القات أم الكوارث الصحية والاجتماعية.. بشهادة أهل الاختصاص
اجتماعياً.. متعاطي القات يقدم على شراء القات على حساب احتياجات أسرته من مأكل ومشرب وصحة وتعليم وغيره
آثار صحية واجتماعية وخيمة تسببها شجرة القات على المتعاطي وعلى الأسرة اليمنية.. صحيا تؤدي المواد الكيميائية السامة التي تحتويها المبيدات المستخدمة في رش شجرة القات في أغلب الأحوال إلى الإصابة بالأمراض السرطانية حسب تأكيدات الأطباء المتخصصين وهو ما تعاني منه اليمن كثيرا بسبب تعاطي المواطنين القات الملوث أصلا بهذه المبيدات والسموم الخطيرة ونظرا لارتفاع أسعار وريقات القات خلال أيام فصل الشتاء وإقبال الكثير من المواطنين على شراء هذه الشجرة الخبيثة يستعين الكثير من المزارعين بأنواع خطيرة من المبيدات لغرض زيادة الإنتاج ما جعل الأمر أكثر خطورة.. اجتماعيا يعتبر محصول القات المستهلك الأول لميزانية أي أسرة بعض أفرادها (مخزنين) بل ويصل الأمر في كثير من الأحيان إلى حرمان الأبناء من الأغذية والملابس بسبب التصرف الجائر في إنفاق المال على وريقات القات الغالية من أجل إشباع نشوة وهمية لا تستغرق ساعتين فيما بطون الأبناء فارغة .. بين هذه السطور تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع .. فلنتابع:
الثورة/ حاشد مزقر
ما يزيد من خطر القات في فصل الشتاء استخدام المزارعين أنواعاً مختلفة من المبيدات القوية التي تجعل وريقات القات تنمو في ظروف البرد الشديد، وبحسب ناصر حسن الشماع رئيس منظمة “إرادة لوطن بلا قات” فإن أكثر من 300 نوع من السموم المحرمة دوليا و400 نوع آخر من السموم والمبيدات المهربة تدخل اليمن لرش شجرة القات.
وأشار الشماع إلى أن هناك أكثر من 20 ألف حالة إصابة بالسرطان سنويًا سببها تعاطي القات المرشوش بالمبيدات الحشرية.
عدم التزام المزارعين
كشفت دراسة زراعية هامة أعدها المهندس الزراعي هاشم العيدروس؛ أن هناك المئات من المبيدات غير المصرح بها في الأسواق المحلية وهناك مبيدات مجهولة المصدر ما يعني أن هناك مخاطر كبيرة عند استخدامها.
الدراسة التي تحمل عنوان (المبيدات وأثرها على البيئة والإنسان) أشارت إلى أن بعض المزارعين لا يلتزمون بفترة (التحريم) وهي فترة ما بين الرش وجني المحصول والتي لا يزال المبيد خلالها ساماً وفعالاً؛ هذه الدراسة والواقع الزراعي الملوث بالسموم القاتلة إضافة إلى الوضع الصحي والذي جعلنا من أكثر الدول إصابة بأمراض السرطان يجعلنا ندق جرس الإنذار لكل مواطن ومزارع حريص على صحته ولكل مسؤول لم يحرك ساكنا في الموضوع رغم خطورته.
تأثير المواد الكيميائية
وتحذر مؤسسة “يمن بلا قات” في دراسة لها نفذت بواسطة الدكتور محمد مسعود سُميح من الآثار الصحية والنفسية الناتجة عن تأثير المواد الكيميائية التي يحتويها القات بالإضافة إلى أثر المبيدات التي تُرش بها شجرة القات.
وتشير المنظمة الأهلية إلى أن 90 % من المواد الفعالة للقات تمتص عبر الغشاء المخاطي للفم مسببة جفافا وتغيرا للأنسجة المبطنة للخد ما يؤدي إلى ظهور (اليكوبليكا) وهي حالة تسبق حدوث السرطان، كما أن “القات مسبب من مسببات سرطان تجويف الفم بطريقتين؛ الأولى نتيجة تأثير الاحتكاك الدائم الذي يؤدي إلى حدوث خدوش أو جروح مزمنة فتتحول مستقبلا إلى سرطان والثانية بسبب المبيدات المستخدمة في الحفاظ على شجرة القات”، وتضيف المعلومات أن تعاطي القات سبب رئيسي في انتشار سرطان المستقيم ويربط استشاري طب الأطفال الدكتور أحمد علي شمسان المقرمي ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان لدى الفئات العمرية الأكبر “باحتمال تعاطي القات والشمة” مستدلا على ذلك بانخفاض النسبة لدى الأطفال.
أعراض الإصابة بالتسمم
وفي نفس السياق أكدت مؤسسة الأبحاث العلمية SRF التأثيرات السلبية للمبيدات على الإنسان، كما أوضحت أن تحديد أعراض الإصابة بالتسمم الحاد الناجم عن المبيدات ليس بالأمر السهل إذ أن تلك الأعراض تشبه الأعراض العامة التي تعتري الإنسان في حياته اليومية كالصداع والغثيان والتشنجات غير أن لها القدرة على إحداث السرطان وإحداث التشوهات الخلقية والأورام بالإضافة إلى التسمم المزمن نتيجة تراكم المبيدات في الجسم بكميات قليلة وعلى فترات طويلة خاصة أن معظم المبيدات المهربة غير المرخصة دوليا تحتوي على مركبات مصل DDT والأندرين والديلدرين إضافة إلى مركبات الزرنيخ ومركب الامينوترايازول والتي ثبت علميا أنها تتسبب بداء سرطان الكبد والجلد وسرطان الغدة الدرقية.
أخطار اجتماعية
لا تكمن المشكلة في القات صحيا فقط وبقدر ذلك تكمن خلفه آثار اجتماعية وخيمة ويرى الدكتور علي وهبان استاذ علم النفس بجامعة العلوم والتكنولوجيا أن الكثير من الآباء يدفعون أبناءهم إلى تعاطي القات استناداً على وجهة نظر أنّ القات يمنع الأبناء من الضياع والانجرار وراء أصدقاء السوء، ومن ضياع وقته.. ويتساءل ..هل هذه وجهة نظر صحيحة؟! فالأب يُفضل أن يتعاطى ابنه القات ويكون بجانبه مخزن ومدمن أفضل من أن يكون ناجحاً ومنطلقاً!! على العكس تماماً، والحقيقة أنه لا يوجد لدى الآباء أي مبرر وهذا يعتبر حالة من حالات التبرير وحيلة من الحيل اللا شعورية التي يقنعون أنفسهم بها.
من ناحية أخرى هناك ما يسمى بـ(نظرية النمذجة أو القدوة) في علم النفس، فإذا كان الأب مخزناً حتى لو منع أبنائه من تعاطي القات فسيتعاطونه؛ لأنّ كلامه غير سلوكياته (أنا أرى والدي مخزناً، إذاً أنا أريد أن أكون مثله) دائماً الأبناء يتطلعون إلى النموذج والقدوة.
وعن تأثير القات على العلاقات الأسرية من الناحية الاقتصادية يقول؛ تقريباً متوسط ما ينفقه ربّ الأسرة على شراء القات يصل إلى 2000 ريال في اليوم الواحد في ظل هذه الأزمة وانعدام المرتبات، وهذا بالطبع يُدمّر اقتصاد الأسرة؛ لأنّ المدمن في أولى أولوياته (التولّع بالمادة الإدمانية) فيقدمها على كل الاحتياجات الأخرى من مأكل ومشرب وصحة وتعليم وغيرها.. وقد يلجأ أحياناً لبيع مقتنيات البيت؛ لأنه جعل القات هو(الحياة) وهذا هو معنى الإدمان، فالمخزن أصبح في حالة إدمان ولا يعي حجم تقصيره تجاه أيٍّ من المسؤوليات الأخرى سوى أن يتوفر لديه “حق القات” بأي شكل من الأشكال، وهذا بالطبع سبب من أسباب المشاكل الأسرية بين الرجل وزوجته في الكثير من الأسر.