الثورة/ محمد شرف الروحاني
مآسٍ وكوارث راح ضحيتها المئات نتيجة انفجارات أو تسرب الغاز من الاسطوانات التالفة أو التي تفتقر للصيانة الدورية ، فالمواطن قد يستخدم اسطوانة غاز تالفة وهو لا يعلم بأن هذه الأسطوانة هي قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت ، تقارير أمنية أشارت إلى وجود ما بين أربعة ملايين إلى خمسة ملايين اسطوانة غاز تالفة يتم تعبئتها وتداولها بين المواطنين، ما يعني أن حياة الكثير من المواطنين اليمنيين اليوم باتت في خطر كبير إذا لم يتم حل هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن واستبدال وصيانة هذه الاسطوانات, التي تحولت إلى قنابل موقوتة تهدد بيوت اليمنيين .
المواطنون اتهموا شركة الغاز بالاستهتار بحياة المواطنين نتيجة القصور في إصلاح الاسطوانات وإبعاد التالف منها كونها المسؤول الأول والأخير.. بدورها شركة الغاز نفت الاتهامات، مؤكدة أن من يتحمل المسؤولية هم مرتزقة العدوان في مارب من ينهبون مخصصات الصيانة ويخالفون معايير التعبئة وكميات الرائحة الكبريتية، مؤكدة أنها قد اتخذت الكثير من التدابير لمعالجة المشكلة .
المطالبات الشعبية بسحب أسطوانات الغاز التالفة ومنع بيعها بدأت مبكراً مطلع العام 2018م، حيث نفذ عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني وعقال الحارات في ذمار وقفة احتجاجية يوم السبت 25 فبراير طالبت بسحب كافة اسطوانات الغاز التالفة والمنتهي عمرها الافتراضي وتبديلها بصورة سريعة، وجاءت هذه المطالبات كإنذار مبكر بوقوع حوادث عديدة إن لم يتم التعامل معها بمسؤولية فإنها ستحصد الكثير من أرواح المواطنين وستجعل المجتمع يعيش في حالة رعب.. غير أن تعامل الجهات المختصة اقتصر على بيانات امتلأت بالوعود ولم يتحقق منها شيء على أرض الواقع.
الوقفة الاحتجاجية كانت بمثابة رد فعل على حادثة انفجار اسطوانة غاز تالفة في منزل عبدالله حسن الجبري منتصف فبراير العام الفائت في حي هران أدت إلى تعرض الجبري وزوجته وطفلته لحروق بالغة، كما تسببت حادثة الانفجار بانهيار جزئي للمنزل.
يوم الاحد 23 يونيو توفي محمد الجنداري جراء تعرضه لحروق بالغة بسبب انفجار اسطوانة غاز داخل منزله في صنعاء القديمة.. وتعرض شقيقه لجروح بالغة في ذات الحادثة .
حوادث انفجارات اسطوانات الغاز التالفة لم تقتصر على العاصمة صنعاء وحدها، ففي ذمار توفت الأسبوع قبل الفائت امرأة فيما أصيب 5 آخرون بينهم طفلان في حادثين انفجار لأسطوانات الغاز.
انفجار ذمار وقع في منزلي أحمد سيف ولطف القمادي وقد لقيت امرأة من أسرة القمادي حتفها وأصيب طفلة فيما أصيب 4 أشخاص بينهم طفل اصابات بالغة وحالتهم الصحية حرجة للغاية .
متاجرة بأرواح الناس
ما ساعد في تفاقم المشكلة هو قيام عدد من التجار بتجميع الاسطوانات التالفة التي كان من المقرر إعدامها قبل سنوات وقد اهملت داخل أحواش شركة الغاز في عصر حتى صدأت بعد ارتفاع سعر اسطوانات الغاز حيث وصلت إلى 20 ألف ريال قام تجار وبتواطؤ من موظفين أخرجوها إلى الأسواق لبيعها مستغلين حاجة الناس خاصة مع توافد عشرات الآلاف من النازحين من الحديدة وتعز إلى العاصمة صنعاء وأغلبهم لم يتمكنوا من إحضار أثاث منازلهم وحاجياتهم الخاصة كأسطوانات الغاز واضطروا إلى شراء اسطوانات متهالكة وخطرة للغاية.
تلك الاسطوانات تم تناقلها بصورة متسارعة بسبب أزمات الغاز المتكررة، فقد تضاعفت حالة التدهور التي تشكو منها الآلاف من الأسطوانات وتحولت إلى قنابل موقوتة حصدت أرواح عائلات وأصابت كثيرين بحروق بالغة.
ولأن لا أحد يكترث لحياة الناس في بلادنا، فقد بدأت كارثة اسطوانات الغاز منذ العام 2010م، حيث سجلت الجهات المختصة عدداً بسيطاً من الحوادث واتخذت إجراءات حدت من حصول الحوادث، وقد تم مصادرة قرابة 4 ملايين وخمسمائة ألف اسطوانة غاز تالفة، إلا أن هناك من قام بإخراج الآلاف منها مجدداً مستغلين حاجة الناس الملحة لتلك الاسطوانات.
وثمة من يشير إلى أن ذلك الفعل لم يكن المحرك له الجشع فقط، وإنما هناك عصابات تحاول استهداف المواطنين داخل منازلهم بصورة متعمدة.
حلول ومعالجات
نائب رئيس شركة الغاز اليمنية محمد القديمي، أكد أن شركة الغاز ليس لديها أي إمكانيات متاحة للصيانة ولكنها قامت ببعض الاجراءات للحد من هذه المشكلة وتشكيل لجان ومندوبين حيث تتكون كل لجنة من ثلاثة مندوبين من شركة الغاز ومن السياسي ومن الاقتصادي عدا مندوبي الجهات الثلاث الذين يقومون بمتابعة المحطة المركزية وتحريز أي اسطوانة تالفة وإيقاف تعبئتها .
بدوره، يؤكد نائب دائرة الوحدة الفنية بشركة الغاز أنس المجاهد قيام شركة الغاز بعدد من المعالجات و منها استبدال 15000 ألف اسطوانة غاز تالفة من الكميات المخزنة والمعدة لمواجهة المشاكل .
وبشأن عدم وجود الرائحة والمادة الكبريتية الايثانيميركبتان، أوضح المجاهد أنه تم التخاطب مع شركة صافر ودائرة صافر التابعة للشركة في صنعاء للتأكد من إضافة المادة وشركة الغاز منتظرة للرد .
شركة الغاز خرجت ببيان يوم الاثنين 24 يونيو تؤكد فيه أنها قامت بتحريز الاسطوانات التالفة في المحطات المركزية عبر مندوبيها ومندوبي اللجنة الاقتصادية وجهاز الأمني السياسي ومنع تعبئتها وتداولها.
وقالت الشركة: “ما يجب أن يعلمه المواطن أن الشركة وخلال الفترات السابقة لم تألو جهداً في متابعة أعمال الصيانة لأسطوانات الغاز التالفة والمسربة وإيجاد حلول لهذه المشكلة ومنع تداولها.
بيان شركة الغاز أضاف: قامت الشركة بعدد من التدابير والإجراءات تمثلت في تحريز الأسطوانات التالفة في المحطات المركزية عبر مندوبيها ومندوبي اللجنة الاقتصادية وجهاز الأمن السياسي ومنع تعبئتها وتداولها”.
وأعلنت شركة الغاز في بيانها أنها “ستقوم اللجنة المشتركة المكلفة من الشركة واللجنة الاقتصادية وأمانة العاصمة بتوزيع 15.000 أسطوانة جديدة على مديريات الأمانة خلال الأسبوع القادم”.
الشركة قالت إنها “بصدد مخاطبة وزارة المالية بفتح حساب في البنك المركزي اليمني في صنعاء خاص بالصيانة حيث يتم توريد مبلغ 4.5 ريال من الغاز المستورد عن كل لتر للقيام بأعمال الصيانة بحسب الإمكانية المتاحة”
وطالبت الشركة “رئاسة المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ باعتماد 50 ريالاً لتفعيل أعمال الصيانة و50 ريالاً ميزانية تشغيلية للشركة لتسيير أعمالها عن كل أسطوانة والبدء بأعمال الصيانة وتجنيب المواطنين كوارث انفجارات الأسطوانات التالفة والقيام بدورها كون الشركة في صنعاء لا توجد لها أي إيرادات”.
الشركة اليمنية للغاز أكدت في بيانها أنها “خاطبت شركة صافر للإنتاج بضرورة التأكد من إضافة مادة المركبتان الخاصة بالرائحة إلى مادة الغاز في محطة التحميل بصافر تجنباً لوقوع أي حوادث”.
ولفتت إلى أنها ظلت باستمرار “تطالب قيادة الشركة في صافر بتنفيذ أعمال الصيانة بحسب العقود السابقة مع المصنع اليمني للأسطوانات كون مبالغ الصيانة والمقدرة بـ 10 ريالات عن كل أسطوانة يتم قطعها في صافر وتوريدها إلى حساب البنك المركزي في مارب ولكن للأسف الشديد رغم المطالبة ولأكثر من عام ونصف لم يتم عمل أي صيانة من قبل الإدارة في صافر.
المحطات المركزية
المحطات المركزية في صنعاء أكدت أنها لا تملك أي أسطوانة للغاز وما هي إلا وسيط بين محطة صافر ووكلاء الشركة في صنعاء.
ويقول علي عبيد المدير التنفيذي لمحطة صنعاء لتعبئة الغاز: إن هناك آلية جديدة نزلت من شركة الغاز بتسجيل الاسطوانة باسم مالكها والمندوبين في كل حارة في العاصمة صنعاء، حيث تقوم المحطة المركزية بأخذ دبات العاقل والمواطن يسجل اسمه ورقم المواطن في الكشف وتتم تعبئتها وإرجاعها إلى العاقل بنفس الرقم وباسم نفس العاقل، وأكد عبيد أن المحطة ليس لها أي دخل بالصيانة ويقتصر دورها على التعبئة .
حقائق وأرقام
وتؤكد إحصائيات أمنية ان 340 مواطناً أغلبهم من النساء تعرضوا للحريق بالغاز المنزلي في 2016م .. و241 مواطناً أصيبوا في حوادث للحريق المنزلي في 2017م .. و500 حادث حريق سجلتها الأجهزة الأمنية في العام 2018م، راح ضحيتها 250 شخصاً، وتسببت بإصابة 301 شخص .
قد يعجبك ايضا