ليبيا والمليشيات المسلحة

تمثل ظاهرة المليشيات المسلحة المنتشرة في أنحاء متفرقة من ليبيا واحدة من أكبر المعضلات الرئيسية التي تواجه السلطات الليبية في الوقت الراهن والتي أثرت سلبا على مسار التطور الديمقراطي والأمني والاقتصادي ما جعل من المشهد السياسي الليبي في لحظته الراهنة يتقدم من سيئ إلى أسوأ..
فوجود ما يقارب 170 مليشيا مسلحة وسط توترات شديدة واستنفارات مضادة تدخل معها مجموعة من الملفات المعقدة أبرزها غياب أبسط مفهوم للدولة الوطنية لأن الحقبة الاستعمارية حرصت على بقاء الزعامات الفردية بكل التقديرات العلمية والمقاييس السرية للغاية زادت المشهد السياسي تعقيدا وأدخلت البلاد مرحلة حرجة خصوصا والصراع الدولي يتركز على النفط بدرجة أساسية حيث تحتل إيطاليا المرتبة الأولى بحسب متابعين باعتبارها الوكيل الحصري لما يجري من تطورات سياسية واقتصادية في تلك الدولة يلي ذلك فرنسا وبريطانيا على اعتبار أن أميركا من القوى السياسية الجديدة.
وبالتالي فإن الهالة الإعلامية الكبيرة والمحيطة بأن بعض مليشيات مسلحة استأثرت بالنفط وأنها سيطرت على الموانئ لا يعدو عن كون ذلك عداء غير مبرر مبالغا فيه الهدف منه استكمال القوى الاستعمارية ترتيباتها الجديدة للسيطرة المطلقة على آبار النفط وفقا للمتابعين والمهتمين بالشأن الليبي وأن ما حدث في برقة كان بدفع واضح من قبل تلك القوى خصوصا وهناك أصوات تدعو الناتو إلى حماية النفط الليبي وما ذلك إلا تأكيد على أن الأوضاع القائمة هناك محكومة بالسيطرة الأوروبية المطلقة.
وكان المؤتمر الوطني الذي كان بكل أطيافه السياسية ومكوناته الذي فشل مجرد جزء من إرشادات وتعاليم دفعت بها السياسة الغربية الموحدة بأطرافها الثلاثية لتزييف وعي الشعب خاصة وتلك الأطراف من مصلحتها استمرار الصراعات الداخلية بين المليشيات المسلحة والقوى المختلفة بل العمل على تغذية تلك الصراعات وتطويرها بشكل أوسع وأشمل وفقا للمراقبين وذلك في وعي وفهم وقناعة القوى الاستعمارية الضمانة السياسية للسيطرة على النفط ولا يهمهم إنشاء دولة وطنية كونها ذريعة لا يمكن أن تسمح بها القوى الدولية خاصة والصراع الجاري يدور في ظل غياب أي قوى عربية أو إسلامية.
ويرى المراقبون أن القوى الاستعمارية هي من أوجدت أولئك الإسلاميين وفقا لمقاييس جديدة تجعل القوى الغربية المتحكم الأول والمهيمن المطلق في ما يجرى من صراعات داخل شمال أفريقيا ودعم المليشيات المسلحة والفرق السياسية الأخرى وكل ذلك لذر الرماد على العيون وإخفاء حقيقة التقاسم الأوروبي الذي تشهده ليبيا في المرحلة الراهنة.

قد يعجبك ايضا