حسن سعيد الدبعي
هناك ثوابت في ديننا الإسلامي يجب علينا الالتزام بها، وطالما هناك إجماع على أن الإسلام قائم على خمسة أركان هي: الشهادتان ، الصلاة، الزكاة، صيام رمضان، حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً، وأن أركان الإيمان ستة هي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وطالما نحن متفقون على أن صلاة الفجر ركعتان والظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات والمغرب ثلاث ركعات والعشاء أربع ركعات، بالإضافة إلى اتفاقنا الكامل على أن محمداً ابن عبدالله هو نبينا وقدوتنا.. فلماذا لا نحافظ على هذه الثوابت ونمضي متعايشين متحابين في الله؟ لماذا ندخل في صراعات وانقسامات بسبب مواضيع فرعية لا تقدم ولا تؤخر؟.. ألا يعلم المسلمون وبالذات المسلمين العرب أن الدوائر الاستعمارية والغربية يدخلون في أوساط أبناء أمتنا العربية والإسلامية عبر هذه البؤر ويدسون سمومهم وآلاعبيهم من أجل توسيع هوة الإختلاف بينهم وجعلهم منشغلين ببعضهم البعض حتى لا تقوم لهم قائمة ويظلون على هامش التاريخ؟ لماذا لا يتقاتل المسيحيون الكاثوليك والمسيحيون البروستانت والمسيحيون الأرثوذكس والمارونيون وهم ملل متعارضة تماماً؟ لأنهم حكموا عقولهم وأدركوا أن الصراعات الدينية لا تجر وراءها إلا الخراب والدمار والأحقاد فاتفقوا جميعهم على حرية المعتقد واعتمدوا دساتير وضعية وتشريعطات تنظم حياتهم ورموا بالكنائس وراء ظهورهم، ونراهم اليوم دولاً صناعية كبيرة تتحكم بمصائر العالم ويعيش مواطنوها في أعلى سلالم الرفاهية .. والحسرة علينا معشر المسلمين والعرب على وجه الخصوص الذين كرمنا الله بدين لا يضاهى من ناحية التسامح والمحبة والإيثار، دين توحيد وسياسة تنظم حياة الناس قائمة على مبدأ “هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون” ومبدأ آخر ” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ” فما بالنا انحزنا نحو الهلاك وسيدنا الاختلاف على الائتلاف وانشغلنا بأمور تافهة وقتلنا بعضنا بعضاً بالباطل والعصبية المقيتة، والله سبحانه وتعالى حذر نبيه الكريم من مثل هؤلاء بالقول ” إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء”.
إنني أخشى وأنا أقرأ آية في سورة الأنعام مفادها ” قلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ” وعندما ذهبت للبحث عن تفسير هذه الآية وجدت على هامش تفسير الجلالين للسيوطي حديثاً لرسول الله أورده البخاري والنسائي يقول فيه ” سألت ربي ألا يجعل بأس أمتي بينهم فمنعنيها: أي لم يستجب له.. وأخشى أن تكون هذه الآية مرادفة لنا إلى يوم القيامة.. اللهم أجرنا من شر الاختلاف ووحد بين صفوف المسلمين وخاصة منهم العرب الذين تمادوا في الانصياع لمنطق التعصب والاستئثار بالرأي والاحتكام لمنطق القوة المفروغة من الحكمة والتروي وارفع شأن المسلمين امام جبابرة الشر في عالم لا يعرف إلا سياسة المصالح والاستعباد.