نحن بحاجة إلى شرطة مجتمعية في المرحلة الراهنة


> استغربت من غيابها في الهيكل الجديد للداخلية.. ووجودها الآن ضروري

> ردم الهوة القائمة بين الشرطة والمجتمع وغرس الثقة بينهما من أهم أهدافها

أوصى المؤتمر الثاني والعشرون لقادة وزارة الداخلية بإنشاء الشرطة المجتمعية خصوصا في المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد ويزيد من أهميتها أنها منشقة مع مخرجات الحوار الوطني باعتبار أن هذه المنظومة ركيزة أساسية في دور الشرطة الساعي إلى تحقيق الأمن ويعيد ثقة المواطن برجل الشرطة.
من هذا المنطلق أجرت “الثورة” لقاء مع العقيد/ عبد الغني الوجيه ـ قائد الشرطة الراجلة سابقاٍ ـ حول أهمية إيجاد الشرطة المجتمعية وأهدافها وما الشروط المطلوبة للالتحاق بها وكذا إمكانيات تطبيقها محلياٍ وتنبع أهمية اللقاء مع العقيد الوجيه كونه ممن كتبوا وتحدثوا وطالبوا بضرورة إيجاد الشرطة المجتمعية.. فإلى تفاصيل اللقاء..

•لو تحدثنا في البداية عن المفهوم العام للشرطة المجتمعية¿
ـ شهد العالم في العقود الأخيرة ثورة في التكنولوجيا ونظم المعلومات جعلت من السهل على المجرمين ارتكاب جرائمهم دون أن تكتشفها أجهزة الشرطة , وفي بعض الجرائم سهلت على مرتكبيها محو آثارها , كما جردت الشرطة من المميزات التي كانت لها وليست للمجرمين, فبعد أن كانت أجهزة الاتصال اللاسلكية حكراٍ على الشرطة جاءت الهواتف السيارة لتلغي تلك الميزة وهكذا أصبح من الصعوبة بمكان على جهاز الشرطة أن يسيطر منفرداٍ على الجريمة فلجأت الأنظمة الحديثة للشرطة إلى انتهاج أسلوب جديد في عملها يقوم على إشراك المجتمع المدني ( أفرادا و هيئات و مؤسسات ) في العمل الأمني وهذا ببساطة هو مفهوم الشرطة المجتمعية, فهي فلسفة تقوم على إستراتيجية و تقنية تجفيف منابع الجريمة وحل المشكلات بالشراكة بين أجهزة الشرطة الرسمية والمجتمع المدني لغرض مكافحة الجريمة والحد منها.
أسلوب مختلف
• قرأنا في صحيفة الثورة سلسلة حلقات عن الشرطة المجتمعية نشرت في صحيفة “الثورة” وسمعنا عن أنشطة في هذا الصدد. ترى ماهي خلاصة تلك الجهود¿
ـ في الأساس منذ بدأنا شرطة الدوريات الراجلة انتهجنا أسلوباٍ مغايراٍ لأساليب العمل الشرطي التقليدي الذي كان يظهر الصلابة في التعامل على أنها صفة ملازمة للشرطي فبدأ أفرادنا يتعمدون التبسم في وجه المواطن ويستجيبون لتساؤلاته وحرصنا على تقديم خدمات إنسانية واجتماعية إلى جانب ما نقدمه من خدمات أمنية حتى أن أطقم الشرطة الراجلة كانت تتحرك للإسعاف لمجرد البلاغ من الدوريات عن أي حالة تستدعي ذلك وكان لنا نزول إلى رياض ومدارس الأطفال والنشء بغرض القرب منهم وغرس حب الشرطة في نفوسهم فيكونوا أصدقاء المستقبل ولتحصينهم ضد الإفكار المسمومة وتعريف الفتية منهم بأساليب المجرمين وفي عام 2005م بدأنا بإنشاء جماعات ( أصدقاء الشرطة ) في بعض أحياء أمانة العاصمة صنعاء وهي واحدة من صور التعاون المجتمعي مع الشرطة ثم طورنا علاقتنا بالمجتمع شيئاٍ فشيئاٍ حتى فتح معسكرنا لاستضافة منظمات المجتمع المدني والصحفيين في ورش عمل للبحث عن أوجه التعاون والشراكة في حفظ المكتسبات الأمنية وتجفيف منابع الجريمة والعمل المشترك لمناهضة التحرش الجنسي وهروب الأطفال من المدارس وغيرها بل تطور الأمر إلى إقامة دوري رياضي للشباب في الأحياء أسميناه ( دوري أصدقاء الشرطة ) وبرامج رياضية وثقافية استهدفنا فيها دار رعاية الأيتام كونهم من الفئات المستهدفة لعصابات الإجرام وبرامج أخرى للسجن المركزي لعمل أسس لما يمكن أن يكون في المستقبل كإدارات خاصة برعاية السجناء أثناء قضائهم محكوميتهم ورعاية أسرهم و إدارات للرعاية اللاحقة لهم بعد خروجهم من السجن وأنشطة أخرى عديدة كلها صور لأنشطة الشرطة المجتمعية وكتبت على “صفحات قضايا” و ناس في صحيفة “الثورة” حلقات متعددة عن الشرطة المجتمعية وكم أتمنى اليوم الذي أرى فيه للشرطة المجتمعية إدارة خاصة بها في وزارة الداخلية تهتم لتنفيذ إستراتيجيتها.
أهدافها
• ما هي الأهداف التي ترمي إليها الشرطة المجتمعية ¿
ـ تهدف إلى تحقيق المشاركة الفاعلة لأفراد المجتمع في أعمال الشرطة في الأحياء, وإلى ردم الهوة القائمة بين الشرطة والمجتمع وغرس الثقة بينهما, وكذا حل الخلافات والقضايا التي قد تحدث بين أفراد الأسرة أو الجيران في الحي بطريقة ودية بعيداٍ عن مركز الشرطة حفظاٍ للود وحتى لا تتطور إلى مراحل الجريمة, كما تهدف في أوساط الشرطة إلى تحسين مستوى الخدمات التي يقدمونها للمجتمع وتنمية روح المشاركة بين الشرطة والمجتمع وفي أوساط المجتمع إلى حثهم على التعاون مع الشرطة وتنظيم المتطوعين منهم للقيام بالأعمال التي توكل إليهم في نطاق الحي والتي تساعد على منع الجريمة ومكافحتها.
طرق تطبيقها
• هل الشرطة المجتمعية التي طبقت في بلد ما صالحة للتطبيق في بلد آخر¿
ـ الشرطة المجتمعية تختلف أساليب تطبيقها من بلد إلى آخر , تجد بلدا تتجه فيها أجهزة الشرطة إلى المجتمع لكسب وده وتحثه على التعاون وتجد بلداٍ آخر ثقافة ووعي المجتمع العالية فيه هي التي تدفع المجتمع بالاتجاه نحو الشرطة ومد يد العون إليها, كما أن ظروف كل بلد الاجتماعية والاقتصادية وحتى حالة التدين فيه تفرض التنوع والاختلاف في النهج وإن كان الغرض واحداٍ في النهاية وهو إشراك المجتمع بصورة فاعلة في الأعمال الأمنية.
الضابط المجتمعي
•هل هناك شروط معينة لا بد أن تتوفر أو برامج يخضع لها أفراد المجتمع حتى يتعاونون مع الشرطة¿
ـ أفراد المجتمع المتطوعين لابد أن يخضعوا لبرامج تأهيلية وتدريبية
قبل أن يصبح الواحد منهم (ضابط دعم مجتمعي) يستطيع القيام بما يوكل إليه من مهام, وهو عمل طوعي يتم وفق برامج تعدها وتشرف على تنفيذها ( إدارة الشرطة المجتمعية بوزارة الداخلية ) وبالتالي كلما كانت الإدارة ذات كفاءة كلما كانت النجاحات في هذا المضمار أكبر, ولابد هنا من أن تتوفر شروط فيمن يمكنهم أن يكونوا ضباط دعم مجتمعين بالتأكيد.
صدمة وسرور
• كيف قرأت ما جاء في البند السابع من توصيات المؤتمر الـ 22 لقادة وزارة الداخلية والذي أوصى بإنشاء الشرطة المجتمعية ¿
ـ سرني جداٍ تلك التوصية وأتمنى أن يتم تنفيذها في أقرب وقت ممكن, كنت أتوقع أن أجد إدارة الشرطة المجتمعية على رأس هرم هيكل وزارة الداخلية وصدمت حين لم أجدها لكن التوصية جاءت في وقتها لأن الشرطة المجتمعية ضرورة لابد منها خصوصا للمرحلة التي نمر بها وهي متوافقة تماما مع مخرجات الحوار الوطني بل هي روح الحوار فيما يخص الشرطة والسعي لتحقيق الأمن.
أخيراٍ
• كلمة تود قولها في نهاية هذا اللقاء¿
ـ الشاب اليمني ليس لطموحه حدود , في العام الماضي استضافتني العديد من المبادرات الشبابية التطوعية لبحث الطرق الكفيلة بتحقيق الأمن في اليمن وعرضت تجربة شرطة المجتمعية كواحد من الحلول الهامة وقد سرني جدا تفاعلهم معي والفعاليات التي قاموا بها طوعاٍ وهذه رسالة مفادها ” أن الشباب اليمني تواق إلى بذل الجهود التطوعية من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في البلد وأرجوا أن تستغل وزارة الداخلية هذه الجهود التي قل أن توجد في بلدان أخرى.

قد يعجبك ايضا