التحالف يواجه انتكاسة خطيرة في مارب
واشنطن ولندن تحت الصدمة.. تأمين البيضاء بالكامل وفتح جبهات جديدة باتجاه مارب
الإصلاح يخسر مناطق تحشيد للمرتزقة والأطراف الجنوبية أمام مرحلة جديدة
الثورة / إبراهيم الوادعي
بهدف عرقلة عملية تحرير مدينة مارب آخر معاقل عملاء التحالف السعودي الأمريكي ومعقله الأخير في شمال شرق اليمن، فتح التحالف جبهة جديدة في البيضاء، المناطق التي توقفت عندها المواجهات السابقة بين الجيش واللجان الشعبية نهايات العام 2020م: الصومعة وناطع وأطراف مديرية الزاهر على الحدود مع مناطق يافع أولى المناطق الجنوبية بحسب الوضع ما قبل الوحدة اليمنية .
نهاية العام 2020م أجبرت القاعدة على الدخول في معركة اختار توقيتها الجيش واللجان الشعبية انتهت بسقوط أهم معاقلها في اليمن ، المعركة الأخيرة في البيضاء ولم تنطفئ نارها كلية بعد ، ولا يزال الجميع في انتظار ما ستقوله صنعاء عن تفاصيل المعركة المفاجئة في بداياتها أو خواتيمها، يجري الحديث عن غنائم كبيرة جدا غنمها الجيش واللجان من معسكرات تابعة للتنظيم في الصومعة ، وأخرى تحت عباءة ما يسمى الجيش الوطني الموالي للتحالف على الحدود مع محافظة شبوة ، تكاد هذه المعركة الكبيرة الوحيدة التي اعتمد فيها على عناصر القاعدة لوحدهم في تنفيذ عملية عسكرية واجتياح مناطق بذلك الحجم ، ليس تسليمهم .
تعاون القاعدة وداعش وقتالهما إلى جانب التحالف ليس بالجديد في الحرب في اليمن ، شبكات دولية منها أمريكية وبريطانية وثقت مشاركة هذين التنظيمين الإجراميين إلى جانب قوات التحالف وقوات عملاء التحالف المحليين ، وقادة التنظيمين اعترفوا بذلك في أكثر من تسجيل صوتي بمشاركتهم في القتال في عدة جبهات ضد من أسموهم “الحوثيين” ..
هدفت العملية بحسب خبراء عسكريين إلى أشغال الجيش واللجان الشعبية عن معركة مارب وتخفيف الضغط عن المدينة بعد أن بلغت التقدمات موضعا خطرا يهدد المدينة ، بسيطرة الجيش واللجان الشعبية على مزيد من المواقع في البلق القبلي ، واقتحام قوات من الجيش واللجان البلق الأوسط في تهديد خطير جدا ..
وهو ذات الهدف الذي فتح التحالف من خلاله معركة في مديرية رحبة مستغلا ثغرة للوصول إلى مركز المديرية ، والعمليتان رغم اختلاف توقيتهما لهما هدف مشترك وهو تخفيف الضغط عن مارب التي تعاني وضع الاستنزاف من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية .
يشير الخبراء إلى أن الأمريكيين الذين يديرون معركة مارب بشكل مباشر يحاولون إعادة تنفيذ الثغرة التي قلبت موازين الحرب بين الكيان الصهيوني ومصر في حرب أكتوبر 73م .
الرد العسكري اليمني اختلف تماما عن ردة فعل الرئيس المصري السادات آنذاك والذي ارتكب الخطأ العسكري القاتل بتجاهل الثغرة وعدم معالجتها سريعا، قوات صنعاء أعادت سريعا تموضعها وثبتت نقاطها حول مدينة مارب، ووجهت زخم قواتها نحو الثغرات التي فتحت في البيضاء ومؤخرة الجبهة بمديرية رحبة. وتمكنت في غضون يومين من استعادة مركز مديرية الزاهر وجميع المناطق التي سقطت في يد القاعدة بالبيضاء، وأبطلت مفعول الثغرة الأخرى في رحبة تاليا .
توقعات التحالف وخبراء عسكريين أن صنعاء كانت ستكتفي باستعادة ما فقدته من مناطق في البيضاء وتأمين مؤخرة الجبهة في رحبة ، والعودة سريعا لاستئناف زخم هجومها على مدينة مارب ، لكن ذلك لم يحدث .
قوات الجيش واللجان واصلت اندفاعتها باتجاه الوصول إلى الحدود الجنوبية وفقا للوضع السياسي ما قبل العام 90م حيث وصلت طلائعه إلى حدود مناطق يافع جنوب غرب ، وبيحان شبوة شمال شرق والسيطرة على عقبة القنذع الاستراتيجية ، وتصبح في تماس مباشر مع قوات الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي .
وبحسب خبراء، فإن تقدم قوات الجيش واللجان الشعبية إلى هذا العمق دل على وجود مخطط استراتيجي معد مسبقا ربما وجدت الفرصة لتنفيذه أو أن تهاوي القاعدة بالشكل المفاجئ الذي ظهرت عليه في الهشاشة والضعف قاد إلى هذه النتيجة وتطور الهجوم .
وبحسب هؤلاء فإن صنعاء ستحقق من وراء تثبيتها لنقاط التماس مع قوات الانتقالي والوصول إلى الحدود السياسية بحسب الوضع ما قبل العام 90م عدة أمور هامة :
أولها: دخول الأطراف الجنوبية كيانات سياسية أو قبلية في اتفاقات ملزمة لمنع تحشيد الجنوبيين إلى مارب حيث المعركة الفاصلة ضمانا لعدم انتقال المعارك إلى مناطقها واجتياحها من قبل الجيش واللجان .
وهذا الأمر يشكل ضربة كبيرة لم تكن متوقعة للتحالف أو لتنظيم الإخوان في مارب والذي اعتمد على تحشيد الجنوبيين وزجهم في معارك مارب بصورة كبيرة وفي معاركة بعدة مناطق.
ثانيا : إقفال مناطق الفراغ بصورة نهائية والتي شكلت نقاطا عمياء استغلها التحالف وتنظيم القاعدة لإعادة تجميع عناصره وقواه ، التماس بين قوات الجيش واللجان والكيانات الجنوبية قبائل أو أطرافا سياسية حاكمة، يعني أنها مسؤولة عن أي عملية ستنطلق باتجاه المناطق الحرة .
والوضع الناشئ وفق خبراء عسكريين يعني تأمين مؤخرة جبهة مارب على امتداد جغرافي واسع، وقدرة الجيش واللجان على تهديد خطوط إمداد المرتزقة في مارب والتحالف من أكثر من مكان .
ثالثا: تثبيت اتفاق استكهولم، فسقوط أسطورة العمالقة والتي رسمت في أذهان الجنوبيين عقب النجاحات التي تحققت لتلك القوات في الساحل الغربي ، بعد هزيمتها المدوية في البيضاء ، أصبح مزيد من الشك يدور حول قدرة تلك القوات على مواجهة قوات الجيش واللجان الشعبية في ظل تقاطع معلومات أنها باتت على أتم الجاهزية لصنع مفاجأة كبرى في الساحل الغربي اذا ما انهار اتفاق استوكهولم ، ونفذت قوات العمالقة والمرتزقة ومشغلوهم في الساحل الغربي تهديدات بنقض الاتفاق .
الضربة التي تعرضت لها قوات الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا الجمعة، وجرى الحديث عن قصف مدفعي طال أطراف مناطق يافع، كان بمثابة رسالة من صنعاء أنها حاضرة لتوسيع المواجهة والتوغل جنوبا إذا ما أخطأ الطرف الآخر في حساباته ، الانتقالي وقبائل يافع معنيان الآن بالهدوء ومنع تحشيد أبناء الجنوب إلى معارك ليست معاركهم، ومنع تحول مناطقهم إلى منبع تهديد للمناطق الحرة ، وإبقائها خارج دائرة النار حتى الوصول إلى مفاوضات الحل النهائي واتفاق يرضي جميع اليمنيين .
والوضع ذاته بالنسبة إلى الأطراف في شبوة سياسية أو قبلية معنية هي الأخرى بتقبل الوضع الجديد والتسليم به رغم قربها من تنظيم الإخوان المسيطر على مارب .
وبحسب مصادر، فإن صنعاء وضعت في الأثناء خطة عسكرية جديدة تضمن لها خوض معركة متعددة الأطراف إذا لم تفهم الأطراف الجنوبية رسائل النار وهي مقدمة لرسائل سياسية بهذا الصدد، وأولوية صنعاء باقية كما هي تحرير مارب بزخم ربما يفوق سابقاته بعد أن تم تأمين الجبهة من أكثر من اتجاه. وقطعا للوقت أمام التحالف الذي يرمي ما بجعبته من أوراق لإرباك المعركة الفاصلة في العدوان على اليمن.
وبالنسبة إلى التحالف – وبخاصة الأمريكيين – فإن تطورات المعركة في البيضاء جعلتهم يدركون أن القيادة الشابة التي تواجههم هي أذكى بكثير وتستفيد جدا من أخطائهم، وقرأت على ما يبدو تاريخ الحروب الأمريكية الصهيونية في المنطقة العربية والعالم .
المعلومات الأخيرة تشير إلى أن عودة ليندركينج إلى المنطقة وتقديم صياغة جديدة تتضمن تنازلا أكبر مما قدم سابقا يأتي بعد فتح صنعاء جبهات جديدة باتجاه مارب انطلاقا من مناطق سيطرتها الأخيرة في البيضاء، وتعميق أزمة حلفائها في مارب بعد رمي آخر الأوراق وخسارتها.