في الذكرى الـ”24″ لرحيله: محمد حسين عامر ..كروان القرآن خلال رمضان

 

تفصلنا أيام قلائل عن إحياء الذكرى السنوية الـ 24 لرحيل كروان التلاوة العطرة لكتاب الله الحكيم شيخ القراءات السبع محمد حسين عامر ، الذي أعطى لشهر رمضان بريقاً خاصاً وكان لصوته الملائكي صدى كبير ووقع خاص على قلوب اليمنيين.
شيخ القراءات السبع الحافظ والمقرئ محمد حسين عامر يعد واحداً من أوائل المنشدين المجددين في اليمن ، حيث عرف بصوته الرخيم وأدائه الذي جعله مشهورا في داخل اليمن وخارجها.
عُرف بإطلالته الرمضانية عبر وسائل الإعلام المحلية، حيث كان يطل على اليمنيين في الشهر المبارك بما تيسر من التلاوات القرآنية والتسبيح والدعاء.
ولد الشيخ محمد حسين عامر بقرية الظواهرة في محافظة ذمار سنة 1938م. حيث نشأ وترعرع وشاءت الأقدار أن يصاب بالعمى قبل إكمال السنة الأولى من عمره، أي في شهره السادس تقريبا، رغم ذلك، وبفضل الرعاية التي تلقاها من وسطه الأسري خاصة من طرف والده الشيخ حسين عامر، تمكن من حفظ القرآن الكريم كاملا وهو ابن عشر سنين، بعدها انتقل للنهل من علوم القرآن، فدرس القراءات السبع والمتون وغيرها على يد ثلة من الشيوخ والعلماء أمثال الشيخ حسن شندف، والشيخ عبدالله الطائفي، والشيخ حسين مبارك الغيثي.
بعد اشتداد عوده وتمكنه من قواعد القرآن وعلومه، اشتغل في تدريس القرآن الكريم وساهم في إنشاء عدد من دور التحفيظ في العاصمة صنعاء، فتخرجت على يديه مجموعة من القراء أمثال المقرئ يحيى الحليلي، وعدد من العلماء والمنشدين. وبالإضافة إلى اشتغاله في التدريس، عمل كمقرئ بإذاعة وتلفزيون صنعاء وعدد من الإذاعات اليمنية، فاشتهر وذاع صيته محليا وخارجيا.
لم يلبث عامر سنين قليلة حتى امتهن التدريس، حيث كان متأثراً بتلاوة المقرئ يحيى الحدائي- إمام جامع المظفر في تعز آنذاك، وحاكاه في التلاوة ونبرات الصوت، وتميز بنبرات صوتية غير مسبوقة، بعدها أسس الشيخ محمد حسين عامر مدرسة القراءات السبع، خاصة قراءة نافع، وأسس عدداً من مدارس وحلقات تحفيظ القرآن في جامع النهرين والجامع الكبير، وكان نشطاً في هذا المجال، فالتف حوله عدد من الشباب الذين أجازهم في تلاوة القرآن وتجويده، كما أنه كان يهتم بتدريس المكفوفين، سواء في الجامع أو في بيته، وكان يقوم بخدمة الطلاب الذين يقرأون القرآن، ويأخذهم إلى بعض الأماكن، كما كان يعطي الطلاب قهوة البن بعد صلاة الفجر وقراءة القرآن على نفقته الخاصة كنوع من التحفيز لهم.
وإلى جانب اشتهاره بالقراءة والترتيل، عُرف الشيخ محمد حسين عامر بإجادته للإنشاد الديني، فهو واحد من أبرز المؤسسين لجمعية المنشدين اليمنيين، وفي هذا الصدد، اشتغل في مجال الإنشاد في الإذاعة والتلفزيون باليمن ، وكان عليه الطلب في عدد من المحافل والتظاهرات.
كان الشيخ محمد حسين عامر زاهداً عابداً، لم يترك الأموال الكثيرة وعاش حياة بسيطة بعيدة عن التكلف، تزوج مرتين، وله ولدان: محمد وتقية.. قبل وفاته، أصيب الشيخ عامر بمرض الكبد، وانتقل إلى الأردن للعلاج، ثم عاد إلى صنعاء دون أن يُشفى، وظل يعاني من المرض حتى مات.
وذكر الشيخ لطف الجوزي الذي ظل مرافقاً للشيخ عامر طيلة 32 عاماً، وصاحبه حتى توفي “أنه في آخر يومين قبل وفاة الشيخ عامر، كنا كالعادة نقرأ القرآن من الساعة الثانية حتى الرابعة والنصف عصراً، وفي المساء كنا نتدارس القرآن من بعد صلاة العشاء حتى الثانية بعد منتصف الليل، وأتذكر أنه في يوم الخميس، كان يشكو من مغص شديد في بطنه، أخبرته أنني سأذهب لأشتري له علاجاً، فرفض وقال لي نلتقي غداً في الجامع الكبير، وفعلاً التقينا وقال: إذهب يا لطف إلى أحد التجار، وخذ منه عدداً من أكياس البر والدقيق والسكر التي أهداني إياها أحد المسؤولين، وقم بنقلها إلى أبناء أخي أحمد، فهم أحق مني، ثم أوصاني أن أرعى أولاده، حينها خفت، وقلت له أطال الله في عمرك، لا تقل هذا الكلام، نحن نحتاجك. وفي اليوم الثاني، يوم السبت الخامس عشر من شهر رمضان 1419هـ، ذهبت إلى منزله لأتفاجأ بأن روحه الطاهرة انتقلت إلى جوار بارئها.

قد يعجبك ايضا