*معالم تاريخية عريقة تحت الأسر
*زخارف بديعة ومعمار فريد ومرافق لازالت شاهدة على أصالة المكان
كتب / عبدالباسط محمد
تعد مدرسة ومسجد الأشرفية بمدينة تعز القديمة التي نشعر بالآسى لما حل بها من أضرار نتيجة المواجهات التي كانت مشتعلة بين أبطال الجيش واللجان الشعبية من جهة ومرتزقة العدوان من جهة أخرى وما يبعث على الحزن هو بقاء هذا المعلم التاريخي العريق وغيره من معالم مدينة تعز القديمة تحت سيطرة مليشيا لا تعي أهمية تلك المعالم بل الكثير من فصائل تلك المليشيا تناصب العداء لمثل هذه المعالم الحضارية العريقة مستمدة تلك الثقافة التدميرية لهذه المعالم من مملكة العدوان آل سعود التي قضت على معالم إسلامية عظيمة في مكة والمدينة وتدعم الكثير من التنظيمات التي تنتهج نفس هذا النهج ، ولعلنا جميعا قد تابعنا ما عملته تلك الجماعات في عدد من المعالم التاريخية في تعز وغيرها من المناطق اليمنية التي تحتلها قوى العدوان بقيادة مملكة آل سعود .
وهاهي واحدة من أهم قلاع الحضارة والتاريخ في بلادنا أسيرة في يد تلك الثقافة الوهابية ولو أننا لا زلنا نتأمل الخير في شرفاء ومثقفي تعز الذين سيحرصون إن شاء الله على حماية هذا المعلم الذي يمثل عنوان أصالة لمدينتهم ، فمسجد ومدرسة الأشرفية ثروة كبيرة من الزخارف والفنون المعمارية الإسلامية التي ترجع لدولة بني رسول بروعة النقوش والألوان ووهج التاريخ الناصع الذي يمتد على مدى سبعمائة عام كصرحين شامخين اقترنا بالعلم والعبادة.
معلومات تاريخية
ولا نبالغ إذا قلنا أن جامع الأشرفية في تعز يعد مفخرة وتحفة إسلامية بديعة تزينها منارتيها التي ترجع للسلطان الأشرف
مدرسة ومسجد الأشرفية من أجمل المباني التراثية في مدينة تعز وأحد أبرز معالمها التاريخية تضفي على المدينة القديمة رونقاٍ وروعة قل أن تجدها في سواها أنشأها السلطان الأشرف إسماعيل ابن العباس ، في العام 802هـ استكملت فيها أعمال البناء وبعدها بعام تمت الزخرفة والنقوش في الداخل وهي محتفظة بهيئتها الأولى التي بنيت عليها كمدرسة ومسجد في مقدمتها تقام فيه الصلوات وهو الجزء الذي لم تنقطع وظيفته حتى أثناء عملية الترميم المستمرة في الداخل حالياٍ.. وقد حرص ملوك دولة بني رسول عند بناء المدرسة والجامع في تعز عاصمة الدولة الرسولية على الجمع بين غرضي العلم والعبادة فكان مسجد الأشرفية في مقدمة المبنى واسعاً بجدرانه وقبابه الثماني الصغرى والقبة الكبرى تزينه الزخرفة متخماً بروعة النقوش وخلفه ترقد قبور السلطان الأشرف وأبناؤه وتزيد من جمال وروعة الجامع والمدرس مئذنتان شامختان في طراز معماري نادر كونتا مع قلعة القاهرة لوحة فريدة تجعل الزائر منبهرا بقدرة الفن المعماري اليمني وجمال الذائقية الفنية.
لمحة تاريخية
ويقول المختصون بالآثار إنه تم تشييد وبناء الجامع والمدرسة بإمكانيات مضاعفة مكنتهما من الصمود لمئات السنين في وجه الإهمال والعبث حسب من أرخوا لمعالم الحقبة الرسولية في الوقت الذي انهارت عشرات المدارس المماثلة وكان يْدرس في مدرسة الاشرفية العلوم الدينية وكانت تؤدي رسالتها في تعليم القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه واللغة بطاقم كامل من موظفي المدرسة والمسجد فعملية الترميم إعادة الاعتبار لتاريخ ومكانة المدرسة والجامع
وتقول المصادر التاريخية إن جامع الأشرفية يتكئ على هضبة عالية ويطل عليه قلعة القاهرة الشامخة الشاخصة والتي أطلق عليها (دار الأدب) حيث يعتقل فيه كل من تسول له نفسه شق عصا الطاعة على ملوك الدولة الرسولية (628 – 858هـ )
تذكرْ كتب التاريخ أن الملك الأشرف أبو العباس إسماعيل بن الأفضل (761 – 803هـ)كان يْجلْ العلم والعلماء كما أن له مشاركة في علوم جمة فقد أخذ الفقه على الفقيه علي بن عبد الله الشاوري والنحو على الفقيه عبد اللطيف الشرجي وسمع الحديث على مجد الدين الشيرازي وله مصنفات في النحو والفلك وأخبار الخلفاء والملوك ، وفضلاٍ عن ذلك فإن له مآثر دينية منها عمارته لجامع المملاح قرية على باب زبيد ومدرسة بتعز وغيرها .
وشرع الملك الأشرف أبو العباس إسماعيل ببناء هذا الجامع الذي يسمى بـ (الأشرفية) نسبة إليه والذي يحتوي على مدرسة دينية في سنة (696هـ) وتم الانتهاء من بنائها في السنة التي مات فيها ، ولجامع الأشرفية مئذنتان رشيقتان توأمتا الشكل والحجم وارتفاعها 35متراٍ. فبدن المئذنة وقاعدتها مرتفعة ثم تنبثق منها مئذنة أنيقة الصنع وللمئذنة شرفتان وتتوج قمتها قبة متوسطة الحجم ناصعة البياض. والمئذنتان تقعان في مؤخرة المسجد واحدة في الناحية الجنوبية الشرقية والثانية في الناحية الجنوبية الغربية وبين هاتين المئذنتين عدد من القباب الكبار والصغار.
والمسجد على أي حال يجذب الأنظار بشكله الخارجي، فالمئذنتان والقباب رسمت لوحة بديعة وأصيلة تنم عن فن العمائر الإسلامية في اليمن. كما أن المسجد يستند على هضبة مرتفعة غير أن مساحتها صغيرة فمساحة المسجد أو على وجه التحديد مساحة بيت الصلاة 50 ذراعاً وعرضه 25 ذراعاً وعلى حافة سقف المسجد الخارجي شرفات تحيط به كإحاطة السوار بالمعصم فنراها من بعيد كأنها عرائس السماء مما أضفى على الشكل الخارجي للمسجد جمالاً وبهاءً .
وفي الجدار الخارجي الغربي للمسجد أربع نوافذ كبيرة شبيهة بحذوة الفرس وعندما نصعد عدداٍ من الدرجات ونتجه إلى اليسار يصافحنا باب عتيق الهيئة ضخم البنيان مصنوع من الخشب في الناحية الغربية من بيت الصلاة.
أعمال ترميم
وقد خضع هذا المعلم لأعمال ترميم قبل أربع سنوات بإشراف وتمويل من الصندوق الاجتماعي للتمنية ساهم هذا المشروع في معالجة الكثير من الاختلالات المعمارية التي لحقت بجدران وأسطح ونقوش المسجد والمدرسة وساهم أيضا في إظهار الجماليات المعمارية والنقوش التي كانت تنطمس رويدا رويدا وتتراكم فوق الأتربة وغيرها بفعل الزمن ليأتي هذا المشروع ويقشع الغبار عن تلك الزخارف البديعة ويعيد لها رونقها وبهاءها .