المرأة المسلمة.. وصيّة الرسول الأكرم

 

وفاء الكبسي

حظيت المرأة بمكانة خاصة عند خير خلق الله سيد البشرية ونبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلم تكن للمرأة مكانة ولا كرامة في كل المجتمعات التي سبقت ظهور الإسلام، فقد كانت نظرتهم إلى المرأة نظرة دونية فسلبوها كل حقوقها وظلموها واعتبروها متاعا كالدابة التي يركبون عليها أو زينة كالزينة التي يلبسونها، ولم يختلف مجتمع عن الآخر في تلك النظرة إلا باختلاف الطرق التي تزيد من إذلالها، حتى أرسل الله رحمته للعالمين، وأنار القلوب والأفئدة بمحمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وآله، وكان من جملة ما صححّه من مفاهيم وأنظمة: النظام الاجتماعي بكل جوانبه والذي يشمل المرأة، فوضعها في مكانة لم يعطها إياها أي نظام آخر، لا قبل ولا بعد، لم يفضّل الرجال عليهن بتشريف بل بتكليف رعايتهن وحمايتهن، وفي ذلك قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: “إنما النساء شقائق الرجال”، كما حفظ لها كرامتها ومشاعرها فقال: “ولا تضرب الوجه ولا تُقبّح”، كما حرّم الإسلام الوأد، وجعله جريمة تستلزم العقاب في الآخرة، إذ جعلها خصما تقف أمام وائدها عند محكمة الإله يوم القيامة، كذلك نهى الشرع عن التشاؤم منهن وأكل أموالهن وحقوقهن في الميراث، وجعل من يكرمهن كريماَ، فكانت منهن الأم التي أوجب طاعتها وقرنها بطاعته، ومنهن الابنة التي قال فيها “من كان له ابنتان فأحسن إليهما كانتا له سترا من النار” ومنهن الزوجة التي أوصى بإكرامها والإحسان إليها، فلا يكرمهن إلا كريم ولا يسيء إليهن إلا لئيم.
كما وضع الإسلام للمرأة الحق في الميراث والشهادة ولم يجعل شهادة الرجل بامرأتين انتقاصًا لهنّ، بل رحمة بهن وذلك موافقة لطبيعتهن، وقد وضّح الله حكمته في ذلك إذ قال: (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) وبهذا ضمن الإسلام للمرأة حقوقها، وجدد واجباتها بما يلائم طبيعتها وفطرتها.
فكفانا نحن معشر النساء شرفًا أن آخر ما أوصى به رسولنا الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم- على فراش موته مقرونًا ذكرهن بالصلاة حيث قال: “الصلاة وما ملكت أيمانكم”.
فجعل من المرأة السكن واللباس وهو لها كذلك. ولها الدور الأساس في بناء الأسرة التي هي لبنة المجتمع، المدرسة الأولى للأجيال، ورغم عظم دورها في منزلها، لم يمنع الإسلام المرأة من القيام بأدوار أخرى تؤديها في المجتمع، ما لم يؤد ذلك إلى تقصيرها في مهمتها ووظيفتها الأساسية، ولقد شهد التاريخ الإسلامي العديد من النساء العظيمات اللاتي كانت لهنّ بصمات عظيمة في كل المجالات سواء في العلم أو التربية أو غيرها.
وما أريد إيصاله للقارئ أن الإسلام رفع مكانة المرأة وضمن لها كل حقوقها، ولكن يجب أن نفهم أن هناك فرقاً بين حرية المرأة وتحررها، فحريتها هي ما ضمنه لها الإسلام ضمن الضوابط الشرعية التي وضعها للحفاظ عليها لا للتضييق عليها، أما تحررها فمعناه أن تخرج عن كل الضوابط الشرعية والأخلاقية والعادات والتقاليد بحجة أن في ذلك حريتها، وهذا ما لا ترضاه كل امرأة حرة فطرتها سوّية سليمة، تأبى أن تكون سلعة لكل عابث ومادة تباع وتُشترى، فحاشا أن نقبل ونرضى بهذا وهو ما لا يرضاه لنا ديننا ولا أبناؤنا ولا فطرتنا السليمة، وهذا ما يجب أن نفهمه أن الغرب لا يريدون لنا إلا حياة مأساوية سوداوية، ولن يتأتى لهم ذلك إلا بابتعادنا عن ديننا ومنهج نبينا الأكرم ويكفينا شرفا عظيما أننا وصيّتة خير الخلق إذ قال موصيا بنا: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”.
اللجنة الوطنية للمرأة

قد يعجبك ايضا