عام 2018م الأسوأ إماراتياً.. حرب اليمن تكاد تذهب بكل البريق

 

الثورة/ إبراهيم الوادعي

شكل عام 2018م العام الأسوأ بالنسبة الى دولة الامارات منذ تأسيسها ، حيث أصدرت عدد من الدول وعلى رأسها بريطانيا للمرة الأولى تحذيرات في يونيو 2018م الى رعاياها بتوخي الحذر الشديد عند زيارة الامارات وخاصة امارة دبي لاحتمالية تعرضها الى صواريخ يمنية.
ولاحقا تعرض مطار أبو ظبي للقصف في نهاية يوليو 2018م ومطار دبي للقصف مرتين في أغسطس وسبتمبر 2018م، وهددت القوتان الصاروخية والجوية اليمنية بعمليات قاسية لن يكون بمتناول حكام الامارات إخفاؤها أو انكارها، في محاولة لمنع اهتزاز مركز الامارات المالي او السياحي.
تكاد الحرب في اليمن والتي تنخرط فيها الامارات بشكل فاعل ورئيسي منذ 2015م ان تذهب بسحر الامارات سياسيا واقتصاديا وسمعتها عالميا ، اقتصادها المزدهر لعقود اخذ يذوي بفعل عدة عوامل ابرزها الانخراط في العدوان على اليمن ، ومشاكل المنطقة الأخرى ، ومنذ 2016م ظهرت تبعات الحرب في اليمن جلية على الاقتصاد الامارات ، وهي أخذة في صنع ندوب غائرة عليه ، وجرى تأجيل عدد من المشروعات كافتتاح اول محطة نووية في أبو ظبي ، وتوسعة مطار آل مكتوم الدولي والمخطط ليكون اكبر مطار عالمي في غضون الـ 10 سنوات المقبلة ، لكن هذا يبدوا صعب المنال الآن .
تنفق الامارات على حربها في اليمن 1.3 مليار دولار شهريا ، ما يزيد عن 16 مليار دولار سنويا عدا عن صرفيات لتحسين السمعة وأخرى مرافقة للحرب وفقا لمركز الامارات للدراسات والاعلام ، والذي يقول ان انخراط الامارات في حروب وازمات المنطقة عرض اقتصادها الهش لأزمات عدة ، واقوى تلك التبعات حدثت بسب الحرب المستمرة في اليمن .
ووفقا للمركز استنادا الى تقارير دولية فإن الامارات لجأت إلى الصندوق السيادي للدولة لتغطية نفقات مشاركتها في حروب وازمات المنطقة وعلى رأسها الانخراط في حرب اليمن، وتراجعت أصول الصندوق السيادي (جهاز أبو ظبي للاستثمار) من 502 مليار دولار عام 2014م إلى 475 مليار دولار مع نهاية العام 2015م بنهاية العام الأول للحرب في اليمن، ما يعني الحاجة إلى اللجوء لسحب ما يقرب من 27 مليار دولار لسد عجز الموازنة سنويا. وخفضت الإمارات حيازتها من سندات الخزانة الأمريكية بنحو 200 مليار دولار إلى 66 مليار دولار، حتى نهاية يوليو 2017م.
وللبحث عن مورد إضافي لتغطية نفقات الحرب، فرضت الامارات زيادة الرسوم والجبايات الحكومية على المقيمين والمواطنين في “المشتقات النفطية” و “رسوم الكهرباء والمياه” و”المعاملات الحكومية” والقوانين التي تُفَعل الضرائب والمدفوعات إلى جانب إيرادات جديدة كرسوم البلديات، وكان عدم وجودها محفز للاستثمار في الإمارات.
وصول الطائرات اليمنية بدون طيار الى أهدافها بداخل دولة الامارات منذ منتصف العام 2018م، قاطعة ما يزيد عن ألف كيلو متر، شكل المفاجأة الأكبر لحكام الامارات، وهم لم يضعوا في حسبانهم هذا الامر مطلقا لحظة اتخاذ قرار المشاركة بالحرب على اليمن.
والمستثمرون بدورهم تلقوا الانباء الواردة عن تعرض مواقع حيوية في الامارات للقصف بقلق كبير، وتأكدت شكوكهم بأن قدرة حكام الامارات على السيطرة على مجريات الأمور في اليمن في طريقها للخروج عن السيطرة، يضاف الى ذلك نشوء نقطة جذب اقتصادي تبنيها الصين في ميناء جوادر الباكستاني على الضفة المقابلة لبحر عمان، دفع بالعديد منهم خلال العام 2018م الى مغادرة الامارات والبحث عن أجواء أكثر امنا لاستثماراتهم.
وخلال النصف الثاني من العام 2018م تعرض سوق دبي المالي لخسائر متتالية أفقدت الأسهم توازنها وكبدتها خسائر فادحة وصلت 14.8 مليار دولار، ووفقا لوكالة الاناضول فقد خسر مؤشر سوق دبي الرئيس منذ بداية عام 2018م وحتى 24 ديسمبر 2018م، أكثر من 25.5% من قيمته السوقية.
ووفقا لتقرير لوكالة “بلومبيرغ” فإن عدد أسهم دبي في المنطقة الإيجابية في نهاية العام 2018م يعتبر الأدنى منذ عام 2011م، إذ انتشر الشعور السلبي في جميع أنحاء السوق، وﻣن ﺑﯾن 37 ﻋﺿواً ﻓﻲ ﻣؤﺷر ﺳوق دﺑﻲ اﻟﻣﺎﻟﻲ اﻟﻌﺎم، ﺳﺗﺔ أﻋﺿﺎء ﻓﻘط ﻣن اﻟﻣﻘرر أن ﯾﻧﮭوا العام 2018م ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﺳﮭم، وهذا هو أقل عدد من الرابحين لعام كامل منذ سبع سنوات.
ولا يتعلق الانخفاض فقط بقطاع العقارات، او الاستثمار التجاري، فقد أظهرت بيانات رسمية أوائل ديسمبر 2018م توقف نمو عدد الزائرين الأجانب لإمارة دبي في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، وذلك في تباطؤ حاد بقطاع السياحة ، ولا يعلم ما إذا كانت السلطات الرسمية الإماراتية تقصد بتوقف النمو حدوث تراجع في أعداد الزائرين الى أراضيها مع شيوع انباء عن تعرض مطاراتها الحيوية لغارات يمينة ، وان أراضيها بعد اربع سنوات باتت جزءا من ميدان الحرب في اليمن .
سمعة الامارات الدولية اضحت خلال العام 2018 م على المحك وساءت بشكل كبير ، ملف السجون السرية الإماراتية في جنوب اليمن زكمت انوف العالم ،ولم تفلح جهود شركات العلاقات العامة التي تستأجرها حكومة أبو ظبي في طمس الحقيقة او التخفيف من الاثار السلبية الناجمة عما جرى تسريبه من فظاعات تحدث بداخل تلك السجون التي تديرها الامارات جنوب اليمن وفي المخا، و نشرت عدد من الوكالات الدولية في مقدمها اسوشيتيد برس الامريكية تحقيقات صادمة عنها ، وكيف تتولى شركات امنية تابعة للإمارات وقوات اماراتية وكولومبية تعذيب المناوئين للوجود الاماراتي في اليمن، ، كما لم يعد خافيا حجم الحنق الشعبي في المناطق المحتلة تجاه التواجد الاماراتي .
وميدانياً لم تحقق الامارات نتائج عسكرية ذات قيمة عالية أو ثابتة على الأرض في اليمن خلال العام 2018م بالرغم من وصول حلفائها الى مشارف الحديدة، لقد أضحى التمدد الطويل على طول امتداد الخط الساحلي عبئا وفرصة للطرف الآخر لمهاجمة تلك القوات وتكبيدها خسائر جسيمة في العدد والعتاد، ويقول أحد المراقبين: “الإمارات العربية وحلفاؤها أدركوا التكلفة البشرية والمالية التي سيتكبدونها، وكذلك ما ستكون عليه صورتهم”.
وبالنسبة الى الحديدة يقول مصدر دبلوماسي إنه في يونيو 2018م، حينما بدأ أول هجوم على الحديدة، اتصل وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون حينذاك بدبلوماسيين إماراتيين، لحثهم على منح السيد غريفيث مزيدا من الوقت، لكي يتوصل إلى حل تفاوضي. وأفادت تقارير بأن جونسون حذر من ستالينغراد أخرى، في إشارة إلى الصور الصادمة للدمار، خلال الحرب العالمية الثانية.
ملف الازمة مع قطر شكل هو الاخر تحولا سلبيا ، واضحى سلاحا ارتد الى نحر السياسة الإماراتية وجعلها تعاني الكثير، وخلال العام 2018م تحولت الازمة مع قطر الى مصلحة الدوحة ، حيث نجحت الأخيرة عبر نفوذها المالي والدولي وماكينتها الإعلامية في التأثير سلبا على الاقتصاد الاماراتي ، وتشويه صورة الامارات عالميا ، ورغم محاولات الرياض وأبوظبي العودة الى استمالة الدوحة في قمة الرياض الأخيرة لمجلس التعاون الخليجي ، للعودة الى البيت الخليجي إلا انها فضلت البقاء خارجا ، وهي ترى خصومها يعانون على الساحة الدولية ، ويتلوون من الألم في اليمن التي ستذهب بما تبقى من جاذبية دبي الجاثمة على صدر كارثة اقتصادية توشك ان تنفجر.
استقدام الامارات تعزيزات الى الحديدة رغم اتفاق وقف إطلاق النار يوحي بان الاماراتيين لم يعوا الدرس، وتغير المزاج الدولي باتجاه وقف الحرب في اليمن ومنع تداعي الكارثة الإنسانية نحو الأسوأ، وآخر ما ينتظر حكام الامارات ” حماقة ” الصدام مع المجتمع الدولي، في ظل انسحاب الحليف الأساسي – إدارة ترامب – من المنطقة، وإرادة دولية وضعت الحديدة تحت المجهر وتريد الانطلاق منها لصنع السلام في اليمن خلال العام 2019م.

قد يعجبك ايضا