الشهادة في سبيل الله هي نعمة إلهية عظيمة لا ينالها إلا أطهر الخلق ولا توهب إلا لأعظم الرجال إيمانا وتقوى وأجلهم شرفا وأعلاهم قدرا، وأجودهم عطاءً وأكرمهم بذلا الشهادة في سبيل الله نعمة كبيرة على الناس، ولا تعطى بالمجان فالله سبحانه وتعالي هو الذي يختار الشهداء وليست الصدف هي من تصنع هؤلاء الشهداء الكرام، فالله يقول في محكم كتابه: (وَلِيَعْلَـمَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِـمِينَ) آل عمران- آية (140).،والشهادة هي اتخاذ و اصطفاء واختيار إلهي ونعمة ربانية لا تؤتى بالمجان..
فالشهادة في سبيل الله هي تضحية بتوفيق من الله سبحانه وتعالى في موقف الحق وفي إطار قضية عادلة وفق توجيهات الله سبحانه وتعالى وتعليماته، وعنوانها المهم هو ــ في سبيل الله ــ بمفهومه الإسلامي القرآني العظيم والمقدس، والتحرك في سبيل الله هو الطريق المستقيم التي رسمها الله سبحانه وتعالى كي نسير عليها نحن البشر، هذا الطريق هو طريق عزة وكرامة، طريق تحرر من كل قيود الذل والاستعباد تحرر من العبودية لطواغيت الأرض، طريق لا عبودية فيها إلا لله ونحن أعزاء كرماء نحظى بالرعاية الإلهية ونحن ثابتون على نهج الله سائرين في خط الجهاد والاستشهاد مستمسكين بالحق نواجه قوى الشر والعدوان والطغيان، ندافع عن أنفسنا وأرضنا نأبى القهر والإذلال والامتهان والعبودية لغير الله، نجاهد ونبذل الغالي والنفيس لأجل الله وفي سبيله تعالى، كي يتحقق لنا ولأمتنا الخير والعزة والكرامة والفلاح لنفوز برضى الله وننال الحياة الطيبة والسعيدة في الدنيا والآخرة.
لذلك فإن الشهادة في سبيل الله بما تمثله من قيمة معنوية مهمة وتضحية وعطاء في مستوى القيمة العظيمة للإنسان المؤمن المجاهد، فحمل هذه الثقافة العظيمة وحمل هذه الروحية الإيمانية لها أهمية كبرى، لما تتركه من أثر كبير في واقع الناس على المستوى النفسي والمعنوي، فهي تحررهم من أغلال الخوف ومن قيود المذلة وتجعلهم يتحركون في الميدان لمواجهة أعدائهم والتصدي لقوى الشر والإجرام وقوى الاستكبار والطغيان، ويقفون بكل عزة وشجاعة بدون تردد أو خوف من الموت، لأنهم يحملون الوعي والبصيرة ويعرفون عظمة الشهادة في سبيل الله، ويدركون قيمة هذه الشهادة وفيما أعده الله للشهداء من كرامة وفضل ومنزلة رفيعة عنده تعالى، وما كتبه الله للأمة التي قدمت شهداء حيث أن هذه التضحيات تثمر عزة وكرامة ونصر وافتخار..
الشهادة في سبيل الله “سبحانه وتعالى” هي عطاءٌ عظيمٌ، وهي فيما يتعلق بالعطاء هي أسمى عطاء يجود به الإنسان، فالإنسان قد يقدم المال، وقد يقدم الكثير من الأمور مما يستطيع أن يفعله، أو أن يساهم به في إطار الموقف الحق، في إطار الموقف الصحيح، في إطار تجسيد القيم الإنسانية والأخلاقية والإيمانية، في إطار المواقف التي هي رضا لله، والتي هي أيضاً تنسجم كل الانسجام مع الفطرة الإنسانية.
عطاء الشهداء هو أسمى عطاء وهم يضحون بحياتهم وبأرواحهم، ويجودون بحياتهم في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، نصرةً لأمتهم، نصرةً لشعوبهم، نصرةً للمستضعفين من عباد الله، والمظلومين من عباد الله، فإن الله “سبحانه وتعالى”، وهو الكريم العظيم الرحيم، قابل عطاءهم بكرمه الواسع، فهم لما وهبوا حياتهم، الله “سبحانه وتعالى” قدم لهم وعجل لهم بحياة واستضافة كريمة، واستضافة مميزة يستضيفهم الله “سبحانه وتعالى” عنده يرزقهم ويكرمهم وينعمهم إلى يوم القيامة وإلى أن يبعث الله الخلق والخلائق.