سقطت الأقنعة، وانكشف المستور، وتجلت الحقائق بكل وضوح، ولم يعد هنالك من مجال للمغالطة والمراوغة وفبركة الوقائع والأحداث، واللعب على ورقة محاربة الإرهاب التي ظلت الإدارة الأمريكية تستخدمها من أجل توسيع نفوذها وتعزيز مصالحها وخدمة اقتصادها، منذ مسرحية 11سبتمبر وحتى اليوم يمارس الأمريكان سياسة الترهيب وابتزاز الأنظمة الخليجية والعربية بذريعة تورطها في دعم الإرهاب- حد زعمهم، ومن أجل ذلك انتهكوا سيادة دول المنطقة، وعملوا على استباحتها من خلال بناء القواعد العسكرية وفرض هيمنتهم عليها، من خلال ضمانهم ولاء وتبعية الأنظمة العميلة وتسليمها لهم التسليم المطلق، تحت مبرر ضمان الحماية والتأمين الأمريكي الذي يرون أنه الكفيل بديمومتهم على عروشهم، وتسلطهم على رقاب شعوبهم الخانعة المستضعفة التي لا حول لها ولا قوة..
مستجدات الأحداث في أفغانستان كشفت للعالم زيف ودجل الأمريكان حول ما يسمونه ( الحرب على الإرهاب )، فبعد احتلالهم أفغانستان بذريعة محاربة الإرهاب الذي تمثله حركة طالبان، وقيامهم بدعم القيادة الأفغانية عسكريا من خلال تدريب وتأهيل وتسليح الجيش الأفغاني مقابل موازنة مالية هائلة، عادوا لتسليم أفغانستان لحركة طالبان التي لم تتأخر في بسط نفوذها على العاصمة كابول والسيطرة على كافة مؤسسات الدولة وإخضاعها لهيمنتها بعد انسحاب القوات الأمريكية وإجلاء كافة الرعايا الأجانب وهروب الرئيس الأفغاني وتبخر الجيش الأفغاني الذي سارع الكثير من أفراده للرحيل من البلاد خشية سطوة وانتقام عناصر طالبان..
الرئيس الأمريكي جون بايدن حمَّل مسؤولية ما حصل الرئيس الأفغاني أشرف غني وقال إنه لم يتعامل بجدية مع التحذيرات الأمريكية له بشأن التعامل مع طالبان- حد زعمه، في محاولة بائسة ومفضوحة لإبعاد بلاده عن مسؤولية انهيار الدولة الأفغانية وسيطرة طالبان على مقاليد الحكم في البلاد، رغم أن كل المعطيات تشير وبكل وضوح إلى مخطط أمريكي قذر، أول فصوله يتضمن تسليم أفغانستان لحركة طالبان وتمكينها من فرض نفوذها وبسط سيطرتها على كافة الأراضي الأفغانية، لتنتقل عقب مرحلة التمكين لتنفيذ الفصل الثاني من فصول المخطط الأمريكي الذي يستهدف الصين وإيران ودعم مشاريع التخريب والفوضى في الدول التي تمثل محور المقاومة كما هو حاصل اليوم في سوريا واليمن والعراق وما يخطط له في لبنان، فهذه مهمة تلكم العناصر التابعة للاستخبارات الأمريكية المسماة (طالبان وداعش والقاعدة والنصرة) وغيرها من التنظيمات والجماعات التي تعمل على خدمة المشروع الصهيو أمريكي وتتخذ من الإسلام قناعا تخفي خلفه حقيقتها وطبيعة أهدافها الإجرامية التي تتعارض مع كافة الأديان السماوية..
بالمختصر المفيد: أمريكا هي أم الإرهاب والإجرام والتوحش، هي من صنعت طالبان والقاعدة وداعش، وهي الراعي الرسمي للإجرام في العالم، شاهدناها في سوريا واليمن والعراق تقف إلى جانب تلكم الجماعات التكفيرية، تساندهم، تسلحهم، توفر لهم الحماية والغطاء الجوي لتنقلاتهم وتحركاتهم، وتؤمن لهم الدعم المالي من ملوك وأمراء النفط الخليجي الذين يغدقون عليهم بالعطايا للقيام بأعمال إجرامية وارتكاب مذابح وحشية باسم الإسلام وتحت راية التوحيد التي لا يمتون لها بأدنى صلة..
أمريكا تريد الهيمنة والسيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها واستغلال كافة مقدراتها، ومن أجل ذلك فهي لا تريد أن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار، كون ذلك لا يصب في مصلحة ربيبتها إسرائيل، ومن أجل ذلك تسعى لتحويل أفغانستان إلى فقاسة للعناصر التكفيرية والإجرامية تصدرها إلى الدول الممانعة والرافضة لمشاريعها التدميرية التآمرية بهدف إخضاعها وإجبارها على الخنوع، لكنها ومهما عملت لن تحصد غير الهزيمة، فالشعوب العربية وإن طال سباتها، لا بد لها أن تستيقظ وتصحو، وتدرك الخطر المحدق بها وتسارع لاتخاذ التدابير اللازمة لمواجهته، من خلال تشكيل لجان مقاومة شعبية تصد الغزاة والمحتلين وأذنابهم .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله.