اليمن يمتلك مقومات اقتصادية متكاملة كفيلة بإحداث نهضة شاملة

قائد الثورة وضع الجهات المعنية وأصحاب رؤوس الأموال أمام مسؤولية كبيرة لمواجهة التحديات الاقتصادية

 

31.6 مليون طن احتياطي الذهب و40 مليون طن من النحاس والكوبلت والبلاتينيوم
تؤكد البيانات أن اليمن لم يستغل سوى 20 % من ثرواته النفطية والغازية طيلة العقود الماضية
يتم استيراد 95% من القمح سنوياً لتغطية احتياجات الاستهلاك المحلي بتكلفة تتجاوز ملياري دولار
الاستثمار في زراعة القمح والاكتفاء الذاتي من الحبوب سيخفض فاتورة الاستيراد
تُصَنَّفُ اليمن بأنها واحدة من الدول الغنية بثرواتها البحرية بساحل يتجاوز طوله 2500 كيلو متر

الثورة / رشيد الحداد

 

تمتلك اليمن مقومات اقتصادية متكاملة كفيلة بإحداث نهضة شاملة في ظل التحرر والاستقلال من الوصاية الخارجية، فهذا الوطن الذي استوطنه الفقر والبطالة طيلة عقود مضت وسادت فيه مظاهر التخلف التنموي والفساد الإداري والمالي، يقف اليوم في ظل هذا العدوان الغاشم الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد خمس سنوات من التدمير الممنهج للبنية التحتية يوما بعد آخر في مختلف جبهات القتال أمام مرحلة اقتصادية تحررية تنطلق من رؤية إيمانية يمانية دشّنها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير بمناسبة جمعة رجب مستنهضاً المشاعر الإيمانية والوطنية وهمم الرجال الصادقين ، واضعاً الجميع أمام مواجهة تراكمات الماضي التي أضعفت اليمن اقتصادياً ، داعيا الجميع إلى مواجهة كل ما يحيط بهم من تحديات ومخاطر والانتقال بخطى مدروسة ومخططة وثابتة لفرض معادلة اقتصادية جديدة تندرج في إطار معادلة الردع التي حققتها وحدة الصناعات العسكرية اليمنية وصولاً إلى تحقيق نهضة اقتصادية تحصّن اليمن واليمنيين من الاختراقات الأجنبية وتعيد لليمن مكانته بين الدول وللشعب اليمني سعادته ، ذلك التوجيه المشتق من توجه قيادة الثورة نحو تغيير المعادلة الاقتصادية من الضعف إلى القوة ومن عدم الاستقرار إلى الاستقرار ومن الاعتماد على منتجات ومساعدات الأعداء إلى الاعتماد على الذات لن يظل فرضية ممكنة التحقق بل بالثقة بالله سيتحول إلى حقيقة ، فاليمن الفقير رزح عقوداً من الزمن تحت سياسات الإفقار الممنهجة في ظل ارتهان القرار والإرادة السياسية لليمن ، فتم تنفيذ الأجندة الخارجية التي أوقفت عجلة التنمية على حساب مصالح الوطن العليا ، فكل الدراسات الاستكشافية تؤكد بكل وضوح بأن اليمن الفقير غني بموارده المختلفة التي مُنع من استغلالها ، ولذلك فان مقومات النهضة الاقتصادية كبيرة وفرص تحقيقها أكبر ، فالأرقام والوقائع والشواهد على الأرض تؤكد بأن اليمن لم يستغل حتى الآن سوى 20% من ثرواته النفطية والغازية طيلة العقود الماضية ، ولا تزال 80 % من تلك الثروة غير مستغلة، ويصل احتياطي اليمن من الذهب إلى 31.6 مليون طن في عدد من المحافظات ، كما يبلغ احتياطه من الزنك والرصاص والفضة نحو 12,6 مليون طن ، ويمتلك قرابة 40 مليون طن من احتياطي النحاس والكوبلت والبلاتينيوم، كما تقدر الدراسات احتياطي التيتانيوم ومعادن أخرى بـ 860 مليون طن ، ويتجاوز احتياطه من الحجر الجيري والدولومين 13.5 مليار متر مكعب ، كما يصل احتياطي اليمن من الملح الصخري 365 مليون متر مكعب.
ويبلغ احتياطي اليمن الفقير من مادة الزيوليت الطبيعي التي تستخدم في صناعة تكرير النفط كمادة وسيطة، وصناعة الورق والمنظفات والبلاستيك، وإنتاج الاسمنت وسوائل الحفر، ، وإنتاج محسنات التربة لرفع مردود المحاصيل الزراعية، بأكثر من 200 مليون متر مكعب ، ويصل احتياطي المجنيزيت الذي يستخدم في العديد من الصناعات التي يتواجد بكميات تجارية ونوعيات متعددة في اليمن بحوالي 58 مليون متر مكعب، ويمتلك اليمن احتياطي من مادة الدولوميت الذي يستخدم في صناعة الكريمات ومعاجين الأسنان، وفي تحسين التربة، بالإضافة إلى استخدامه لإنتاج أحجار الزينة إلى 3.4 بليون متر مكعب، وفي مجال الحجر الجيري تقدر الدراسات احتياطي اليمن منه بحوالي 3.6 بليون متر مكعب، ويتجاوز احتياطي الملح الصخري الــ390 مليون متر مكعب، ويصل احتياطي مادة الجبس التي تتميز بمواصفات عالية إلى 4.6 بليون متر مكعب.
ويصل احتياطي معدن البيوميس الذي يستخدم في مجال صناعة مواد الصقل والصنفرة في اليمن بحوالي بليون متر مكعب ، ويصل احتياطي الرمال السوداء الحاوية للمعادن الثقيلة في اليمن إلى حوالي 500 مليون طن ، ويقدّر احتياطي الفلدسبار ويوجد بألوان متعددة كالأبيض، الرمادي والوردي، بحوالي 44 مليون متر مكعب ، ويصل احتياطي الحجر الرملي النقي والكوارتز في اليمن إلى بليوني متر مكعب ، ويقدر احتياطي خام الكوارتز يقدر بأكثر من 13 مليون متر مكعب ، ويصل خام الاسكوريا إلى 1.7 بليون متر مكعب.
كما تفيد الدراسات الجيولوجية بأن احتياطي اليمن من الأطيان الصناعية يصل إلى 120 مليون متر مكعب، يضاف إلى أن الاحتياطي من الرخام يصل إلى أكثر من مليار متر مكعب، ويقدر احتياطي الجرانيت والجابر لحوالي 1.6 مليار متر مكعب، ويبلع احتياطي اليمن من الصخور الكلسية قرابة 13.5 مليار متر مكعب، وكذلك يصل احتياطي اليمن من الحديد والتيانيوم والفوسفات إلى 860 مليون طن.
وان كانت تلك الثروات قابلة للنضوب، فهناك ثروات مستدامة وتحتل المرتبة الثانية بعد النفط بأهميتها ودورها الاقتصادي، فاليمن تمتلك ساحلاً طويلاً يقدر بحوالي 2500 كيلومتر ويطل على البحرين العربي والأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، وتصنف بأنها واحدة من أغنى الدول بثرواتها البحرية، إلا أن إسهام هذا القطاع ضعيف ، ونظراً لما يمتلك من مقومات قد يكون بديلاً للنفط وربما يتحول ليحتل المرتبة الأولى في الصادرات اليمنية للخارج ويتحول إلى مصادر رئيسي للدخل الوطني من العملات الصعبة عوضاً عن النفط في حالة ما تقييم واقع هذا القطاع وإزالة المعوقات والتحديات ، وتوظيفه التوظيف الأمثل ، واستغلال هذا الثروة السمكية المتجدّدة أفضل استغلال، ووقف العبث بهذا الثروة ومنع الاصطياد السمكي للشركات التجارية التي تستنزف المخزون السمكي وتدمر الشُّعَب المرجانية وتعيق نموها الطبيعي ، وكمثال بسيط على بقاء هذه الثروة مهدرة طيلة العقود الماضية لا يمتلك اليمن سوى مصنع واحد لتعليب وتغليف التونة في المكلا ، ويستورد البلد الذي يمتلك أكثر من 400 من أجود أنواع اسماك العالم ويبلغ مخزونه السنوي 320 ألف طن من الأسماك سنويا ، أكثر من 50 نوعا من الأسماك والتونة المعلبة بعشرات ملايين الدولارات من دول آسيا كماليزيا وتايلندا والصين واليابان وإندونيسيا ودولاً أخرى البعض منها لا تمتلك 5% مما تمتلكه اليمن من هذه الثروة ، ولذلك أستطيع القول بأن الثروة السمكية اليمنية لا تزال واعدة وبإمكاننا أن نحولها إلى أهم مصادر الدخل الوطني واهم قطاع اقتصادي وطني .
مقومات النهضة الاقتصادية في اليمن كبيرة ومتعددة تتيح لصنَّاع السياسيات الاقتصادية في ظل وجود إرادة سياسية قوية مجالا واسعا لوضع الأوليات والانطلاق من الأهم فالأهم وفق الاحتياجات الوطنية، فاليمن يعاني من تراجع حاد في إنتاج الحبوب وليس من الإنتاج الزراعي بشكل عام ، فالحبوب تعد العمود الفقري للأمن الغذائي الوطني وتهديدا مباشرا للأمن القومي نظراً لارتباط الحبوب بأنواعها ومنها القمح بأساسيات البقاء، وتشير الدراسات الاقتصادية أن اليمن تستورد نحو 95 % من الاحتياجات الاستهلاكية المحلية من القمح من الأسواق الخارجية وهو ما جعلها عرضة للمتغيرات المناخية والسياسية الدولية ، فهذا البلد الذي حتى مطلع سبعينيات القرن الماضي كان يأكل مما يزرع ولم يكن يعتمد حتى بنسبة 5% من احتياجاته على الأسواق الخارجية ، أصبح اليوم يستورد قرابة 3 ملايين طن من مادتي القمح والدقيق من 22 دولة على رأسها استراليا وكندا وأمريكا وروسيا بفاتورة تتجاوز 2 مليار دولار سنوياٌ ، بينما مساحة اليمن المستغلة زراعيا لا تتجاوز 2% بعدما كانت خلال السنوات الماضية 3% ، وهو ما يتيح فرصا متعددة للاستثمار الزراعي في مجال إنتاج الحبوب ، وفي حال دخول القطاع الخاص ورؤوس الأموال الوطنية في الاستثمار بهذا المجال ستكون النتائج كبيرة وسترفع من معدلات الاكتفاء الذاتي من الحبوب الذي تراجع من 6% عام 2012م إلى 3% عام 2018م إلى مستويات متقدمة ، وسيكون يكون للاستثمار في زراعة القمح أثر اقتصادي كبير فمن جانب سيقلل من اعتماد البلاد على الخارج وسيخفض أيضا من فاتورة استيراد القمح وسيحقق استقرارا اقتصاديا في السوق .
الحديث عن قطاع السياحة في بلد جذوره في عمق التأريخ يكشف عن خصوصية فريدة وتنوع قلما يوجد مثيل له في المنطقة والعالم، فاليمن بلد السياحة التاريخية والبيئية والعلاجية والدينية وسياحة السفر والتزلج على الرمال وتسلق الجبال وهذا القطاع الذي يوصف بأنه صناعة بلا دخان لأهميته كمصدر دخل وطني للعملة الصعبة رغم أهميته لم يحظ بحقه من التوظيف الأمثل حتى الآن، وباستغلاله الاستغلال الأمثل سيوظف مئات الآلاف من العاطلين عن العمل وسيرفع نمو الاقتصاد الوطني ، وفي حال تحسين مخرجات التعليم لتتواءم مع متطلبات سوق العمل ، وتنظيم سوق العمل اليمني وإعادة اتفاقيات العمل المبرمة بين اليمن والدول الأخرى بما يحفظ حقوق العامل اليمني ويصون كرامته فان تصدير العمالة المؤهلة للأسواق الخارجية سيرفع معدل التحويلات المالية بنسبة 300% ، وسيعزز الثقة بين المغترب والوطن ليعود رأس المال الوطني المهاجر في الخارج للإسهام في بناء هذا الوطن.
وفي الرؤية الاقتصادية الشاملة والحكيمة لقائد الثورة السيد عبدالملك، هناك خطوات إيجابية تقوم بها المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب في دعم وتنمية زراعة القمح في اتجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح تدريجياً وصولاً إلى سد هذه الثغرة الكبيرة في أمننا الغذائي، وإن وجدت تحديات أمام هذه التوجه كارتفاع تكلفة الإنتاج فإدخال التقنيات واستخدام الطرق الزراعية الحديثة لتخفيض تكاليف الإنتاج الذي تفيد بعض الدراسات أنها كانت إحدى العوائق التي تواجه منتجي القمح في اليمن وتحول دون وجود جدوى اقتصادية لزراعة القمح .
ونظراً للجدوى الاقتصادية الكبيرة من إنتاج البذور المحسنة التي يغني إنتاج كيس واحد من البذور محلياً عن استيراد ثلاثة أطنان من القمح من الخارج، فالمؤشرات مبشرة وفي حال زراعة مساحات واسعة في محافظة الجوف بالقمح سيعم الخير وستتحرر اليمن من التبعية الاقتصادية للخارج في هذا الجانب الحيوي والهام عما قريب.
الفرص المتعددة في قطاع الخدمات والسياحة والصناعة والنقل وغيرها من القطاعات كفيلة بأن تعيد لليمن سعادته وان تنهي معدلات الفقر والبطالة في ظرف سنين، في حال توظيفها التوظيف الأمثل واستغلال موارد البلاد وثرواتها المتعددة والمواد الأولية من المواد الخام والثروة البشرية الكبيرة والهامة والقادرة على صنع المنجزات وتغيير المعادلات الاقتصادية ، فاليمن كان ولا يزال بلداً بكر بالثروات ولذلك تكالب عليه الأعداء على مدى العقود الماضية ووقفت دولة العدوان السعودي حجرة عثرة إمام تنمية هذا البلد وتطلعات أبنائه ، لإدراكها بأن تحقيق اليمن للاكتفاء الذاتي من احتياجاته واستثمار ثرواته واستغلالها في صالح التنمية سيقودها إلى الاستقلال الكامل عن الوصاية الخارجية .
ولذلك وضع قائد الثورة السيد عبدالملك في خطابه الأخير الجهات المعنية وأصحاب رؤوس الأموال الوطنية وكافة اليمنيين أمام مسئولية كبيرة في إعادة البناء الداخلي والتحرك الجاد بمعنوية وثقة وقوة وعزيمة من منطلق الهوية الإيمانية نحو مواجهة التحديات والأخطار الاقتصادية، فهناك العديد من البرامج الوطنية للإنعاش والتعافي الاقتصادي 2020، وفقا للرؤية الوطنية الشاملة ستكون باكورة للانطلاق نحو بناء الاقتصاد من الداخل فهناك المئات من الفرص المغرية أمام إنشاء عشرات المصانع الإنتاجية في مختلف المجالات ، ومع ذلك يبقي رأس المال الوطني والقطاع الخاص وكذلك انطلاق المواطن اليمني الأصيل نحو في هذا الجانب أساس البناء والتنمية والنهوض .

قد يعجبك ايضا