200 ألف مريض مهددون بالفشل الكلوي و25 ألفاً آخرون يعانون الأمرّين
وزارة الصحة تطلق نداء استغاثة و مراكز غسيل الكلى تتوقف عن العمل
وزير الصحة :¶ إنقاذ حياة المرضى والجرحى لا يستدعي التأخير واتباع إجراءات عقيمة
تقرير/ محمد الفائق
كارثة جديدة ، سببها الأول والأخير هو العدوان السعودي الأمريكي وحصاره الغاشم وتصعيده العسكري في الساحل الغربي، هذه المخاطر يواجهها أكثر من 25 ألف مريض بالكلى منهم ما يقارب 3 آلاف مريض من زارعي الكلى يحتاجون إلى العلاج اللازم لبقائهم على قيد الحياة فيما يحتاج 7 آلاف و300 من مرضى الفشل الكلوي إلى غسيل دوري وفي وقت محدد بإجمالي احتياج سنوي يبلغ أكثر من ٧٠٠ ألف جلسة غسيل وأصبح العجز فيها يفوق ٥٠ بالمائة، وفقا لوزارة الصحة، التي أكدت أيضا أن حياة مرضى الغسيل الكلوي وزارعي الكلى تزداد سوءاً وتعقيداً يوما بعد آخر و باتوا مهددين بالموت في كل لحظة كنتيجة مباشرة للحصار الذي جعل من مسألة الحصول على خدمات التداوي والعلاج أمراً في غاية الصعوبة .
العدوان يتسبب بإغلاق المراكز
آثار وأضرار العدوان والحصار وتبعاتهما كبيرة جدا ولم تستثن أحدا، في مختلف القطاعات إلا أن القطاع الصحي في اليمن كان الأكثر تضررا نتيجة الاستهداف المباشر لمؤسساته ومستشفياته ومراكزه الصحية وكوادره الطبية، فضلا عما أنتجه الحصار الغاشم برا وبحرا وجوا منذ 39 شهرا، ومنع دخول الأدوية والمحاليل والمستلزمات الطبية والصحية وتزايد مخاطر وحالات المرضى وتفاقم وضعهم الصحي، على سبيل المثال مرضى الكلى الذين أغلقت في وجوههم أبواب بعض مراكز الغسيل الكلوي نتيجة استمرار العدوان والتصعيد الأخير في الساحل الغربي ، ما جعل غالبية المرضى يتجهون إلى المراكز المتبقية في المحافظات الأخرى مثل إب وحجة وأمانة العاصمة و المحويت وصنعاء مما شكل ضغطا هائلاً على هذه المراكز وأثر بشكل سلبي على قدرتها الاستيعابية و حصة المرضى الزمنية للحصول على جلسات الغسيل اللازمة لبقائهم على قيد الحياة .وهو ما أشارت إليه وزارة الصحة مؤكدة أن كثيراً من أجهزة الغسيل تعطلت وتوقفت عن العمل مما زاد الأمر سوءاً وتعقيداً ، ووفاة ما يزيد عن ألف و 200 مريض من مرضى الفشل الكلوي وفقا لبيانات الأسابيع الماضية .
انتكاسة كبيرة
وزارة الصحة أوضحت أيضاً أن استمرار انعدام أدوية المرضى الزارعين للكلى يشكل انتكاسةً كبيرة حيث اضطر بعضهم للعودة لإجراء جلسات الغسيل فيما قضى البعض الآخر نحبه جراء هذا النقص ، وقالت : ” كل هذا يحدث دون اكتراث الضمير العالمي لهذه المعاناة الإنسانية المؤلمة المستمرة ” معربة عن أملها في أن يسود الحس الإنساني ويطغى ليسكت صوت الحرب والمعاناة التي يمر بها مرضى الكلى في اليمن ، مؤكدة أن وضع مرضى الغسيل الكلوي وزارعي الكلى في غاية الخطورة ويستدعي تدخلاً سريعاً من قبل المنظمات الدولية لإنقاذ حياتهم .
القطاع الصحي أولوية
حجم الكارثة الإنسانية التي يعانيها مرضى الغسيل الكلوي كبيرة جدا وتفوق قدرة الوزارة على تجاوزها او مواجهتها نتيجة انعدام المحاليل وتعطل أجهزة الغسيل في ظل تباطؤ استجابة المنظمات الدولية الإنسانية العاملة في اليمن، وأيضا وجود من يرفض جعل القطاع الصحي أولوية في ظل العدوان والحصار وفقا لوزير الصحة الدكتور طه المتوكل، الذي أكد أن حياة المرضى والجرحى لا تستدعي التأخير واتباع إجراءات عقيمة ، مشيرا إلى أن وضع الطوارئ والتصعيد يتطلب إجراءات عاجلة وسريعة ومرنة تتناسب واحتياجات الوضع فلا فائدة من أي معونة أو دعم يأتي متأخراً بعد أن تنتهي الحاجة إليه “.
طوابير طويلة
الوزير المتوكل اطلع عن قرب على بيانات تؤكد وفاة كثير من مرضى الغسيل الكلوي خلال الأسبوعين الماضيين خاصة من المرضى النازحين من محافظة الحديدة نتيجة انعدام المحاليل وخروج كثير من أجهزة الغسيل عن الجاهزية، وأكد أن موجة النزوح الكبيرة من المرضى من محافظة الحديدة أدى إلى تزايد حالات مرضى الغسيل الكلوي في محافظات إب والمحويت وحجة وأمانة العاصمة مما أثر سلباً على هذه الحالات لعدم قدرة المستشفيات على استيعاب عدد الحالات المتزايدة”.
مشيرا إلى وجود حالات مرض الفشل الكلوي في طوابير طويلة في مستشفيات الثورة والعسكري والشرطة والجمهوري و22 مايو تنتظر دورها الذي قد لا يأتي إلا وقد توفي بعض منهم مما يستدعي هبة إنسانية ووقوفاً جاداً من قبل الجميع لمساندة مرضى الفشل الكلوي “، ودق جرس إنذار للعالم بأكمله للقيام بواجبه تجاه المأساة والكارثة الإنسانية والصحية التي سببها العدوان الأمريكي السعودي في اليمن “.
ولفت إلى أن وزارة الصحة بادرت بتخصيص مبنى جديد لمركز للغسيل الكلوي بأمانة العاصمة وتم تجهيز مبنى بمحافظة إب لاستيعاب الأعداد المتزايدة من مرضى الفشل الكلوي.
وطالب المنظمات الدولية بسرعة تجهيز المركزين بالأجهزة والمعدات وتوفير محاليل الغسيل والأدوية بصورة عاجلة لاستقبال المرضى خاصة النازحين من محافظة الحديدة والمحافظات الأخرى.
وأشار وزير الصحة العامة الدكتور طه المتوكل إلى الوضع الكارثي الصحي في اليمن نتيجة استمرار العدوان الذي تسبب في استشهاد أكثر من 35 ألف شخص أكثرهم من الأطفال والنساء ، وتدمير البنية التحتية للقطاع الصحي ، بالإضافة إلى موجة النزوح بين المحافظات وتأثيرها على القطاع الصحي .
وفاة 25% من المرضى
ويقضي المئات من مرضى الفشل الكلوي نحبهم جراء العدوان والحصار، ذلك ما أكدت عليه اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن والتي اشارت إلى أن استمرار العدوان يتسبب بوفاة رُبع مرضى الفشل الكلوي في اليمن سنويا، مؤكدة أن نجاة الآلاف من مرضى الفشل الكلوي في اليمن تعتمد على الوصول إلى علاج يتمثل في غسيل الكُلى بدون انقطاع ويُعتمد عليه وآمن”، يتزامن ذلك مع بيان الأمم المتحدة التي أشارت فيه إلى أن اليمن يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وتبين إحصائيات رسمية وجود 200 ألف حالة إصابة أخرى محتملة بالفشل الكلوي ممن يعانون من داء السكري وضغط الدم المرتفع الذي يمكن أن يؤدي إلى مشكلات هائلة بالكلى.
ويوجد نحو 28 مركزا لغسيل الكلى واستصفاء الدم تعمل حاليا في أنحاء اليمن، إلا ان نحو 70% من تلك المراكز توقفت تماما نتيجة تعطل الأجهزة وانعدام المحاليل.
كارثة كبيرة
هذه المأساة أدت إلى وقوع كارثة في القطاع الصحي ، حيث يؤكد الناطق باسم وزارة الصحة الدكتور يوسف الحاضري أن العدوان والحصار على مدى 39 شهرا، أدى إلى تهديد كل الأمراض المزمنة كالغسيل الكلوي والسرطان والأورام والسكري وحتى الجرحى والذي بلغ عددهم أكثر من 30 ألف جريح بسبب قصف طيران العدوان.
مشيرا إلى أن ما تعرض له القطاع الصحي من عدوان واستهداف مباشر يعد كارثة كبرى في ظل هذه الأوضاع، لافتا إلى انه لم يتبق لدى وزارة الصحة إلا التفاعل والتعامل بشكل كبير جدا مع المنظمات التي تعمل في هذا المجال، حيث قامت وزارة الصحة منذ تولي بوزير الصحة الدكتور طه المتوكل مؤخرا زمام الوزارة بالجلوس أكثر من مرة وبشكل دوري مع هذه المنظمات خاصة منظمة الصحة العالمية واليونيسف والصليب الأحمر وأطباء بلا حدود وجميع المنظمات والتفاهم معهم بأن لدينا أولويات على رأسها الأمراض المزمنة والتعامل بصورة صحيحة وإيجابية مع توفير متطلبات هؤلاء المرضى سواء لأمراض الغسيل الكلوي أو أمراض زراعة الكلى.
مؤكدا ان مخازن وزارة الصحة لم يعد بها سوى لنوع واحد فقط وهو السيلاسيب لمرضى الكلى ولمدة شهر وهناك عوز خلال الأيام القادمة في النيورال وفي البور جراف وفي أشياء أخرى من الأدوية التي ستؤدي أيضا إلى ما سيؤدي عليه انعدام الغسيل الكلوي عند مرضى الفشل الكلوي.
وأوضح الدكتور الحاضري أن المساعدات الدولية ليست بالشكل المطلوب الذي يريده الإنسان اليمني في ظل هذه الظروف فنحن لا نريد مساعداتهم بل يجب فك الحصار والشعب سيكفي نفسه، فهناك أكثر من 200 ألف مريض يريد السفر للخارج للعلاج ومن الصعب السفر عن طريق مطار عدن أو سيئون لعدة أسباب سواء كانت أمنية أو إرهاق الطريق بالنسبة للمريض أو ما شابه.
200غسلة في اليوم الواحد
الدكتور عبد اللطيف أبو طالب، رئيس هيئة مستشفى الثورة بصنعاء، يؤكد أن المعاناة كبيرة جدا لدى مرضى الكلى حيث كانت تستقبل هيئة مستشفى الثورة في اليوم الواحد على الأقل 200غسلة لكن بسبب العدوان الجائر والحصار جوا وبحرا وبرا فقد وصلت هذه الشريحة الى مراحلها النهائية وهي مراحل الموت فنحن نعاني معاناة شديدة جدا بسبب نقص المحاليل والأجهزة والكهرباء والأدوية حيث أصبحنا فاقدي القدرة على إنقاذ هذه الشريحة فهناك من يموت وهناك من لا يزال يحتضر.
ويؤكد الدكتور أبو طالب أن مستشفى الثورة هو المركز الأول في الجمهورية لغسيل الفشل الكلوي لكن أصبح على حافة الهاوية لان إنقاذ مرضى الفشل الكلوي لا يمكن إلا عند إيجاد الأدوية والمحاليل التي نعاني من نقصها إلى جانب الأجهزة التي أصبحت معطلة فهناك قطع غيار كبيرة لا يمكن استيرادها أو توفيرها إلا من المنتج نفسه وكل ذلك لا يمكن للحكومة توفيرها بسبب الحصار وكل ذلك يؤدي إلى وفاة هذه الشريحة.
572 مريضاً بالفشل الكلوي في الحديدة
ومع التصعيد العسكري الأخير في محافظة الحديدة من قبل قوات الغزلة والمنافقين تتعاظم المأساة لدى مرضى الكلى في تهامة ، حيث يشير مكتب الصحة في محافظة الحديدة إلى أن الوضع الإنساني في المحافظة يتفاقم سوءاً يوما بعد أخر في ظل استمرار العدوان والحصار الجائر للعام الرابع ، ومعها تزداد معاناة أكثر من 572 مرضى الفشل الكلوي في مدينة الحديدة .
مكتب الصحة والقائمين على مركز غسيل الكلى في محافظة الحديدة أكدوا أن عدد مرضى الفشل الكلوي يزداد كل يوم 2 او 3 مرضى وتم تحويل 60 حالة إلى العاصمة صنعاء خلال 6 أشهر، نتيجة ازدحام المركز بالمرضى واحتوائه على 22 جهازاً فقط التي تعمل وعجز مكتب الصحة عن استيراد الأجهزة والمحاليل الرئيسية بسبب العدوان والحصار.
103 مرضى على وشك الموت في المحويت
وبعد أن ناشد مرضى الفشل الكلوي في محافظة المحويت الجهات المعنية والمنظمات الدولية التدخل العاجل لإنقاذ حياتهم إثر تعطل أجهزة الغسيل الكلوي بمركز الكلى في المستشفى الجمهوري بالمحافظة، أطلق محافظ المحويت نداء استغاثة عاجلاً لوزير الصحة وهيئة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بالتدخل بشكل فوري لإنقاذ حياة 103 مرضى بالفشل الكلوي نتيجة تعطل أجهزة الغسيل الكلوي في مركز غسيل الكلى بالمحافظة.
وتلقى المحافظ بلاغاً عاجلاً ليل الأربعاء الماضي من مدير مركز الغسيل الكلوي بالمستشفى الجمهوري في المحويت، ما اضطره لإطلاق نداء الاستغاثة وزيارة مركز الغسيل بشكل سريع، حيث اطلع على حالات المرضى والخطر المحدق الذي يداهمهم نتيجة تعطل كل آلات غسيل الكلى باستثناء آلتين لا تكفيان لتغطية حالات الفشل الكلوي.
وكان مرضى الفشل الكلوي في محافظة المحويت ناشدوا في وقت سابق الجهات المعنية والمنظمات الدولية التدخل العاجل لإنقاذ حياتهم إثر تعطل أجهزة الغسيل الكلوي بمركز الكلى في المستشفى الجمهوري بالمحافظة مؤكدين أن حياة أكثر من 103 مرضى يتلقون العلاج في مركز الغسيل بالمستشفى الجمهوري، مهددة ما لم يتم التدخل بتوفير أجهزة غسيل جديدة بشكل إسعافي بدلا عن الأجهزة التالفة.
وأوضح المرضى أن ستة أجهزة من إجمالي عشرة يمتلكها المركز تعطلت نهائياً ولم تعد قابلة لعملية الصيانة ، مبيناً أن نحو أربعين حالة من المرضى أجبروا على السفر إلى العاصمة صنعاء للحصول على فرص الغسيل على نفقتهم الخاصة بواقع جلستين في الأسبوع وتكلفهم الجلسة الواحدة أكثر من عشرين ألف ريال.
ولفت نداء الاستغاثة إلى تفاقم الحالة الصحية للعشرات من المرضى، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف السفر وقيمة الأدوية وجلسات الغسل ما أدى إلى وفاة عدد من الحالات، وحملوا تحالف العدوان والمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية مسئولية تبعات هذه الكارثة الإنسانية .
وطالب المرضى، المنظمات الدولية العاملة باليمن وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية بالنزول إلى محافظة المحويت للاطلاع على حجم المعاناة في ظل الانحسار التدريجي لخدمات المركز وتوقف جلسات الغسيل الكلوي.
25 ألف مريض
مأساة إنسانية أمام مرأى ومسمع العالم يعانيها أكثر من 25 ألف مريض يحتاج 7 آلاف و300 من مرضى الفشل الكلوي إلى الغسيل الكلوي و 3 آلاف زارعي كلى مسجلين وهناك عدد غير مسجل في ظل انعدام شبه تام للمحاليل والأجهزة الطبية في مراكز الفشل الكلوي في اليمن التي أغلق البعض منها أبوابه أمام المرضى، في ظل عدوان غاشم وحصار خانق لم يبق ولم يذر بل زاد أن منع عنهم الدواء.