> رئيس الهيئة العليا للأدوية الدكتور محمد المداني لـ”ٹ”:
> إلغاء مئات الشركات والمواقع التصنيعية المخالفة ونعمل لتوفير الدواء الآمن للمرضى وبأقل تكلفة
> العدوان يعيق جهودنا في توفير أدوية الأمراض المزمنة
> غرفة عمليات ثابتة لرفع مستوى الرقابة الميدانية على السوق الدوائي
> ضبط 280 صنفاً مخالفاً خلال 2017م وقريباً إتلاف 3 أطنان من الأدوية المهربة والمنتهية
لقاء/رجاء عاطف
رغم ما تمر به بلادنا من وضع صحي متدهور بسبب العدوان والحصار وارتفاع صرف الدولار، فسيظل الدواء من أهم السلع والخدمات المرتبطة بحياة الإنسان ويجب توفيره لكل مواطن بحسب الإمكانات المتاحة وبإيجاد بدائل مناسبة، إلا أن العديد من الدراسات التي تناولت الوضع الصحي في اليمن تشير إلى أن هذا القطاع يواجه كارثة حقيقية، فجميع المؤشرات الاقتصادية والصحية منخفضة الى حد كبير، مما يتطلب بذل جهود كبيرة لتخطيط وتنفيذ استراتيجية إنقاذية وخطط عاجلة على المدى القريب من كافة متخذي القرار بتوفير الإمكانيات المالية اللازمة لها، وأن سرعة توفير الأدوية الأساسية الفعالة والمأمونة عبر تبني سياسة دوائية قائمة على توفير الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة بصوره دائمة..
صحيفة “الثورة” طرحت هذه المعطيات وأسئلتها على طاولة رئيس الهيئة العليا للأدوية الدكتور محمد المداني مسلطة الضوء على واقع وضع سوق الدواء في ظل العدوان والحصار، وجهود الهيئة ودورها الرقابي على السوق وضبط الأدوية المهربة والمنتهية الصلاحية، وخططها المستقبلية.. فإلى تفاصيل الحوار:
في البداية ما تقييمكم للوضع والسوق الدوائي في الوقت الراهن؟
-إن العدوان والحصار القائم من قبل العدوان السعودي وإغلاق ميناء الحديدة ومطار صنعاء إلى جانب الكثير من العراقيل التي يضعونها أمام شركات الشحن والتأمين للوصول بالبضائع بشكل عام سواء الدواء أو الغذاء إضافة إلى الأعباء والمبالغ الكبيرة على كثير من التجار أثر على وصول الأدوية بشكل سلس وبتكاليف معقولة، فقدر الإمكان عملنا على إنشاء قسم المخزون الدوائي وقمنا بالتنسيق مع كثير من التجار بتوفير الكثير من الأدوية ومازال الوضع في طور المتابعة بشكل مستمر بتوفير جميع الأدوية التي تتطلبها خاصة أدوية الأمراض المزمنة ، ونستطيع القول أن وضع السوق الدوائي الآن في تحسن من ناحية التوفير مقارنة بالسنة الأولى من العدوان حيث ارتفعت نسبة التوفير إلى 85% وتبقى بعض النقص فيما يخص الأدوية التي تحتاج إلى تبريد بسبب إغلاق دول العدوان للمطارات..
في هكذا حصار وعدوان .. ما الذي يتوجب عليكم وكذلك الجهات المعنية في رسم خطط التموين الدوائي أو ما يسمى السياسة الدوائية..؟!
– أولا يجب أن يكون هناك رسم للسياسة الدوائية للبلد ممثلا بوزارة الصحة وبالمنظمات العالمية كمنظمة الصحة العالمية وبالهيئة العليا للأدوية وبرنامج الإمداد الدوائي لعمل قائمة أساسية وطنية حديثة تضم الأدوية الأساسية التي يحتاجها المرضى إلى جانب عمل دليل علاجي يستخدم في المراكز العلاجية تراعي حالة المريض المادية فنحن في أمس الحاجة لذلك يجب ان يكون الدليل المعمول وفق أسس علمية ويراعي الوضع الاقتصادي للبلد وأن يتم الالتزام من قبل الأطباء الخريجين والأطباء في المراكز والمستشفيات الحكومية وفق قاعدة علاجية تتضمن العلاج بالأدوية الأساسية للمريض وبالتكلفة المناسبة، إلى جانب الالتزام بوصف الأدوية بالأسماء العلمية خاصة في المراكز الحكومية التابعة لوزارة الصحة ويتم تدريس ذلك كمنهج في الجامعات والكليات الطبية، إلا ان هذا يحتاج إلى تضافر الجهود وسياسة دولة ترسم من أعلى سلطة مع تنسيق كل الجهات المعنية.
ما الذي قامت به الهيئة العليا للأدوية خلال فترة العدوان والحصار..؟ وما الأدوية التي ستوفرونها للمرضى؟
– الهيئة ستظل الحصن الآمن في توفير الأدوية للمرضى وهي مستمرة في عملية توفير الدواء الآمن وبسعر مناسب للمرضى ووفقا لأفضل المعايير العالمية، كما سعينا لتحقيق إنشاء مركز التيقظ الدوائي الذي سيشكل انطلاقة جديدة في عملية توفير الدواء الآمن للمرضى، وسيشكل إضافة نوعية إلى عملية الرقابة على العمليات الدوائية في اليمن التي تقوم بها الهيئة في إطار اختصاصها، إلى جانب تقييم عملية فوائد الأدوية واللقاحات والمستحضرات المتداولة في السوق المحلية وضمان مأمونيتها ونجاحها.
سنقوم بتوفير كل الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة، ولمواجهة الغلاء قد يكون استبدال الأدوية مرتفعة الكلفة بأدوية من مصادر أقل كلفة موثوقة هو نوع من المعالجة وهذا يحتاج إلى تكاتف الجهود والتعاون بين الطبيب والصيدلاني فدورهم مهم في توجيه المستهلك، وقد شكلنا لجنة للصناعة المحلية الدوائية لتشجيع التنافس في الصناعة المحلية وأيضاً للقيام بواجبها الوطني في توفير وتحقيق الأمن الدوائي .
هل لديكم شروط جديدة لاستيراد الأدوية؟
-لازالت الشروط كما هي للاستيراد ونحن نعمل بالتنسيق مع الغرفة التجارية ومع كثير من المستوردين الرسميين الملتزمين بتوفير دواء آمن فعال وبسعر مناسب.
ما الانجازات التي حققتها الهيئة في مجال الأدوية وتوفيرها منذ بداية العدوان على بلادنا؟
– بفضل الله لم يحصل انعدام للأدوية بالشكل المخيف رغم الظروف والعدوان الذي حصل وتعاونا مع كثير من المستوردين لتوفيرها بالطرق المناسبة والملائمة، وأتحنا مجالاً للبدائل وتعاونا ونسقنا مع وزارة الصحة ومع بعض المنظمات في توفير مشتقات الغسيل الكلوي وتوفير الأدوية المطلوبة، إلى جانب أن الهيئة استطاعت رفع نسبة التوفير إلى أكثر من 80 % لأغلب الأدوية الأساسية مقارنة بالسنة الأولى للعدوان التي عانينا فيها من انعدام حتى الابر الميدانية (السرنقات) ولا زالت الهيئة تعمل بشكل متواصل لتوفير أكبر قدر من الاحتياج السنوي خلال النصف الأول من العام، وكذلك قامت الهيئة بتطوير وتوسيع بعض الإدارات لمواجهة الظروف الراهنة، وأيضا قامت بحذف مئات الشركات والمواقع التصنيعية غير المستوفيه للشروط اللازمة، واهتمت الهيئة بجوانب التوعية الإعلامية في المجال الدوائي عبر إعادة اصدار المجلة الخاصة بها واطلاق صفحتها الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي.
وماذا عن دور الهيئة العليا في ضبط المؤشر السعري للدواء..؟
– قامت الهيئة بإنشاء قسم المخزون الدوائي وتشكيل لجان خاصة للنزول الميداني والقيام بعمليات لتقصي الحقائق حول مدى توفر الأدوية وعمل تقارير ميدانية بالنواقص منها ووضع ضوابط التسعيرة والتوعية بكيفية استخدامها ووضع الوصفات إلى جانب التنسيق مع الهيئات والشركات والمنظمات الدولية في عملية توفير الأدوية الضرورية والهامة للأمراض المستعصية في ظل الظروف التي تمر بها البلاد..
لكن أسعار الأدوية كل يوم في ارتفاع دون رقابة ماردكم على ذلك؟
في الحقيقة أن الهيئة لم ترفع سعر أي صنف ولن تسمح بذلك رغم ارتفاع كلفة النقل والشحن وتكلفة التأمين على الشحنات وعليه فإن الإشكالية تكمن في ان تسعير الدواء منذ تسجيله بالعملة الأجنبية وبالتالي فإن الأمر مرتبط بارتفاع سعر الصرف وبالصعوبات التي تواجه الشحنات والتي سببها العدوان ومع ذلك لم تنقطع حملات النزول الميداني الضبطية وتم اتخاذ الكثير من الإجراءات القانونية.
ماذا عن أدوية الفشل الكلوي والسرطان وانعدامها وارتفاع أسعارها؟
– إن إشكالية هذه الأدوية تكمن في أكثر من جانب أولا أنها أدوية مناقصات ولم تكن تتداول تجاريا وهي أدوية مكلفة في أسعارها ولذلك كانت توزع بالمجان من خلال برنامج الوزارة ونظراً لظروف العدوان توقفت، ثانيا أنها أدوية تحتاج لظروف نقل خاصة وهذا عائق كبير امامنا وامام المستوردين، ونحن بصدد إلزام المستوردين بالتوفير بشكل تجاري وهذا قد يخفف من المعاناة بحيث اذا لم يستطع المريض الحصول عليه مجاناً فعلى الأقل يستطيع شراءه، وأيضا أوجدنا حلول البدائل، وما نريد ان ننبه عليه أن المريض والطبيب اليمني يتعود على صنف بلون وبشكل معين ونحن أتحنا إيجاد البدائل ذات الجودة الآمنة والتي خضعت للفحص في المختبر ومن شركات مسجلة، لذلك نوجه هنا رسالة للأطباء والمرضى اذا لم يجدوا الدواء الذي يستخدمه من شركة معينة يبحثون عن البديل بنفس التركيبة من شركة أخرى مصرح عبر الهيئة العليا للأدوية مفحوص يتم استخدامه وهكذا سنخرج من إشكالية عدم توفير بعض الأدوية.
أين دور المنظمات الدولية في ذلك؟ وما آليات التعاون معها؟
هنا يكمن الدور الكبير الذي تم فيه إطلاق نداء استغاثة من قبل وزارة الصحة ومن قبلنا في العام الماضي مراراً وتكراراً كونها أدوية حيوية وتمس حياة الإنسان فلابد من العمل بشكل جدي على توفيرها من قبل المنظمات بالشكل المجاني ومن قبل أي موازنات مالية لاعتماد مناقصات لها، ونحن لا يوجد لنا اتصال مباشر معها في هذا الجانب إلا عبر وزارة الصحة.
هل لديكم أو وصلتكم إحصائية بعدد حالات الوفيات بسبب غياب الأدوية؟
– الأمر غير واضح نظراً لتعدد الجهات المعنية بذلك إلا أنه من الطبيعي والمؤكد أن عدد ضحايا الحصار وممارسات العدوان المانعة والمؤخرة لوصول الدواء والمواد الطبية كبير.
كم ضبطت الهيئة من الأدوية المهربة خلال العام 2017م؟
-تم ضبط ما يقارب 280 صنفا من الأدوية المهربة وغير المسجلة لدى الهيئة خلال العام الماضي 2017م، كما تم التحرز على 13 صنفاً منها مطلوبة لدى السوق المحلية وتم تحويلها للمختبر التابع للهيئة لفحص جودتها قبل التصريح باستخدامها نظرا للحاجة الماسة لها، وفي العام 2017م أصدرت الهيئة العليا للأدوية 1200 تصريح مرور لشحنات أدوية منها 380 تصريح مرور إلى العاصمة صنعاء، فيما صادرت 3 أطنان من الأدوية غير الصالحة والمخالفة وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن عملية إتلافها قريبا، في حين تم التحرز على شحنات أخرى في مخازن وزارة الصحة، قد قمنا بإنشاء غرفة عمليات ثابتة للهيئة ضمن مهام إدارة الرقابة والتفتيش، واستقلالها عن غرفة وزارة الصحة العامة والتنسيق مع الجهات الأمنية مباشرة بشأن تصاريح المرور الصادرة من إدارة الرقابة والتي تأتي في إطار مهام الهيئة والذي كان له الدور الرئيسي في رفع مستوى الرقابة على المنافذ الفرعية ومرور الأدوية عبر النقاط الأمنية وتنقلاتها بين المحافظات وتم خلالها ضبط الكثير من الأدوية غير المرخصة ومصادرتها.
ما الذي حققته الهيئة في ما يخص الرقابة على الحركة الدوائية..؟!
-الهيئة حققت إنجازات نوعية في الرقابة على الحركة الدوائية خلال العام 2017م في عملية الضبط والرقابة الميدانية على السوق الدوائي والمنافذ الفرعية وتوسعت إدارة الرقابة في نشاطها وحققت إنجازات كبيرة، وسيتم خلال العام الجاري 2018م تفعيل أقسام هامة في الهيئة منها قسم المخزون الدوائي وجودة الأدوية الى جانب تفعيل قسم الرقابة على المستلزمات الطبية، كما تعتزم الهيئة تحسين أداء الرقابة خلال الفترة المقبلة بشكل كبير، وأيضاً سيتم تنظيم دورات تدريبية إلزامية لجميع أمناء مخازن الشركات ومحلات الجملة العامة في مجال الأدوية من أجل تطبيق التخزين الجيد للدواء في إطار مسؤولية الهيئة للحفاظ على جودة الدواء وعدم تعرضه لأي تلف، إلى جانب رفع عدد من التقارير حول مدى التزام تلك الجهات بإجراءات التخزين الجيد للدواء.
ما الصعوبات التي تواجهونها في مجال توفير الأدوية؟
– هناك عدد من العراقيل والصعوبات التي تواجه عمل الهيئة في مجال توفير الأدوية منها الحصار واستمرار العدوان وارتفاع أسعار الصرف وعمليات النقل البحري وإغلاق المطارات الى جانب عمليات الشحن والتفريغ والنقل والتصاريح، فضلا عن مشاكل التهريب المخالفة، ورغم تلك الصعوبات تمكنت الهيئة من إيجاد حالة من الاستقرار السوق الدوائية وتوفير كميات كبيرة منها خاصة فيما يتعلق بأمراض الأوبئة مثل الكوليرا.
ما هي خطة الهيئة العليا للأدوية لهذا العام؟
– الوصول إلى توفير أكبر قدر من الاحتياج السنوي خلال النصف الاول من هذا العام، والسعي لعمل لوائح اكثر لتنظيم وضبط العمل المؤسسي داخل الهيئة، ونحن بدأنا في عمل أساسيات رسم السياسة الدوائية ستستمر لسنوات وتم عمل لائحة للمستلزمات الطبية لضمان جودتها وضمان دخول المستلزمات الطبية الأمنة وأيضاً لائحة للتيقظ الدوائي وهذه من ضمن الخطط التي سيتم استكمالها هذا العام وكما تم عمل لائحة للتسعيرة الجديدة تقوم على أساس الوضع الاقتصادي للبلد ومزيد من رسم السياسة الدوائية لتوزيع وتوفير الأدوية بالشكل العادل لكل مناطق البلاد.
ما الكلمة التي توجهونها في ختام هذا اللقاء؟
-أخيرا.. نناشد العالم جميعا بشكل عام والمنظمات الأممية والدولية والإنسانية بالدفع باتجاه إيقاف العدوان والحصار وفتح مطار صنعاء والمطارات الأخرى، فهناك كارثة إنسانية في اليمن ومرضى الأمراض المزمنة يموتون يوميا لعدم قدرتهم على السفر والعلاج في الخارج بسبب تدني الخدمات الصحية التي دمرها العدوان وبسبب عدم قدرتهم على شراء ما توفر من الدواء بعد انهيار القيمة النقدية للريال أمام الدولار.. واعتماد الاستيراد على العملات الصعبة كما ننادي المجتمع الدولي للضغط على قوى العدوان للسماح بدخول الأدوية كونها حقاً لكل المواطنين، وأوجه رسالة مهمة للداخل للأطباء أن يراعوا حالة المريض في الوطن وأن يكتبوا وصفاتهم بالاسم العلمي ليتيح للصيدلاني وللمريض في اختيار الدواء بالسعر والتكلفة المناسبة من الأدوية المسجلة رسميا، وأن نتيح البدائل للحصول على دواء بسعر مناسب وآمن من الأدوية المسجلة.