تحقيق/ أحمد محسن غليس –
* العين من أكثر الأعضاء حساسية في جسم الإنسان على الجانب التشريحي والوظيفي فهي تحتاج إلى رعاية خاصة ومراجعة الطبيب في حالة ظهور أي أعراض صحية تهدد سلامة العين.. ويؤكد أطباء العيون أنه يجب على كل شخص إجراء فحوصات متقاربة للعين خاصة أن الدراسات تؤكد على ظهور أمراض خطيرة والتي تهدد بفقدان النظر على المستوى العالمي كالمياه البيضاء والزرقاء والتي تنتشر بكثرة في الدول الفقيرة ومنها بلادنا حيث تشير الإحصائيات على أن مرض المياه البيضاء منتشر في اليمن بنسبة 70% وهي من الأمراض التي تؤدي إلى فقدان النظر في حالة عدم مراجعة الطبيب والقيام بمعالجتها.. في التحقيق التالي نحاول مناقشة جانبُ من هذه المشكلة.. إلى التفاصيل:
الجدة آمنة محمد البالغة من العمر 60 عاماٍ من محافظة صنعاء أحد المصابين بمرض المياه البيضاء كادت أن تفقد النظر حيث لم تعد ترى الأشياء من حولها بوضوح وأصبح النظر لديها مشوشاٍ كلياٍ.
وتقول الجدة آمنة: كنت فقدت الأمل بعودة النظر إلي مرة أخرى بسبب إصابة عيني بالمياه البيضاء والزرقاء إلا أنني أجريت عملية لشفط تلك المياه من عيني بعدها شعرت بتحسن في الرؤية وتمكنت من رؤية الأشياء التي كنت أعجز عن تمييزها.
الأمراض الخطيرة التي تصيب العين قد تفقدها النظر في حالة إهمال العلاج وبحسب الدكتور محمد علي العنسي استشاري طب وجراحة العيون وعضو الجمعية الأمريكية لتصحيح الإبصار أن المياه البيضاء والزرقاء من الأمراض الخطيرة التي تصيب العين وتؤدي إلى فقدان النظر في حالة عدم معالجتها موضحاٍ أن هناك أعراضاٍ وعلامات لأمراض المياه البيضاء والزرقاء قد يتعرف عليها المصاب.
المياه البيضاء
يقول الدكتور محمد العنسي عن المياه البيضاء: تصاب العين بعتمة في العدسة البلورية وتتشكل تدريجياٍ على شكل سائل أبيض تسبب تدنياٍ تدريجياٍ لحدة الإبصار كما أن إصابة العين بهذا المرض قد تكون مصاحبة لتقدم العمر كما أنها تظهر في الأطفال بنسبة 40% لأسباب وراثية وتزيد نسبة الإصابة بهذا المرض في البلاد الحارة وفي حالات الإصابة بمرض السكري وتؤكد الدراسات أنه في كل( 100) شخص مصاب بالسكري يوجد (10) أشخاص بينهم مصاب بالمياه البيضاء. ومن أعراض هذا المرض هو فقدان البصر تدريجياٍ أما في الحالات المتأخرة فتكون هناك أعراض أخرى….
ارتفاع نسبة المرض
الدكتور طارق الدعيس طبيب عيون في مستشفى الثورة وأحد أعضاء لجنة جمع المعلومات في المسح الميداني حول وضع العيون في الجمهورية اليمنية يرى أن المياه البيضاء والزرقاء من أهم الأسباب الرئيسية التي تصيب الإنسان بالعمى بنسبة( 50-60 %) إضافة أن هناك انتشاراٍ كبيراٍ لهذا المرض ويظهر ذلك بالرجوع للمقارنة بين نتائج المسح الميداني الأول لتقييم طب العيون في اليمن عام 2003م ونتائج المسح الميداني الثاني لتقييم طب العيون عام 2012م حيث يتضح ذلك من خلال إجراء (31258) عملية مياه بيضاء عام 2003م بمعدل (1600) عملية لكل مليون من السكان. أما عن نسبة عدد المصابين فهي تصل إلى (5000) حالة مياه بيضاء لكل مليون نسمة وهذا يعني أن هناك حالات مياه بيضاء تتراكم سنوياٍ وارتفاع في نسبة المرض وهذا ما أكدته نتائج المسح الثاني الذي أجري في اليمن عام 2012م حيث تم إجراء (62577) عملية مياه بيضاء أي بمعدل (2473) إصابة لكل مليون من السكان للحالات الجديدة فقط من دون المساس للحالات التراكمية مشيراٍ إلى أن العمليات سترتفع إلى (3500 ) لكل مليون نسمة وأنه في عام 2015م سترتفع العمليات إلى (5500) عملية لكل مليون نسمة إذا لم تتم عمل مكافحة لهذا المرض.
المياه الزرقاء
أما عن المياه الزرقاء فيقول الدكتور العنسي إنها تتمثل في أمراض الشبكية التي منها المياه الزرقاء والتي تسمى بارتفاع ضغط العين و (الغلوكوما ).
ويؤكد الدكتور الدعيس أن المياه الزرقاء تعد أخطر من المياه البيضاء لأنها تؤثر على العصب البصري وتصيبه بالضمور مما يؤدي إلى فقدان البصر كما أنها ثاني الأمراض انتشاراٍ في اليمن بعد المياه البيضاء موضحاٍ أنه تم إجراء (2573) عملية جراحية في بعض محافظات الجمهورية لعام 2012م. وتشير الدراسات إلى أن هناك 2% من الأشخاص عالمياٍ يصابون بهذا المرض نتيجة لضغط العين إضافة إلى أن هناك نوعاٍ آخر لهذه المياه وهو النوع الشائع وليس له أعراض ويتم اكتشافه بالصدفة أو في المراحل المتأخرة منها ولهذا ينصح الأطباء من هم فوق سن الـ(40) بمراجعة الطبيب لإجراء الفحص الدوري خاصة من له أقارب من الدرجة الأولى كالولدين أو الإخوة المصابين بارتفاع ضغط العين .
أسباب الإصابة والانتشار
يقول الدكتور العنسي أن من الأسباب الرئيسية في انتشار مرض المياه البيضاء والزرقاء الجهل والأمية وانعدام المتابعة الصحية للأمهات الحوامل وتدني إمكانات المؤسسات الصحية والإهمال في تشخيص بعض الأمراض البسيطة التي تؤدي إلى العمى كما تلعب العوامل البيئية وأساليب وأنماط الحياة والممارسات اليومية للأفراد وبعض العادات الاجتماعية دوراٍ خطراٍ في انتشار أمراض العيون.
ويذكر الدكتور الدعيس أن هناك أسباباٍ أخرى تزيد من انتشار هذا المرض منها الشيخوخة وقد تكون في نفس الوقت وراثية أو مضاعفات لعلاج تم استخدامه بطريقة عشوائية بدون الرجوع إلى الطبيب. كما تشير الدراسات إلى أن المياه البيضاء تزداد في المناطق الحارة وتوجد في الحالات المصابة بالسكري وتشير إلى أن هناك 50% من الأشخاص فوق الـ(60) من العمر يصابون بهذا المرض خاصة المصابون بالأمراض المزمنة للعين وأيضاٍ عند الإصابة برضوض العين واستخدام الكورتيزون بشكل مفرط ويصاب بها الأطفال منذ الولادة نتيجة لأسباب وراثية حيث أكدت الدراسات أن 40% من حالات الإصابة بالمياه البيضاء مجهولة السبب والبقية بين أسباب وراثية ومسببات استقلابية والانتانات داخل الجسم.
معوقات
ويقول الدعيس إن هناك معوقات في البنية التحتية للمؤسسات الصحية والموارد البشرية تعمل على إعاقة مكافحة مرض المياه البيضاء والزرقاء حيث تشير نتائج المسح الميداني الثاني لعام2012م أن هناك نقصاٍ في البنية التحتية لوحدات العيون حيث يوجد 82.3 % من إجمالي وحدات العيون والبالغ عددها ( 187) وحدة تتمركز في أمانة العاصمة بنسبة( 32%) وفي عدد من المحافظات أهمها عدن بنسبة (23%) وتعز بنسبة(12.8%) وحضرموت بنسبة ( 6و8%) والحديدة بنسبة( 6%). كما أكد المسح عدم وجود وحدات عيون في المحافظات التالية ( مارب والجوف والمهرة وريمة) إضافة إلى وجود وحدة أو وحدتين في المحافظات التالية (عمران وصعدة وأبين والمحويت والبيضاء وحجة) وهذا العدد من الوحدات لا يكفي لمكافحة هذا المرض إضافة إلى نقص في توفير الأطباء حيث تشير نتائج المسح إلى عدم وجود أطباء وممرضي عيون في المحافظات التالية ( مارب والجوف والمهرة وريمة ) كما أنه لا يوجد سوى طبيب عيون واحد أو اثنين في المحافظات التالية (عمران وصعدة وشبوة والبيضاء والمحويت وحجة) وبشكل عام يوجد لكل (94.411) نسمة من السكان طبيب عيون واحد باستثناء حجة والتي يوجد فيها طبيب واحد لكل (941621).
ويشير الأطباء إلى ضرورة توفير وحدات صحية كافية وأطباء أكفاء لجميع المحافظات بشكل سليم دون مضاعفات وإذا استدعى إجراء عملية جراحية لا بد أن تكون تحت تخدير موضعي ثم عمل فتحة دقيقة بالقرنية باستخدام الموجات فوق الصوتية والليزر التي تمثل أحدث طرق العلاج وذلك لسحب المياه البيضاء ثم يتم زرع عدسة مناسبة دائمة غير قابلة للتلف عوضاٍ عن العدسة الأصلية .