طه هادي الحاضري
الكثير من الناس يعتقدون أنه بمجرد أن عدوهم على باطل يكفي أن يؤيدهم الله تعالى عليه دون أن يتحركوا ضده في الميدان، وأنه إذا لم يؤيدهم الله في الدنيا فسيدخلهم في الاخرة الجنة جزاء صبرهم ولا يتنبهون أن ذلك ليس صبرًا بل ذلة والذلة عقوبة إلهية في الدنيا يتبعها العذاب الأليم في الآخرة.
قد يتعلل البعض ويبرر قعوده عن مواجهة الطغاة بأن ليس بيده شيء والواقع مظلم والأفق مسدود ولا مجال للتحرك وأن التحرك بمثابة انتحار وتهور ويتنافى مع الحكمة وكل هذا غير صحيح على الإطلاق فقد قدم لنا سبحانه وتعالى نموذجًا للتحرك ضد الطغاة مفندًا كل تلك المبررات والتعللات وموضحًا أن التحرك مهما كانت الظروف هو مفتاح الفرج والتأييد والرعاية الإلهية وبمثابة حجر الأساس للتغيير حيث قدم لنا نموذج أصحاب الكهف وأنزل فيهم سورة الكهف وبيّن كيف أن فتية آمنوا به أعلنوا موقفهم من طاغوت زمانهم الذي كان يدعي الألوهية ويخضع له الناس فتبرأوا منه وجهًا لوجه، وعبر آيات السورة يتضح لنا الرعاية الإلهية للمؤمنين وسنة الله في نصره لعباده المجاهدين.
فالكهف هو عبارة عن تجويف في جبل يكون بعيداً في الأغلب عن المدن والكثافة السكانية ولكن من داخل الكهف يصنع الله تعالى المتغيرات على يد أولياءه، والكهف هو الغار وهو في لهجتنا اليمنية “الجرف”.
تبدأ قصة أهل الكهف بفتية مؤمنين تبرأوا من طاغوت زمانهم ولأن إيمانهم كان عملياً وتجسد على شكل موقف صريح وحازم أنتج زيادة في اهتدائهم كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾
فكيف يهدي الله تعالى ضعفاء الإيمان الذين لم يتملكهم اليقين والتصديق الكامل بالله وبوعوده والاستجابة الشاملة لتوجيهاته؟ كيف يهدي السلبيين واليائسين والمستسلمين والقاعدين إذا لم يتحركوا؟ لكن الفتية الذين آمنوا بالله وتحركوا يزيدهم الله هدى ويفتح لهم الآفاق، ويعتنى بهم عناية خاصة ويصنع لهم المتغيرات ويهيئ لهم الأحداث، ويربط على قلوبهم يقول تعالى: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ شددنا على قلوبهم وقوّينا عزائمهم فكانت روحيتهم عالية ومعنوياتهم مرتفعة لمواجهة الطاغوت ومواجهة من معه من قومهم فلم يضعفوا من هول الموقف فأعلنوا موقفهم كالصاعقة على الطاغوت بكل جرأة وصراحة وهم يعرفون ثمن هذا الموقف وردة الفعل القاسية من الطاغوت ومن الناس لأن الطاغوت ما كان له أن يصبح طاغوتًا إلا بمن حوله من الناس، فامتلأت قلوب الفتية شجاعة وبطولة ويقينًا حينما تحركوا ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً * هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً﴾ فاتخذوا موقفًا عظيمًا وواجهوا قومهم واتخذوا موقفًا عمليًا يقول الله تعالى: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾ هكذا الهداية الإلهية، ليس العالَم مقفلاً أمامهم، ولم يقولوا الآفاق مسدودة، ولم يستسلموا أو يخضعوا، ولم يقولوا ماذا نصنع! أين نأوي؟ أين نذهب؟ فلنتراجع عن موقفنا لقد ورطنا أنفسنا وتهورنا نحن نسبح عكس التيار! بل التجأوا إلى الله ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً﴾ لا يوجد في القرآن الكريم ولا في قاموس المؤمنين عبر التأريخ ولا حتى تلميح أو إشارة أو تضمين أن يخضع المؤمنون للطغاة، أو يستسلموا للغزاة، أو أن يقولوا نحن عاجزون ما بأيدينا مقابل ما بأيديهم، إنما المؤمنون عبر التاريخ ومن خلال القرآن الكريم هم الذين ينطلقون في سبيل الله والله هو من سيزيدهم هدى، ويهيئ الأحداث لهم، ويصنع المتغيرات لصالحهم وهنا يتجلى الإيمان الحقيقي والصادق، فجاءهم الهدى الإلهي بإلهامهم استجابة لطلبهم أن يهيئ لهم من أمرهم رشدًا، قال تعالى: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾ إلى ذلك الغار، إلى جرف في جبل في واد بعيد ﴿يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً﴾ لأنهم هم من اتجهوا إلى الله، لم يتجهوا إلى واقعهم ولم ينهزموا أمام ما يجري أمام أعينهم ولذلك كانت الرعاية الإلهية بهم ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ فناموا في الكهف كل هذه المدة ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَتَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِدا﴾
لقد رعاهم الله وهم نائمون داخل الكهف، وهيأ لهم الأجواء وكأن الكهف غرفة مُكَيَّفَة حتى لا تفسد أجسامهم، وكان يدخل الشمس بقدر ما تحتاجه أبدانهم، وكان الكهف نفسه مصممًا لهذه المهمة ﴿ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ لنعرف آيات الله، وهكذا سنة الله في الهداية ﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي﴾، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ يهدي المسلمين، ويهدي المؤمنين، ويهدي المظلومين، ويهدي المستضعفين، ويهدي اليمنيين وغير اليمنيين، أنهم إذا مشوا على هدى الله فلن ترهبهم لا طائرات، ولا مدرعات، ولا جيوش، ولا دول، ولا أي شيء من ذلك، لأن الله سبحانه بحكمته وقدرته وعظمته ووعوده هو من سيقف إلى جانبهم ويصنع المتغيرات لصالحهم، وهذا ما نلمسه ونراه جليًا ونعايشه ونراه بوضوح خلال ما يقارب أربع سنوات من مواجهة العدوان بل ومن قبل ذلك منذ أطلق السيد حسين بدر الدين الحوثي مشروعه وصرخ بصرخته والمراحل التي مر بها هذا المشروع ونحن جميعًا شهودًا عليها.
﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ﴾ وهم نائمون أكثر من ثلاثمائة سنة، ومع ذلك أعينهم مفتحة وهذا من الإعجاز الإلهي وفيه رعاية وعناية أمنية لهم ﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبا﴾ وكم في قصة أهل الكهف من الدروس والهداية ولكن المقام لا يسمح لذكر الكثير منها، ولكن الله الحي القيوم الدائم الذي لا يموت، الذي حفظ ورعى وهدى وآوى فتية مؤمنة في التاريخ داخل كهف هو ما زال هو الله الموجود اليوم، الله الأول والآخر والظاهر والباطن، هو الله الذي شق البحر لموسى، هو الله الذي يؤيد المجاهدين في الساحل الغربي وفي كل الجبهات، وينكل بالأعداء على أيدي أوليائه المؤمنين.
إن قصة أصحاب الكهف تزيد المؤمن إيمانًا واطمئنانًا وتفتح مدارك المستضعفين وتزيد الثقة بالله واليقين بأن الله تعالى من يهيئ ومن يؤيد، وما أمرنا أن ندافع عن أنفسنا وما أمرنا أن نتبرأ من أعدائنا إلا وقد تكفل بتأييدنا وبنصرنا وبإفراغ الصبر علينا ، فللكهف علاقة بمواجهة الباطل فهذا خاتم الأنبياء والمرسلين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ ألم يتعبد الله سنوات في غار حراء وخرجت الدعوة من داخله في بدايتها! ألم يحفظه الله ومن معه في ليلة الهجرة في غار ثور!
ونحن إذا رأينا كهفاً أو غاراً في جبل أو جرف بلهجتنا المحلية نقول ما الفائدة منه؟ نستوحش منه ونعتقد أنه لا يسكنه إلا الوحوش، ولا يعرف الكثير أن الله سخرها حصناً لأوليائه، ليبدأوا تحركهم، وليبدأوا مسيرتهم، وليبدأوا خطاهم إلى الأمام في طريق العزة والكرامة، ونحن كيمنيين شاهدنا من آيات الله أيضاً حينما تحصّن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي داخل كهف يمني وغارٍ يمني، وجرفٍ يمني بمران، جرف سلمان، وكانت الصرخة تجلل من داخل الكهف تلك العبارات التي أرعبت العدو وصنعت الأبطال، وأصبح المقاتل اليمني مقاتلاً أسطورياً على مستوى العالم، حينما أطلق الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين الحوثي من جرف سلمان موقفه ممثلًا بالشعار – الصرخة – كعنوان لمشروع إسلامي ، تلك الصرخة التي تعبِّر عن البراءة من أعداء الله وإعلان موقف، وهيأ الله من ذلك الكهف (جرف سلمان) كما هيأ للمؤمنين من قبل، فانتشرت الصرخة على نطاق واسع، وها هي اليوم تنتشر في الساحل الغربي وكل الجبهات محرقةً للغزاة، وتجلل من فوق مدرعاتهم المدمرة، وترعب العدو فيهرب حافي القدمين، أليس هذا من آيات الله؟ فقد تكالب العالَم ليسكتوا هذه الصرخة ويمحوا هذا الشعار غير أن الله هو من يصنع المتغيرات ويشهد لذلك واقعنا اليوم وأن الله سبحانه وتعالى هو من يتكفل بالنصر لعباده، ويصنع الأحداث بما يجعل هذا الدين هو الظاهر على هذه الأرض ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾
هي سنة إلهية عندما يأمرنا الله سبحانه وتعالى أن لا نستسلم للطغاة على مدى التأريخ هو يعرف أن لديهم أسلحة، ويعرف أن لديهم جيوشًا، ويعرف أنهم مجرمون، وأنهم قتلة، وأنهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، فتكفل بتهيأت المواقف لنا التي تمكننا من وقفهم عند حدهم بمواجهتهم وتبدأ تلك المواجهة في كتاب الله في البراءة منهم وإعلان الموقف الصريح أمامهم، فنهانا عن توليهم يقول سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا﴾ و(لا) هنا ناهية في القرآن الكريم، هذا المقطع من الآيات نقرأها في المصحف في سورة المائدة ﴿لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ لماذا؟ ماهي العلة؟ ما هو السبب؟ قال: ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ ما معنى أن لا نتولاهم، معناه أن نتبرأ منهم، لا نتخذ اليهود والنصارى أولياء، ومَن هم اليهود اليوم؟ ومن هم النصارى؟ أليسوا على شكل دول، أليست أمريكا يهودية ونصرانية وليسوا بمسلمين! أليس المحتلون في فلسطين صهاينة ويهود وليسوا بمسلمين! إذاً القرآن الكريم يتحدث عنهم، والقرآن الكريم كأنه في هذا العصر يقول: لا تتخذوا أمريكا وإسرائيل وبريطانيا و فرنسا ولا روسيا ولا كل يهودي ونصراني أولياء في هذا العصر وفي كل عصر، لأن القرآن صالح لكل زمان ومكان.
البعض لم يستوعب أهمية الصرخة
البعض إلى اليوم للأسف لم يستوعبوا معنى البراءة والصرخة رغم أن أمريكا على الأبواب، ورغم جرائمها ومجازرها، ولم يعرفوا أن الهتاف والصرخة والشعار كان تحصيناً للنفوس، وحرباً نفسية على الأعداء، ولم يفهموا أن هذا العدوان ليس بسبب الصرخة والشعار، لأن العدوان كان مقررًا من قبل ذلك، فلم يكن في ليبيا صرخة ولا شعار، ولم يكن في العراق صرخة ولا شعار، ولم يكن في أفغانستان صرخة ولا شعار، ومع ذلك احتلتها أمريكا، وكلنا يعرف أنه بعد احتلال أفغانستان والعراق بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا في نيويورك وضرب أبراج التجارة العالمية كانت اليمن رقم اثنين في الغزو والاحتلال بعد العراق وبعد أفغانستان، وهذا ما صرحوا به، فجاء هذا المشروع مشروع الصرخة والهتاف والحرية بقيادة الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين كحل، كأسلوب للمواجهة، كإعداد لمواجهة العدوان وقوى الطاغوت العالمي، ولم يكن هو المشكلة، إنما كان ردة فعل ضد جبروت أمريكا وغزوها واحتلالها للبلدان، فكان حلاً وليس مشكلة، كان الأمريكيون أنفسهم يعلنون أنهم سيحتلون اليمن، وسيغزون اليمن، والسعودية، وأفغانستان، والعراق، والسودان، وليبيا، وكثير من البلدان، يعلنون ذلك صراحة وبشكل رسمي وفي وسائل إعلامهم ، فلم يكن الخطر الأمريكي والصهيوني مجرد احتمال، بل كان حقيقة.
ولذلك انطلق هذا الشعار وهذا المشروع لكي ينبه الناس وينمي السخط في قلوبهم لأن أسلوب أمريكا في العدوان والغزو أن تقتلنا وتريد مع ذلك أن نشكرها أنها تقتلنا، وهذا ما حصل باسم مكافحة الإرهاب والقاعدة حينما كانوا يقتلون أطفالاً ونساء في البيضاء، وفي شبوة، وحضرموت، وعدن، والجوف، ومأرب، وكان الناس يشكرون أمريكا على موقفها “الإنساني”، لأنها جاءت تخلصهم من هذا الإرهاب.
ولذلك كان توعيةً للشعوب وتنمية للسخط في القلوب أن يتبرأوا من هذا العدو المخادع، العدو الذي لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة، العدو الذي حدده القرآن الكريم بقوله: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾.
الوضعية بداية انطلاق الصرخة
كان وضع المؤمنين الصارخين في بداية انطلاق الصرخة من قبل الحرب الأولى وما تلاها من حروب في صعدة مثل وضع أصحاب الكهف، كانوا مستضعفين بكل ما تعنيه الكلمة، كان الأفق أمامهم مسدوداً، كيف يقفوا ضد أمريكا؟ ومَنْ هم اليمنيون؟ ومِنْ الشعب المستضعف والفقير حتى يقول لأمريكا لا، ويقول لأمريكا الموت لها ولإسرائيل ويلعنون اليهود؟ لم يكن أحد يتوقع أن يصمدوا ويصبروا حتى تساقطت أدوات أمريكا واحدة تلو الأخرى حتى برز النظام السعودي والإماراتي والذي يُمرغ أنفهما اليوم في اليمن في الترابن يصمدوا أنأن، وكان كثير من الناس يقولون إن من كان يصرخ في بداية الصرخة إنهم مجانين ويمشون عكس التيار، ولكن الله تعالى هيأ كما هيأ لأصحاب الكهف، جاء الشهيد القائد بحكمة، قال لهم:
(نعود من جديد أمام هذه الأحداث لنقول: هل نحن مستعدون أن لا نعمل شيئاً؟. ثم
إذا قلنا نحن مستعدون أن نعمل شيئاً فما هو الجواب على من يقول (ماذا نعمل؟
أقول لكم أيها الاخوة اصرخوا ، ألستم تملكون صرخة أن تنادوا:
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟. بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة ،وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي
بالتأكيد – بإذن الله – ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكن
أخرى ،وستجدون من يصرخ معكم – إن شاء الله – في مناطق أخرى:
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]( )
هذه الصرخة أليست سهلة ، كل واحد بإمكانه أن يعملها وأن يقولها؟.
إنها من وجهة نظر الأمريكيين – اليهود والنصارى – تشكل خطورة بالغة عليهم.
لنقل لأنفسنا عندما نقول: ماذا نعمل؟. هكذا اعمل ، وهو أضعف الإيمان أن تعمل
هكذا، في اجتماعاتنا، بعد صلاة الجمعة، وستعرفون أنها صرخة مؤثرة ، كيف
سينطلق المنافقون هنا وهناك والمرجفون هنا وهناك ليخوفونكم، يتساءلون
ماذا؟. ما هذا؟
بإمكان أي واحد أن يصرخ أقل من نصف دقيقة، ونقاطع البضائع الأمريكية والإسرائيلية، ومن لا يستطيع أن يقاطع منتجاً أو بضاعةً أمريكيةً أو إسرائيليةً كيف يمكن له أن يواجه مدرعةً أو يواجه طائرة، ولذلك كان فيها تربية نفسية للمؤمنين، أصبحت الصرخة اليوم هي قذيفة الرعب الإلهية إلى قلوب الأعداء، وهذا ملموس في جبهات القتال، يزحفون بمئات الجنود وعشرات المدرعات، خمسة مجاهدين في تبة أو في موقع أو في جبل أو في صحراء يصرخون صرخة (الله أكبر) فترى الرعب ينقذف في قلوب الأعداء، فيوقف المدرعة، المدرعة بالحديد الثقيل، لأن الصرخة وصلت إلى قلبه، وأخافت قلبه فيوقفها ثم يفتح بابها ثم يهرب على رجيله، وهذا مشاهد في الإعلام الحربي وفي قنوات الإعلام تثبت ذلك.
الولاء والبراء وعلاقتها بالصرخة
يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ وهو يبين لنا أهمية البراءة من أعداء الله وأنه لا يمكن أن ينتفع الإنسان بصيامه وصلاته وعبادته إذا لم يتبرأ من أعداء الله ويوالي أولياء الله، حديث يجب أن يكون نصب أعيننا، يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ: «لو أن عبداً صام نهاره، وقام ليله، وأنفق ماله في سبيل الله علقاً علقا» أي أنفس، وأغلى ما لديه ينفقه في سبيل الله «وعبد الله بين الركن والمقام» في مكة، بجوار الكعبة «ثم يكون آخر ذلك أن يذبح بين الركن والمقام مظلوماً» صائمًا، عابدًا، يصوم النهار ويقوم الليل، وهو يعبد الله بين الركن والمقام، بين الركن اليماني ومقام إبراهيم ، ثم بعد ذلك يُذبح مظلومًا بجوار الكعبة «لما صعد من عمله وزن ذرة حتى يظهر المحبة لأولياء الله والعداوة لأعداء الله» حديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ، مهما تعبد المتعبدون، ومهما كانوا أصحاب مظلومية إذا لم يظهروا المحبة الحقيقية والعملية الميدانية لأولياء الله و العداوة والبغض والكراهية والبراءة من أعداء الله لما نفعهم كل تلك العبادة وما كان لمظلوميتهم قيمة.
ولذلك من يعترض على الصرخة نقول له: أعطنا مشروعاً آخر يوقف الزحف الأمريكي علينا، أعطنا أسلوباً آخر يحمي ديننا ووطننا وكرامتنا وأمتنا؟
فالحكمة أن يصرخ الجميع اليمنيون وغير اليمنيين وسيعرفون كيف تتغير النفوس وتتبدل الذلة إلى عزة، والهوان في القلوب إلى كرامة، وكيف سينبت الإيمان والشجاعة والبطولة في القلوب، وكيف يرانا العدو رقماً صعباً.
المطلوب أن يصرخ أبناء الجزيرة العربية والعرب والمسلمون، في العراق، وسوريا، وليبيا، وفي الحجاز، وفي نجد، وفي مصر، وفي تركيا، وفي كل بلد إسلامي، أن يصرخوا إذا أرادوا أن يتحرروا من الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
بل من المهم جدًا لإخواننا في فلسطين أن يصرخوا في وجه إسرائيل وجنودها ولو من باب التجربة في مسيرات العودة بهذا الشعار (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام) وسيعرفون كيف ينهزم الصهاينة أمامهم، وكيف سيكون تأثيرها العظيم.
وهذا مجرب وقد جربه اليمنيون، ولا بد أن يترافق مع الصرخة مواقف عملية، تبدأ من المقاطعة للمنتجات الأمريكية والإسرائيلية، فاقتصادهم مرتكز على التجارة في أسواقنا كعرب ومسلمين، أما أوربا فتُصَنِّع، والصين تُصَنِّع، وروسيا تُصَنِّع، والعالم العربي والإسلامي هو السوق الوحيد المربح لهم، فحينما نشتري منتجاتهم فنحن ندفع ثمن صاروخ تأتي الطيارة لتضرب به أطفالنا ونساءنا وأبناءنا.
Prev Post
Next Post