من محاسن الصدف أن تتزامن بداية السنة الدراسية مع السنة الهجرية الجديدة 1445هـ على صاحبها وآله أفضل الصلاة والتسليم، بحيث يصبح الأول من محرم من كل عام هو بداية انطلاق الطلبة إلى المدارس، وفي هذا التزامن فرصة عظيمة لإحلال التاريخ الهجري محل الميلادي كما كان الأمر في السابق قبل قيام ثورة سبتمبر، فقد كنا لا نكتب التاريخ إلا بالهجري وعندما تم فرض التاريخ الميلادي بدأت الحركة من المدارس، وهذا يعني أن إحلال الهجري بدلاً عن الميلادي سيأخذ حقه من الاهتمام طالما أن طلبة المدارس تعودوا عليه، والحديث عن التعليم ذي شجون لأنه فعلاً جهاد لا يختلف كلياً عن الجهاد في جبهات القتال، ولقد مرت السنوات التسع الماضية واستمرت المسيرة التعليمية رغم المعاناة الكبيرة التي يتحملها المدرسون نتيجة انقطاع الرواتب وعدم القدرة أحياناً حتى على التوصل إلى مقار الأعمال نتيجة انعدام السيولة النقدية إلى جانب ما كان يعانيه الأطفال نتيجة الصواريخ والقنابل التي كان الأعداء يضعونها بالقرب من المدارس وأحياناً في المدارس نفسها كما حدث في مدرسة الحورش في صنعاء، ولأطفال إحدى المدارس في صعدة – ضحيان بالذات عندما ضرب الباص الذي كان يقلهم إلى رحلة مدرسية وحدثت مجزرة للطفولة لا تغتفر تتجاوز ما يُسمى بجرائم الحرب وتمثل جريمة إبادة متعمدة، ورغم هذه الظروف الصعبة إلا أن التصميم والإرادة والعزم مقومات أساسية كانت هي الأقوى والأجدر التي مكنت الجميع من التغلب على الصعاب والاستمرار في التعليم.
والحقيقة أن الاهتمام بالتعليم بدأ يتعاظم خاصة في ظل المستجدات والتحولات العظيمة المتصلة بتكنولوجيا المعلومات فهي التي تُحتم على كل إنسان الالتحاق بالتعليم، وإلا سيظل محبطاً بالأمية مرتين: أمية القراءة والكتابة وأمية التعليم الحديث، وهو ما يفرض على الدولة زيادة الاهتمام بالتعليم والمعلمين على وجه الخصوص باعتبارهم طاقة النور التي تغرس في أذهان الأبناء المعارف والمعلومات الجديدة المحتاجين إليها لتكون زادهم وأدواتهم في إحداث التغيير المطلوب نحو بناء الحياة الجديدة بما تشتمل عليه من حداثة وتطور تقني حديث، وكم أتمنى لو أن وزارة التربية والتعليم أعطت المعلمين اهتماماً أكثر ووفرت لهم الحد الأدنى من المصاريف ولو على حساب الكثير من الاحتفالات ومظاهر المهرجانات التي وصلت إلى مرحلة التخمة وأصبحت تسبب الملل وعدم الاهتمام لدى الكثيرين، من منطلق أن الاهتمام بالمعلم يمثل غرس لبنة جديدة على طريق الارتقاء بالعملية التعليمية وزيادة الإقبال على المدارس، وبالتالي الارتقاء بالحياة العامة والانطلاق في البناء والتطوير والتنمية على أسس حديثة وهناك في هذا العام بالذات رجاء آخر نأمل أن يهتم به المسؤولون في التربية والتعليم ويتعلق بالدراسة في المناطق الحارة، إذ يمكن للعملية في هذه المناطق أن تتم في أوقات تكون فيها قد خفت حرارة الشمس ليتمكن الأبناء الصغار من الذهاب إلى المدارس في أمان أو توفير المكيفات اللازمة لقاعات الدراسة، وأعتقد أن هذا غير ممكن في ظل شحة التيار الكهربائي، لكن لماذا لا تتم الدراسة في المناطق الحارة من بعد العصر إلى المغرب مثلاً بدلاً من الزمن المحدد في العاصمة والمحافظات الأخرى الأكثر بروداً حتى نحافظ على الأبناء ولا نعرضهم لحرارة الشمس القاتلة، أتمنى أن يؤخذ هذا المقترح في الاعتبار حتى تسير العملية التعليمية كما نريد ويتزامن انتهاء السنة الدراسية خاصة في المراحل الأساسية والنقل الثانوي وبقية المعاهد بانتهاء شهر شعبان ويتفرغ الناس لصوم رمضان، وهي معالجات جيدة لا بد أن تأخذ كل أبعادها بما في ذلك أوضاع المناطق الحارة .
وفي الأخير أرفع أحر التهاني والتبريكات لقيادة المسيرة ولأبناء شعبنا اليمني العظيم بمناسبة العام الهجري الجديد ولطلبة المدارس بمناسبة عودتهم إلى مقاعد الدراسة، متمنياً لهم النجاح والفوز والحصول على أعلى الدرجات لتحقيق الغايات التي نتطلع إليها جميعاً .. والله من وراء القصد ..
أحمد يحيى الديلمي