جهازُ الرقابةِ والمحاسَبة والخُطة الاستثنائية ..
مطهـر يحيى شـرف الديـن
لا يكفي الحديث والتنظير عن إصلاح مالي وإداري وخدماتي لمؤسسات الدولة دون أن يكون هناك تحرك عملي ونشاط دؤوب في الميدان للرقابة والمحاسبة على الجهات الحكومية وبالذات الإيرادية منها . اليوم هناك تقييم ومتابعة ورقابة مالية وإدارية ورقابة على مستوى الأداء والخدمات في كافة مؤسسات الدولة وهناك توجه سياسي واقتصادي يعمل على النهوض بالوضع في الوزارات و المؤسسات إلى مستوى عالٍ من العمل الجاد والمتواصل وخطط حاضرة رقابية تكفل وفاء قطاعات ومؤسسات الدولة بالتزاماتها تجاه الوطن والمواطن وإدراك مسؤولياتها تلبية لتوجهات القيادة السياسية في ترجمة مشروع بناء الدولة .
وإذا كان هناك غياب لدور جهاز الرقابة في الماضي القريب على بعض الوزارات والمؤسسات نتيجة مصالح شخصية وتواطؤ وتعاطف مع نافذين ومسؤولين فالحال اليوم يختلف تماماً وذلك بوجود قيادات وكوادر مؤهلة ومدركة للمسؤولية ومؤمنة بتطبيق القانون ونفاذه الذي لا يستثني أحداً من التهرب أو التخلص من الرقابة والمحاسبة أوالتواري عن الأنظار أو الهروب من تحت المجهر وبالذات عندما نرى ونلمس خطوات عملية جادة في سبيل تعزيز الشفافية الذي يلاقي دعماً غير محدود من قبل القيادة السياسية ، إذ أن ذلك التوجه إنما يعكس التطبيق الحقيقي للقوانين واللوائح بغية الحد من مظاهر الفساد المالي والإداري ويحافظ على النشاط الحكومي دفعاً لعمليات التنمية وضماناً لوصول الخدمات للمواطنين .
وبالمناسبة فقد دعا الأستاذ علي العِماد رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في مقابلة أجرتها معه صحيفة الثورة الأسبوع قبل الماضي إلى مساهمة جميع المواطنين و المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في تعزيز الدور الرقابي من خلال وضع المقترحات والأفكار التي تعمل على تطوير وتعزيز الشفافية ، ولإدراك حسن نوايا قيادة جهاز الرقابة في الإصلاح المؤسسي ونشاطه العملي تحقيقا لأهدافه فإن الجهاز يسعى حاليا إلى اعتماد الأنظمة التقنية وتعميمها على بقية المؤسسات عن طريق الربط الشبكي وبدون ذلك فلن تكون هناك رقابة حقيقية ما لم تتجه جميع مؤسسات الدولة لاعتماد الأنظمة التقنية إذ أن توفر المعلومات اللازمة عن سير العمليات المالية والإدارية والقانونية يتيح للجهات الرقابية ممارسة مهامها ومراقبتها وذلك للتمكن من إصدار أحكام تقييمية عادلة وفقا لتوفر تلك المعلومات وبالتالي فإن اتخاذ تلك الخطوات سيعمل على تعزيز مبدأ الرقابة وضبط الموارد وتوحيدها والحد من النفقات وتحفيز الإيرادات .
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام سعي الجهاز حاليا لتدشين موقع يتضمن أبوابا تتناول أنشطة الجهاز بنشر تقارير الجهاز واستقبال البلاغات وغيرها من الخدمات .ويأتي ذلك أيضا تعزيزا للشفافية التي تحقق أهدافها بإحالة عدد من الفاسدين والمزورين والمختلسين إلى النيابة العامة ، كما أن الخطة الاستثنائية التي يتبناها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتحمل عنوان تعزيز موارد الدولة تؤكد التوجه الحقيقي والجاد للجهاز في سبيل حلحلة الوضع الاقتصادي سعياً منه في تنمية إيرادات المؤسسات الحكومية والانعكاسات الإيجابية في توفير ما أمكن من مرتبات موظفي الدولة .
وأخيراً ينبغي عaا كمنظمات مجتمع مدني ووسائل إعلام وبيئة تحتضن وترعى الأجيال أن نستشعر أولا الرقابة الذاتية لأنفسنا ومراقبة الضمير لدى كل فرد في هذا المجتمع من خلال تحصينه من الانغماس في مستنقع الفساد الأخلاقي والمالي والإداري وتجنب ممارسة السلوكيات الإدارية المنحرفة ومن أبرزها الرشوة والاختلاس حتى نستطيع إيجاد جيلٍ يتصف بالأمانة والصدق والإخلاص قولاً وعملاً إرضاءً لله وخدمةً للصالح العام .