“يوم الأسير الفلسطيني” .. بين الألم والأمل!

هشام الهبيشان

 

 

لطالما كنت مقتنعاً، وحاولت إقناع من حولي بأن مفاهيم الإنسانية العالمية هي كذبة كبيرة وليس لها أي معنى، خصوصاً عندما تكون قضايا العرب والمسلمين هي الحاضرة، ولطالما تناقشنا بوسائل الإعلام وبالندوات الحوارية بأن كلمة ومسمى المجتمع الدولي، هذه الكلمة الهلامية الغامضة، التي تستعمل في مواقف وتغيب في مواقفٍ أخرى هي كلمة أوجدت لتحمل آلاف المعاني والتفاصيل، باستثناء معنى ومفهوم أن معايير الإنسانية، لا تصلح لتطبّق على كل بني البشر على هذه المعمورة، ، فمفهوم الإنسانية العالمية كذبة كبيرة، ومن يُصدّقها فهو للأسف أحد ضحايا كلمات عابرة، ليس لها أي معنى، ومن أخترعها وأوجدها هو شخص مغفل لا يعرف حقيقة هذا العالم المتصارع حضارياً ودينياً وعقائدياً واقتصادياً ولغوياً وفكرياً والناقد بفجور لكل مفاهيم الإنسانية واكذوبتها التي نقرأ تفاصيلها على الورق، وفي احاديث الإعلاميين والساسة، وليس لها أي تطبيق على ارض الواقع.
مناسبة هذه الكلمات الواردة أعلاه، جاءت للتذكير بمأساة يعيشها ما بين 7800-10150 أسيراً فلسطينياً وعربياً، يقبعون في سجون الكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية والعربي، فهؤلاء الأسرى ذنبهم الوحيد أنّهم قاوموا محتلين يحتلون أرضهم.. قاوموا تنظيمات إرهابية عابرة للقارات «الهاغانا والاراغون وسلالتها وتناسلها المستمر لليوم «مع العلم أن هذه العصابات، قد دعمت فصول أجرامها منذ عام 1948م وإلى اليوم، معظم حكومات العالم، ويا لقذراة هذه الحكومات، ولازدواجية مفاهيمهم القذرة، يدعمون عصابات محتلة، ويصمتون عن اعتقال الآلاف من أبناء الأراضي المحتلة، فهذه الازدواجية في المعايير تدفعني للتساؤل عن مصير هؤلاء الأسرى الذين يعيشون اليوم مأساة فعلية؟! فهؤلاء ذهبوا ضحية لاجرامٍ عالمي، تسبب في قوع كارثة إنسانية كبرى هي كارثة ألأسرى الفلسطينيين والعرب الذين يقبعون لليوم في سجون الكيان الصهيوني المسخ، فهؤلاء الأسرى للأسف أصبحوا عبارة عن أرقام متداولة، فالأسير أصبح عبارة عن رقمٍ بقواميس وأجندة المنظمات العالمية التي تدّعي دفاعها عن حقوق الإنسان، والإنسانية والإنسان الفلسطيني من هذه المنظمات براء .
هناك اليوم الكثير من القصص والحكايا التي تحكى في بعض الإعلام العربي، وبعض العالمي عن معاناة الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الكيان الصهيوني المسخ، مع صمت رهيب يُطبق على دوائر صناعة واتخاذ القرار العربي والعالمي في هذا الإطار، فالأسرى الفلسطينيون والعرب، والذين غفل العالم.. كل العالم وأكذوبة الإنسانية والمجتمع الدولي عن معاناتهم ، كأن هؤلاء الأسرى اصبحوا بنظر أكذوبة ما يسمى بالمجتمع الدولي أرقاماً عابرة، ليس لها أي معنى، بل قد يكونون اصبحوا في نظر هذا العالم عبارة عن أرقامٍ وضحايا لإجرام وحروب هذا العالم ، والواضح أنهم بالفعل قد أصبحوا هكذا ، والدليل إنّ لا أحد يكترث لأمر هؤلاء الأسرى، والمؤلم أكثر هنا أنّ المنظمات الإنسانية العالمية، والتي أتضح بعد عدّة تجارب معها، أنها هي الأخرى جزءٌ لا يتجزأ من أكذوبة ومنظومة هلامية تسمى بمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ، وهنا فمن المحتمل أن يدخل الإنسان العربي والفلسطيني، ضمن حساب ومعادلات الإنسانية، بنظر هذه المنظمات، والذي يؤكد هذا الطرح أنّ قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب بسجون الكيان الصهيوني المسخ هي من آخر اهتمامات هذه المنظمات، فهذه المنظمات وأذرعها الإعلامية .. إن تحدثت عن قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب، تحدثت بحياء وضمن حيز زماني ومكاني مغلق بكل المقاييس .
فاليوم لا يمكن إنكار أن معظم المنظمات العالمية المختصة بحقوق الإنسان كانت سبباً في ما يجري للأسرى ،فهذه المنظمات العالمية وللأسف أصبحت جزءاً من منظومة دولية تتقن فنّ صناعة الأكاذيب التاريخية التي يصدّقها المغفلون، ويتأثرُ بها العاطفيون ويجني ثمارها سماسرة الحروب، فبعد كل هذا لا أعرف إلى أي مدى سوف تستمر مأساة الأسرى الفلسطينيين والعرب، في ظل حروب الإنسانية المصطنعة على هؤلاء الأسرى؟ فهؤلاء الأسرى أصبحوا ضحية لكل المفاهيم والشعارات الكاذبة والمضللة، فمأساة هؤلاء الأسرى هي التي أسقطت كل أقنعة الإنسانية الكاذبة، وعرّت كل مفاهيم ومصطلحات من يتحدثون عن إكذوبة المجتمع الدولي الواحد، فإجرام العالم بحق هؤلاء الأسرى يستحق أن يكون العلامة الفارقة التي ستسقط كل الشعارات المضللة من مفاهيم الإنسانية إلى مفاهيم المجتمع الدولي إلى مفاهيم مصداقية الإعلام و… إلخ، فالعالم .. كلّ العالم، بحكوماته ومنظماته الدولية والمحلية، كان سبباً في ما يجري من تعذيب ممنهج، تمارسهُ بحقّ هؤلاء الأسرى عصابات صهيونية إرهابية عابرة للقارات .
ختاماً.. لن أدعو الحكومات العربية ولا المجتمع الدولي، ولن أخاطب شعوب العالم بلغة الإنسانية، لأن هذه المفاهيم الكاذبة قد سقطت منذ زمن، وهنا سأدعو كل حر وشريف في هذا العالم إلى أن يكون في خندق وصفّ هؤلاء الأسرى هؤلاء الأحرار الشرفاء الغيورين على أوطانهم، والذين كان ذنبهم الوحيد أنهم دافعوا بشراسة عن فلسطين “العربية – المسيحية – المسلمة”، فأصبحوا للأسف عبارة عن أرقام يتحدث عنها البعض هنا وهناك، ومن هنا فواجب الدفاع عن هؤلاء الاحرار هو واجب مقدّس وواجب التذكير بمعاناتهم والحديث عن مأساة واقعهم المعاش في سجون الكيان الصهيوني المسخ هو فرضٌ وواجبٌ على كل مسلم وعربي وغربي وشرقي، بغضّ النظر عن انتمائه الديني أو العرقي.
*كاتب صحفي أردني

قد يعجبك ايضا