لقاح شلل الأطفال سليم وفعال ونحن في معركة عالمية ضد فيروس شلل الأطفال

> منع وصول فيروس شلل الأطفال إلى أي بلد في العالم شيء مستحيل

> وجود بلدان مستوطنة وأخرى موبوءة بفيروس شلل الأطفال فيه خطر على البلدان التي تجاورها ثم على بقية بلدان العالم

سلسلة إجراءات صحية اتخذتها منظمة الصحة العالمية حول العالم بمعية برامج التحصين وشركاء الصحة تظل حتى يومنا مستمرة – على أشدها- حول العالم في سعي دؤوب لاستئصال شأفة فيروس شلل الأطفال واجتثاثه إلى الأبد على غرار مرض الجدري.
عملياٍ يبدو الأمر صعب المنال في الأمد القريب وليس رهاناٍ على الوقت بقدر ما هو رهان على تفهم سائر الآباء والأمهات لخطر هذا الفيروس وحرصهم الكامل على تحصين أطفالهم دون سن الخامسة بالمزيد من جرعات اللقاح الفموي المضاد من أجل قطع دابر هذا الداء الخطير في وقتُ أخذ فيه يتمدد وينتشر بصورة وبائية واسعة منذ العام الفائت في الصومال ثم بمستوى أقل في سوريا فبات خارج حدود السيطرةº وسط ظروف عنيفة قاهرة أفرزتها حالة اللا استقرار سياسياٍ وأمنياٍ وتواصل المواجهات الدامية في كلا البلدين الشقيقين.
سنعرج على أفياء ورحاب التحصين وحملاته نسبر أغوار الحقيقة واضعين النقاط على الحروف في اللقاء الذي أجريناه مع الدكتور/ محمد أسامة مرعي- نائب ممثل منظمة الصحة العالمية باليمن وخبير التحصين فابقوا معنا..

* وضع اليمن إقليمياٍ إزاء فيروس شلل الأطفال هل يبدو مطمئناٍ¿ ولماذا تصاعد التحذير من مخافة عودة الفيروس إلى اليمن مع أنه لا يزال خالياٍ منه وتستمر جهود تحصين الأطفال وتنفيذ المزيد من حملات التطعيم من وقتُ لآخر¿
-بالنسبة للإقليم أصبح معلوماٍ لدى الجميع أن هناك وباء بدء في أبريل 2013م بالصومال ثم انتشر في دول متعددة بالقرن الأفريقي- منها كينيا وأثيوبيا- مسجلاٍ حالات إصابة جديدة مثبتة بالمختبرات المرجعية بلغت (214)حالة وهو عدد كبير جداٍ ونعتبره وباء انفجاري بل وشديد جداٍ.
في حين أن حركة اللاجئين والمهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن وأحياناٍ بالعكس يجعل مسألة عودة فيروس شلل الأطفال أمراٍ محتملاٍ جداٍ ما لم يْحصن الأطفال دون سن الخامسة جميعاٍ بما يكفي من جرعات اللقاح الفموي المضاد للفيروس وترتفع أكثر نسبة من يتلقون جرعات التحصين الروتيني لترقى إلى أفضل مما هي عليه حالياٍ.
فالوضع خطير والخطر كبير وداهم ومن الممكن أن ييسر انتقال المرض إلى اليمن من جديد مع أنه ظل خالياٍ من الفيروس تماماٍ منذ العام 2006م لكننا نستطيع أن نقول: إلى الآن وبحمد لله لم تسجل أي حالات إصابة مؤكدة بالفيروس في اليمن استناداٍ إلى نظام تبليغ وترصد وبائي نشط لكل حالة اشتباه.
هناك- أيضاٍ- وباء آخر للفيروس سِجل منذ أكتوبر 2013م (33) حالة إصابة بشلل الأطفال حيث اكتشفت في شمال شرق سوريا الخالية من الفيروس منذ عام 1995م. كما ظهر الفيروس البري في بغداد بالعراق في شهر فبراير الماضي وهذا شكل خطراٍ كبيراٍ على دول المنطقة عموماٍ ثم إنه اكتشف بمجاري الصرف الصحي في كلُ من مصر والضفة الشرقية وغزه وكذا في الأراضي المحتلة مما قد يتيح – لا سمح الله- إمكانية وفود فيروس شلل الأطفال إلى اليمن.
وكما تعلمون أن هذا الفيروس شديد السراية سريع الانتقال شديد العدوى وبالتالي الشيء الذي يجب أن يفطن إليه الجميع أن منع وصول فيروس شلل الأطفال إلى أي بلد شيء مستحيل لا يمكن في أي بلد من العالم .
ولكن أظهرت بلدان اهتماماٍ بالتحصين ضد هذا المرض لزيادة مناعة الأطفال أقل من خمس سنوات والمضي في التخلص من هذا المرض محلياٍ وإقليمياٍ حتى استئصاله نهائياٍ.
غير أن ظهور حالات إصابة جديدة مؤكدة العام الماضي في الصومال وكينيا وإثيوبيا إلى جانب سوريا حيث أن هذه البلدان موبوءة بالفيروس بينما هناك بلدان يستوطنها الفيروس وهي (نيجيريا أفغانستان باكستان) ولم تتمكن من فرض سيطرة على المرض بوقف ظهور المزيد من حالات الإصابة حيث أن دولتين منها – مع الأسف – موجودة في إقليم شرق المتوسط في حين أن حالات الإصابة التي ظهرت في سوريا ثبت بالفحص الجيني بالمختبرات أن الفيروس المتسبب بها يعود إلى باكستان وهو الفيروس ذاته الذي اكتشف في بيئة مصر والأردن والضفة الغربية دون تسجيل أي إصابات.
خطر تسلل فيروس الشلل
* هل نفهم من هذا أن هناك خطر على اليمن في ظل تمدد المرض وتجاوزه بلدان بالمنطقة أعلنت خالية من الفيروس ¿
– بالطبع خطر فيروس شلل الأطفال باقُ على هذه البلدان وما جاورها من البلدان وحتى على بقية بلدان العالم.
غير أن الدول المجاورة للبلدان الموبوءة بالفيروس أو تلك التي تشهد حركة تنقلات بينها وبين البلدان الموبوءة أو المستوطنة بالفيروس هي لاشك في وضع أكثر خطورة ذلك لأن الفيروس يمكنه الانتقال حتى بواسطة الكبار فعندما يْطرح عن طريق الغائط – أجلكم الله- ويذهب إلى المجاري حيث تقوم بعض الدول بترصد نشط لهذا الفيروس حتى في مياه الصرف الصحي أو المجاري الأمر الذي أسفر عن اكتشاف ظهور هذا الفيروس في بيئة مصر والضفة الغربية والأراضي المحتلة في غزة تحديداٍ ولكن دون تسجيل أي حالات إصابة مؤكدة كون نسبة التحصين الروتيني للأطفال عالية في هذه البلدان.
لذلك فالإستراتيجية الأساسية والأصلية لاستئصال شلل الأطفال أن تكون لدينا نسب تغطية بالتطعيم الروتيني المستمر عالية تصل إلى أكثر من (95%) على مستوى كل مديرية وهذا ما نطمح إليه – حقيقة في اليمن- وفي الوقت ذاته يظل ظهور الفيروس بتلك الكيفية يثير مخاوف من معاودة ظهوره باليمن قادماٍ من تلك البلدان أو حتى من بلدان الجوار الأفريقي كالصومال وأثيوبيا.
بالإضافة إلى أن هذا الوباء في سوريا جوبه بحملات تحصين نفذتها العديد من دول شرق المتوسط القريبة من سوريا مثل (لبنان الأردن فلسطين العراق مصر وتركيا) وهنا- أيضاٍ- حملات تحصين متكررة في القرن الأفريقي تتزامن- إن شاء الله- مع الحملات التي تنفذها وزارة الصحة في اليمن.
كفاءة لقاح شلل الأطفال
* طالما أن اللقاح يمنع الإصابة بفيروس شلل الأطفال .. لماذا – إذن- يمكن أن تظهر إصابات بهذا الفيروس بين من حصنوا باللقاح المضاد¿
– لأنه لا يوجد أي لقاح يعطي حماية أو مناعة(100%) ماعدا لقاح لمرض الحمى الصفراء الذي ليس له أصل في اليمن بينما نسبة (1%) أو (2%) من المحصنين حتى مع تلقيهم اللقاح يمكن ألا يحصلوا على حماية أو مناعة كافية في الوقت الذي يشكو الكثير من سوء التغذية الذي ينعكس تأثيره سلباٍ على المناعة الطبيعية للأطفال مما يضعف مناعتهم أيضاٍ ضد فيروس شلل الأطفال ما لم يحصلوا على المزيد من جرعات اللقاح المضاد.
وبالتالي من المهم جداٍ حصول الأطفال في الفئة العمرية على المزيد من جرعات اللقاح كي تتزايد أكثر المناعة وتتعزز الوقاية من هذا المرض الخطير إلى جانب الحرص على تحصين الأطفال دون العام والنصف من العمر بكامل لقاحات التحصين الروتيني المعتاد بالمرفق الصحي بحسب مواعيدها المدونة في بطاقة أو كرت التطعيم.
وللعلم فإن حملات التحصين الوطنية في اليمن ستستمر خلال هذا العام بإذن الله تعالى.
فاليمن يظل بحاجة إلى مثل هذه الحملات نتيجة للأسباب التي ذكرتها ولأن التحصين الروتيني لم يصل بعد نسبة التغطية المرضية في تحصين المستهدفين من الأطفال بما يزيد على نسبة(95%) مما يعني حاجتها إلى تنفيذ المزيد من حملات تحصين متكررة – بحسب توصيات منظمة العالمية- للتأكد من مناعة الأطفال ومن أنهم جميعاٍ قد حصلوا على مناعة كافية.
فالمناعة لا تتأتى من جرعة أو جرعتين بل يجب أن تكون بالعديد من الجرعات وأي جرعة إضافية تضيف رصيد حماية للطفل تعزز وقايته ضد المرض.
توقعات اكتشاف حالات الإصابات
* في حال اكتشاف حالة إصابة واحدة بشلل الأطفال.. كم تتوقع منظمة الصحة العالمية وجود حالات أخرى مخفية غير ظاهرة بعد هذه الحالة الواحدة¿
– وجود حالة إصابة واحدة بشلل الأطفال يعني أنه موجود حول هذه الحالة في المجتمع ما لا يقل عن(200-500)حالةº نسميها مجهضة أو لا تظهر عليها العلامات السريرية أي لا يظهر عليها الشلل لكنها قادرة على أن تعدي الآخرين فهي تحمل الفيروس دون أن تظهر عليها الإصابة فهي متوالية هندسية حيث يتوسع الأمر بشكل كبير جداٍ إذا كان الأطفال غير محصنين ومن هنا يعتبر هذا وباء.
وننوه بمجهود وزارة الصحة العامة والسكان والحكومة اليمنية بشكلُ عام باعتبار أن هناك قطاعات كبيرة ووزارات كبيرة مختلفة مشتركة في تنفيذ هذه الحملة مثمناٍ هذه الجهود وكذلك بقية الشركاء في منظمة اليونيسف والوكالة الأميركية للتنمية.
اللقاح موضع رقابة صارمة
* كيف تقيمون اللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال¿ وما الرسالة التي تود توجيهها بخصوص حملة التحصين الوطنية التي بدأت أمس وستستمر إلى (9أبريل الجاري)¿
– لقاح شلل الأطفال سليم وفعال ونحن حالياٍ في معركة عالمية ضد فيروس شلل الأطفال منذ أن أقر استئصاله من العالم من قبل منظمة الصحة العالمية وبإجماع دولي عام 1988م فهذا الفيروس على غرار استئصال مرض الجدري.
وللعلم فإن لقاح الشلل لا ينتج في أي مصنع بالعالم إلا تحت مراقبة صارمة وشديدة من منظمة الصحة العالمية ولا تخرج أي كمية منه من أي مصنع معتمد إلا بترخيص وبعد سلسلة من عمليات المراقبة الدقيقة جداٍ تجريها المنظمة قبل منح الترخيص اللازم وبالنسبة للقاحات التي تصل اليمن أنا أشهد وأعرف تماماٍ أن جميعها يأتي من مصدر موثوق وفق شروط ومعايير منظمة الصحة العالمية وكذلك مرخصة منها.
أما شراء اللقاحات فتقوم به منظمة اليونيسف بعد حصولها على ترخيص من منظمة الصحة العالمية لذلك اللقاح سليم وفعال ومجرب في اليمن ومنذ سنوات أقيمت حملات تطعيم في اليمن.
والحمد لله ليس للقاح أي علاقة بظهور بعض حالات الإصابة في البلدان التي ظهر فيها الفيروس مجدداٍ بل اللقاح سليم فعال ومأمون. نناشد الآباء والأمهات وقد تقرر تنفيذ حملة وطنية للتحصين – الجولة الأولى في الفترة من(7-9أبريل الجاري) ونقول لهم: هبوا إلى تطعيم أطفالكم دون سن الخامسة لتجددوا وتؤمنوا مناعة كافية لجميع أطفالكم دون سن الخامسة فالحملة ستشمل جميع محافظات الجمهورية من منزلُ إلى منزل بمعية استحداث مواقع ميدانية للتحصين مع تقديم هذه الخدمة في كافة المرافق الصحية في كل أرجاء البلاد.
وعلى الوالدين أيضاٍ أن يكرسوا غاية الاهتمام بتحصين أطفالهم دون العام والنصف العمر بجميع لقاحات لتطعيم الروتيني في مواعيدها بالمرافق الصحية º يبدأوا بتطعيم أطفالهم من بعد الولادة ولا يقتصرون فقط على تطعيمهم خلال حملات التحصين فكلا التطعيم ضروري لصحة أطفالهم وخلافهما معاٍ مسلك خطير يبعث على الحسرة والندم يوم لا ينفع الندم.

قد يعجبك ايضا