ظاهرة التسول.. تستوطن الجوامع وتغزو المنازل



● أصبحت ظاهرة التسول في اليمن مستفحلة بشكل لافت للانتباه فبعد أن كانت هذه الظاهرة محدودة في الماضي ومقتصرة على النساء والأطفال نجد اليوم شيوخاٍ وشباباٍ في مقدمة المتسولين وفي ظل غياب شبه تام لأجهزة الدولة المعنية تتفاقم ظاهرة التسول في الأسواق وفي المساجد والشوارع العامة بل أن هنالك من المتسولين من يطوف المنازل مزعجاٍ أهلها الآمنين.
حول هذا الموضوع قامت (الأسرة) بإجراء هذا الاستطلاع وإليكم التفاصيل:

البداية كانت مع سعيد التهامي أحد المستولين في سوق دار سلم والذي كان حذراٍ من اللقاء بأي صحفي والحديث معه عن هذه الظاهرة إلا أننا استطعنا إقناعه بالتحدث إلينا وطرحنا عليه عدة أسئلة حول الأسباب التي دعته إلى احتراف التسول فأجاب قائلاٍ: إنه في ظل تردي الوضع المعيشي والارتفاع الفاحش لأسعار المواد الغذائية وكذلك الفقر جعلني امتهن التسول لتلبية حاجيات أفراد أسرتي المكونة من سبعة أنفس فلولا التسول ومساعدة الناس لنا لمتنا جوعاٍ فما أحصل عليه من التسول لا يعيشني ملكاٍ ولكنه يجعلني اقتني أبسط الحاجيات وبخاصة ما يتعلق بالمواد الغذائية الأساسية.
التبرع للسوريات
وأضاف التهامي: إن الناس كانوا أكثر سخاءٍ ومساعدة للمحتاجين والمتسولين اليمنيين غير أن قدوم العديد من اللاجئين السوريين والفلسطينيين إلى بلادنا خلال السنوات الثلاث الماضية وخاصة الفتيات اللاتي يخرجن للتسول أدى إلى تلاشي السخاء في تقديم المساعدة لنا لصالح المتسولات السوريات والفلسطينيات.
مشاكل عائلية
من جانب آخر التقينا العديد من الأطفال المتسولين في جولات وشوارع عدة بأمانة العاصمة صنعاء والذين اجمعوا على أن أسباب تسولهم تعود إلى المشاكل العائلية التي يعيشونها كطلاق الوالدين أو وفاة أحدهما وتحملهم المسؤولية لإطعام أخوانهم الصغار بالإضافة إلى أن سوء المعاملة من قبل الوالدين وبخاصة الأب جعل الكثير منهم يهربون من بيوتهم ليتفادوا الضرب المبرح ليكونوا فريسة لدى جماعات التسول التي تجعل معظم هؤلاء الأطفال موظفين لديها للتسول لحسابها.
توفير لقمة العيش!!
وتحدثت متسولة في الخمسينيات من العمر معاقة على كرسي متحرك وتتخذ من أحد المطبات في شارع الأربعين مقراٍ دائماٍ للتسول من أصحاب السيارات الذين يمرون من ذلك الشارع بالقول: أنا فقيرة وليس لي خيار آخر غير طلب مساعدة الميسورين خاصة من بعد أن أصبحت معاقة وذلك لكي أوفر لقمة العيش لأطفالي.
ظاهرة مزعجة
من جانبه قال المحامي عبدالباري علي أحمد: إن ظاهرة التسول أصبحت مقلقة ومزعجة لكثير من المواطنين حيث أصبح المتسولون من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية ينتشرون في مختلف الأسواق والشوارع والجوامع وحتى الحارات بشكل كبير وملفت للأنظار مما يعيق حركة المتسوقين والمصلين والطلبة الذاهبين إلى مدارسهم.
وأردف: ومن المحزن أن أطفال صغار السن وفتيات في مقتبل العمر أنظموا إلى طابور المتسولين وتركوا دراساتهم وبعضهم تركوا أسرهم وأصبحوا مشردين في الشوارع بقصد امتهان التسول ليل ونهار.
وأضاف: إن القانون اليمني حرم ممارسة التسول وأوجب على الدولة منعها ومعالجة الأسباب التي تقف وراءها ومن ضمن تلك المعالجات دفع إعانة شهرية من صندوق الضمان الاجتماعي لمن لا يوجد معه عمل وللأسر الأشد فقراٍ بهدف الحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها غير أن ما تمر به البلاد من أوضاع صعبة وأزمة اقتصادية وسياسية منذ عدة سنوات أدت إلى ضعف النشاط الاقتصادي والتجاري وإلى توقف السياحة وإلى انتشار البطالة والفقر في صفوف المواطنين وتسببت أيضاٍ بفقدان الكثير من الموظفين والعمال في القطاع الخاص وظائفهم وأعمالهم ليضافوا إلى قوائم البطالة وهو ما جعل أجهزة الدولة المعنية بمعالجة ومنع ظاهرة التسول لا تؤدي دورها كما يجب في هذا الجانب.
التسول أصبح مهنة!
أما الأستاذ في علم النفس خالد محمد ناصر فقد عزا أسباب ظاهرة التسول إلى الفقر والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد وإلى ما يترتب على هذه الأوضاع من حالات تفكك بعض الأسر وتشرد أفرادها وما يحلق ببعض الأطفال والفتيات والشباب من حالات نفسية خاصة جراء المشاكل التي تنشب بين آباءهم وأمهاتهم.
واستطرد بالقول: كما أن هنالك أعداداٍ ليست قليلة من المتسولين أصبحوا يتعاملون مع هذه الظاهرة كمهنة تدر عليهم دخلاٍ كبيراٍ ولا يمكن أن يتخلوا عنها حتى وإن قدمت لهم الدولة إعانة شهرية توفر لهم كافة احتياجاتهم المعيشية ومثل هؤلاء المتسولين يستعملون أساليب استجداء مصطنعة وغير حقيقة مثل إدعاء المرض أو الإعاقة وحمل أوراق مزورة تفيد بإصابة المتسول أو أحد أقربائه بالمرض كما أنهم يبتكرون أساليب وطرقاٍ جديدة للتسول بقصد التأثير على المارة والظفر بعطفهم كترديد الدعاء بالخير والرحمة والجنة لمن يمدون أيديهم له أو إدعاء وقوع كارثة حريق أو حادث مروري للمتسول أو لأحد أقاربه بالإضافة إلى أن النساء يعتمدن حمل أطفالهن الرضع لما لذلك من تأثير على المارة والمتصدقين ويجعلهم يحسون بالشفقة تجاه ذلك الرضيع وأمه المتسولة.

قد يعجبك ايضا