روجت شعار الحرية لتنشر الانحرافات والانحطاط في المجتمع الغربي
الهيمنة الصهيونية على الغرب تكرست بالانحلال والشذوذ والانحطاط البشري
تطويع الدول الغربية لخدمة الأهداف الصهيونية من بوابة الانحلال
رؤساء أمريكا يصلون إلى البيت الأبيض عن طريق اللوبي اليهودي
يعمل اللوبي الصهيوني كجماعة ضاغطة من أجل مصالح الكيان المؤقت
اللوبي أنشأ كذبة معاداة السامية كرافعة لاستهداف المعارضين لسياساته
لجنة (آيباك) الذراع الطولَى للّوبي الصهيوني وساسة أمريكا لا يعصون لها أمراً
منذ احتلال اليهود لفلسطين سنة 1948 وإعلانهم كيانهم المؤقت، مارست جماعات يهودية ضغوطات على واشنطن لغرض كسب دعمها في مواجهة الدول العربية، وعملت على هذا الأساس لوضع أسس عمل تضمن من خلالها تحقيق نتائج مستدامة لجهة أهداف الكيان، وبالفعل نجحت هذه الجماعات في التغلغل داخل مختلف مؤسسات صناعة القرار الأمريكية خاصة الكونجرس والبيت الأبيض، ثم تكللت الجهود بظهور اللوبي الصهيوني بشكل منظم ليصبح هو المؤثر الأساسي في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة أن تعلق الأمر بالصراع العربي الإسرائيلي.
الثورة/ وديع العبسي
وتشير المعلومات إلى أن اليهود الأمريكيين لا يشكلون أكثر من 3% من مجموع سكان الولايات المتحدة، مع ذلك فإن نفوذهم داخل مراكز صنع القرار واضح ومؤثر وكبير، وهي النتيجة التي جاءت إثر تمكن النفوذ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة خلال عقود، من إنشاء حلف استراتيجي بين أمريكا والقاعدة الأمامية للامبريالية العالمية في منطقة الشرق الأوسط، ممثلة بالكيان الاسرائيلي والحفاظ عليه.
ويعمل اللوبي الصهيوني الضاغط في اتجاه تطويع القرارات لما يحقق مصالح الكيان الإسرائيلي، ولتنسجم مع سياسته، وبخاصة تجاه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، من خلال منظمات يزيد عددها عن (300) منظمة يهودية سياسية و(200) اتحادا محليا، وصندوقا للرعاية وجمعية للعلاقات العامة، وأكثر من (500) محفل ومعبد في الولايات المتحدة تقوم بجهود منفردة ومشتركة من أجل مصالحها في أمريكا والتي هي في الأصل مصالح الكيان الصهيوني، وإن كان لا يُعرف بالتحديد عدد المنظمات اليهودية العاملة في أمريكا، وفي موضوع نشرته صحيفة «جون أفريك» عن اليهود في هذا البلد، ذكرت فيه أن هناك 281 منظمة يهودية و250 اتحادا إقليميا، أما صحيفة جيروزاليم بوست العبرية قالت “إن لليهود 900 جمعية يهودية في الولايات المتحدة الأمريكية”.
من أهم هذه المكونات الصهيونية، وهي المنظمات الأساسية في الولايات المتحدة الأمريكية:
إيباك تعتبر أم المنظمات جميعا وأكبرها والمسؤولة عن التنسيق ووضع برامج العمل لكل المنظمات في أمريكا والمسؤولة عن جمع التبرعات وتقديم الدعم لإسرائيل، وتعمل ليلا ونهارا لفتح القنوات الدولية لإسرائيل.
مؤتمر الرؤوساء: منظمة أساسية يتبع لها 52 منظمة يهودية فرعية يترأسها الدكتور ناحوم غولدمان وهي المنظمة المسؤولة عن العلاقات الأمريكية الصهيونية واليهودية.
مجلس الاتحاد اليهودي – الفدراليات اليهودية: منظمة تأسست عام 1932 تضم كل الاتحادات اليهودية في الولايات المتحدة وكندا ومهمتها الأساسية هي تنسيق الأفكار والبرامج بين الاتحادات وتقديم التمويل المالي الى275 اتحادا يهوديا في أمريكا الشمالية.
ناكراك: منظمة فرعية تجمع عددًا من مجالس يهودية تهتم بالعلاقات بين الجاليات اليهودية وتشرف على إقامتهم وتوزيعهم في أمريكا حسب مصالحهم الخاصة.
الحركة الصهيونية الأمريكية: منظمة جديدة تأسست عام 1993 غايتها توحيد كل المنظمات الصهيونية الأمريكية في صوت واحد، وتضم أكثر من عشرين منظمة صهيونية صغيرة.
المجلس اليهودي العالمي: يمثل المنظمات المركزية في العالم وليس في الولايات المتحدة فقط ويقوم بالتنسيق بين اليهود في أكثر من 70 دولة، تأسس عام 1936.
اللجنة اليهودية الأمريكية: من المنظمات القديمة جدا في أميركا الشمالية تأسست عام 1906 من يهود ألمان، قدموا إلى أمريكا، وتشرف على اليهود الجدد القادمين إلى هذا البلد، ولها مكاتب وعلاقات في دول عديدة يتواجد بها اليهود.
عصبة منع الازدراء: تأسست عام 1913، وتدعي أنها تحارب الظواهر المعادية للسامية، وتشرف على التقرير السنوي الصادر عن المنظمات اليهودية الأمريكية.
إلى جانب منظمات أخرى كثيرة منها: المجلس اليهودي الأمريكي – منظمة صندوق الشباب الصهيوني الأمريكي – منظمة الأمريكيين لصالح أمن إسرائيل – منظمة الامريكيين لصالح السلام الآن – منظمة اتحاد الصهيونية الإصلاحية في أميركا – منظمة جي ستريت – ومنظمة المرأة الصهيونية في أمريكا…وغيرها.
وتعتبر (إيباك)، الأهم ويتجاوز نشاطها وتأثيرها الإطار الأمريكي إلى بقاع عديدة من العالم.
وتأسست منظمة (إيباك)، الذراع الطولَى للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، في الخمسينيات من القرن الماضي، وتضم في عضويّتها عدّة منظّمات صهيونيّة مثل بناي بريث، اللجنة اليهوديّة الأمريكيّة، الكونجرس اليهودي الأمريكي وغيرها.. وتعقد اللجنة مؤتمراً سنويّاً يحضره عدد كبير من الشّخصيّات الأمريكيّة السّياسيّة من مجلس الشّيوخ والنّوّاب، ويركز هذا المؤتمر حسب الدراسات على التّأييد الأمريكي لإسرائيل باعتبار إسرائيل مصلحة استراتيجيّة للولايات المتّحدة، المزيد من الدّعم المالي لإسرائيل، والسّعي لتحويل المساعدات والقروض إلى هبات، خلق العداء بين العرب والولايات المتّحدة وتعكير العلاقات العربيّة الأمريكيّة بأي شكل، دعم السّياسة الخارجيّة لإسرائيل ومباركة أعمالها العدوانيّة ضد العرب، وحمايتها في المحافل الدّوليّة خصوصاً الأمم المتّحدة ومجلس الأمن.
(آيبك)، كان اسمها «اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة»، ثم غيرت اسمها إلى «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» بهدف توسيع قاعدتها الجماهيرية، ويعمل هذا «اللوبي» الصهيوني للضغط على دوائر صنع القرار الأمريكية لدعم إسرائيل، ماديا وسياسيا وعسكريا، ويتمتع بنفوذ كبير في الدوائر السياسية في واشنطن، وبخاصة في الكونجرس والبيت الأبيض ووزارة الخارجية. وقد قال المدير التنفيذي السابق لمنظمة «إيباك»، ستيفن روزن، في مقابلة أجرتها معه مجلة «نيويوركر» عام 2005، بأن بإمكانه أخذ منديل ورقي من على أي طاولة في مجلس الشيوخ، وأن يجمع عليه توقيعات 70 % من أعضاء مجلس الشيوخ دعمًا لأي قضية يريدها حسب ما ذكرت ذلك «القدس العربي» في 19 فبراير 2019.
حديث نيويوركر يكشف حجم النفوذ الكبير لـ(آيباك) في الكونجرس الأمريكي، الأمر الذي جعل كيان إسرائيل مُحصَّنا هناك من أي انتقادات، زد على ذلك سخاء اللجنة مع الداعمين للكيان بالمكافآت المجزية والدعم المالي الكبير خلال الانتخابات، ومهاجمة وتحجيم معارضيه، كحال رشيدة طليب عضو الكونجرس التي اتهمت «إسرائيل» بأنها دولة فصل عنصري، لتتعرض على إثر ذلك لهجمة شرسة من المنظمات الصهيونية وباقي أعضاء الكونجرس، وهو الذي عدّه محللون دليلا آخر على مدى قوة اللوبي الإسرائيلي.
والصيف الماضي صرف اللوبي الصهيوني أكثر من 26 مليون دولار لهزيمة المرشحين الديمقراطيين التقدميين، ونتيجة لذلك، خسرت كل من نينا تورنر ويوه لاين نيو وماري نيومان، وفقد آندي ليفين مقعد ولاية ميشيغان إما بسبب تعاطفهم مع الفلسطينيين أو بسبب انتقادهم الشديد لـ «إسرائيل».
كما تلعب «إيباك» وهي التي تمثل الوجه الأبرز للوبي الصهيوني في أمريكا، دور المستشار لأعضاء الكونجرس حول القضايا المتعلقة بالعالم العربي والشرق الأوسط، خاصة في ما يتعلق بالتطرف والإرهاب.. وقد كشفت ذلك يوما النائبة المسلمة في مجلس النواب الأمريكي، إلهان عمر عندما نشرت تغريدة على «تويتر» أشارت فيها إلى استخدام «إيباك» المال في التأثير على النواب الأمريكيين، لتفتح بذلك على نفسها وابلا من الانتقادات التي اتهمتها بمعاداة السامية.
في كتابهما عن اللوبي يقول ستيفن والت وجون ميرشايم أن صرخة معاداة السامية الكاذبة تُستخدم في بعض الأحيان كوسيلة لكبت أي انتقادات جهة لإسرائيل، ويقولان: « لن يكون أي نقاش حول اللوبي مكتمل بدون دراسة واحد من أقوى أسلحته المتمثلة في تهمة معاداة السامية. كل من ينتقد أعمال إسرائيل أو يقول أن المجموعات الموالية لإسرائيل لديها تأثير كبير على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وهو التأثير الذي تحتفي به الإيباك، يضع نفسه في موضع الاتهام بمعاداة السامية. في الواقع بمجرد أن يزعم أي شخص أن هناك لوبياً إسرائيلياً، فإنه سيخاطر بالتعرض إلى تهمة معاداة السامية، بالرغم من أن الإعلام اليهودي يشير إلى لوبي إسرائيلي في أمريكا. بمعنى آخر يتفاخر اللوبي اليهودي بنفوذه، ثم يهاجم أي شخص يلفت الانتباه إليه. إنه تكتيك فعال، فلا أحد يريد أن يكون متهماً بمعاداة السامية.»
وتشرف «إيباك» أيضا على إعداد قادة محتملين للولايات المتحدة موالين لإسرائيل من الأجيال الناشئة، ووصل بعض هؤلاء إلى مناصب قيادية في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وأصبحوا أعضاء في مجلس النواب والشيوخ.
بل وحتى على مستوى الرئاسة الأمريكية، إذ صار من الصعب جدًا انتخاب رئيس أمريكي إذا لم يكن مواليا لـ”إيباك”، أو لم يكن متوافقا مع أهدافها، من هنا نجد المرشحين المتنافسين دائما ما كانوا يحرصون على إلقاء خطابات أمام المؤتمر السنوي لـ”إيباك”، تأكيدًا على دعمهم لإسرائيل، طمعًا في كسب دعم اللوبي الصهيوني لهم.
في بداية رئاسته، تعهّد باراك أوباما بضرورة وقف بناء المستوطنات، فيما اعتبر جون كيري «إن المستوطنات الإسرائيلية تقضي على حل الدولتين»، لكن اوباما تراجع عن كلامه في سنة 2011 عندما هاجمه نتنياهو، بل وتسلم كبير مساعديه قائمة بـ «المتبرعين اليهود» للاتصال بهم ليؤكد لهم أن أوباما يحب «إسرائيل».
وفي عام ٢٠٢٠م عمل الرئيس الحالي بايدن على التخلي عن اعتماد مصطلحات مثل المستوطنات، والاحتلال، في برنامج الحزب الديمقراطي لإرضاء اللوبي الإسرائيلي.
كما يُذكر في السياق بأن رؤساء الولايات المتحدة الذين انتقدوا السياسة الإسرائيلية في بعض الجوانب لم يستمروا لأكثر من ولاية واحدة فقط، مثل كارتر وجورج بوش الأب، الذي انتقد المستوطنات، حينها أنفق اللوبي أموالا طائلة لإيصال بيل كلينتون للرئاسة في سنة 1992، وهو درس تعلمه جورج دبليو بوش الذي قال إنه «لن يعارض إسرائيل أبدًا»، على حد تعبير توم فريدمان.
بوش الابن قال أيضا أمام اللجنة الأمريكية الإسرائيلية «إيباك» عام2001م إن «سلامة وأمن إسرائيل هي الأولوية الأولى لسياستي الخارجية، وإن إدارتي ستدعم إسرائيل بكل قوة ضد الإرهاب والعنف، وذلك بدعم وضمان الحرية والرخاء والأمن لدولة إسرائيل»، وكذا تصريحات ترامب الشهيرة في هذا الجانب كتأكيده دائما أن «القدس لطالما كانت عاصمة أبدية للشعب اليهودي منذ أكثر من 3000 سنة، وأن الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب، ستقبل الاعتراف بالقدس عاصمة غير مقسمة لدولة إسرائيل.»، حسب قوله- قبل فوزه بالانتخابات عند لقائه برئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
ويقول سيناتور سابق يدعى ايرنست هولنغر (دمقراطي – ساوث كارولاينا): «لا تستطيع أن ترسم سياسة اسرائيلية مغايرة لتلك التي يزودك بها الايباك هنا» (تصريح السيناتور هولنغر حول تدقيق زاويته الصحفية الشرق أوسطية – 2004 – 2005م).
فيما يقول زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ سابقا هاري رايد يقول: «لا أستطيع أن أفكر بمنظمة سياسية في البلاد على مستوى الايباك جودة تنظيم واحتراما»، وعدّه رئيس مجلس النواب السابق نيوت غنفريتس اكثر جماعات المصالح فعالية… عبر كوكب الأرض طولا وعرضا.. أما الرئيس السابق كلينتون فوصف الايباك بـ «ناجح نجاحا مذهلا وأفضل من أي طرف آخر على صعيد حشد التأييد في هذه المدينة». (هذه الاقتباسات مأخوذة عن موقع الايباك الالكتروني).
لذلك بات من البديهي أن يسعى أي مرشح للرئاسة أو حتى يفكر في الأمر أن يكسب ود الكيان الإسرائيلي ويعمل على استرضائها.
ولعله من المثير أيضا، معرفة أن اللوبي الصهيوني في أمريكا يتدخل حتى في تحديد مقاييس المعونات الأمريكية المخصصة للبلدان الفقيرة وبخاصة العربية، وهذه المعونات ليست إلا رشى لإسكات الأنظمة العميلة وإبعادها عن القضايا الحساسة، وفرض سياسات التطبيع مع إسرائيل وآخر مثل على ذلك السودان والمغرب.
المصلحة العليا للكيان المؤقت
منذ تأسيس اللوبي الصهيوني في أمريكا وبروز منظمة (ايباك) الواجهة الممثلة له، وضعت الأخيرة، أهدافها المستدامة التي تعمل على تثبيتها من خلال جملة السياسات التي تقوم بصياغتها وفقا للمتغيرات الدولية وتراعي فيها دائما المصلحة العليا للكيان الصهيوني، ليس فقط بوجوده وتأثيره على شعوب المنطقة العربية وإنما أيضا في الحفاظ على الحضور اليهودي عالميا، ولذلك رأينا كيف تمكن اللوبي الصهيوني من جعل مصطلح «معاداة السامية» رافعة لاستهداف الاخرين سواء كانوا في شكل جماعة أو حتى أفراد.. جاء في كتاب دليل إسرائيل العام 2020 للمؤلف منير فخر الدين إن مظاهر معاداة السامية في المجتمع الأمريكي، وفي العالم، سواء في المشهد السياسي أو المشهد الثقافي، تشكل رافعة للوبي الصهيوني والمؤسسات اليهودية الأمريكية، بحيث تُستثمر في إشاعة الجو العام الداعم لإسرائيل «وصدقية» ادعاءاتها. ويساهم ذلك في مثالية وصول مؤسسات عليا، مثل أيباك والمؤتمر اليهودي الأمريكي ومنتدى مكافحة التشهير، إلى وسائل الإعلام، ومنحها منصة إعلامية مؤثرة.
من هذه الأهداف: الهيمنة على مختلف مجالات الحياة في المجتمع الأمريكي والتحكم بقرارها السياسي والاقتصادي.
ومنع وعرقلة أي قرار من مجلس الأمن لا يصب في مصلحة إسرائيل، عن طريق استخدام ورقة الفيتو الأمريكي إن تفسير اللوبي اليهودي، ومن ثم الانحياز الأمريكي لـ «إسرائيل»، يجد أساسه في الثقافة الأمريكية، والتي توصف بأنها ثقافة يهوــ مسيحية تقوم على التقاليد الأخلاقية، والدينية لليهودية، والمسيحية، أي التراث اليهودي المسيحي.
من هنا نجد أن اللوبي الصهيوني، انتهج في سياسته عدم الانحياز، فلا ينخرط اليهود في أي من الحزبين (الجمهوري أو الديمقراطي) وهم دائما على الحياد يرجحون كفة الحزب الذي يلتزم اكثر بمصالح الصهيونية العالمية.
لذلك يقول السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي “إن السياسة الأمريكية يصنعها اللوبي الإسرائيلي واليهودي كما هو في بريطانيا وكثير من الدول الغربية. ويشير السيد عبد الملك الحوثي إلى أن اللوبي اليهودي الصهيوني تغلغل إلى جميع سلطات العالم وتحكم فيها بما فيه العرب وليس أمريكا”.
أدوات اللوبي اليهودي
حرص اللوبي الصهيوني منذ البداية على امتلاك الأدوات الضامنة لقدرته على تمرير مخططاته في اتجاه تحقيق أهدافه والحفاظ على فاعلية ومستوى تأثيره على القرار الأمريكي خصوصاً الاستراتيجي والتوجه العام للمجتمع الأمريكي أهمها:
– النفوذ المالي: وكان يتم عن طريق جماعات الضغط اليهودية مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (أيباك)، ومؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى و”المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل والمنظمة الصهيونية الأمريكية، والمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي ومؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات ، وجماعة جي ستريت، وغيرها في الحملات الانتخابية (التشريعية والرئاسية)، ويشار إلى أن (أيباك) لوحدها أنفقت على سبيل المثال خلال الفترة 2016 – 2020 (فترة ترامب) ما يقارب 137 مليون دولار، في دعم 269 مرشحاً للنواب و57 مرشحاً للشيوخ سنة 2018.
ويشير برنامج سياسي لفضائية صينية رسمية إلى أن التأثير الإسرائيلي في السياسة الأمريكية نابع من النفوذ المالي اليهودي، البرنامج ذكر أن من بين 40 شخصاً هم الأغنى في العالم، هناك 18 منهم من اليهود، وأن نفوذ هؤلاء الأثرياء اليهود يمتد للمؤسسات الصناعية والمالية والإعلامية وقطاعات الإنترنت.
– النفوذ الإعلامي: عمل اللوبي اليهودي في هذا القطاع يتمثل في تطويع الرسائل الإعلامية لتبرير السياسات الإسرائيلية والتأثير على توجهات الرأي العام الأمريكي، وذلك من خلال الترويج لأفكار معينة تخدم المصالح الإسرائيلية، أو اتهام كل من يتخذ موقفاً ناقداً للسياسات الإسرائيلية بأنه معادٍ للسامية. وتظهر نماذج التأثير في وسائل الإعلام من خلال الضغط على هذه الوسائل بشكل مباشر أو غير مباشر لإخفاء الأخبار أو الصور التي تضر بـ”إسرائيل”، والتركيز على نقيضها، فعلى سبيل المثال تبين من تحليل الرسم البياني الذي يتناول عدد القتلى من الفلسطينيين والإسرائيليين في انتفاضة سنة 2000 في صحيفة نيويورك تايمز، أن نسبة تغطية أعداد القتلى الفلسطينيين كانت نحو 37 % من عددهم، بينما كانت تغطية أعداد القتلى الإسرائيليين في الفترة نفسها هو 105 %، أي أن الإشارة للعدد تكررت أكثر من العدد ذاته.
– النفوذ الانتخابي: حيث تقوم جماعات الضغط اليهودية بدفع اليهود على المشاركة العالية في الانتخابات والتصويت لصالح مرشح معين، وتبيّن الدراسات أن نسبة مشاركة اليهود في الانتخابات الرئاسية خلال الفترة من 1948 (أول انتخابات بعد قيام كيان “إسرائيل”) إلى سنة 2020 بلغت نحو 80 %، وهي أعلى من المعدل العام لمشاركة المجتمع الأمريكي، حسب الدراسات، وأن من بين 21 انتخابات رئاسية أمريكية (منذ تأسيس كيان “إسرائيل”) ذهب أغلب أصوات اليهود إلى المرشح الديموقراطي فيها كلها، أي أن اغلبية أصوات اليهود ذهبت إلى الحزب الديموقراطي في كل الانتخابات، فيما بلغ معدل تصويت اليهود للمرشح الديموقراطي خلال الفترة 1948 – 2020 ما نسبته 71.6 %.
على أن بروز الحزب الديموقراطي في المعطيات السابقة لا يعني أن الجمهوريين كان على نقيض من توجهات اللوبي الصهيوني، إذ لم يظهر أي فروق في التعامل مع كيان إسرائيل في سياسة الرؤساء الأمريكيين من الجمهوريين حيال “إسرائيل” عند مقارنتهم مع الديموقراطيين.
وتورد الدرسات انه على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب وهو من الحزب الجمهوري حصل فقط على 29 % من أصوات اليهود في منافسته مع هيلاري كلينتون إلا أنه كان الأكثر انحيازاً تجاه “إسرائيل”. وفي انتخابات 2020م أيضاً ذهبت أصوات اليهود إلى جو بايدن الديموقراطي بمعدل 76 % مقابل 24 % من أصوات اليهود لترامب، على الرغم من كل ما قدمه لـ”إسرائيل” في موضوعات الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري خلال توليه منصب الرئيس.
ويخلص المركز العربي للبحوث والدراسات ضمن تناوله (نفوذ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وانعكاسه على السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي) إلى أن ما وصل إليه اللوبي الصهيوني اليوم من قوة لا يستهان بها في تحريك الإدارة الأمريكية نحو مصالح إسرائيل وممارسة الضغط عليها من كل الجهات بما فيها الكونجرس والحملات الانتخابية ومراكز البحوث والدراسات وكذلك الاقتصاد, بالإضافة إلى نجاحه في استمالة الشعب الأمريكي عن طريق الإعلام بتصوير إسرائيل في دور الضحية، هو ما يجعل الولايات المتحدة حكومًة وشعبًا يستميتون في الدفاع عن الكيان الإسرائيلي بكل الطرق ويدعمونها بالمساعدات لدعم اقتصادها، وبالأسلحة لتأمينها، ودعمها سياسيًا، وحمايتها بجعلها أبرز وأهم أولويات سياستها الخارجية. وهذا من ضمن العوامل التى تشكك فى نزاهة الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط في عملية السلام وأن أي حل تقترحه الولايات المتحدة في الوقت الحالي كحل للصراع لابد أن يؤخذ محل ريبة وشك لا محل تسليم وانسياق، حسب المركز.
يقول جولدبرج في كتابه نفوذ اليهود أن اللوبي اليهودي في أمريكا قد لعب على مدى العقود دوراً قيادياً في صياغة السياسة الأمريكية في قضايا مثل الحقوق المدنية وفصل الدين عن الدولة والهجرة، توجهه لبرالية كونها خليط من التقاليد اليهودية وتجربة الاضطهاد والمصالح الشخصية. وبرز اللوبي بعد التحول الحاد في سياسة إدارة نيكسون تجاه دعم المساعدات العسكرية والخارجية لإسرائيل بعد حرب أكتوبر 1973.
وفي محاضرته (آيات من سورة الكهف) أشار السيد حسين بدر الدين الحوثي (سلام الله عليه)، بتاريخ: الجمعة 29 أغسطس 2003 في صعدة إلى سيطرة اللوبي اليهودي على الحياة في أمريكا بقوله «الأمريكيون لا يظهرون أنـهم يـهـود، واليـهـود أسَاساً هُم ملعونون عند الكل، يوجد الكثيْرون الذين يكرهونهم أكثر مننا، ومن النصارى يكرهونهم، لكنهم قد تغلبوا على النصارى وهم يثقفونهم، مثلما يتجهون إلينا يثقفوننا، وقد هم يحولون النصارى إلى صهاينة يشتغلون معهم، تعرفون بأَنـهم قد بيحولوا النصارى إلى صهاينة ؟ قد هو يـهـودي في قالب نصراني، مثل الآن، يحولوه يَـهـودي وشكله مسلم، هم هكذا يعملون».