أمريكا تسجل زيادة ثلاثة أضعاف في جرائم القتل عمّا كانت عليه في العام السابق

2020م وبداية 2021م سُجّل خلالهما ارتفاع ملحوظ في أعمال القتل وانعدام الأمن

كشف تقرير لقناة ( برس تي في) أن أمريكا شهدت تصاعداً في جرائم القتل عام 2020م إلى ثلاثة أضعاف الرقم القياسي السنوي السابق حيث وصل عدد الجرائم إلى مستوى لم تشهده أمريكا منذ ما يقرب من ثلاثة عقود.
وذكر التقرير الذي ترجمته وكالة “المعلومة”: ان الصحف الأمريكية تصدرتها عناوين رئيسية أشارت إلى عام قياسي آخر في عدد جرائم القتل حيث تقتصر جرائم القتل في الغالب على المناطق الفقيرة التي تسكنها الأقليات ، ويقول الكثيرون: إن هذا هو السبب في تجاهل العنف وعدم معالجته.
الثورة/

وأضاف – إنه تم انتقاد عمليات الإغلاق بسبب فايروس كورونا في الولايات المتحدة على نطاق واسع لكونها سُنَّت دون أي اعتبار واضح لكيفية تأثيرها على الطبقات الدنيا، كما أن إضافة عمليات الإغلاق بالإضافة إلى السكن السيئ ، ونقص الوصول إلى الطعام ، ووحشية الشرطة وغيرها من المشاكل المتوطّنة ، تضع ضغوطًا لا تطاق على أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكاليفها”.
وأوضح – أن مدينة شيكاغو قد سجلت نصف حوادث اطلاق النار والتي وقعت في 7 % من أحياء المدينة التي يسكنها السود من أصل إفريقي ، حيث لا تفتقر هذه المناطق إلى المدارس والوظائف والرعاية الصحية فحسب ، بل إنها تفتقر أيضا حتى إلى الأرصفة وصناديق القمامة لأن كل من البنوك الخاصة والحكومة يرفضان القيام حتى بالاستثمارات الأساسية.
وكانت أعلى زيادة في جرائم القتل من عام لآخر سجلت على الإطلاق في المناطق الحضرية في أمريكا 13 %. حيث شهد عام 2020م زيادة تقدر بنحو 40 %. .

•لماذا تتزايد معدلات جرائم القتل في الولايات المتحدة؟
وتؤكد نيويورك تايمز أن الإحصائيات المتعلقة بجرائم العنف، والتي جرت خلال الأشهر الأخيرة، تؤكد وجود اتجاه مقلق، وهو أن معدلات جرائم القتل في الولايات المتحدة، كانت آخذة في الارتفاع خلال عام 2020م، وذلك بعد فترة طويلة من تراجعها ، وذكرت وكالة “بلومبرغ” للأنباء أن المؤشرات المبكرة تشير إلى استمرار ارتفاع تلك المعدلات في الولايات المتحدة، حيث أعلنت الكثير من المدن عن تسجيل ارتفاع جديد في معدلات جرائم القتل في مطلع عام 2021م.
ويرى الكثير من المحللين أن السبب وراء ارتفاع حجم أعمال العنف يعود إلى تفشي وباء كورونا، بينما يعزو آخرون الارتفاع الكبير إلى الرقم القياسي الذي سجلته عمليات شراء الأسلحة، أو الإدعاء بأن الاحتجاجات ضد وحشية الشرطة أدت إلى تقويض تطبيق القانون بصورة فعالة، مما فتح الباب أمام الفوضى.
وتعتبر تلك الحجج مضللة. وإذا استرشدنا بالماضي، سنجد أنهم مخطئون، حيث أن الارتفاع في معدل جرائم القتل هو على الأرجح ناتج عن شيء آخر تماما، وهو انعدام الاستقرار السياسي إضافة إلى الانسلاخ القيمي والضوابط الدينية التي تعيشها أمريكا.
وقد سعى المؤرخون منذ فترة طويلة، إلى تفسير سبب عدم ثبات معدلات جرائم القتل، وارتفاعها وانخفاضها على مر الأزمنة. لقد كان ذلك صحيحا في الدول الأوروبية، وكذلك في الولايات المتحدة، حتى وإن كانت كل دولة سجلت معدلات مختلفة في أوقات مختلفة.
وتشير “بلومبرج” إلى أن هناك شيئا واحدا ثابتا بين كل تلك الفوضى، وهو أن جرائم القتل داخل الأسرة – وهي تلك التي تتضمن ممارسة العنف بين الزوجين والنزاعات العائلية – نادرا ما تؤدي إلى ارتفاع المعدل العام لجرائم القتل.

وبدلاً من ذلك، فإن السبب عادة ما يكون زيادة معدل أعمال العنف بين البالغين من غير الأقارب. وقد تحولت فجأة الخلافات البسيطة بين الأصدقاء والمعارف والغرباء، والتي كان يتم حلها في الماضي بطرق سلمية، إلى أن تكون مميتة. ولكن لماذا حدث ذلك؟
كان عدد قليل من الباحثين المعنيين بمعدلات جرائم القتل عبر التاريخ، وهم من أمثال روجر جولد وجاري لا فري، توصلوا إلى نتيجة مماثلة – وإن كانت مذهلة – في تسعينيات القرن الماضي. وكانت النتيجة هي أن “ثقة الأشخاص في المؤسسات السياسية وفي بعضهم البعض، مرتبطة ارتباطا وثيقا بمعدلات جرائم القتل”.
ومن جانبه، أكد عالم الاجتماع، روجر جولد، أنه تقريبا كل معدلات الارتفاع التي طرأت على معدل جرائم القتل في فرنسا خلال القرن التاسع عشر، كانت مرتبطة بفترات من انعدام الاستقرار السياسي. وفي الوقت نفسه، وجد أن معدلات جرائم القتل ارتفعت أيضا في أجزاء من فرنسا بعيدة عن اندلاع الاضطرابات الثورية الفعلية، وببساطة، لقد كان العيش في ظل وجود انهيار سياسي، كافيا لرفع معدلات جرائم القتل.
من ناحية أخرى، توصل الباحث جاري لا فري، إلى أمر مشابه في الولايات المتحدة خلال فترة ما بعد الحرب، ولاحظ أنه بينما توصل علماء الاجتماع إلى كنز دفين من البيانات الإحصائية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فإن هناك متغيرين اثنين فقط أظهرا وجود اتساق وترابط مع ارتفاع معدلات جرائم القتل وانخفاضها.
وقد كان كلاهما مقياسا لنسبة الثقة في الحكومة، حيث تم طرح أسئلة على مجموعة من الأشخاص الذين شملهم البحث، حول ما إذا كانوا يعتقدون أن حكومتهم سوف تقوم بالشيء الصحيح، وما إذا كانوا يعتقدون أن معظم مسؤولي الحكومة صادقون. وعندما تراجعت نسبة الثقة في الحكومة، ارتفع معدل ارتكاب جرائم القتل.
ثم تأزمت كل الأمور خلال الأزمة الإقليمية، وفي النهاية اندلاع الحرب الأهلية. وقد كانت هذه الكارثة دليلا على اختلاف الولايات المتحدة عن الدول الأوروبية. فبينما خاضت دول في أوروبا حروبا مع بعضها البعض بصورة متكررة، كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي انزلقت إلى حرب أهلية بين الأشقاء بهذا النطاق الهائل.
ومع ذلك، فقد انخفض معدل القتل في أمريكا في نهاية الأمر بحلول السبعينيات من القرن التاسع عشر، ولكنه ارتفع من جديد بحلول نهاية القرن نفسه. وظل المعدل يرتفع ويهبط منذ ذلك الوقت، على الرغم من أنه ظل دائما أعلى مما كان عليه في أي دولة أخرى من الدول الغنية والمتقدمة.
ولم يزعم أي من هؤلاء الباحثين أن الاستقرار السياسي مفيد في حد ذاته. بعبارة أخرى، غالبا ما كان الاستقرار يتحقق من خلال أشكال من التضامن الذي كان يتسم بالإقصاء، حيث أن تراجع معدل جرائم القتل في أمريكا الاستعمارية، كان ناتجا بصورة جزئية عن عثور المستوطنين الأوروبيين على التضامن مع بعضهم البعض، على أساس العرق.

قد يعجبك ايضا