سفينة شحن وتوجيهها إلى ميناء الحديدة اليمني».
هذا الاقتدار الذي أزعج أمريكا والكيان هو الذي حفز واشنطن لتدرس إعادة تصنيف صنعاء كجماعة إرهابية، حسب فينتون هارفي.
يذكر الجميع أنه مع دخول اليمن معادلة الدفاع عن غزة طلبت الأردن والإمارات من أمريكا منظومة صاروخية دفاعية خشية وصول الصواريخ اليمنية والطيران المسير إلى أراضيهما.
وتذهب بعض التحليلات إلى أن الموقف الإسرائيلي تجاه إعلان اليمن الحرب على الكيان ثم فرض الحصار البحري الكامل عليه من الجنوب ثم تنفيذ القرار باحتجاز إحدى سفنه، هو كالتالي: أولاً: ابتلاع الهزيمة ومحاولة احتواء الموقف، ثانياً: تصوير التهديد اليمني ضد الاحتلال على أنه تهديد مشترك للكيان والأردن والسعودية، ثالثاً: استدعاء شماعة “إيران” واستثمار ما حدث للتحريض الإسرائيلي ضد إيران لدى المجتمع الدولي، وأما السفينة فقد قرر الإسرائيلي التخلي عنها نهائياً بعد ذهابه إلى شركة التأمين ومطالبتها بدفع تعويضات، وهو ما يعني قرار إسرائيل بعدم المطالبة بالسفينة واعتبارها قد ذهبت وإلى الأبد.
ويؤكد الدكتور محمد علي صنوبري مدير ورئيس تحرير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية أنه من الناحية العسكرية والجيوسياسية يعتبر تدخل القوات المسلحة اليمنية في الحرب نقطة تحول هامة للغاية، إذ أن هذا التدخل أظهر عجز الدول العربية أو عدم رغبتها في تقديم المساعدة الحقيقية للشعب الفلسطيني، ففي الوقت الذي ترفض فيه الدول العربية والإسلامية الغنية مقاطعة إسرائيل أو ممارسة ضغوط أكبر على حليفتهم الولايات المتحدة لإقرار هدنة أو وقف إطلاق نار أو حتى فتح معبر رفح لإيصال المساعدات، فتح اليمن البلد الفقير جبهة جديدة للمقاومة ضد الكيان الإسرائيلي.

قد يعجبك ايضا