أكثر من (٧٠) عاما من عمر الأمة ذهبت في قنفزة العسكر وانقلاباتهم ضد الأوضاع الطبيعية التي كانت سائدة في أقطار الأمة.
كانت الكثير من البلدان العربية تسير في طريق التطور والتنمية والتعددية، ولو بشكل بطيء، لكنهم قطعوا الطريق عن أي تغيير مدني سلمي. استولى العسكر على السلطة بقوة الحديد والنار؛ قتلوا الناس واعتقلوا، وسجنوا وعذبوا، وشردوا وأخفوا، وحولوا الحياة إلى جحيم.
عطلوا الديمقراطية والتعددية والتنمية في أكثر من قطر، وبالذات في الأقطار التي كانت قد قطعت شوطا في هذا المجال مثل : مصر ..
نشروا الفساد، وتاجروا بالشعارات الزائفة لدغدغة عواطف الجماهير.
لم يكن لهم مشروع وطني غير القتل والاستبداد، وتبديد موارد الأمة على شهواتهم، وعلى ملذاتهم. عاشوا كأباطرة وملوك. زوجة أحد هؤلاء كانت تملك حلية بما يساوي خمسين مليون دولار.
بدأت الانقلابات العسكرية في مصر المحروسة التي كانت تتمتع بحياة برلمانية، وتعددية حزبية وحرية رأي وصحافة، بل وحياة مدنية؛ عطلوا كل شيء في مصر، وصنعوا دكتاتورية بوليسية.
امتد هذا المشروع الانقلابي إلى كل عموم الوطن العربي في الشام والعراق والسودان وليبيا، حتى وصل إلى اليمن؛ وامتد معه القمع والاستبداد والكتاتورية، وأجهزة التعذيب.
وفي ظل حكم العسكر اشتعلت الحروب، وتعطلت الطاقات، وأُهدرت الموارد. ولم يتحقق أي إنجاز، أو نصر، بل تجرعت الأمة الهزائم والإخفاقات. وفي ظل حكم العسكر ساد الفقر، وتعطل الإنتاج، وصُودرت الأراضي. ونهب العسكر المال العام. وتحولوا إلى مستثمرين في الخارج. وفي مقابل ثرائهم أُفقرت الأمة.
ووصل العسكر إلى طريق مسدود، وانقسموا. وكل مجموعة ذهبت توالي دولة أجنبية. وركع الكثير منهم تحت أقدام دول البترو/دولار. واستسلموا لمشاريع أمريكا، وطبّعوا مع العدو الإسرائيلي من تحت وفوق الطاولة.
طبلوا باسم تحرير فلسطين التي باعها الملوك، لكنهم كانوا أول من ينسحب من المعركة. وأورثوا الأمة هزائم لا تنتهي، بل زادوا تآمروا على المقاومة الفلسطينية مع الملوك الأشرار. وسكتوا عن كل باطل لحق بشعوب الأمة.
وفي ظل حكم العسكر توسعت إسرائيل في طول وعرض الأراضي العربية؛ احتلالا وتطبيعا.
وتوالت الهزائم على الأمة تحت حكم العسكر، وارتفع معدل الفقر، وزادت نسبة البطالة، وفشل العسكر في إحداث أي تغيير لصالح الجماهير.
وكانت تجربتهم الوحيدة هي بناء مزيد من المعتقلات والسجون، وقتل المفكرين والمثقفين وعلماء الأمة، وارتكبوا مذابح لا تحصى ولا تعد.
أقصوا القوى الحية، بل وطاردوا النشطاء.
وبعد كل هذا الفشل ارتموا في أحضان الامبريالية والرجعية. وعندما ثارت الجماهير عليهم هربوا ومعهم ثروات الأمة. وأشعلوا الحروب في طول المنطقة وعرضها، ثم استدعوا العدوان الأجنبي على بلدانهم على أمل أن يعودوا على ظهر دبابة الاحتلال.
العسكر أفقروا أغنى الدول العربية، السودان مثالا : ميزانية العسكر ٣٠٪ من الدخل القومي ديون السودان ٥٠ مليار دولار.
بلد غني بالثروات الحيوانية والنباتية والمياه والذهب والنفط؛ فصلوا الجنوب بأوامر من أسيادهم الأمريكيين.
واليوم يحتربون ويحرقون كل شيء في السودان. عسكر السودان أنموذج سيئ للعسكر. ذهبوا للتعامل مع إسرائيل، بعد أن تعاملوا مع الإرهاب ( جماعة بن لادن ) أجروا عسكرهم كمرتزقة في كثير من الحروب؛ ومنها العدوان على اليمن. تسولوا دول النفط.
وبعد أن استهلكوا كل شيء أوقدوا الحرب ليقطعوا الطريق عن قيام دولة مدنية.
سبقهم عفاش وجماعته. وهؤلاء هم الأكثر سوءا. كانت ميزانية الدفاع والأمن تزيد عن ٦٠٪ من الدخل الوطني.
عفاش كان أكثر العسكر بجاحة؛ تاجر بكل شيء تعامل مع الإرهاب، بل استورد الارهابيين للعمل معه ضد الشعب. كان أداة بيد أمريكا وإسرائيل ودول النفط. المهم عنده كم يدفعوا.
باع الأرض وتنازل عن الكرامة، ثم ذهب مع الشيطان إلى الجحيم غير مأسوف عليه.