تُودِّعُ عاماً وتستقبلُ آخر بحصارٍ يُطَوِّق أنفاسَ قاطنيها

الدريهمي .. عام ونصف من الصمود في وجه العدوان والحصار الخانق

 

 

•على تلك المساحة التي تقدر بنحو 695 كيلومتراً مربعاً كان يعيش نحو 45 ألف مواطن من أبناء الحديدة في مدينة الدريهمي قبل العدوان عليها، فيما أضحت اليوم تعيش نحو 200 أسرة فقط بعد تهجير ونزوح ما نسبته 90 % من إجمالي السكان رهائن لحصار سعودي إماراتي أمريكي شمالا وشرقا وجنوبا وجميعها مغلقة عاشوا أحداثا جساما بدءا بحصار وليس انتهاء بعقوبات التصعيد والقصف المتواصل الذي تتعرض له عدد من المناطق فيها بين الحين والآخر المتخمة بأزمات الغذاء والماء والنقص الحاد في الخدمات والأدوية والفقر .
الثورة / أحمد كنفاني

لا يختلف المشهد من عزلة إلى أخرى في مدينة الدريهمي التي تبعد بنحو 20 كيلومتراً عن مركز محافظة الحديدة، مجزرة تلو أخرى شهداء وجرحى وأشلاء وخراب تطلقه آليات قوى العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقتهم برا وبحرا وجوا تاركة خلفها رائحة الموت .
في الدريهمي فقط الحزن والقهر يطغيان على الوجوه منذ 482 يوما والأيام تتوالى بالعدوان الغاشم فلا تكاد تسمع في كل منطقة وعزلة منها غير أصوات نسف البيوت وأصوات القصف الهمجي لمرتزقة العدوان الذي طال كل شيء ولا يميز بين حجر، أو شجر أو بشر، ولكن حدته تشتد على مركز المدينة وقرى الشرف، ومخطط كمران، والخباتية، والكوعي، الجريبة، وبيوت الشلمان، حيث قضى على عائلات بأكملها .
القائم بأعمال المحافظ محمد عياش قحيم أكد أن الجحيم في الدريهمي مستعر، حيث استهدف العدوان قبل كل شيء الأطفال والنساء والبيوت الآمنة، استهدف كل شيء حي متحرك، عائلات بأكملها دُكَّت بيوتها على رؤوس ساكنيها، فاختلط الدم باللحم بالتراب بالحجر ومن نجا نزح إلى مراكز الإيواء بعدد من المديريات التي استقبلت حوالي أكثر من 30 ألف نازح بأضعاف مضاعفة عن طاقتها الاستيعابية، حتى أصبحت لا تستوعب المزيد من النازحين، فلجأ بعضهم إلى بيوت لا يعرفون أصحابها قاموا باستقبالهم وبقي آخرون في الشوارع والعراء مما اضطر قيادة السلطة المحلية لاحتوائهم في عدد من المدارس.
وأشار إلى أنه لم يكن هناك مكان آمن في الدريهمي، فقد ارتكب الغزاة والمنافقون 23 مجزرة بحق أبناء المدينة أبشعها مجزرة النازحين التي راح ضحيتها 31 شهيداً بينهم 26 طفلاً وامرأة و5 مواطنين ومجزرة أخرى راح ضحيتها 13 شهيداً جلهم من النساء والأطفال، وبلغ عدد الشهداء نتيجة القصف المستمر منذ الحصار وحتى اللحظة أكثر من 466 شهيداً أكثرهم نساء وأطفال هدم العدوان منازلهم على رؤوسهم وكذا 34 صيادا من أبناء المنطقة، وبلغ عدد الجرحى 876 جريحا بينهم 234 طفلا و104 نساء، كما دمر الغزاة والمنافقون بقصفهم العشوائي أكثر من 62 منزلا و7 مساجد إضافة إلى المستشفى الريفي والمركز الصحي بالمدينة اللذين نالهما عدد من القذائف أدت إلى تدميرهما وأحرقت 24 مزرعة ومكتب زراعي، مشيرا إلى أن العدوان استهدف أيضا 3 محطات خاصة بالاتصالات والكهرباء مع الخطوط والشبكات و7 مشاريع مياه و9 طرق رئيسية وفرعية تربط مركز المديرية بعزلها لتقطع كافة شرايين الحياة للمواطن البسيط في المدينة المحاصرة .
بدوره أوضح مدير مديرية الدريهمي بالمحافظة محمد صومل انه منذ عام و4 أشهر وأهالي الدريهمي يتلقون الضربات الواحدة تلو الأخرى في ظل حصار مطبق فرضه المرتزقة عليهم بعد أن ظلت الحديدة عصية على التحالف بكل من فيه وفي ظل موقف صامت ومتخاذل من كل المنظمات العالمية الحقوقية الإنسانية وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة التي بعثتها وبالرغم من تواجدها في الحديدة تظل غائبة ولا دور لها سوى الزيارات وعقد اللقاءات والاجتماعات بالمسؤولين دون أي تقدم أو نتائج ملموسة على أرض الواقع، حتى غريفيث في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن أسهب في حديثه عن اتفاق ستوكهولم وإعادة الانتشار، ومندوبهم الهندي الجديد الذي وصل إلى الحديدة دون أن يتطرق إلى معاناة المدنيين المحاصرين، كأن الأمم المتحدة تبارك هذا الحصار والقتل البطيء والعقاب الجماعي الذي تتعرض له النساء والأطفال في الدريهمي.
وأشار إلى أنه وفقا للمعلومات المتوافرة لديه فإن عدد الخروقات التي ارتكبتها قوات تحالف العدوان في مديرية الدريهمي المحاصرة منذ إعلان وقف إطلاق النار في اطار بنود اتفاق السويد منتصف ديسمبر 2018م تجاوز 28 ألف خرق، في حين بلغ عدد ضحايا هذه الخروقات حوالي 112 شهيدا و 58 جريحا، ولفت إلى أن إطلاق النار احتل صدارة الخروقات بـ14678 خرقا تلتها خروقات القصف بالمدفعية التي بلغ عددها 11511 خرقا يليها القصف الصاروخي بعدد 103 خروقات إضافة إلى 47 عملية استحداث لتحصينات عسكرية و59 تحركات وتجمعات وتحشيدات، مؤكدا أن المناطق التي شهدت تضررا كبيرا من الاستهداف ونزوح المواطنين وتدمير البنى التحتية بشكل متكامل مركز المديرية والشجن والزعفران ومحل الشيخ وسابحة والدحفش والكوعي .
فيما قال مدير مكتب الإعلام بالمحافظة عادل حسن مكي وهو من أبناء مديرية الدريهمي أن تحالف العدوان ومرتزقتهم لم يكتف بالتنصل من اتفاق ستوكهولم وعدم الالتزام ببنوده التي وافقوا عليها داخل قصر “يوهانسبرغ” في الريمبو أمام عيون الأمم المتحدة بل واجهوا كل مبادرات المجلس السياسي الأعلى بالنكران والجحود وذهبوا صوب التصعيد والخروقات وحصار المدنيين في الدريهمي، ونوه إلى انه وعلى سبيل الوهم الذي تبيعه الأمم المتحدة للعالم والرأي العام العالمي ادعى غريفيث أنه وفي الوقت الذي كان يقدم فيه إحاطته أمام مجلس الأمن كانت المساعدات والإغاثة تتوزع على أهالي الدريهمي، وفي الحقيقة لم يكن في تلك اللحظة يصل إلى الأهالي سوى القذائف العشوائية التي تخترق منازلهم وتقتل أطفالهم.
وأكد انه يمكن تلخيص الوضع في الدريهمي خاصة والحديدة عامة بما يشبه العقاب لسكانها الأحرار الذين رفضوا أن يسمحوا للتحالف بإحداث أي اختراق في عملياته العسكرية وكانوا جداراً متماسكاً ومتلاحماً لصد قوى الغزو والاحتلال، لافتا إلى أن أبطال الجيش واللجان الشعبية وقيادتنا الثورية والمجلس السياسي لن يطول سكوتهم إزاء ما يتعرض له أبناء الدريهمي من تنكيل وحصار ظالم وغاشم أدى بهم إلى أكل أوراق الشجر، وسيكسرون هذا الحصار ويلقنون الأوغاد درسا لن ينسوه ويكفينا فخرا ما حققوه من انتصارات في عمليات ” نصر من الله والبنيان المرصوص وأحبط أعمالهم وتوازن الردع الثابتة ” في جبهات نهم والجوف ومأرب والضالع، وستأتي عملية اكتساح هؤلاء المرتزقة من الدريهمي ورفع الحصار عنها قريبا بإذن الله .

قد يعجبك ايضا