عودة طالبان إلى كابول !!

عبدالله الأحمدي

 

 

الجماعات الدينية فرحانة بعودة طالبان إلى كابول وتعد ذلك انتصارا لطالبان وهزيمة لأمريكا.
وهذا وهم، مثله مثل شعارهم المستهلك ( الإسلام هو الحل ) والحقيقة التي يمكن أن يقرأها العدو قبل الصديق هي : لا انتصار لطالبان ولا هزيمة لأمريكا، وما حدث كان اتفاقاً بين أمريكا وطالبان، رعته وموَّلته إمارة ( قطر ) وربما يكون انتصارا مستقبليا لأمريكا والغرب الإمبريالي صانع التطرف والإرهاب.
ويأتي هذا الانسحاب وتسليم أفغانستان لطالبان كمؤشر لمرحلة جديدة لسياسة أمريكا في استخدام الجماعات الدينية لخدمة المشاريع الأمريكية الجديدة في عهد إدارة بايدن.
عشرون عاما من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان طبعت فيه أمريكا حركة طالبان ورعتها وأهلتها لتصبح طيعة في يد الأمريكي.
قيل إن طالبان تغيرت، ولكن بالاتجاه نحو طاعة البيت الأبيض.
طالبان هي صناعة المخابرات الأمريكية والباكستانية ولا يمكن أن تخرج عن طوعهما.
موَّلت طالبان حروبها من تجارة الحشيش والأفيون في الأسواق الأوروبية، وبأموال الأفيون والحشيش اشترت السلاح، ورشت الضباط والجنود الأفغان، وخاصة البشتون القريبين منها.
هناك متغيرات رصدتها المخابرات الأمريكية في مسار الحركة؛ وهي اقتراب بعض أجنحة الحركة من الجمهورية الإسلامية في إيران، والاتصالات مع الصين وروسيا.
هذه المتغيرات أزعجت اليانكي الأمريكي، فأرادت أمريكا عكس معادلتها بتسليم أفغانستان للحركة الإرهابية مقابل الطاعة لأمريكا.
انسحب الجيش الأمريكي وترك معداته بما فيها المدرعات لطالبان كعربون صداقة لعهد جديد.
وإذا كانت طالبان قد حققت نصرا، فهو نصرها على حساب مستقبل الشعب الأفغاني وحرياته الذي أعادته إلى القرون المظلمة، وخاصة نساءه اللاتي صودرت حقوقهن، وعدن إلى الانزواء في الخيمة المظلمة، ومنعت صغارهن من الذهاب إلى المدارس، بل حرمت تدريس العلوم البحتة في المدارس وأبدلتها بالعلوم الشرعية، كما قام أعضاء من الحركة بحرق التلفزيون ومنع التصوير، تلك عادات طالبانية لا يمكن أن تغيِّرها.
الشعب الأفغاني مرعوب خوفا من ممارسات طالبان؛
جنود سلموا أنفسهم للحركة فتم ذبحهم على الفور. جوهر طالبان المعادي للعصر والإنسان لم يتغير، ولم يحدث أي تبدل في موقفها من الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان.
أمريكا أعطت لطالبان الضوء الأخضر باجتياح أفغانستان ومدَّتها بالمال والسلاح، وأعطت الأوامر لعملائها بعدم مقاومة طالبان وتسهيل مهمتها، تلك مسرحية أدارها الأمريكي، وموَّلها النفط الخليجي.
طالبان الآن تتلقى أوامرها من الأمريكي، وهي تتجهز لمهام جديدة في خدمة الأمريكي والغرب، وهذه المهام لن تخرج عن تحويل أفغانستان إلى بؤرة للجماعات الإرهابية ضد كل من إيران والصين وروسيا.
المتأسلمون والأعراب فرحون بعودة التطرف إلى أفغانستان ويعتبرون ذلك هزيمة وسقوطاً مذلاً لأمريكا!!
ذلك هو الغباء الذي اعتاد عليه المتأسلمون والأعراب غير عارفين بأن أمريكا دولة مؤسسات لها خططها بعيدة الأمد.
الآن أصبحت أمريكا بحاجة لطالبان لمواجهة إيران والصين وروسيا.
لقد صرفت أمريكا مئات المليارات من الدولارات، وأهلكت الكثير من أرواح الجنود الأمريكان والمواطنين الأفغان، ولمدة عشرين عاما، ووصلت إلى استبدال طالبان بطالبان!!
وغدا سنسمع طالبان أمريكا تستقدم التطرف لمحاربة إيران باسم السنة، ومحاربة الصين باسم قومية الايجور، وكله في خدمة أمريكا، والأيام بيننا.

قد يعجبك ايضا